لا حديث اليوم بين الناس إلا عن الانفلات فى زلزال الأسعار الذى تجاوز كل الحدود، وحطم كل الامكانيات المتاحة وغير المتاحة وقدرات الدولة، ولا صوت يعلو فوق صوت نداء البطون «الناس بتكلم نفسها فى الشوارع» وأحاديث قلقة ساخطة على جشع المحلات التجارية وأباطرة محتكرى السلع حتى صغار البائعين كل ساعة بسعر، وكأنه دولة داخل دولة، وسط غياب تام للأجهزة الرقابية والتموينية وكأنهم تحالفوا فى خراب بيوت المواطن الغلبان، انفلات غير مسبوق فى كل أنواع السلع الغذائية، أرهق كاهل أغلب الشرائح فى سابقهةهى الأولى من نوعها، واكتفت الحكومة ببعض المسكنات والمطيبات هنا وهناك، فما زالت تجتهد فى حل الأزمة بطريقتها العرجاء، فالموجة التى ضربت العالم كله، وسببت أزمة شديدة فى نقص كافة السلع الغذائية وصعوبة استيرادها، خاصة فى أعقاب الحرب الأوكرانية الروسية التى تحججت بها، نفاد السلع الأساسية كارثة فشلت الحكومة فى حلها، أصبحت همًّا ثقيلًا كبيرًا تعانى منه معظم الأسر بكل طبقاتها حتى أصبحت أزمة بلا حل، وعجزت الحكومة عن السيطرة على الانفلات فى أسعار كافة السلع الغذائية.
نحن لا ننكر الجهود التى تقوم بها الدولة خاصة المنافذ السريعة التى تتولاها القوات المسلحة ووزارة الداخلية، وتتواجد بكثرة فى الكثير من المناطق الفقيرة، ولا ننكر أيضًا أن هناك أسبابًا قد تكون خارج قدرات حكومات العالم، مثل ارتفاع أسعار الطاقة فى السوق العالمية، وارتفاع سعر الدولار أمام الانهيار المستمر للجنيه المصرى، إلى جانب الأزمات السياسية والمناخية والكوارث الطبيعية التى تحدث فى الدول التى نستورد منها، وزيادة أسعار السلع المنتجة فى بلد المنشأ وزيادة الرسوم الجمركية إلى غيره من تقلبات الاقتصاد العالمى الذى قد يتحول إلى كارثة تهدد العالم كله بمجاعة أكيدة فى المستقبل القريب فى ظل وجود حكومة صامتة.. لكن هذا لا يمثل كل المرتكزات الخاصة بالمشكلة، بل إن هناك الكثير من الحلول التى يمكن التوصل إليها لعلاج هذه الظاهرة، أهمها وضع استراتيجية وقائية ضد الأزمات التى تمس قوت المواطن وكرامته الإنسانية فى توفير أبسط مظاهر الحياة تتكيف حلولها مع كل هذه المؤثرات، مثل زيادة الإنتاج الزراعى والداجنى وتشجيع الاستثمار، ومنع احتكار كبار التجار ورجال الأعمال فى تعطيش السوق وطرح السلع بعد ذلك، من أجل الحصول المزيد من الأرباح والثراء على حساب الغلابة والفقراء، خاصة ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك المتوقع فيه انفلات غير مسبوق فى أسعار معظم السلع الغذائية، فى ظل غياب تام لوزارة التموين... وللحديث بقية.
سكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية ورئيس لجنة المرأة بالقليوبية.
magda [email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ارحمونا تجاوز كل الحدود ل الامكانيات المتاحة السلع الغذائیة
إقرأ أيضاً:
الإعلام بين التنوير والتضليل
مع بداية كل عام جديد، تتنافس بعض البرامج الفضائية على جذب المشاهدين عبر استضافة المنجمين والفلكيين الذين يقدمون توقعاتهم لما سيحدث فى العام المقبل، وعلى الرغم من أن هذا النوع من المحتوى يحقق نسب مشاهدة مرتفعة، إلا أنه يثير جدلاً واسعًا فى الأوساط الدينية والثقافية، خاصة مع الهجوم الواضح الذى يشنه علماء الأزهر على مثل هذه الممارسات التى تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامى.
لقد أكد علماء الأزهر مرارًا أن التنجيم ليس علمًا، بل خرافة مبنية على استغلال عقول الناس واهتمامهم بمعرفة المستقبل، وهو أمر محرم شرعًا ، والعبارة الشهيرة «كذب المنجمون ولو صدقوا» أصبحت شعارًا يتردد فى كل مرة يظهر فيها هؤلاء على الشاشات، حيث يشدد الأزهر على أن علم الغيب هو من اختصاص الله وحده، ولا يمكن لأى إنسان، مهما كانت ادعاءاته، أن يعرف ما سيحدث فى المستقبل.
ما يثير الاستغراب هو إصرار بعض الإعلاميين على تقديم هذا النوع من المحتوى، رغم أن الرسالة الإعلامية يجب أن تكون مسئولة وتهدف إلى تثقيف وتنوير المشاهدين، وليس تضليلهم.. هذه البرامج بدلًا من التركيز على تقديم محتوى هادف يُثرى العقول ويشجع على التفكير العلمي، أصبحت وسيلة لإثارة الفضول وزيادة نسب المشاهدة على حساب وعى الجمهور.
إن استضافة المنجمين والفلكيين لا تقتصر على تقديم توقعات شخصية أو عامة فحسب، بل تتعداها أحيانًا إلى استغلال الأزمات الاجتماعية والسياسية لزيادة تأثيرهم، فهم يقدمون وعودًا براقة أو تحذيرات مخيفة، مما قد يؤثر على نفسية الجمهور، خاصة فى أوقات الأزمات.
الإعلام باعتباره أحد أهم أدوات تشكيل الرأى العام، يجب أن يتحمل مسئوليته تجاه المجتمع فبدلاً من استضافة المنجمين، يمكن توجيه الجهود إلى استضافة خبراء حقيقيين فى مجالات العلوم والاجتماع والاقتصاد لمناقشة التحديات الحقيقية التى تواجه الناس وكيفية الاستعداد لها بطرق علمية وعملية.
ومما لا شك فيه يجب أن تكون هناك ضوابط واضحة تمنع استغلال الشاشات لنشر الخرافات، خاصة تلك التى تتعارض مع القيم الدينية والثقافية للمجتمع، كما يجب تعزيز وعى المشاهدين بخطورة الانسياق وراء هذه الادعاءات التى تفتقر إلى أى دليل علمي.
وفى النهاية.. الإعلام ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو شريك فى بناء وعى المجتمع ،وإذا اختار الإعلاميون التركيز على التفاهات والخرافات بدلاً من تقديم الحقائق، فإنهم يسهمون فى تجهيل الجمهور بدلاً من تثقيفه.
ولذلك دائما ما اؤكد ان المستقبل لا يُعرف بالتنجيم، بل بالعمل والعلم والإيمان تحية لقرار الأستاذ أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، وقراره المحترم بمنع استضافة العرافين والمنجمين.