المحاماة تفتقت مع أول الخلق، فنشأت مع الخصومة وأينعت مع العدالة وترعرعت مع الجماعة الإنسانية، إذا نامت المحاماة نما الظلم، وكلما خفت الظلم سهرت المحاماة على رعاية العدالة فلا تنمو إلا فى أحضانها ولا تزدهر إلا برعايتها تغذيها وتنميها، تسهر المحاماة فتزهر العدالة.
المحاماة ليست محاباة بل مواساة، نجدة وشهامة، كرامة ورفعة، صبر ومثابرة، صدق وإخلاص، قوة وأمانة، يخرج حكم القاضى ليصيب الهدف الذى يشير إليه المحامى، وكأن المحامى هو قوس القاضى الذى تخرج منه سهام العدالة وعينه التى يبصر بها أهدافه الحقة، فلو ضعف المحامى كلَّ بصر القاضى وشوش عليه وجارت الحكومة لديه.
المحاماة حامية الثقافات وهادمة الحضارات، فبها تنهض الدول ويسطع نجمها، وبها تأفل أخرى ويذهب بريقها، ذهبت أثينا ولم تعد عندما حاد المحامون فساد المجرمون، فظهر فساد السوفسطائيين، فملكوا ناصية البيان، ولم يبق للحق بنيان، فاهتز صرح العدالة واضطرب ميزان العدل ورجحت كفة الباطل، وتوارت شمس معارف اليونان، كل ذلك لم تحول المحامون إلى مجادلين شكاكين فغرسوا معاول الهدم فى صرح حضارتهم فنسجوا الظلام على هذه الرقعة من الأرض فصارت بقعة من رسوم درست بعدما كانت أكبر وأجل الحضارات ثم ولت لما غاب المحامون.
المحاماة شرف عظيم ينبع مما تعالجه، فإذا كان للطب أهمية لأنه يعالج الأبدان، فإن المحاماة تسهم فى عمارة الأرض فلا عمران بلا عدالة ولا عدالة بلا محاماة.
المحاماة كلمة حق، وحق هذه الكلمة ألا يقمعها أحد أو أن يخرس لسانها أو أن يكمم منطقها أو يمنطق سكوتها، إن تأخرت مات مظلوم وظلم صاحب حق.
لسان المحامى لا يصيبه العى، ولا يعييه تكاتف أهل الباطل ولا يبطله تقادم الأزمان بل تزيده صلابة وحدة، العدالة خيل عربى أصيل والمحامون فرسانها يحكمون لجامها ولا تلجمهم أرباحها عن النطق بالحق وإقامة العدل. فالمحامى حر فى قبول أو رفض الوكالة، لكنه كرهًا أو طوعًا يحمل الرسالة ليؤدى الأمانة، لا يضر المحاماة سلوك بعض المنتسبين، كما لا يضر الدين سلوك بعض المتدينين، ولذا فإن المحاماة رسالة قبل أن تكون وكالة. وستظل دوماً منارة للحق والأمانة وحصناً للعدل، والعدل أساس الملك فلا وطن دون عدالة ولا عدالة دون محاماة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المحاماة رسالة حاتم رسلان المحاماة ع العدالة
إقرأ أيضاً:
المشهداني يرحب بقرار اعتقال نتنياهو وغالانت
بغداد اليوم -
عاجل ...
إننا في العراق نرحب ترحيبًا كبيرا ،بقرار المحكمة الجنائية الدولية ،اعتبار رئيس حكومة الكيان الصهيوني ،بنيامين نتنياهو ،ووزير دفاعه السابق ،يوآف غالانت ،مجرمي حرب، وإصدار مذكرات قبض بحقهما،ملزمة وقانونية، لما ارتكباه من جرائم حرب وإبادة ضد أهلنا في غزة، بعد السابع من أكتوبر 2023.
ونعد هذا القرار، وإن كان خطوة رمزية، إلا أنه يمثل بصيص أمل نحو تحقيق العدالة الدولية ضد كافة مرتكبي جرائم الحرب والابادة الجماعية والتهجير والتجويع والاعدام غير القانوني، بحق الإنسانية. إن دماء الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء الذين قضوا في غزة حرقا وجوعا وتهجيرا وإعدامات تعسفية، لن تذهب هدرًا، وقرار المحكمة يعكس مسؤولية المجتمع الدولي والقانون الدولي تجاه محاسبة الجناة من الصهاينة الذين مارسوا الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في غزة وفي لبنان.
نشد على أيدي الدول الموقعة على ميثاق روما بضرورة احترام قرارات المحكمة وتنفيذ مذكرات القبض بحق هؤلاء المجرمين، لأن ذلك يمثل اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام العالم بمبادئ العدالة والقانون الدولي. لن تتحقق العدالة الكاملة إلا بمحاسبة كل من تلطخت أيديهم بدماء الفلسطينيين واللبنانيين المظلومين، والعمل على إنهاء الاحتلال الصهيوني لفلسطين وسياساته العنصرية التي تهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين وسوف لن يهدأ لنا بال حتى نراهما خلف القضبان .
د. محمود المشهداني
رئيس البرلمان العراقي
المكتب الإعلامي
لرئيس مجلس النواب
٢١تشرين الثاني 2024