د. رشا سمير تكتب: سُعار الأسعار!
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
ما يحدث في مصر الآن داخل السوق المصري ليس إلا حالة لا تختلف كثيرا عن حالة "السُعار"..
والسُعار في المُعجم العربي له أكثر من معنى، فهو قد يعني " شدة الجوع" أو "داء الكلب" أو "الجنون"..
القصة حزينة وتتكرر كل يوم..
مما لا شك فيه أن مصر مثل كل دول العالم تمر بأزمة إقتصادية عنيفة نتيجة ما يجابهه العالم اليوم من تحديات وحروب وأوبئة، الإختلاف الوحيد أننا في أزمة أكبر لكثير من الأسباب أهمها عدم وجود مجموعة إقتصادية لديها رؤية قادرة على إنتشالنا من الأزمة!.
المأساة الأكبر تكمن في الأزمة الإنسانية وليست الأزمة المالية!
الأزمة الحقيقية هي أزمة أخلاق..أزمة ضمائر..أزمة رقابة..وإفتقار بكل المقاييس إلى الحد من جشع التجار!.
منذ شهور ليست ببعيدة كلما قررت أنا أو غيري شراء أي سلعة يصدمك رد واحد متكرر من كافة التجار الصغير منهم قبل الكبير..
" إلحق إشتري قبل التعويم علشان بكرة هنغلي".. أو.." للأسف وقفنا البيع لأن الدولار طالع وهنرجع نسعر السلع بعد التعويم"!..
هذه الجمل الإعتباطية الشهيرة تبدأ من بائع الفجل والجرجير وتنتهي بشركات بيع مكيفات الهواء والسيارات والهواتف المحمولة!
وكأن الجنيه يتعلم العوم، وكأن الجنيه قد أخبر التجار بميعاد نزوله المياه، وكأن الجنيه يستغيث ولا يجد من ينقذه سوى التجار بفذلكتهم وفهلوتهم!.
هناك حالة تنتاب الجميع، من الصغار وحتى الكبار، من حديثي الزواج وحتى الكهول..حالة من اليأس والقلق والإضطراب أدت إلى أن الشعب كله قد تحول إلى تجار عُملة..
الكل يجري ليدبر أموره، وتدبير الأمور يُحدث أزمة فوق الأزمة..الكل يفكر في الغد ويحاول جاهدا إيجاد حل للتعايش السلمي، الشباب يحاولون الهروب وإيجاد عمل بالخارج، ومع الأسف الخارج لا يختلف كثيرا عن الداخل فالأزمة طالت الجميع..والكبار يلهثون من أجل البقاء في نفس المستوى الاجتماعي الذين تعودوا العيش فيه وعودوا أبنائهم عليه..
أما التجار فلا يأبهون بغير المكسب..هذا يتجار في الدولار وهذا في العقار وذاك في السيارات، لينتهي المشهد كل يوم بحالة من اليأس والإحباط وكأن العجز وباء ينتشر مثل الطاعون.
هنا أتسائل، ما دور الحكومة؟ إذا كانت الأزمة أكبر من أن نجد لها حل، فعلى الأقل مراقبة الأسعار ووضع حد لتلاعب التجار وأصحاب الأعمال بالمواطن، إلزام يجب أن تأخذه الحكومة على عاتقها..
شركات السيارات تبيع للأفراد بالدولار، شركات السياحة تبيع الرحلات بالدولار، العقار تجاوز سعره المسموع والمعقول بأرقام لا يمكن أن يستوعبها عقل، فمن يصدق أن جهاز التكييف على سبيل المثال قد زاد سعره في شهر واحد ما يزيد عن العشرين ألف جنيه! والشركات متوقفة عن البيع مُدعين أنهم ليس لديهم بضاعة، والمؤسف أن البضاعة في المخازن في محاولة رخيصة لإستغلال حاجة الناس في أبشع صورها!.
من المسئول وإلى متى؟
إلى متى؟..العلم عند الله
من المسئول؟..بالقطع الحكومة
فمن المسئول عن مراقبة الأسعار وعن تسهيل إجراءات الإستيراد للأفراد والشركات وموازنة السوق؟
إن وضع آليات ملزمة للقطاعين العام والخاص مهمة الرقابة على الأسواق ومسئوليها، الشركات التي تستغل حاجة الناس للسلع الأساسية يجب أن يطبق عليها القانون، يجب أن يتم وضع تسعير واحد ملزم للجميع.
كان الله في عون المقبلين على الزواج وعلى المتزوجين حديثا..إننا ندفع شبابنا للفرار، ندفعهم للبحث عن فرص عمل في الخارج، وأختلف مع من سيقول لي أن العالم كله يعاني من نفس الأزمة، لأن المبرر والرد الطبيعي الذي أسمعه من كل شاب قرر الفرار هو:
"علي الأقل أعيش عيشة نضيفة وأحس إني بني أدم"!
ما أقسى هذه الجملة..وما أقسى هذا الشعور!.
المجتمع تحول إلى غابة البقاء فيها للأقوى، لمن لديه أنياب ولا يمتلك ضمير يحاسبه ولا حتى يؤنبه..أما من لازالوا متمسكين بأخلاقهم ومبادئهم فقد أصبحوا على شفا الإنقراض أو الجنون،
فمن الصعب أن يحيا البشر تحت ضغط عصبي مستمر وقلق لا ينتهي وخوف مستمر من غد لا يأتي إلا بالأسوأ..
أملنا في غد أفضل هو رجاء لا ينقطع من الله سبحانه وتعالى.. وحتى يأتي الغد فلا مفر من محاربة هذا " السُعار" المحوم الذي أصاب التجار وإيجاد طريقة سريعة لتثبيت الأسعار التي تزيد كل ساعة بلا رحمة..
فهل من مُجيب؟.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
في اليوم العالمي للطفولة.. سحر السنباطي تكتب: « مصر و الحلم الآمن للأطفال اللاجئين
من المعلوم أنّ مصر دولة ذات أهمية استراتيجية عندما يتعلق الأمر بالأطفال المتنقلين غير المصريين «اللاجئين / المهاجرين»، مصر بلد عبور ووجهة ومنشأ للهجرة، وتزايدت الأعداد التي تعبر إلى مصر خاصة في أعقاب الأزمة السودانية الأخيرة والكارثة الإنسانية في غزة، في ضوء تعدد منافذ الدخول للأراضي المصرية والتدفق اليومي للنازحين من الصراعات الإقليمية في المنطقة، فإنه يصعب توثيق بيانات إحصائية دقيقة بشأن أعداد الوافدين إلى الأراضي المصرية، على الرغم من ذلك، فإنّه وفقا للبيانات المتاحة من المنظمات الدولية وفي مقدمتها المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين تستضيف مصر أكثر من 9 ملايين مهاجر ولاجئ من مختلف الجنسيات، وحتى نهاية سبتمبر 2024، تم تسجيل أكثر من 792,000 لاجئ بمفوضية الأمم المتحدة للاجئين، منهم حوالي 40% أطفال (من أكثر من 133 جنسية يتقدمهم السودان، سوريا، جنوب السودان).
وتتعامل الدولة المصرية مع المهاجرين من مختلف الجنسيات دون تمييز وإدماجهم في المجتمع المصري واستفادتهم من كل الخدمات الأساسية والاجتماعية أسوة بالمواطنين المصريين إضافة إلى ضمان حرية حركتهم وعدم عزلهم في مخيمات أو معسكرات إيواء.
ووفقًا للقانون رقم 82 لسنة 2016 بمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، تتعامل الدولة المصرية مع المهاجر غير الشرعي / غير النظامي باعتباره مجني عليه والجاني هو المهرب والسمسار والمتاجرين بالبشر، ورصد لها المشرع المصري عقوبات صارمة.
وتمد الدولة يد العون للمهاجر غير الشرعي / غير النظامي من خلال التوعية وتوفير بدائل وفرص عمل، ويقوم المجلس بدوره من خلال الاستراتيجة الوطنية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية وخطة عملها الوطنية بالتعاون مع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر تحقيقاً للأهداف الرئيسية والفرعية للأستراتيجية وخطتها، في مجال رفع الوعي العام بقضية الهجرة غير الشرعية، وحماية الفئات الأكثر عرضة لمخاطر الهجرة غير الشرعية ، وبناء وتعزيز قدرات الجهات الوطنية العاملة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية.
ووفقًا لحكم المادة 80 من الدستور، وما قررته المادة 3 من القانون 82 لعام 2016، فإنّ المجلس القومي للطفولة والأمومة ممثل قانونيًا للأطفال غير المصحوبين الذين لا يستدل على أسرهم أو من يمثلهم قانونًا. وبالنظر إلى أنّ مصر إحدى الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين 1951 وبروتوكولها عام 1967، يقع على عاتقها حماية اللاجئين الفارين إليها.
وقد ألزمت المادة 93 من الدستور المصري الدولة بالالتزام بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وتفوض الحكومة المصرية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتبها في القاهرة منذ عام 1954 في تسجيل اللاجئين، لتقنين إقامتهم ما يعطيهم حرية التنقل في مصر.
وفي إطار أداء المجلس القومي للطفولة والأمومة - المنشأ وفقًا لقرار رئيس الجمهورية رقم 54 لسنة 1988، والصادر القانون رقم 182 لسنة 2023 بإعادة تنظيمه - يهدف إلى وضع رؤية متكاملة للطفولة والأمومة لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وعدم التمييز، وتكافؤ الفرص، وتجفيف منابع الفقر والعوز، من أجل ضمان حقوق الأطفال والأمهات، ونشر الوعي بها، والإسهام في ضمان ممارستها، وفقًا لأحكام الدستور، وفي ضوء الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تصدق عليها مصر.
ومن بين ما يختص به المجلس: تلقي ودراسة الشكاوى الخاصة بانتهاك حقوق وحريات الطفل والأم، وإحالتها إلى جهات الاختصاص، والعمل على حلها مع الجهات المعنية، وتوفير المساعدة القضائية اللازمة لضحايا الانتهاكات، والتنسيق مع الجهات المعنية لتوفير الإغاثات العاجلة للأطفال. ويقوم المجلس، من خلال الإدارة العامة لخط نجدة الطفل (16000)، باستقبال البلاغات المتعلقة بالأطفال، دون تمييز، ومعالجتها بما يساعد على سرعة إنقاذ الأطفال من كل خطر أو عنف أو إهمال، وما له من صلاحيات طلب التحقيق فيما يرد إليه من بلاغات، ومتابعة نتائج التحقيقات، وإرسال تقارير بما يتكشف له إلى جهات الاختصاص.
وفي مجال تقديم تدابير الحماية والمساعدة للأطفال غير المصريين فقد بادر المجلس القومي للطفولة والأمومة، وفق نهج تشاركي مع الجهات الوطنية المعنية، استجابة لالتزامات مصر في إطار تصديقها على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، بإعداد الدليل الإجرائي لحماية ومساعدة الأطفال ملتمسى اللجوء واللاجئين وضحايا جريمتي تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، باعتباره الجهة الوطنية المعنية بحماية حقوق الأطفال من أجل ضمان تهيئة مسار وطني لإدارة حالات الأطفال ملتمسي اللجوء واللاجئين وضحايا جريمتي تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر، وتقديم الخدمات اللازمة وتعزيز التنسيق بين الجهات الوطنية المعنية في الدولة ووضع الضوابط اللازمة لعمل المنظمات الدولية والمجتمع المدني في هذا الشأن و يقوم المجلس بالتنسيق مع الجهات الوطنية والدولية الحكومية وغير الحكومية لتقديم خدمات المساعدة والحماية للأطفال المتعلقة بالتعليم وخدمات الرعاية الصحية، كما يقوم على تنفيذ والمشاركة في ورش تدريبية ولقاءات للتوعية بحقوق الأطفال، بما في ذلك غير المصريين وتعزيز قبول المجتمع المصري للاجئين ومساعدتهم.
كتبت:
الدكتورة سحر السنباطي رئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة