التقليص العسكري الإيراني بسوريا.. تحوّل لا يعني الانسحاب الكامل
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
يُمثّل "التقليص العسكري" الذي بدأته إيران في سوريا وكشفت وكالة "رويترز" تفاصيله "تحولا" كما يرى مراقبون وخبراء، لكنه لا يعني بالضرورة الانسحاب الكامل أو تغيير الاستراتيجية والتكتيكات في المنطقة التي ثبت فيها "الحرس الثوري" موطئ قدم منذ 2012.
الوكالة نقلت عن 5 مصادر مطلعة، الخميس، قولها إن الحرس الثوري "قلّص نشر كبار ضباطه في سوريا بسبب سلسلة من الضربات الإسرائيلية"، وأوضحت أنه "سيعتمد أكثر على فصائل شيعية للحفاظ على نفوذه هناك".
وبينما أضافت أن إيران "ليست لديها نية للانسحاب من سوريا"، فإن إعادة التفكير تسلط الضوء على كيفية تكشف العواقب الإقليمية للحرب التي أشعلها هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
على مدى الأيام الماضية غادر "كبار القادة الإيرانيين سوريا، مع عشرات الضباط متوسطي الرتب"، حسب قول أحد المصادر وهو مسؤول أمني إقليمي كبير، واصفا ذلك بـ"تقليص الوجود".
وأشارت 3 مصادر أخرى إلى أن "الحرس الثوري" أعرب عن مخاوفه للنظام السوري، من أن "تسرب المعلومات من داخل قوات الأمن السورية لعب دورا في الضربات القاتلة الأخيرة".
"تطورات قبل التقليص"ويأتي تقرير "التقليص العسكري" على مستوى كبار القادة الإيرانيين في سوريا بعدما تلقى "الحرس الثوري" سلسلة ضربات نسبت لإسرائيل.
وأدت الضربات إلى مقتل قياديين كبار، أبرزهم الجنرال البارز رضي موسوي في منطقة السيدة زينب و"مسؤول استخبارات الحرس في سوريا"، صادق أوميد زاده في منطقة المزة فيلات غربية.
وتتزامن المعلومات أيضا، والتي لم تؤكدها دمشق وطهران حتى الآن، مع حالة ترقب حول طبيعة الضربة التي ستوجهها الولايات المتحدة الأميركية، ردا على مقتل 3 جنود بهجوم استهدف "البرج 22" في الأردن.
يعود تاريخ الانتشار الإيراني في سوريا إلى العام الثاني من انطلاقة الثورة السورية بعد عام 2011.
وفي ذلك الوقت زجّ "الحرس الثوري" بميليشيات وكما يصفهم بـ"المستشارين"، من أجل منع نظام الرئيس بشار الأسد من السقوط.
وبينما تولت الميليشيات مهاما عسكرية وأمنية إلى جانب قوات النظام السوري، دائما ما توضح مراكز أبحاث غربية وسورية أن "القرار" كان يصدر من قبل ضباط كبار، قسم منهم يقيم داخل البلاد والآخر يأتي ويعود في إطار زيارات غير معلنة.
ويوضح الباحث الأمني الإيراني، حميد رضا عزيزي أن التدخل الإيراني المباشر في سوريا اقتصر خلال السنوات القليلة الماضية "على مستوى القادة وكبار الضباط"، وأن "هؤلاء تولوا مسؤولية تنسيق القوات".
وفي المقابل اعتمد النفوذ بشكل أساسي على الوكلاء غير الإيرانيين والميليشيات المتحالفة معها، وحتى أنه ومنذ عام 2020 زاد دور "حزب الله" بشكل ملحوظ، لدرجة تعادل تقريبا دور الحرس الثوري نفسه.
يعتقد رضا عزيزي وهو زميل زائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (swp) أن طهران من المرجح أنها "تنوي إبقاء القادة بعيدا عن متناول إسرائيل حتى يتم تحديد مصدر تسريب أماكن تواجدهم".
ويعتقد أيضا في حديثه لموقع "الحرة" أن قرار التقليص إن صح لا يمكن فصله عن التوترات المتزايدة بين الميليشيات المدعومة من إيران والولايات المتحدة.
وبينما يبدو الرد الأميركي على مقتل ثلاثة من جنودها وشيكا ربما اختارت إيران كخطوة احترازية سحب ضباطها الرئيسيين من المنطقة، وفق رضا عزيزي ويتوقع أيضا أن "يمتد القرار إلى ما هو أبعد من سوريا".
"الهدف مختلف"وفي ذات التقرير الذي نشرته رويترز قال مصدر مطلع على العمليات الإيرانية في سوريا إن الضربات الإسرائيلية الدقيقة دفعت الحرس الثوري إلى "نقل مواقع العمليات ومساكن الضباط، وسط مخاوف من حدوث خرق استخباراتي".
وأضافت مصادر أخرى أن الحرس الثوري "يجند مرة أخرى مقاتلين شيعة من أفغانستان وباكستان للانتشار في سوريا، في تكرار لمراحل سابقة من الحرب عندما لعبت الفصائل الشيعية دورا في تحويل دفة الصراع".
وبينما لا يستبعد الباحث في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمود البازي صحة تقرير "التقليص العسكري" بناء على وقائع مفروضة يشير إلى أن "الهدف الإيراني مختلف".
البازي يقول لموقع "الحرة" إن "إيران تعمل على إخراج كبار ضباطها كي لا يتم استهدافهم من قبل الولايات المتحدة الأميركية على إثر مقتل الجنود" في قاعدة البرج 22 بالأردن.
ويؤكد أن قرار التقليص لا يعني الانسحاب، كون "إيران تنظر إلى سوريا كبعد استراتيجي في المواجهة الأوسع مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وهذا يسلتزم تواجدا على الأرض لربط الحدود العراقية بالسورية وصولا إلى لبنان".
بالإضافة إلى ذلك تَعتبر إيران بأن أي انسحاب من سوريا يعني ملء الفراغ الذي ستتركه عبر فاعلين آخرين مثل روسيا أو الدول العربية، وفق الباحث، ولذلك "تتواجد بشكل فعال كي تتحكم بسير الأمور".
ومنذ تدخلها لمنع سقوط بشار الأسد في سوريا تكبدت إيران على أقل التقديرات 30 مليار دولار في سوريا.
ويسلتزم ما سبق بقاءها على الأرض كي تحصّل جزءا من هذه الخسائر، كما يضيف الباحث.
ويشير إلى أن "التواجد الإيراني في سوريا هو مشروع متكامل (ثقافي سياسي وديني) ولا ينحصر في المجال العسكري"، وأن "هناك تفاعلا على الأرض بين جميع المكونات السابقة".
"نزع فتيل توتر"وتعهد الرئيس الأميركي، جو بايدن قبل يومين برد من المحتمل أن يتخذ أشكالا "عدة"، وفي وقت قال إنه يحمل إيران "المسؤولية" عن تزويد الأسلحة للأشخاص الذين شنوا الهجوم على "البرج 22".
ولا يعرف حتى الآن توقيت الضربة والساحة التي ستكون فيها، وهو ما أثار إرباكا داخل صفوف الميليشيات الإيرانية في سوريا، حسب ما يقول مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، رامي عبد الرحمن.
عبد الرحمن تحدث لموقع "الحرة" عن "أوامر صدرت للميليشات الموالية لإيران في سوريا، بمنع استهداف القواعد الأميركية"، وأن "أي خرق سيكون تحت طائلة المسؤولية والعقوبة".
ويعتقد مدير المرصد أن "الخطوة بمثابة عملية تنصل وسحب فتيل التوتر مع الولايات المتحدة"، ويضيف أنهم رصدوا خروج ضباط إيرانيين "لا يتجاوز عددهم أصابع اليد"، وكانت وجهة قسم منهم من دير الزور إلى دمشق.
ويرى الباحث البازي أن ما حدث بالنسبة للبرج 22 "أثبت بأن العلاقة بين إيران ووكلاءها معقدة، بمعنى بأن الوكلاء قد يقدمون على تصرفات قد تكون تخالف السياسات الكلية لإيران".
وترسل الضربة أيضا "رسالة بأنه حتى لو خرجتم من سوريا والعراق فسوف نستهدفكم في باقي القواعد وهذا ما تخالفه طهران حيث ترى الأولوية لإخراجهم من سوريا والعراق أولا".
ولذلك يعتقد البازي أن "طهران ضغطت بقوة على الجماعات العراقية لإصدار بيان بتوقف العمليات ضد القوات الأميركية، وهذا يأتي كذلك بمحاولات عدم توسيع الصراع".
"تكتيكية ومؤقتة"وتعتبر محافظة دير الزور ومدينة البوكمال الحدودية نقطة التمركز الأبرز للميليشيات، التي تدعمها إيران في سوريا.
وفي المقابل تشكّل دمشق قاعدة أساسية لكبار الضباط الإيرانيين الذين يتولون عملية التنسيق والتنظيم، وهو ما كشفته سلسلة الضربات التي نسبت جميعها إلى إسرائيل.
ويوضح الباحث الأمني في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، نوار شعبان أن إيران وفي حال بدأت بالفعل بسحب جنرالاتها من سوريا "ستتجه إلى إعطاء الأدوار الأكبر للميلشيات الأجنبية وليست المحلية".
ولا توجد ثقة للحرس الثوري بالميليشيات المحلية، كما يقول شعبان لموقع "الحرة"، ويستبعد أن يتوقف الأخير عن إجراء الزيارات الطارئة لضباطه إلى سوريا، مع ترجيحه فكرة أن تكون في "جغرافيا مؤمنة".
الباحث يتوقع أن "يزيد إجراء التقليص العسكري من حدوث خلل تنظيمي وإداري فيما يتعلق بهيكلة العمل الموجودة في سوريا".
ويضيف أنه "قد نرى خلافات بين الميليشيات الأجنبية والمحلية، وقيادات الأولى مع النظام السوري"، ويرهن الحدة بـ"الوتيرة التي ستكون عليها الزيارات الدورية وما إذا كانت ستخف أو تنقطع".
بدوره يبدو للباحث رضا عزيزي أن "التحولات الأخيرة في انتشار القوات الإيرانية في سوريا هي في الأساس ذات طبيعة تكتيكية ومؤقتة".
وقد أبرزت التطورات الناجمة عن حرب غزة بالفعل حاجة طهران إلى إعادة تقييم استراتيجيتها العسكرية ونشر قواتها في المنطقة، كما يشير الباحث، ويضيف أنها "انتقلت الآن من الموقف الهجومي إلى الموقف الدفاعي".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الحرس الثوری فی سوریا من سوریا
إقرأ أيضاً:
دراسة ماجستير عن السمات الشخصية لدى ممارسي العلاقات العامة
دراسة ماجستير مبتكرة:
* انخفاض توافر السمات الشخصية هو السبب في تراجع الأداء المهني للعلاقات العامة والإعلام
* تضاؤل توافر السمات الشخصية لدى ممارسي العلاقات العامة إلى أقل من 20%
* تراجع الأداء المهني لممارسي العلاقات العامة إلى نسب أقل من 25%
حصل الباحث ناجح حارص محمدين على درجة الماجستير بتقدير عام ممتاز مع التوصية بطبع الرسالة على نفقة الجامعة من قسم الإعلام بجامعة سوهاج عن رسالته "السمــات الشخصيــة لممارسي العلاقات العامـة في المؤسســات الحكومية وعلاقتها بأدائهــم المهني"
وأشرف على الرسالة كل من الدكتور محمود يوسف السماسيري أستاذ الإعلام بجامعة سوهاج، والدكتورة نها عبدالمعطي مدرس الإعلام بجامعة سوهاج، وناقشها كل الدكتور فوزي عبد الغني أستاذ الإعلام بجامعة سوهاج، والدكتور محمد زين أستاذ الإعلام بجامعة بني سويف
وأوضحت الدراسة أن السمات الشخصية هي الصفات والمهارات والقدرات التي يُفترض توافرها في المُشتغلين بالعلاقات العامة للقيام بواجباتهم المهنية بشكل أفضل يحقق أهداف المؤسسة التي يعملون بها، وهي سمات نفسية وثقافية واجتماعية واتصالية.
وأظهرت الدراسة انخفاض معدل توافر السمات الشخصية لدى ممارسي العلاقات العامة في المؤسسات الحكومية بمصر إلى نسب تقل عن 20%، وإن كانت السمات الثقافية والاتصالية متوفرة أكثر بفارق بسيط عن السمات النفسية والاجتماعية.
كما أظهرت الدراسة أيضا انخفاض مستوى الأداء المهني لممارسي العلاقات العامة بالمؤسسات الحكومية إلى نسب تقل عن 25%، وإن كانت مهام إجراء البحوث وتقييم الأنشطة أقل من مهام التخطيط والإعلام.
ولفت الباحث ناجح حارص إلى أهمية دراسة السمات الشخصية في كل ميادين العمل الصحفي والإعلامي عامة كحقل بحثي مهم للغاية تتوقف عليه عمليات نجاح أو فشل المؤسسات الصحفية والإعلامية عامة.
وأضاف أن مدخل السمات الشخصية ومدى توافرها عند اختيار العاملين بالمؤسسات الإعلامية هو أهم عامل في تحديد وتفسير مستوى الأداء المهني، وأن الإعلام الحكومي والمؤسسات المملوكة للدولة يجب أن تعيد هيكلتها، ومعايير اختيار قياداتها بناء على مجموعة السمات الشخصية التي يفترض توافرها فيهم.
وأكد الباحث أن المعاملات الإحصائية للدراسة أثبتت وجود علاقة ذات دلالة بين السمات الشخصية ومستوى القيام بالأداء والواجبات المهنية، حيث تبين أن انخفاض مستوى توافر السمات الشخصية أدى إلى تراجع مستوى الأداء المهني سواء كان ذلك على الذكور أو الإناث بأعمارهم ومؤهلاتهم وخبراتهم المتباينة.
وقد توصل الباحث إلى هذه النتائج عبر استقصاء أراء 115 ممارسا للعلاقات العامة في دواوين بعض المحافظات والجامعات ومديريات الصحة والتربية والتعليم.
واقترح الباحث في توصيات دراسته تصميم مقرر دراسي عن السمات الشخصية اللازمة للمشتغلين بالإعلام والعلاقات العامة والاتصال الحكومي عامة، وتضمين هذا المقرر مسار تدريبي يؤسس لهذه السمات بحيث تصبح قابلة للتطوير والممارسة الفاعلة داخل وخارج المؤسسات الحكومية.
وكان الباحث بمساعدة المشرف على الرسالة قد صمما مقياسا مهما غير مسبوق يحدد مجموعة السمات الشخصية التي يفترض توافرها في المُشتغلين بالعلاقات العامة والاتصال عامة، وحدد المقياس السمات النفسية في الاتزان الانفعالي، والثقة بالنفس، والجدية والالتزام، والتواضع وإنكار الذات، والسمات الثقافية في الإلمام بعادات وتقاليد وأوضاع المجتمع المحلي، ومتابعة الأحداث الوطنية والدولية.
بينما تحددت السمات الاجتماعية في القدرة على تكوين علاقات فاعلة في محيط العمل، والتعاون مع جمهور ومنسوبي المؤسسة، وتجاوز الخلافات الشخصية لمصلحة العمل، والسمات الاتصالية في مهارات الاستقبال والترحيب والاستماع الجيد، ومهارات التحدث بطلاقة وإقناع الآخرين والتعامل مع الصحفيين والإعلاميين.
كما شملت الدراسة مقياسا آخر للأداء المهني تمثل في الواجبات الوظيفية التي يفترض أن يقوم بها ممارس العلاقات العامة داخل مؤسسته وخارجها.
وشملت مهام التخطيط وإجراء البحوث والتقييم، وكذلك المهام الإعلامية والصحفية بما فيها توظيف السوشيال ميديا في خدمة المؤسسة.