جدد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، التأكيد على التزام لبنان بقرارات الأمم المتحدة، بما فيها القرار 1701، الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار ونشر الجيش في الجنوب اللبناني، مؤكدًا أن حرب غزة وتداعياتها قد تؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار في لبنان، وتوتر وضعه السياسي والاقتصادي، كما قد تؤثر على قدرة لبنان على إدارة شئونه الداخلية وإلى زيادة التحديات الأمنية.

جاء ذلك في حوار عبر الإنترنت مع مجموعة العمل الأمريكية من أجل لبنان (أمريكان تاسك فورس فور ليبانون) برئاسة ادوارد جبريال.

وأكد ميقاتي احترام قرارات الأمم المتحدة وتنفيذها من أجل الحفاظ على الاستقرار على المدى الطويل في المنطقة، مشددًا على ضرورة أن تعمل كل الأطراف المعنية على التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع ومعالجة الأسباب الجذرية للحرب في غزة من أجل منع المزيد من الآثار غير المباشرة في المنطقة.

وقال إن قرار الأمم المتحدة رقم 1701 دعا إلى وقف الأعمال العسكرية بين حزب الله وإسرائيل، ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان، مؤكدًا أن إسرائيل لم تحترم القرار وسجل لبنان 35 ألف خرق إسرائيلي لمضمونه بما في ذلك انتهاك سيادة لبنان الجوية والبرية والبحرية.

وأضاف أن الحكومة اللبنانية تعمل مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) للحفاظ على الاستقرار في المنطقة ومنع أي تصعيد إضافي للتوتر، مشددًا على ضرورة أن تحترم كل الأطراف المعنية قواعد الاشتباك والقانون الدولي من أجل منع أي صراع آخر.

واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، أن الحوار والدبلوماسية هما المفتاح لحل أي خلافات أو توترات في المنطقة، موضحًا أن الحكومة اللبنانية ملتزمة بالعمل من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي، مشددًا على أن الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة أمر لا بد منه حتى تنتصر الدبلوماسية على العنف والحرب.

وقال ميقاتي إن الفراغ الرئاسي في لبنان شكل بالفعل تحديات كبيرة خلال هذه الأوقات العصيبة، معتبرًا أن غياب الرئيس أدى إلى غياب الحَكَم الدستوري، مشددًا على أن مجموعة "الدول الخمس" المعنية بالوضع في لبنان تعمل على حل الفراغ الرئاسي، بما في ذلك التواصل مع مختلف الأطراف والأحزاب السياسية للتوصل إلى توافق حول ملف الرئاسة، مشيرًا إلى أن الانقسامات السياسية والعوامل الخارجية أعاقت هذه الجهود، مما جعل من الصعب التوصل إلى حل.

ودعا إلى أن يتحمل جميع النواب المسئولية بشكل صحيح لمصلحة لبنان، وأن يعملوا بجدية على انتخاب رئيس.

وعن المحادثات التي أجراها مع الموفد الرئاسي الأمريكي أموس هوكشتاين في بيروت قبل فترة، أكد ميقاتي أن هوكشتاين كان واضحًا في القول إن المطلوب حل دبلوماسي يسمح لابناء الجنوب بالعودة الى مدنهم وقراهم، وكذلك يسمح لسكان شمال إسرائيل.

وعبر عن أمله في مواصلة العمل في هذا الجهد للتوصل معًا، إلى حل يسمح للجميع بالعيش في أمان والعودة إلى وطنهم.

وأكد تقديره لالتزام إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بتجنب امتداد الصراع بين إسرائيل وحماس إلى لبنان، معربًا عن امتنانه لجهود الولايات المتحدة المستمرة في معالجة الأزمة.

وجدد التذكير باقتراحه الذي يقضي أولا بفرض وقف طويل الأمد للحرب في غزة لتأمين المساعدات الإنسانية لسكان غزة المحاصرين بما يسمح بإعادة تحريك الوساطة لتبادل الرهائن والأسرى.

وأوضح أن الاقتراح يقضي بإعادة عقد الاجتماعات الثلاثية برعاية الامم المتحدة لحل النقاط الخلافية على الخط الازرق بين لبنان وإسرائيل من خلال تطبيق معاهدات وقرارات الأمم المتحدة كافة، بدءاً باتفاقية الهدنة عام 1949 وصولاً إلى تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، مشيرا إلى أن الاقتراح يتضمن إطلاق مبادرة دولية لحل عادل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ 75 عاما يقوم على حل الدولتين لضمان الحقوق العادلة والعادلة للفلسطينيين والأمن المستدام للجميع.

ر ح م ن

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأمم المتحدة لبنان التحديات الأمنية ميقاتي الأمم المتحدة فی المنطقة مشدد ا على فی لبنان من أجل إلى حل

إقرأ أيضاً:

مرحلة ما بعد نصر الله.. محللون يشرحون التحديات أمام حزب الله

بيروت- تعد حادثة اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول 2024 واحدة من أكثر العمليات الأمنية حساسية في تاريخ الصراع بين الحزب وتل أبيب، فهذا الحدث لم يكن مجرد عملية اغتيال لقائد، بل لحظة مفصلية أعادت إسرائيل فيها رسم المشهد السياسي والعسكري في لبنان والمنطقة.

وفي 23 فبراير/شباط الجاري، شُيّع نصر الله في موكب جنائزي ضخم بمشاركة شعبية حاشدة ومن بعض الدول العربية والإسلامية والأجنبية، في حين رسم الأمين العام الحالي نعيم قاسم خارطة طريق للحزب في المرحلة المقبلة.

وبين هاتين المرحلتين، خسر حزب الله -وفق خبراء- معادلة الردع وتوازن الرعب التي طالما أرّق بها إسرائيل، والتي أرساها بعد سلسلة حروب ومواجهات دامية، حيث كان الحزب في موقع يسمح له بالمناورة عسكريا معتمدا على ما راكمه من خبرات في حروب سابقة، وما أنجزه في إعادة تعريف قواعد الاشتباك، ظهرت في عملياته التي استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية خلال الحرب الأخيرة.

أما بعد الاغتيال والتشييع، فقد وجد الحزب نفسه في لحظة إعادة لتموضعه الإستراتيجي مع فقدان قيادته، وظهرت تحديات داخلية وخارجية، أبرزها إدارة العلاقة مع إيران، وإعادة صياغة الدور العسكري والسياسي للحزب داخليا، في ظل الضغط الدولي المتزايد للانسحاب من جنوب نهر الليطاني، وفق نص الاتفاق، وذلك يعني وقف أي عمليات عسكرية ضد إسرائيل.

إعلان

بالمقابل، بقيت إسرائيل تخرق الاتفاق باستمرار؛ عبر عمليات الاغتيال وتنفيذ الغارات، وكانت الرسالة الأقوى خلال مراسم تشييع نصر الله نفسه، إذ حلق الطيران الحربي الإسرائيلي على علو منخفض فوق مكان التشييع في المدينة الرياضية بالعاصمة بيروت.

وتعد المرحلة التي يمر بها حزب الله اليوم واحدة من أكثر المحطات حساسية في تاريخه، حيث يجد نفسه بين ضغوط الداخل اللبناني مع بدء عهد جديد بعد انتخاب الرئيس جوزيف عون، وتشكيل الحكومة برئاسة الرئيس نواف سلام، وضغوط الخارج المتعلقة بالتوازنات الإقليمية والتدخلات الدولية، فكيف سيعيد الحزب صياغة إستراتيجيته في ظل هذه المتغيرات؟ وهل ستكون المرحلة القادمة مقدمة لتحولات جذرية في دوره السياسي والعسكري؟

نهاية مرحلة

يرى الأستاذ الجامعي والناشط السياسي علي مراد أن تشييع الأمين العام لحزب الله يشكل نهاية مرحلة وبداية أخرى في مسيرة الحزب، ويؤكد أن تداعياتها لا تقتصر على اغتيال نصر الله بحد ذاته، بل تأتي ضمن سياق خسارة موضوعية أمام العدو الإسرائيلي، وتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار لم يكن في مصلحة حزب الله أو لبنان، كما أن الحزب تكبّد أضرارا جسيمة على مستوى بنيته العسكرية والصاروخية والأمنية المتكاملة.

ويوضح مراد للجزيرة نت أن التطورات الإقليمية، مثل سقوط نظام الأسد وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تمثل تحولات كبرى تؤثر بشكل مباشر على حزب الله والطائفة الشيعية في لبنان، كما يعكس خطاب نعيم قاسم قبولا ضمنيا بمرجعية الدولة، لكنه يبدو استجابة لضغوط عسكرية خارجية أكثر منه نتيجة تفاهمات داخلية

في هذا السياق، يشير الأستاذ الجامعي إلى حرص الحزب على ترسيخ شرعيته السياسية، مستثمرا مراسم التشييع لإبراز ثقله داخل الساحة الشيعية، والتعامل مع الأطراف المحلية والدولية من موقع القوة، وبموقف واضح، أنه "رغم التحديات، لا يزال للحزب حضور قوي، ويسعى جاهدا للحفاظ على دوره في المشهد السياسي"، حسب قوله.

إعلان

ويوضح مراد أن حزب الله نجح في الحشد وصناعة مشهدية لافتة خلال التشييع، لكنه واجه تحديات أبرزها غياب تمثيل سياسي حقيقي على مستوى الدولة اللبنانية، وغياب بعض القوى السياسية الحليفة، كما أن تحليق الطائرات الإسرائيلية فوق موكب التشييع حمل رسالة واضحة في هذا السياق.

أما عن الخيارات السياسية المطروحة أمام حزب الله في المرحلة المقبلة، فيرى مراد أنها تحمل في طياتها تحديات وفرصا في آنٍ واحد، "فغياب الحلفاء -رغم أنه يشكل عامل ضعف على المستوى الوطني- قد يمنح الحزب فرصة لاستغلال حالة العزلة لتعزيز التماسك داخل الطائفة الشيعية، إلا أن التحديات تظل قائمة خاصة في ظل شح الموارد المالية وصعوبة تأمين التمويل من دون إجراء إصلاحات جوهرية".

ورغم هذه التحديات، يؤكد مراد أن الحزب مستمر في تحالفه مع حركة أمل، وهو أمر جوهري يخدم مصلحة الطرفين، إذ يسعى إلى إبراز الطائفة الشيعية ككتلة موحدة، بما يساعده على فرض توازن داخلي وخارجي، مشيرا إلى أن خطاب قاسم يعكس بداية مرحلة مختلفة، سواء في الشكل أو المضمون، عن تلك التي قادها نصر الله، مما يؤكد أن الحزب أمام منعطف سياسي جديد.

خطاب نعيم قاسم عكس دخولا في مرحلة جديدة وقبولا ضمنيا بمرجعية الدولة (الجزيرة) خارطة طريق

في المقابل، يعتقد المحلل السياسي توفيق شومان أن خارطة طريق حزب الله في هذه المرحلة أصبحت واضحة، سواء في عناوينها أو تفاصيلها، ومن أبرز هذه العناوين الالتزام بالدولة اللبنانية والعمل ضمن إطارها، مع التمسك بدستور الطائف كأساس للممارسة السياسية.

ويشير شومان، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن هذا المبدأ -أي الالتزام بإطار الدولة- قد تناوله الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في كلمة التشييع، وكذلك رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد في كلمته خلال جلسة الثقة النيابية.

ويضيف المحلل السياسي أن خارطة الطريق تتضمن تأكيد ضرورة أن تقوم الدولة اللبنانية بدورها الكامل في مختلف المجالات، بدءا من حماية لبنان، وصولا إلى تحقيق تنمية متوازنة، والحفاظ على السلم الأهلي، كما تشمل أيضا فتح باب الحوار الوطني لمناقشة التحديات التي تواجه لبنان، وأبرزها إعادة الإعمار والإصلاحات الاقتصادية والسياسية.

إعلان

ويؤكد شومان أن الوقوف خلف الدولة وتحت إطارها يعني في جوهره المشاركة في إعادة بناء لبنان على أسس الشراكة والعدالة والمساواة، وهذا ينبع من قناعة أن لبنان هو وطن نهائي لجميع أبنائه، ولتحقيق ذلك من الضروري البحث عن آليات دفاعية لحماية لبنان ضمن إستراتيجية وطنية، تردع أطماع العدو الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية.

 

رهانات جديدة

يرى المحلل السياسي إبراهيم حيدر أن تشييع نصر الله حمل دلالات كبيرة ترتبط بموقع الحزب ودوره في المرحلة المقبلة، فقد وظف الحزب إمكاناته كافة وجيّر كل طاقته لتكون المناسبة بمنزلة استفتاء على شعبيته في البيئة الشيعية، معتمدًا على العاطفة والدين والسياسة في إثبات استمراره في قيادة الحزب.

ويضيف حيدر -في حديثه للجزيرة نت- أن هناك تغيرا في الخطاب بعد التشييع، حيث ستكون السياسة التي سيتبعها حزب الله في الداخل والخارج قائمة على استعراض القوة الشعبية التي يمثلها الحزب، وستكون هذه القوة سلاحه في مواجهاته المقبلة، وهي معادلة يسعى الحزب إلى تكريسها في جميع المحطات والاستحقاقات السياسية.

ووفقًا لرأي حيدر، فيبدو أن الحزب يسعى إلى تأمين الأموال لدعمه الحزبي وبيئته القريبة، مع محاولة استثمار فائض القوة الذي تحقق بعد التشييع.

ورغم أن قدرة الحزب على التحكم بالقرار السياسي في البلاد أصبحت محدودة، خاصة بعد انتهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، فإن الحزب سيواصل السعي لتعزيز دوره، حسب ما يرى المحلل، رغم أن الحكومة الحالية أعلنت في بيانها الوزاري أن الدولة هي المسؤولة عن حصرية السلاح.

ويعتقد حيدر أن الحزب سيتشدد أكثر في موقفه بالتوازي مع إعادة بناء نفسه، فرغم إعلان الحزب استعداده للحوار والمشاركة في إعادة الإعمار فإنه سيواصل استخدام كل ما يتاح له للاستمرار في خياراته، متسلحًا بشعبيته التي ظهرت في التشييع.

إعلان

مقالات مشابهة

  • تداعيات المشادة.. ميلوني تدعو لقمة أوروبية أميركية وكالاس تطالب بزعيم جديد للعالم
  • باحثة: إسرائيل تريد السيطرة الأمنية الشاملة على الضفة وغزة مع إعادة الهيكلة الجغرافية
  • موقف مصر من إدارة قطاع غزة بين التحديات والمخططات الإسرائيلية
  • الدبيبة: تعزيز الاستخبارات العسكرية ضرورة وطنية لمواكبة التحديات الأمنية الإقليمية
  • وزيرة الشؤون عرضت مع ريزا لمشاريع وكالات الأمم المتحدة
  • مرحلة ما بعد نصر الله.. محللون يشرحون التحديات أمام حزب الله
  • الصحة اللبنانية: شهيد وجريح حصيلة أولية لغارتين إسرائيليتين على مدينة الهرمل
  • الأسطورة الوطنية والحقيقة اللبنانية
  • الأمم المتحدة: خطط الضم وتهجير الفلسطينيين تهدد المنطقة
  • سلام استقبل وزير خارجية سلطنة عمان