تقرير :الحرب تهدد ولايات شرق السودان
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
القضارف (السودان) "أ ف ب": تهدّد الحرب في السودان بالوصول الى شرق البلاد الذي كان لا يزال بمنأى حتى الآن عن المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، مع دور محتمل في ذلك لإريتريا، وفق خبراء وشهود.
وقال الرجل الثاني في السلطة الموالية للجيش في السودان مالك عقار خلال زيارة الى إريتريا أخيرا وفي منشور على منصة "إكس"، إنه ناقش مع المسؤولين الاريتريين "سبل تجنّب امتداد الحرب الى شرق السودان".
وسلّط هذا الكلام الضوء على الخطر الذي يتهدّد ولايات شرق السودان الثلاث التي ظلت حتى الآن بمنأى عن المعارك، خصوصا مدينة بورتسودان حيث يوجد الميناء والمطار الوحيدان العاملان في السودان حاليا والمقرّ الحالي لقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
في ديسمبر، سيطرت قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو بشكل مفاجئ على أجزاء واسعة من ولاية الجزيرة، البوابة الجنوبية للخرطوم التي تعد كذلك بوابة الشرق لقوات دقلو التي يقع حصنها الرئيسي في إقليم دارفور في أقصى غرب السودان.
وانطلاقا من مواقعها الجديدة، بات بوسع قوات الدعم السريع الوصول الى الطرق المؤدية الى ولاية القضارف على الحدود مع إثيوبيا، وولاية كسلا على حدود إريتريا. كما أن كسلا هي البوابة الجنوبية لمحافظة البحر الأحمر حيث تقع بورتسودان.
غير أن شرق السودان ليس مهدّدا فقط من الداخل. وقال عقار في منتصف الشهر الجاري إنه ناقش نلك التهديدات مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي.
في تسعينات القرن الماضي، كانت الخرطوم تتهم أسمرة بتدريب المتمردين السودانيين على أراضيها. ولكن البلدين تصالحا بعد اتفاق سلام بين الخرطوم والمجموعات المتمردة في الشرق.
معسكرات في إريتريا
يقول شهود لوكالة فرانس برس إنه يوجد على الأقل خمسة معسكرات لتدريب مقاتلين سودانيين في إريتريا من بينها ثلاثة في منطقة مهيب بإقليم القاش بركا.
ولا تعلّق أسمره على الموضوع. وتكتفي بالدعوة الى السلام والحوار منذ أن اندلعت في أبريل الحرب التي أوقعت آلاف القتلى، من بينهم ما يراوح بين عشرة و15 ألف قتيل في مدينة واحدة في إقليم دارفور (غرب)، وفق خبراء الأمم المتحدة. كما أدى النزاع الى نزوح أكثر من سبعة ملايين سوداني من ديارهم.
وهاجمت مجموعة متمردة سابقة في شرق السودان كانت وقّعت السلام في العام 2020 مع الخرطوم، بشكل صريح، إريتريا، وهي واحدة من أكثر دول العام عزلة الى حدّ أنه يطلق عليها اسم "كوريا الشمالية الإفريقية".
وقالت الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة في بيان في 12 يناير إن "دعم (هذه المعسكرات) واعتبار ذلك سياسة رسمية لإريتريا من شأنه إطالة الحرب في السودان وتحويلها الى نزاع إقليمي".
ويعتبر مركز أبحاث "رفت فالي إنستيتيوت" أن النزاع الإقليمي مستبعد.
ويرى أنه "بالنسبة الى إريتريا السبب الرئيسي للتدخّل هو الضغط على الخرطوم التي تقيم علاقات مع المعارضة الإريترية".
ويضيف المركز أن أسمره تريد ممارسة ضغط ولكنها لا تريد إسقاط الجيش، لأن "حلفاءها التقليديين في الشرق يدعمونه"، كما أنها لا تميل الى دعم قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو.
ويقول الخبير في شؤون شرق السودان أبو فاطيمة أونور إن المجموعات التي تدير معسكرات التدريب في إريتريا "موالية للجيش" السوداني.
ويشرف على أحدها، بحسب شهود، ابراهيم دنيا، أحد الشخصيات المعروفة في مدينة كسلا.
وظهر اسم هذا الرجل في عامي 2021 و2022 على خلفية التوترات بين قبائل البجه وقبائل بني عامر التي تعيش في السودان وإريتريا.
في مقطع فيديو بثه على الإنترنت في 15 يناير، أكد دنيا أنه درّب "دفعة أولى" من "قوات تحرير الشرق" في "معسكر" لم يحدد موقعه.
ومنذ ذلك الحين، تنشر "قوات تحرير الشرق على صفحتها على موقع "فيسبوك" مقاطع فيديو لرجال بالزي المدني مصطفين أثناء تدريب على ما يبدو. كما نشرت مقطعا يظهر فيه رجال يغنّون بلغة تيغراي التي يتحدث بها بنو عامر.
وأوضح دنيا في مقطع الفيديو أن الهدف أن يتمكن هؤلاء المجندون من "حماية أنفسهم وحماية مجتمعاتهم وأراضيهم وممتلكاتهم من الحرب".
وإذا كان دنيا امتنع عن إعلان تأييده لأحد طرفي الحرب في السودان، فإن العديد من التدوينات على صفحة حركته تؤكد الدعم الواضح للفريق أول البرهان.
ويقول شهود طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم خشية أعمال انتقامية ضدهم، إن معسكرين آخرين في إريتريا يديرهما كوادر من نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي أطاحت به تظاهرات شعبية عارمة في أبريل 2019.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع شرق السودان فی السودان فی إریتریا
إقرأ أيضاً:
السودان يستدعي سفيره من كينيا احتجاجا على استضافتها اجتماعا للدعم السريع
استدعت الخارجية السودانية سفيرها لدى كينيا كمال جبارة للتشاور، احتجاجا على استضافة نيروبي اجتماعا ضم قوى سياسية وقيادات من قوات الدعم السريع بهدف تشكيل حكومة موازية، في حين أكدت كينيا أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها المجموعات في السودان إلى الدول المجاورة لإيجاد حلول لأزماتها.
وقال وزير الثقافة والإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد علي الإعيسر إن "زمن التدخلات الخارجية في الشؤون السودانية انتهى".
وأضاف "نحن فقط كشعب من يحدد مصيره ويصنع قراراته بما يتماشى مع طموحات سودانية وطنية خالصة، بعيدا عن التدخلات الخارجية، ودون إملاءات فتح الأبواب مجددا لمن ساهموا في صناعة الظروف الصعبة التي مر بها بلدنا وشعبنا في الأعوام القليلة الماضية، والتي ما زلنا ندفع فاتورتها غاليا بالدماء والموت والتهجير القسري".
واستنكرت الحكومة السودانية الثلاثاء استضافة كينيا اجتماعا ضم قوى سياسية وقيادات من قوات الدعم السريع بهدف تشكيل حكومة موازية، واعتبرت ذلك "تشجيعا لتقسيم الدول الأفريقية وخروجا عن قواعد حسن الجوار".
وجاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية السودانية بعد ساعات من انعقاد الجلسة الافتتاحية لمؤتمر بعنوان "تحالف السودان التأسيسي" في العاصمة الكينية نيروبي.
إعلانوشارك في الاجتماع عدد من قادة الحركات المسلحة وقوى سياسية معارضة، بينهم رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة، وعبد الرحيم دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع، ورئيس "الحركة الشعبية- شمال" عبد العزيز الحلو.
ويهدف المؤتمر إلى تشكيل حكومة موازية في السودان، وهو ما اعتبرته الحكومة السودانية مخالفا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأعربت الخارجية السودانية -في بيانها- عن أسفها على استضافة كينيا هذا الاجتماع، واصفة ذلك بأنه "تنكّر لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الأفريقي".
وأضافت الوزارة أن الهدف المعلن من الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه خلال الاجتماع هو "إقامة حكومة موازية في جزء من أراضي السودان"، مما يشجع على "تقسيم الدول الأفريقية وانتهاك سيادتها والتدخل في شؤونها الداخلية".
كما انتقدت الوزارة السماح لقيادات قوات الدعم السريع بممارسة النشاط السياسي والدعائي العلني في كينيا، في وقت تُتهم فيه هذه القوات بارتكاب "جرائم إبادة جماعية" في السودان.
وذكر البيان أن قوات الدعم السريع ارتكبت "مجزرة بشعة" خلال الأيام الماضية في قرى مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض جنوبي السودان، راح ضحيتها 433 مدنيا.
وأشارت الخارجية السودانية إلى أن استضافة كينيا قوات الدعم السريع "تشجيع لاستمرار هذه الفظائع والمشاركة فيها". وشددت على أن "خطوة الحكومة الكينية لا تتعارض فقط مع قواعد حسن الجوار، بل تناقض أيضا التعهدات التي قدمتها كينيا على أعلى مستوى بعدم السماح بقيام أنشطة عدائية ضد السودان على أراضيها".
واعتبرت أن هذه الخطوة "إعلان عداء لكل الشعب السوداني"، داعية المجتمع الدولي إلى "إدانة هذا المسلك من الحكومة الكينية".
وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه السودان حربا طاحنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
إعلانوفي سياق متصل، أشارت الخارجية السودانية إلى أن "هذه التظاهرة الدعائية (اجتماعات نيروبي) لن يكون لها أي أثر على أرض الواقع"، مؤكدة أن القوات المسلحة السودانية، بدعم من الشعب، تواصل تقدمها لتحرير الأراضي التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع.
الموقف الكينيفي المقابل، قالت الحكومة الكينية إن الأزمة في السودان تتطلب اهتماما إقليميا وعالميا عاجلا.
وأوضحت أنه بفضل دورها كمحرك للسلام في المنطقة وحول العالم، تظل كينيا في طليعة البحث عن حلول للأزمة الإنسانية في السودان، مشيرة إلى أنها "التزمت بتقديم مليوني دولار للمبادرات العالمية والإقليمية للمساهمة في تخفيف الوضع الإنساني الحرج في السودان".
وفي بيان وقّعه موساليا مودافادي، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، قالت كينيا إنها "أرست تاريخا من تسهيل الحوار بين الأطراف المتنازعة من الدول المجاورة والإقليمية، من خلال توفير منصات تفاوضية محايدة أسفرت عن اتفاقيات سلام تم توقيعها في كينيا".
كما أكدت "أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها المجموعات في السودان إلى الدول المجاورة لإيجاد حلول لأزماتها من خلال المساعي الحميدة".
وأشارت إلى أنه "في يناير/كانون الثاني 2024، اجتمعت الأطراف وأصحاب المصلحة في النزاع السوداني في إحدى الدول المجاورة لرسم مسار نحو حوار شامل وعودة إلى الحكم المدني".
وقالت إن "تقديم قوات الدعم السريع والمجموعات المدنية السودانية لخريطة طريق، إضافة إلى القيادة المقترحة في نيروبي، يتماشى مع دور كينيا في الوساطة من أجل السلام، الذي يلزمها بتوفير منصات غير منحازة للأطراف المتنازعة للوصول إلى حلول".
انقسامات سياسيةمن جهة أخرى، انقسمت القوى السياسية في السودان بين مؤيدين ومعارضين لتشكيل حكومة موازية. فبينما تدعم قوى سياسية قوات الدعم السريع، ترفض أخرى هذا التوجه بما في ذلك "تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية"، التي كانت تمثل أكبر تحالف مدني معارض بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.
إعلانوأعلنت التنسيقية، في فبراير/شباط الماضي، رفضها فكرة الحكومة الموازية، مما أدى إلى انقسامها إلى مجموعتين، إحداهما تدعم مؤتمر نيروبي.
وتزامنت اجتماعات المعارضة في كينيا مع تراجع سيطرة قوات الدعم السريع في عدة مناطق لصالح الجيش السوداني، خاصة في ولايات الوسط (الخرطوم والجزيرة) والجنوب (النيل الأبيض وشمال كردفان).
وفي ولاية الخرطوم، التي تضم 3 مدن رئيسية، تمكن الجيش من السيطرة على 90% من مدينة بحري شمالا، ومعظم أنحاء مدينة أم درمان غربا، و60% من مدينة الخرطوم، في حين لا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على أحياء شرقي وجنوبي العاصمة.