_____________

من المؤكد أن الوتيرة المتسارعة لظاهرة الانحباس الحراري العالمي، وارتفاع منسوب مياه البحر، والأحداث المناخية القاسية، والعواقب التي لا تعد ولا تحصى الناجمة عن التحولات البيئية التي يسببها الإنسان، ترسم صورة قاتمة لأرضنا التي تعاني من محنة.

 ومع ذلك، في مواجهة الشدائد تكمن فرصة غير مسبوقة – فرصة ليس للتخفيف من الأزمات الوشيكة فحسب، بل لإعادة اكتشاف أنفسنا والأنظمة الاقتصادية التي ساهمت في الحالة المحفوفة بالمخاطر التي يعيشها عالمنا، فالدول ليست كيانات معزولة، بل مكونات مترابطة في الشبكة المعقدة لأرضنا.

معروف ان تداعيات تغير المناخ تمتد إلى ما هو أبعد من المخاوف البيئية، لتشمل إمكانية حدوث مآس اقتصادية كبيرة لا تقتصر على داخل الحدود الجغرافية؛ إذ لربما أن الانبعاثات الصادرة عن دولة واحدة تساهم في تراكم غازات الدفيئة في الغلاف الجوي للأرض برمتها، وهذا التأثير الجماعي هو بمثابة نشأة ظاهرة الاحتباس الحراري، التي تتجاوز الحدود وتؤثر على جميع الدول.

إن الخسائر المالية الناجمة عن الكوارث الطبيعية مذهلة، حيث تصل الأضرار المباشرة وفقا لأرقام صندوق النقد الدولي زهاء 1.3 تريليون دولار أمريكي سنويا أي ما يمثل حوالي 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في المتوسط سنويا.

هذا الترابط بين هذه العوامل الخارجية يؤكد ضرورة التعاون الدولي والجهود المتضافرة لمعالجة المسؤولية المشتركة عن التخفيف من تغير المناخ، وعلى هذا النحو، فإن فهم هذه العوامل الخارجية العالمية والتخفيف منها يستلزم اتباع نهج شامل يعترف بالطبيعة المترابطة للتحديات البيئية ويؤكد أهمية اتخاذ إجراءات موحدة ومنسقة على نطاق عالمي.

مؤشر جيد تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا مشروع الإعلان السياسي بشأن أهداف التنمية المستدامة والتغلب على الأزمات المتعددة التي يواجهها العالم، ويجدد الالتزام بتلك الأهداف ويعيد إحياء الأمل نحو تحقيقها بحلول عام 2030 لا سيما الهدف 13 للعمل العاجل ضد تغير المناخ وآثاره البعيدة المدى.

فالحاجة الملحة للتصدي لتغير المناخ ليست مجرد دعوة للعمل؛ إنها دعوة لإعادة تصوّر أسس وجودنا، وبعيداً عن التوقعات القاتمة والتحذيرات الرهيبة، هناك طريق إلى الأمام يحمل الوعد بمستقبل مستدام وقادر على الصمود، وهذا ليس مجرد تحدي بيئي؛ إنه حساب مجتمعي واقتصادي عميق، يتطلب منا إعادة تشكيل قيمنا وسياساتنا وصناعاتنا من أجل صياغة تعايش متناغم مع أرضنا.

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: التغي ر الخسائر المالية الناجمة عن

إقرأ أيضاً:

ما الغازات المسببة للاحتباس الحراري؟

يعرف الاحتباس الحراري بأنه ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض بشكل عام على المدى الطويل بسبب ارتفاع مستوى الغازات التي تسمى بـ"الغازات الدفيئة" التي تحبس بعض الحرارة المنبعثة من سطح الأرض، فما غازات الدفيئة وكيف تتشكل؟

وتأتي التسمية استنادا لما يحصل في الدفيئة، حيث يمر ضوء الشمس عبر السقف والجدران الشفافة، فيمتصه ما بداخل الدفيئة، ثم يُعاد إطلاقه على شكل حرارة. ولكن طاقة الحرارة هذه لها أطوال موجية أطول من أشعة الشمس، لذا لا يمكنها الهروب عبر السقف والجدران، ولهذا السبب ترتفع درجة حرارة الجزء الداخلي من الدفيئة عندما تضربه أشعة الشمس.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أثناء التصنيع وبعده.. التأثير البيئي الخطير للأزياء السريعة؟list 2 of 2الأمم المتحدة تؤكد تراجع ظاهرة "النينيا" في المحيط الهادئend of list

وفي الغلاف الجوي للأرض، تعمل الغازات الدفيئة بشكل مختلف قليلا، ولكن التأثير هو نفسه، إذ تمتص الطاقة عند أطوال موجية معينة تتوافق مع أطوال موجية طاقة الحرارة المنبعثة من الأرض، ثم تعيد جزيئات الغاز إشعاع طاقة الحرارة هذه، وبينما يتجه بعضها إلى الفضاء، فإن الكثير منها يظل في الغلاف الجوي، مما يسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.

ويعد ثاني أكسيد الكربون غاز الدفيئة الرئيسي، يليه غاز الميثان ثم أكسيد النيتروز، كما توجد مجموعة أخرى من الغازات التي تتمتع بقدرة عالية على حبس الحرارة، ولكنها تأتي بتركيزات صغيرة للغاية، بما في ذلك مركبات الهيدروفلوروكربون.

إعلان ثاني أكسيد الكربون

يعد ثاني أكسيد الكربون (CO2) غاز الدفيئة الرئيسي المتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري، وقد تضاعفت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، بشكل أساسي من إنتاج وحرق الوقود الأحفوري والإسمنت.

ومن إجمالي الانبعاثات الناجمة عن الأنشطة البشرية خلال الفترة 2011-2020، تراكم حوالي 48% من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، و26% في المحيط و29% على اليابسة.

الميثان

يؤكد العلماء أن الميثان (CH₄) هو ثاني أكبر غاز مساهم في تغير المناخ، ويتكون من مزيج متنوع من المصادر المتداخلة بما فيها مصادر حيوية المنشأ، لذلك من الصعب تحديد الانبعاثات حسب نوع المصدر.

والميثان له تأثير احتراري أقوى بـ86 مرة من ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة كتلة خلال فترة 20 عاما، ويبقى الميثان في الغلاف الجوي حوالي 12 عاما قبل أن يتحلل.

وتأتي انبعاثات الميثان الرئيسية من الزراعة بنسبة 40%، بما في ذلك تربية الماشية، والسماد الحيواني، وإنتاج الأرز، وتأتي أيضا من الوقود الأحفوري بنسبة 35%، من خلال إنتاج الغاز الطبيعي وأنظمة إنتاج النفط وتوزيعه، ومناجم الفحم. وتشكل النفايات نسبة 20% من انبعاثات الميثان، بما فيها الطعام والمواد العضوية الأخرى المتروكة في القمامة والمكبات المكشوفة ومياه الصرف الصحي.

وسجلت انبعاثات الميثان زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة وما زال العلماء لا يعرفون أسبابها، لكن بعض الأبحاث تشير إلى أن كمية كبيرة من هذا الميثان تأتي من مصادر حيوية مثل الأراضي الرطبة وحقول الأرز.

وكذلك مما تعرف بـ "التغذية المرتدة للمناخ"، إذ كلما ازدادت درجة الحرارة تتحلل المواد العضوية بشكل أسرع في الأراضي الرطبة الاستوائية ما يؤدي إلى زيادة الانبعاثات.

أكسيد النيتروز

ويعرف أيضا بأكسيد النيتروجين الثنائي أو أحادي أكسيد ثنائي النيتروجين، (N2O)، وينبعث أكسيد النيتروز في الغلاف الجوي من كل من المصادر الطبيعية بنسبة 57% والمصادر البشرية بنحو 43%، بما في ذلك المحيطات والتربة وحرق الكتلة الحيوية واستخدام الأسمدة والعمليات الصناعية المختلفة.

إعلان

ويعد بخار الماء أيضا من الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي. وعلى النقيض من الغازات الأخرى المذكورة، فإنه يتحول من غاز إلى سائل أو العكس، اعتمادا على درجة حرارة الغلاف الجوي. ومع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي يزداد تركيز بخار الماء، الأمر الذي يؤدي إلى تضخيم ظاهرة الاحتباس الحراري.

مقالات مشابهة

  • ما الغازات المسببة للاحتباس الحراري؟
  • وزارة الخارجية تُدين الجرائم التي اُرتكبت ضد المدنيين في الساحل السوري
  • تغير المناخ يهدد انتاج العسل
  • وزارة الخارجية تُدين الجرائم التي اُرتكبت في الساحل السوري
  • دراسة تحذر: تغير المناخ قد يزيد من خطر الزلازل
  • كيف يؤثر تغير المناخ على التنوع البيولوجي؟
  • خبير عسكري: المشهد في سوريا يزداد تعقيدًا والتدخلات الخارجية تهدد استقرار المنطقة
  • خبير عسكري: المشهد في سوريا يزداد تعقيدا والتدخلات الخارجية تهدد استقرار المنطقة
  • تطوير صنف جديد من الأرز يساهم بمكافحة تغير المناخ
  • تغير المناخ قد يهدد إنتاج الموز