بقلم: نور الدين زاوش

لم تعد كوابيس الجزائريين تدور حول مشاهد المجاعة الدرامية التي ينخرط فيها المواطنون كل يوم، أو حوادث الحرائق والكوارث التي تأتي على الشجر والحجر وحتى الإنسان، ولم تعد تتمحور حول مؤشرات الانهيار الاقتصادي والسياسي والتنموي والحقوقي التي تهدد البلد بالزوال وليس فقط بالسقوط؛ ما دامت هذه الكوابيس ملآى عن آخرها بما يُنعم به الله تعالى على المملكة المغربية الشريفة ومواطنيها الشرفاء، حتى لم يعد بهذه الكوابيس مكان شاغر لأي شيء آخر.

إن هذا الحقد الأعمى الذي رضعه نظام الكابرانات من أثداء النظام الفرنسي الغاشم، والذي ورَّثه لكثير من شعبه عبر التعليم المزيف والإعلام المغشوش ومنابر المساجد التي جُعلت لذكر الله تعالى وحده؛ يجد أقصى مستوياته عند كل حدث كروي قاري أو دولي؛ لأن هذه العصابة، التي احتضنت كرسي الحكم بكل قوة وجبروت، وأقسمت جهد أيمانها على أن لا تُفلته من قبضتها، ولو بقتل نصف الشعب الجزائري البريء وتشريد نصفه الآخر، قد أقنعت شعبها بأن إنجازات الدول إنما تقاس بإنجازات كرة القدم؛ حينما يئست من تحقيق أي إنجاز مهما كان صغيرا أو بسيطا أو تافها؛ وللأسف الشديد وربما للحظ الوافر، فحتى هذه الأخيرة لم تَجُر فيها إلا ذيول الهزيمة المذلة مما جعلها أضحوكة أمام العالم.

من الواضح أن حقد العسكر يزداد مع توالي الضربات التي يتلقاها في مختلف المجالات وعلى مستوى جميع الأصعدة، والتي كان آخرها انتخاب المغرب على رئاسة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة؛ رغم الحملة المسعورة التي قادها بمعية جنوب إفريقيا، ورغم أن هذه الأخيرة قد جرَّت إسرائيل، لأول مرة في تاريخها، إلى محكمة العدل الدولية، مما يدل على طول باع المغرب في الدبلوماسية الدولية، وحنكته في مجال السياسة الخارجية بزعامة جلالة الملك حفظه الله.

إننا اليوم مع موعد جديد من مسلسل فضح هؤلاء الذين حشرنا الله معهم في الجوار؛ فعلى إثر اعتقال الجزائرية المدعوة "صوفيا بلمان" من لدن فرقة خاصة تابعة للجيش الإيفواري وطردها من ساحل العاج، وتصدرها لصفحات بعض الجرائد العالمية بخصوص تصريحاتها المقززة التي صُنِّفت على أنها عنصرية، خرج الإعلام الجزائري البئيس من جحره ليصرح بأنها لا تمثل الجزائر، وبعد طرد مدرب تانزانيا من طرف الاتحاد التنزاني لكرة القدم إثر تصريحاته العرجاء وغير المبررة حول المغرب، وعقوبته من طرف الكاف بالإيقاف والتغريم، عاد الإعلام الجزائري ليذكرنا من جديد بأن هذا المدرب لا يمثل الجزائر، بعدما كان، بالأمس فقط، يتبجَّح بكون الجزائر ممثلة في الكان بفريقين: فريق الجزائر وفريق تانزانيا الشقيق.

في ظل هذه الممارسات الجزائرية المقرفة والمثيرة للاشمئزاز، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات الشغب وسوء الأدب لبعض المشجعين الجزائريين في شوارع ساحل العاج، والتي بلغت إلى حد التحرش المفضوح بالنساء، والسخرية الوضيعة من الثقافة العاجية البسيطة.

يبدو أن لا أحد من الجزائريين يمثل الجزائر، ولا أحد منهم يعبر عن حقيقة سمو أخلاق "أبنائها" ورِفعة أدبهم وتحضرهم وتربيتهم التي لا تضاهيها إلا تربية الملوك؛ حتى تلك الجماجم التي تحتفظ بها فرنسا في متاحفها وتَعْرِضها للزوار على أنها تمثل جماجم شهداء الثورة الجزائرية، تبين فيما بعد أن أغلبها يعود إلى لصوص وقطاع طرق جزائريين، حسب ما أوردته جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية بتاريخ 17 أكتوبر 2022م.

 

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

كلام عن المغرب.. ما الذي قاله صنصال وأغضب الجزائر؟

مرت 10 أيام على اعتقال الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال  أسبوعه الثاني دون تقديم السلطات الجزائرية توضيحات بشأن أسباب توقيفه والتهم التي يواجهها، باستثناء تأكيد وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية الخبر، الجمعة.

وأوقفت الشرطة الجزائرية صنصال (75 سنة) يوم 16 نوفمبر الجاري، بالمطار الدولي هواري بومدين، بينما أشارت وكالة الأنباء إلى أن تصريحاته الأخيرة حول تاريخ الجزائر "كانت تجاوزا للخطوط الحمر".

ودعا المحامي فرانسوا زيمراي، المكلف من دار "غاليمار" الفرنسية للنشر بالدفاع عن صنصال، الاثنين، إلى "الحرص على احترام حقه بمحاكمة عادلة طبقا للالتزامات الدولية التي تعهدت بها الجزائر".

وصنصال كاتب جزائري يحمل الجنسية الفرنسية، وسبق له العمل في وزارة الصناعة الجزائرية. اشتهر بمواقفه المعارضة والناقدة للنظام، كما عُرف بمناهضته للإسلاميين المتشددين. وهو حاصل على الجائزة الكبرى للرواية مناصفة مع الكاتب الفرنسي التونسي، الهادي قدور، في 29 أكتوبر 2015.

وتفاعلا مع اعتقاله، طالب فائزون بجائزة نوبل للآداب، وهم آنّي إرنو وجان ماري لو كليزيو وأورهان باموك ووول سوينكا، وكتاب آخرون بينهم سلمان رشدي، الكاتب البريطاني المعروف برواية "آيات شيطانية"، السبت، بالإفراج عن صنصال.

بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن بوعلام صنصال تستمر النقاشات بشأن توقيف الجزائر للكاتب الفرانكو- جزائري بوعلام صنصال، وسط جدل بشأن الاتهامات التي يمكن أن يواجهها أمام محاكم هذا البلد المغاربي.

بينما أطلق سياسيون فرنسيون ووسائل إعلام حملة لدفع السلطات الجزائرية إلى الإفراج عنه، بينهم القيادية البارزة بحزب "التجمع الوطني اليميني" مارين لوبان، ومثقفون وأدباء، إلا أن رد الجزائر، عبر وكالة أنبائها الرسمية، كان شديد اللهجة في في هجومه على صنصال وانتقاد مواقفه، واستنكار تضامن الطبقة السياسية والنخب الفرنسية معه.

وأثار صنصال جدلا أعقب مقابلة مع "فرانتيير ميديا" الفرنسية، قال فيها إن "مدنا بالغرب الجزائري كانت تاريخيا جزءا من المغرب مثل تلمسان ووهران ومعسكر"، وردا على ذلك وصفت الجزائر صنصال بـ "محترف التزييف".

كما أثارت زيارته لإسرائيل ومشاركته في مهرجان الأدباء العالمي، الذي نظمته مؤسسة "مشكانوت شأنانيم" في القدس سنة 2012، جدلا في الجزائر وفرنسا.

فلماذا أزعج صنصال السلطات الجزائرية هذه المرة؟

"استفزاز" الحكومة

وتعليقا على هذا السؤال يرى المحامي الجزائري، فاروق قسنطيني، أن صنصال "أثار الكثير من النقاش بآرائه الأخيرة التي مست الوحدة الوطنية"، مشيرا إلى أنه "لم يزعج السلطات وفقط، بل استفزها بتلك التصريحات غير المؤسسة في جانبها التاريخي".

وأشار قسنطيني لـ "الحرة" إلى أن صنصال "أزعج واستفز الجزائر لافتقاد آرائه للمصداقية والبعد الأكاديمي المبني على أسس تاريخية حقيقية"، معتبرا أن ذلك "جعله تحت طائلة قانون العقوبات في شقه الخاص بجريمة المس بسلامة التراب الوطني".

الآراء "المستفزة" على حد وصف قسنطيني العام، يوضحها الإعلامي عبد الوكيل بلام بشكل صريح، حيث يقول إن "المزعج للسلطات الجزائرية في آراء وتصريحات بوعلام صنصال هو الجزء الخاص بعلاقة المغرب ببعض الأجزاء من التراب الجزائري، والخلط الذي تعمده في تقديم ذلك للرأي العام".

وكان صنصال قد أثار جدلاً بسبب تصريحاته لمجلة "فرونتيير ميديا" الفرنسية، حينما تحدث عن أن فرنسا، خلال فترة الاستعمار، "قامت بضم أجزاء من المغرب إلى الجزائر، مما أدى إلى توسيع حدود الجزائر الحالية". 

كما انتقد النظام الجزائري، مشيراً إلى أن قادته "اخترعوا جبهة البوليساريو لضرب استقرار المغرب". وانتقدت أوساط سياسية وجزائرية هذه التصريحات واعتبرتها "مجانبة للصواب"

هذه التصريحات المثيرة للجدل التي أزعجت الجزائر، بحسب المتحدث، "لم يسبق لكاتب أو سياسي جزائري أن أدلى بها".

ولا يستبعد بلام، في حديثه لـ"الحرة"، أن تكون الاتهامات الموجهة لصنصال "ثقيلة جدا" بحكم "السياق الذي جاءت فيه وفسرته وكالة الأنباء الرسمية".

توتر الجزائر وباريس

في المقابل، يعتقد الحقوقي يوسف بن كعبة أن ملف بوعلام صنصال "ما هو إلا وسيلة للضغط السياسي بين البلدين، بعدما وصلت العلاقات بينهما إلى طريق مسدود"، مضيفا أن "التوتر الذي يطبع هذه العلاقات جعل صنصال وسيلة لمعركة سياسية وإعلامية جديدة بينهما".

ويضيف بن كعبة في حديثه لـ"الحرة" أن السلطات الجزائرية "رفضت لحد الآن تأسيس محامين عنه، ما يشي باستغلال أطول فترة ممكنة يسمح بها القانون للتحقيق فيما قد ينسب له من اتهامات".

وأضاف أن المعلومات المتوفرة لفريق المحامين في باريس هو أن السلطات "تستعد لإصدار بيان عن النيابة العامة لمجلس قضاء العاصمة".

مقالات مشابهة

  • البرلمان الأوروبي يدخل على خط قضية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال
  • قضية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال تصل إلى البرلمان الأوروبي
  • وفق محاميه.. متابعة الكاتب الجزائري صنصال بالإرهاب والمس بالدولة
  • كيف علق إسرائيليون على رقص وزير الدفاع وصواريخ حزب الله تنهال عليهم؟
  • الجزائري يسري بوزوق لاعب الرجاء يرفض حمل قميص مزين بخريطة المغرب
  • سفير إسرائيل بالأمم المتحدة يجلد السفير الجزائري: أنتم في مؤخرة العالم وتتحدثون عن حقوق الإنسان ماذا فعلتم للفلسطينيين؟ (فيديو)
  • كلام عن المغرب.. ما الذي قاله صنصال وأغضب الجزائر؟
  • المعارض الجزائري البارز أنور مالك يدعو إلى طرد الجزائر من جامعة الدول العربية
  • الجزائر تُصعّد من أعمالها العَدائية.. خبير : المغرب لن يَنجَرّ وراء التّهريج
  • الكاتب المعروف بوعلام صنصال يفضح النظام الجزائري أمام العالم والرئيس الفرنسي يطالب بمعرفة مصيره