بوابة الوفد:
2024-11-27@04:49:02 GMT

الإدمان والجريمة والاقتصاد العربى

تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT

أصبحت قضية إدمان المخدرات المنتشرة على نطاق واسع فى العالم العربى مسألة مثيرة للقلق، لا سيما بسبب آثارها الاجتماعية والاقتصادية العميقة. هذه الظاهرة، التى تتصاعد بشكل ملحوظ بين الشباب، لم تعد مرتبطة بزيادة معدلات الجريمة فحسب، بل تنذر بتفكك البنية الأسرية وتهدم دعائم الاستقرار الاجتماعى والتنمية الاقتصادية والنمو على المستوى الوطنى.

وكانت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات قد أشارت فى عام 2019 إلى الحجم المذهل لتجارة المخدرات العالمية، الذى تجاوز 800 مليار دولار سنوياً، وأنه تم غسل ما يقرب من 120 مليار دولار عبر الأسواق المالية العالمية والبنوك الكبرى. وتنوه التقارير العالمية بأن الدول العربية أصبحت بسبب موقعها الجغرافى الاستراتيجى، قناة مهمة فى هذه التجارة غير المشروعة، وأن معدلات الإدمان فيها ارتفعت إلى نحو 7-10%، غالبيتهم من الفئة الديموغرافية الشبابية. ويوضح المختصون أن تفاقم هذا الوضع ترجع أسبابه إلى التحولات الاجتماعية والظروف الاقتصادية الأخيرة التى أعادت تشكيل نسيج المجتمعات العربية، بما فى ذلك تآكل الأدوار العائلية التقليدية وانتشار الوصول غير المنظم إلى الإنترنت والقنوات الفضائية بين الأجيال الشابة.

فى منطقة الخليج العربى، وصلت معدلات استهلاك المخدرات إلى نسبة مثيرة للقلق بلغت 4.6%، متجاوزة تلك الموجودة فى الولايات المتحدة (2.2%) ودول أمريكا الجنوبية (2.5%). ويتبين أن الصراعات وعدم الاستقرار الاجتماعى والسياسى، وخاصة فى بلدان مثل العراق، أدى إلى زيادة تهريب المخدرات وتعاطيها. وتشير تقارير وزارة الصحة العراقية إلى ارتفاع معدلات الإدمان بشكل مثير للقلق بين الشباب، حيث يصل عدد المدمنين من ثلاثة إلى أربعة من بين كل عشرة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا.

لا شك أن تأثير هذه التحديات على الاقتصادات الوطنية متعدد الأوجه. فاستنزاف موارد الصحة العامة، وفقدان الإنتاجية، وتحويل الأموال إلى أنشطة غير مشروعة، كلها عوامل تسهم فى زعزعة الاستقرار الاقتصادى. بالإضافة إلى ذلك، التكاليف الاجتماعية، بما فى ذلك زيادة معدلات الجريمة وتآكل الهياكل الأسرية، لها آثار طويلة المدى على تحقيق مستهدفات التنمية الاقتصادية المستدامة.

تتطلب المعالجة الفعالة لهذه المسألة استراتيجيات وطنية شاملة. ويعد التثقيف والتوعية بمخاطر إدمان المخدرات خطوات أولى مهمة. ولا بد للمؤسسات الأسرية والتعليمية أن تلعب دورها فى التدخل المبكر والوقاية. كما لا بد للخطط الوطنية أن تستثمر فى البنى التحتية وآليات التكيف الصحية مثل الأنشطة البدنية، والاستشارات، وممارسة الهوايات، كبدائل أساسية لتعاطى المخدرات.

كما يتعين على هذه الخطط مراعاة تنفيذ استراتيجيات قصيرة وطويلة الأجل، تشمل الإصلاحات التعليمية، وتكثيف الحملات الإعلامية، والتأكد من كفاية التدابير القانونية ضد الاتجار بالمخدرات واستخدامها. وينبغى أن تهدف هذه الاستراتيجيات أيضاً إلى تعزيز الروابط الأسرية ودعم الهياكل الأسرية المستقرة كحائط صد فعال ضد الإدمان والأمراض الاجتماعية المرتبطة به.

ختاماً، التفاعل بين الإدمان والجريمة والتفكك الأسرى فى العالم العربى يفرض تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة من انخفاض الإنتاجية، وزيادة تكاليف الرعاية الصحية، وتحويل الموارد الوطنية لمكافحة تهريب المخدرات والجريمة. الاستراتيجيات الوطنية يجب ألا تصمم للحد من الأزمة المباشرة فقط، بل إلى استقرار البيئة الوطنية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإدمان والجريمة الاقتصاد العربى معدلات الجريمة

إقرأ أيضاً:

الدكتور إسماعيل عبد الغفار يشارك في فعاليات الأسبوع العربى للتنمية المستدامة في نسخته الخامسة بالجامعة العربية

انطلقت اليوم الأحد فعاليات الأسبوع العربي للتنمية المستدامة، في نسخته الخامسة، بعنوان "حلول مستدامة من أجل مستقبل أفضل.. المرونة والقدرة على التكيف في عالم عربي متطور"، وذلك بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وشارك في الجلسة الافتتاحية للأسبوع العربي للتنمية المستدامة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وستيفان جيمبرت المدير الإقليمي لمصر واليمن وجيبوني والشرق الأوسط وشمال افريقيا بمجموعة البنك الدولي، وإلينا بانوفا المنسق المقيم للأمم المتحدة بجمهورية مصر العربية، ويوسف خلاوي الأمين العام المنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي.والدكتور إسماعيل عبد الغفار رئيس الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى .

 وتتناول جلسات هذه النسخة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة والتي تستمر أربعة أيام، أهمية إيجاد الحلول العملية التي من شأنها تسريع وتيرة التنفيذ، عن طريق تعزيز الشراكات الفاعلة التي تدفع نحو تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة العربية وتؤثر بشكل ملموس على معيشة المواطن العربي.

ويتطلع الأسبوع العربي للتنمية المستدامة هذا العام إلى أن يكون حدثًا تحويليًا يعزز القوة الجماعية للدول العربية والهوية العربية، ويبني مستقبلًا مرنًا ومنصفًا ومزدهرًا، لنقوم معًا بتمهيد الطريق لمستقبل عربي يتسم بالاستقرار والاستدامة.

كما ستنظم الجامعة العربية بالتعاون مع منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي النسخة الثالثة من مؤتمر البركة الإقليمي الثالث تحت عنوان "الاستراتيجيات المبتكرة للتخفيف من حدة الفقر: التكامل بين الاقتصاد الإسلامي والتنمية المستدامة"، والذي يهدف الى استكشاف حلول مبتكرة ومستدامة لمشكلة الفقر استنادا على مبادئ الاقتصاد الإسلامي والتي تعزز تطبيق التنمية المستدامة لكافة المجتمعات.

ويأتي هذا المؤتمر في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تحولات كبيرة كالتغيرات المناخية، والتحديات الاقتصادية العالمية والأوضاع الجيواستراتيجية الجديدة، وهي عوامل تزيد من حدة الفقر وتستدعي استجابات سريعة وفعالة.

ويسعى المؤتمر إلى خلق منصة تفاعلية تعزز من التعاون الإقليمي بين الدول والمؤسسات، وتبادل الخبرات بين صناع القرار والممارسين بهدف استدامة التنمية في المنطقة العربية، وسيتم استعراض بعض من أفضل الممارسات والنماذج الناجحة من عدد من الدول الأخرى، بالإضافة إلى مناقشة التحديات والعقبات التي تواجه العالم الإسلامي والعربي في تحقيق التنمية المستدامة.

بالإضافة إلى كل ما سبق، تعتزم جامعة الدول العربية بالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والشركاء تنظيم "المنتدى العربي الإقليمي رفيع المستوى الأول حول الاستدامة وتخفيف المخاطر الاستثمارية في المنطقة العربية".

ويهدف المنتدى إلى معالجة التحديات والفرص المتعلقة بالاستثمار والاستدامة في المنطقة العربية في ظل التوجهات الاقتصادية العالمية، وتغير المناخ، والهشاشة الإقليمية، كما يهدف إلى إنشاء منصة حوار بين الحكومات والمستثمرين والبنوك ووكالات التنمية لتعزيز الاستثمار المستدام، وسيركز المنتدى على تنسيق الجهود لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ودعم التمويل المناخي، وتحسين بيئة الاستثمار بشكل عام.

 ويشهد الأسبوع العربي للتنمية المستدامة مشاركة كبيرة من أصحاب المصلحة والحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والشباب الفاعلين في المجالات التنموية، حيث يعتبر الأسبوع العربي للتنمية المستدامة الحدث الأهم على المستوى الإقليمي في مجالات التنمية المستدامة

مقالات مشابهة

  • خيام غزة وجُدران بيروت!!
  • الوطنية للنفط: استمرار ارتفاع مؤشرات إنتاج ليبيا من النفط والغاز
  • انتخاب مصر رئيسا للمكتب التنفيذى للمجلس الوزارى العربى للمياه لعامى ٢٠٢٤ و ٢٠٢٥
  • إعلام بنها ينظم ندوة بعنوان «مخاطر الإدمان والمخدرات على النشء»
  • «إعلام بنها» ينظم ندوة تثقيفية بمخاطر الإدمان على النشء ضمن مبادرة «بداية»
  • عمر العلماء: الإمارات تواصل الاستثمار في المواهب الوطنية لتعزيز دورها المستقبلي
  • "خطر المخدرات ودور الشباب في المواجهة" ندوة توعوية بجامعة كفرالشيخ
  • مختصان لـ "اليوم": ضعف المتابعة الأسرية سبب رئيسي في غياب الطلاب
  • بين القانون والجريمة.. تفاصيل مثيرة في واقعة مقتل مسن على يد أستاذ جامعي بحدائق أكتوبر
  • الدكتور إسماعيل عبد الغفار يشارك في فعاليات الأسبوع العربى للتنمية المستدامة في نسخته الخامسة بالجامعة العربية