بوابة الوفد:
2024-07-03@20:02:57 GMT

الإدمان والجريمة والاقتصاد العربى

تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT

أصبحت قضية إدمان المخدرات المنتشرة على نطاق واسع فى العالم العربى مسألة مثيرة للقلق، لا سيما بسبب آثارها الاجتماعية والاقتصادية العميقة. هذه الظاهرة، التى تتصاعد بشكل ملحوظ بين الشباب، لم تعد مرتبطة بزيادة معدلات الجريمة فحسب، بل تنذر بتفكك البنية الأسرية وتهدم دعائم الاستقرار الاجتماعى والتنمية الاقتصادية والنمو على المستوى الوطنى.

وكانت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات قد أشارت فى عام 2019 إلى الحجم المذهل لتجارة المخدرات العالمية، الذى تجاوز 800 مليار دولار سنوياً، وأنه تم غسل ما يقرب من 120 مليار دولار عبر الأسواق المالية العالمية والبنوك الكبرى. وتنوه التقارير العالمية بأن الدول العربية أصبحت بسبب موقعها الجغرافى الاستراتيجى، قناة مهمة فى هذه التجارة غير المشروعة، وأن معدلات الإدمان فيها ارتفعت إلى نحو 7-10%، غالبيتهم من الفئة الديموغرافية الشبابية. ويوضح المختصون أن تفاقم هذا الوضع ترجع أسبابه إلى التحولات الاجتماعية والظروف الاقتصادية الأخيرة التى أعادت تشكيل نسيج المجتمعات العربية، بما فى ذلك تآكل الأدوار العائلية التقليدية وانتشار الوصول غير المنظم إلى الإنترنت والقنوات الفضائية بين الأجيال الشابة.

فى منطقة الخليج العربى، وصلت معدلات استهلاك المخدرات إلى نسبة مثيرة للقلق بلغت 4.6%، متجاوزة تلك الموجودة فى الولايات المتحدة (2.2%) ودول أمريكا الجنوبية (2.5%). ويتبين أن الصراعات وعدم الاستقرار الاجتماعى والسياسى، وخاصة فى بلدان مثل العراق، أدى إلى زيادة تهريب المخدرات وتعاطيها. وتشير تقارير وزارة الصحة العراقية إلى ارتفاع معدلات الإدمان بشكل مثير للقلق بين الشباب، حيث يصل عدد المدمنين من ثلاثة إلى أربعة من بين كل عشرة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا.

لا شك أن تأثير هذه التحديات على الاقتصادات الوطنية متعدد الأوجه. فاستنزاف موارد الصحة العامة، وفقدان الإنتاجية، وتحويل الأموال إلى أنشطة غير مشروعة، كلها عوامل تسهم فى زعزعة الاستقرار الاقتصادى. بالإضافة إلى ذلك، التكاليف الاجتماعية، بما فى ذلك زيادة معدلات الجريمة وتآكل الهياكل الأسرية، لها آثار طويلة المدى على تحقيق مستهدفات التنمية الاقتصادية المستدامة.

تتطلب المعالجة الفعالة لهذه المسألة استراتيجيات وطنية شاملة. ويعد التثقيف والتوعية بمخاطر إدمان المخدرات خطوات أولى مهمة. ولا بد للمؤسسات الأسرية والتعليمية أن تلعب دورها فى التدخل المبكر والوقاية. كما لا بد للخطط الوطنية أن تستثمر فى البنى التحتية وآليات التكيف الصحية مثل الأنشطة البدنية، والاستشارات، وممارسة الهوايات، كبدائل أساسية لتعاطى المخدرات.

كما يتعين على هذه الخطط مراعاة تنفيذ استراتيجيات قصيرة وطويلة الأجل، تشمل الإصلاحات التعليمية، وتكثيف الحملات الإعلامية، والتأكد من كفاية التدابير القانونية ضد الاتجار بالمخدرات واستخدامها. وينبغى أن تهدف هذه الاستراتيجيات أيضاً إلى تعزيز الروابط الأسرية ودعم الهياكل الأسرية المستقرة كحائط صد فعال ضد الإدمان والأمراض الاجتماعية المرتبطة به.

ختاماً، التفاعل بين الإدمان والجريمة والتفكك الأسرى فى العالم العربى يفرض تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة من انخفاض الإنتاجية، وزيادة تكاليف الرعاية الصحية، وتحويل الموارد الوطنية لمكافحة تهريب المخدرات والجريمة. الاستراتيجيات الوطنية يجب ألا تصمم للحد من الأزمة المباشرة فقط، بل إلى استقرار البيئة الوطنية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإدمان والجريمة الاقتصاد العربى معدلات الجريمة

إقرأ أيضاً:

النائب العام يستقبل المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقبل النائب العام المستشار محمد شوقي، بمكتبه، اليوم الاثنين الموافق الأول من شهر يوليو لعام ٢٠٢٤، الدكتورة غادة والي، وكيل السكرتير العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والوفد المرافق لها. 
تركزت المباحثات حول سبل تعزيز آليات التعاون بين النيابة العامة المصرية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في مجال مكافحة سائر أشكال الجريمة المنظمة؛ لما لهذا التعاون الفعال من أثر في تعظيم التعاون الدولي بصوره المختلفة وخاصة في مجالات تسليم المجرمين وتعقب واسترداد الأموال غير المشروعة، عبر تعزيز القدرة على مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، والاستفادة من اَليات الأمم المتحدة في استرداد الأصول وعائدات الجريمة.
شهد اللقاء أيضًا بحث المشروعات القائمة والتحديات الراهنة المتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، كجرائم الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين والجرائم السيبرانية، كما تم الاتفاق على تضمين مذكرة التفاهم الموقعة بين النيابة العامة ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بتاريخ 15/10/2018، بنودًا تتعلق بتوفير كافة أوجه التعاون للوقاية من المخاطر الناتجة عن الجرائم المستحدثة.
وفي ختام اللقاء أكد الجانبان على تطلعهما لمزيد من التعاون والتنسيق المستمر في مجالات تنظيم الدورات التدريبية وورش العمل لأعضاء النيابة العامة وجهات إنفاذ القانون، بالتنسيق مع معهد البحوث الجنائية والتدريب بالنيابة العامة؛ وذلك لتبادل الخبرات الفنية وتعزيز النظام القانوني عن طريق رفع كفاءة أعضاء النيابة العامة في تحقيق تلك الجرائم.

Messenger_creation_65ca31a8-8a21-483a-b8ff-b7b7517287ca

مقالات مشابهة

  • انطلاق تصوير فيلم الإثارة والجريمة «بومة»
  • البدء في تصوير فيلم الإثارة والجريمة في العالم العربي "بومة"
  • بيان صحفي لمحافظة كفر الشيخ.. المحافظ الجديد قيادة أمنية متميزة
  • الحربُ وقواعدُها.. والجريمةُ وبواعثُها
  • تنفيذ أنشطة توعوية في 780 قرية تابعة لـ«حياة كريمة» للتوعية بأضرار المخدرات
  • توقعات الأحزاب من الحكومة الجديدة: تعزيز الحماية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية
  • "الكفاف" نمط جديد من الزراعات الصغيرة.. تعرف عليه
  • نجا بحفظ القرآن.. زفّة بالطبل والمزمار لمتعاف من الإدمان
  • النائب العام يستقبل المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة
  • وزير المالية: التعاون المصرى مع البنك الدولى نموذج للشراكة التنموية فى مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية