علماء يكشفون دور بروتين في الاتصال بين الخلايا العصبية
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
كشف باحثون عن أن بروتين السينوكلين المفسفر المرتبط بعدد من الأمراض العصبية التنكسيّة له دور في الاتصال بين الخلايا العصبية في الدماغ السليم.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو في الولايات المتحدة الأمريكية، ونشرت في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي في مجلة نيورون (Neuron)، وكتب عنها موقع "سينس دايلي" (ScienceDaily).
والفسفرة (Phosphorylation) هي عملية يتم فيها إضافة أيون الفوسفات إلى حمض أميني ما، أو إلى وحدة بنائية ما داخل بروتين. حينما يتم إضافة أيون الفوسفات يصبح البروتين مفسفرا. عندما تتم عملية الفسفرة يتغير شكل البروتين، ويتغير مستوى نشاطه. في حالتنا هذه فإن البروتين الذي تمت فسفرته هو بروتين ألفا سينوكلين.
معظم الدراسات التي تمت على هذا البروتين ركزت على دوره في بعض الأمراض العصبية التنكسية مثل مرض باركنسون والخرف المرتبط بأجسام ليوي. في مرض الخرف المرتبط بأجسام ليوي يحدث تراكم لتكتل من البروتينات تسمى أجسام ليوي (Lewy bodies).
يعتقد أن هذه البروتينات سامة للخلايا العصبية. وإحدى النظريات السائدة في هذا السياق أن الألفا سينوكلين المفسفر يحفز حدوث هذا المرض.
تصيب ملايين البشر
الأمراض العصبية التنكسية هي مجموعة من الأمراض التي تصيب ملايين البشر حول العالم، من أكثرها شيوعا مرض باركنسون ومرض الخرف. وتحدث هذه الأمراض عندما تفقد الخلايا العصبية في الدماغ، أو في الجهاز العصبي الطرفي قدرتها على العمل تدريجيا إلى أن تموت. وعلى الرغم من وجود بعض العلاجات التي من الممكن أن تساعد في التقليل من الأعراض الجسمية أو العقلية المرتبطة بهذه الأمراض، فإن إبطاء حدوثها أو شفاءها بشكل تام هو أمر غير ممكن حتى هذا اللحظة.
تشير الدكتورة بيث آن سيبر مديرة البرنامج في المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية في الولايات المتحدة (National Institute of Neurological Disorders and Stroke (NINDS)) إلى أن معظم الدراسات حتى الآن تربط وجود الألفا سينوكلين المفسفر بوجود مرض ما مثل مرض باركنسون.
ازداد الاهتمام مؤخرا بتطوير أدوية تمنع فسفرة الألفا السينوكلين في محاولة لعلاج هذه الأمراض. النتائج التي تم الوصول لها شكلت تحديا للفرضيات الحالية التي تتحدث عن نشأت هذه الأمراض في الدماغ. ومن الممكن لهذه النتائج أن تسلط الضوء على علاجات أفضل لهذه الأمراض.
دراسات سابقة تم إجراؤها في مختبر البروفيسور -سوبهوجيت روي الطبيب والأستاذ في جامعة كاليفورنيا سان ديغو وكبير الباحثين لهذه الدراسة- تشير إلى أن بروتين ألفا سينوكلين يخفض من الإشارات العصبية الزائدة الدماغ السليم لينظم الاتصال العصبي.
خلال الدراسات التي تم إجراؤها ظهر وبشكل غير متوقع أن عملية فسفرة الألفا سينوكلين هي عملية ضرورية ليعمل البروتين بشكل طبيعي.
استخدمت النمذجة الجزيئية لمشاهدة الهيكل البنائي للألفا سينوكلين ليتبين أن الألفا سينوكلين مفسفر، لقد تغير بناء الألفا سينوكلين بطريقة تعزز التفاعل مع البروتينات الأخرى داخل الدماغ السليم. هذه الدراسة تم إجراؤها في مختبر البروفيسور روي، وقد قادها الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه ليوناردو بارا ريفاس.
علاوة على ذلك فقد لوحظ ارتباط بين زيادة النشاط العصبي الكهربائي والكيميائي وزيادة كمية الألفا سينوكلين المفسفر في الخلايا العصبية المزروعة في المختبر، وفي أنسجة أدمغة الفئران. هذه النتائج تشير إلى احتمالية وجود علاقة بين النشاط التشابكي وفسفرة الألفا سينوكلين المفسفر. وبالإضافة لذلك فقد أظهرت التجارب أنه عملية الفسفرة تؤدي دورا كبيرا في جمع شبكات البروتينات التي تربط الحويصلات المشبكية. والحويصلات هي جيوب صغيرة تفرز مواد كيميائية تمكّن الأعصاب من الاتصال فيما بينها والاتصال مع الخلايا الأخرى، ويمكنها أيضا من أن تبطئ من النشاط العصبي.
لذلك فعملية فسفرة الألفا سينوكلين تمثل الفرامل التي تضبط بعض الأنشطة العصبية، مما يشير إلى أنه من الممكن أن يكون لها دور في الأدمغة السليمة لم يكن متكشفا من قبل. يشير الدكتور روي بأسف إلى أننا عرفنا، ولكن بعد فوات الأوان أننا لم ننظر إلى فسفرة السينوكلين بالطريقة الصحيحة.
البصيلة الشمية
فلنأخذ على سبيل المثال الدوائر في البصيلة الشمية، والتي تشير النتائج التي وصل لها الباحثون أنها تحوي على مستويات مرتفعة من الألفا سينوكلين المفسفر. الأنف لا يتوقف عن الشم ومن ثم فإنه في حالة نشاط دائمة. وإحدى الفرضيات تقترح أن الألفا سنيوكلين المفسفر قد تطور ليصبح وسيلة أمان تستخدم لتحمي الدوائر العصبية التي تحتاج أن تكون نشطة بشكل مفرط. وجود الألفا سينوكلين المفسفر بشكل مستمر في أماكن معينة في الدماغ تعكس الحاجة لهذه الحالة البيوكيميائية في هذه المناطق.
ويلزم الآن المزيد من الدراسات لفهم الأحداث القليلة -نسبيا- التي تحدث في الدماغ السليم، والتي تتراكم عبر الزمن والتي من الممكن أن تحفز تراكم الألفا سينوكلين لتشكل "أجسام ليوي" الأمر الذي يؤدي إلى مرضى باركنسون ومرض الخرف المرتبط بـ"أجسام ليوي". علاوة على ذلك فإن الأدوية المصممة لمنع فسفرة الألفا سينوكلين من الممكن أن تؤدي بشكل غير مقصود لآثار جانبية لمنع عملية من الممكن أن تحمي وظائف الأعصاب في فترة ذروة نشاطها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الخلایا العصبیة من الممکن أن هذه الأمراض فی الدماغ إلى أن
إقرأ أيضاً:
شهود عيان يكشفون لحظات الرعب بعد غارة "قلب بيروت"
حين استيقظ سمير في حالة من الذعر والصدمة على دوي صواريخ تسقط وتنفجر وصراخ أطفال ونساء، ظنّ أن الغارة الإسرائيلية أصابت المبنى الذي يقطنه في حي البسطة الشعبي في قلب بيروت.
وقتل 11 شخصاً على الأقلّ، وأصيب 63 بجروح، فجر السبت، وفق وزارة الصحة بالغارة الإسرائيلية التي أسقطت مبنى سكنياً من 8 طوابق في حيّ البسطة المكتظ بوسط العاصمة اللبنانية، والذي يستهدف للمرة الثانية منذ بدء المواجهة المفتوحة بين حزب الله واسرائيل قبل شهرين.
يقول سمير، الذي يقطن مع عائلته في المبنى المقابل،: "كنا نائمين وسمعنا 3 إلى 4 صواريخ، شعرنا كأنهم قصفوا بنايتنا".
ويضيف الرجل، الذي فضّل استخدام اسمه الأول فقط لأسباب أمنية،: "من شدة الضربة، توقعت أن يقع المبنى على رؤوسنا، نظرت إلى الجدران وشعرت بأنها ستقع فوقي" إثر الغارات، التي جاءت بدون إنذار اسرائيلي مسبق.
فرّ سمير، الذي يعمل نجارا، من منزله خلال الليل مع زوجته وولديه البالغين 3 سنوات و14 عاما.
صباح السبت، وقف السكان المذهولون في الشارع يشاهدون جرافة تزيل أنقاض المبنى المدمر، بينما استمرت جهود الإنقاذ، مع تضرر المباني المجاورة أيضاَ في الهجوم، وفق ما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس.
وكان الحي المكتظ بالسكان قد استقبل نازحين من مناطق تعتبر معاقل لحزب الله في شرق لبنان وجنوبه وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، بعدما كثّفت إسرائيل غاراتها الجوية على تلك المناطق في 23 سبتمبر (أيلول) وأعلنت البدء بعملية برية عند الحدود مع لبنان في 30 منه.
ويروي سمير متأثراً "لقد شاهدنا شخصين ميتين على الأرض.. أخذ ولداي يبكيان، ووالدتهما بكت أكثر".
تعرّض قلب العاصمة اللبنانية بيروت منذ الأحد الماضي لأربع غارات اسرائيلية دامية، أدّت إحداها إلى مقتل مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف.
وأفاد مصدر أمني لبناني وكالة فرانس برس بأن "قيادياَ كبيراَ" في حزب الله تم استهدافه في الغارة الإسرائيلية، التي طاولت منطقة البسطة في بيروت.
واستيقظ سكان العاصمة وجوارها، عند الساعة الرابعة فجر السبت، على دوي انفجارات ضخمة ورائحة بارود منتشرة في الهواء.
يقول صلاح الأب لطفلين والذي يقطن في الشارع نفسه، حيث وقعت الغارة، إن "هذه المرة الأولى التي استيقظ فيها وأنا أصرخ من الرعب".
يضيف الرجل "لا أستطيع أن أعبّر عن الخوف الذي راودني، المشهد في الشارع كان مخيفاً، مرعباً، وسمعت أصوات أطفال يبكون".
ومطلع أكتوبر (تشرين الأول)، تعرض حيّ البسطة وحيّ النويري المجاور لغارتين اسرائيليتين كذلك، أسفرتا عن مقتل 22 شخصاً، وكانتا تستهدفان مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، الذي نجا من الهجوم.
أرسل صلاح زوجته وولديه إلى مدينة طرابلس الواقعة في شمال لبنان، لكن كان عليه البقاء في بيروت من أجل العمل.
وكان يفترض أن تعود عائلته في عطلة نهاية الأسبوع استعدادا للعودة الى المدرسة الإثنين، لكن صلاح بدّل رأيه وقرر إبقاء عائلته في طرابلس بعد الغارات الأخيرة.
ويتابع "أشتاق إليهم، ويسألونني كلّ يوم، بابا متى سنعود؟".
وأسفر التصعيد بين حزب الله واسرائيل منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عن مقتل أكثر من 3650 شخصاً على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.
رغم وقع الصدمة الشديد، يؤكد سمير أنه وعائلته لا يملكون خياراً آخر سوى العودة إلى بيتهم.
ويقول "سأعود الآن إلى البيت، سنعود إلى البسطة، إلى أين نذهب؟".
ويضيف "كلّ أقاربي وأخوتي مهجرون من الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب".