مستشار شيخ الأزهر: الشباب أول من يقدمون أنفسهم فداء لأوطانهم
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
قالت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، إن الأمم جميعها تكتسب صفتها من حجم ما فيها من طاقة فاعلة و«الشباب» تلكم الفئة التي دائما يعول عليها في المقام الأول في تحقيق النهضة والبناء للأوطان والمجتمعات فيقال: تلكم أمة فتية، وأخرى هرمة، لغلبة نسبة المسنين فيها، وضعف إنتاجهم الفكري والثقافي والحضاري، وقلة نسبة الشباب، ومن ثم فإن من الضروري بحث وتتبع المشاكل والمعوقات التي تمنع الشباب من تحقيق مسيرتهم لأنهم يشكلون بالفعل أملا منشودا لتحقيق ما هو مأمول من تجديد بناء الأمة وبعث نهضتها.
وأكدت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، خلال كلمتها بالملتقى الدولي الثامن للشباب، للندوة العالمية للشباب الإسلامي، أن الشباب هم عماد الأمة وسر نهضتها وبناة حضارتها، وخط الدفاع الذي يمكن الاعتماد عليه في الدفاع عنها ونصرتها، مشيرةً إلى ضرورة أن تتكاتف الجهود بين جميع مؤسسات الدولة لخلق جيل صالح من الشباب قادر على بناء الوطن وتحقيق نهضته.
وأوضحت الصعيدي، أن الإسلام عني أيما عناية بالشباب، وأشاد بهم وحثهم على الاستقامة ووضع لهم الكثير من عوامل الترغيب والتحفيز لمساعدتهم على النجاة، والإسهام الفعال في نهضة مجتمعاتهم، وقد أعطى لنا الرسول ﷺ القدوة والمثل الأعلى في الاعتماد على الشباب، والتأكيد على كونهم هم عماد الأمة وأساس أي بناء، وذلك عندما أرسل مصعب بن عمير إلى المدينة وكان عمره سبعة عشر عاما، وبعد ذلك أرسل إليه يسأله: ماذا فعل الله بك يا مصعب؟ قال: يارسول الله ما تركت فيهم بيتا إلا ودخله نور الإسلام" فكان لطاقته الكبيرة وهمته العالية كشاب دور مهم في تحقيق المهمة بتمامها، ودليل على ما يمكن للشباب تحقيقه من إنجاز يعجز الكثيرون عن القيام به دونهم.
وبيّنت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين أنه من الواجب على المجتمعات والأمم التي تسعى إلى تحقيق النهضة والتقدم والبناء أن تهتم بشبابها، فالشباب هم مستقبل الأمم الفتي، ففيهم تكمن الطموحات الواعدة والأفكار البناءة والهمم الفتية والتجارب الخصبة الثرية، ومن خلال الاهتمام بتنمية مهاراتهم وتعظيم قدراتهم، سيكون بإمكاننا في الوقت القريب بناء مستقبل مشرق واعد لوطننا وأمتنا، فالشباب هم أول من يقدمون أنفسهم فداء لأوطانهم ولديهم الاستعداد الكامل ليفدونه بكل غال ونفيس، كما أنهم منهم وبهم دائما يمكن التصدي للتحديات وإحداث النهضة المطلوبة للمجتمعات.
وأردفت الدكتورة الصعيدي أنه من الواجب على جميع المؤسسات المعنية بالشباب أن تبذل كل الجهود في سبيل تأهيلهم التأهيل السليم، وأن تغرس فيهم الأسس والقواعد الصحيحة، والمبادئ السامية التي تساعدهم في تحقيق ما هو معقود عليهم من آمال كبيرة، ووضع الثقة الكاملة فيهم على أنهم هم قلب الأمة النابض، مع وضع البرامج التنموية المتكاملة وتعزيز المبادرات التي تساعد على تزويدهم بالمهارات والقدرات اللازمة لهم لتعينهم على التحمل الأمثل لأعباء الحياة، وتوجيههم التوجيه الصحيح، مع دمجهم فيما يتم بناؤه من مشروعات تنموية واقتصادية كبيرة حتى يشعروا بأنهم بالفعل مشاركون في بناء أمتهم.
وتابعت رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين أن نبينا الكريم ﷺ أوصى بالشباب خيرا واعتنى بهم عناية كبيرة، وأوكلهم ثقة لا حدود لها، وأسند إليهم الكثير من المهام والوظائف العظيمة، التي نجحوا في القيام بها كما يجب، فبشرهم ﷺ ببشارة عظيمة حين قال " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. ومنهم "شاب نشأ في طاعة الله"، مشددا على ضرورة استثمار هذه المرحلة العمرية، التي هي الأهم في حياة الإنسان، في القرب من الله وخدمة الأوطان وتحقيق نهضتها، ومن ذلك قوله أيضا "اغتنم خمسا قبل خمس.. ومنها "اغتنم شبابك قبل هرمك"، تأكيدا منه ﷺ على أن هذه المرحلة هي الأهم والأكثر سؤالا عنها من الله تعالى يوم القيامة.
وأكدت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين أن الشباب يحملون بداخلهم كما هائلا من الطاقات، وقدرات لا متناهية على الإبداع والبناء الخلاق، وهم حريصون كل الحرص على أن يقدموا لمجتمعاتهم أفضل ما لديهم لكي تنمو وتزدهر، فمن الواجب علينا استغلال كل ذلك لصالح المجتمع، وحث الشباب على التعاون مع بعضهم البعض والاندماج الإيجابي مع محيطهم، حتى يتحقق بهم هذا الهدف السامي، وحتى يكون توجيه طاقتهم في صالح البناء والعمل والتطوير.
وشددت الدكتورة الصعيدي على ضرورة استثمار طاقات الشباب، وتنظيم المزيد من ورش العمل والفعاليات التعليمية والتدريبية التي تهدف لتطوير مهارات الشباب وتعزيز قدراتهم في جميع مناحي الحياة، فضلا عن تشجيع المشاركة الشبابية في القرارات المحلية، لتطوير قدراتهم على اتخاذ القرارات السليمة، بالإضافة إلى تقديم كل الدعم للمبادرات الشبابية التي تظهر من فترة لأخرى، سواء كان دعما ماديا أو معنويا، وبما ينعكس على تطور هذه المبادرات وإسهامها إيجابيا لصالح مجتمعنا، وتوفير المزيد من فرص المشاركات التطوعية، في جميع المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعمل التنموي وغيرها، لغرس مبدأ التكافل ومساعدة الآخر، وغيرها من المبادئ المهمة لإنشاء أجيال صالحة.
واختتمت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين كلمتها بالملتقى بأنه يجب وضع المزيد من مبادرات وبرامج التدريب المهني للخريجين الشباب، حتى يتم تزويدهم بجميع المهارات والتقنيات الحديثة اللازمة للدخول مباشرة في سوق العمل، دون تأخير، وبما يمكنهم من تحقيق التنمية المستدامة لوطننا، بالإضافة إلى غرس القيم والمبادئ الإسلامية السامية في نفوسهم، والتي منها الإيثار والتكافل والشجاعة والإقدام وحب الخير وغيرها من القيم، والتي لها دور مهم في إنشاء أجيال جديدة صالحة وسوية، وقادرة على البناء والعطاء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مستشار شیخ الأزهر لشؤون الوافدین
إقرأ أيضاً:
للباحثين وطلَّاب العلم.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب البهجةُ السَّنيةُ
يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56 لزوَّاره كتاب "البَهْجَةُ السَّنِيَّةُ عَلَى مَتْنِ السَّنُوسِيَّةِ"، للعلامة عيسى البراوي الشافعي (ت 1182هـ) تحقيق: أ. د. محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، و أ. د. عبد الغفار عبد الرؤوف حسن، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، من إصدارات مجمع البحوث الإسلامية.
حَظِيَت عقيدة السنوسي الموسومة بـ «الصغرى» و«أم البراهين» باهتمام بالغ تمثل في تقريظها نظمًا ونثرًا، ومَنْح الإجازات على قراءتها وسماعها وتعلمها، ووفرة الشروح والحواشي والتعليقات والمنظومات عليها، وكثرة الإقبال على نسخها، حتَّى بَلَغَ عدد نُسَخها في الخزانة الحُسَينِيَّةِ فقط (أربعينَ نُسخة)، وتجاوز عدد نُسَخ "شرح مؤلَّفها" (خمسين نُسخة) في الخزانة نفسها، وإنما كان هذا الاهتمام البالغ بها؛ لأنها حوَتْ زُبدة الكلام الأشعري، فيستغني مَنْ طالعها وحَفِظها ودرسها عن كبار الدواوين في علم الكلام كما يقولون، فقد تضمنت الضَّروريَّ والنَّظَرِيَّ في قضيَّةِ الحُكْمِ العقلي الذي يدور عليه اعتقاد المسلم، وانطوَتْ على براهينِ الاعتقاد الصحيح، وذلك بعبارة مركزة تُغني عن التفريع وما فيه مِن فُضُول، وعن التفصيل وما به مِنْ ذيولٍ، وتستنكف عن إيراد المسائل المُمِلَّةِ قليلة النَّيْل، والمجادلات العقيمة طويلة الذَّيْلِ، فالمُطَّلِعُ على «أم البراهين» يُدْرِكُ أَنَّهَا تَذْكِرَةٌ له إن كان مُنتهيًا، وتَبْصِرَةٌ له إن كان مُبتدِئًا.
ومن بين هذه الشروح: «شرح العلامة البَراوِي» الذي قام به على "مَتْنِ السنوسية"، ووضعه استجابةً لطلب دُعِيَ إليه؛ حيث يقول: «فقد سألني مَنْ أعتقد صلاحَه ولا تَسَعُني مخالفته؛ أن أضع له تعليقًا على مَتْنِ السَّنوسية في علم التوحيد، نافعًا -إن شاء الله تعالى- للمبتدي، ولا يحتاج إليه المنتهي، وسميته: (البَهْجَة السَّنِيَّة على مَتْنِ السَّنوسية)، سائلًا مِنْ رَبِّ البَرِيَّة، أَنْ يَنفَعَ به كُلَّ سَرِيَّة.. واعلم أنَّني -والله العظيم- وضَعْتُه مُرِيدًا به وَجْهَ الله تعالى، وَنَفْعَ كل مبتدئ قاصر مثلي، وإن لم أكن أهلًا لذلك، لكن ربَّما أفاضَ العَلِيمُ ببعض كلمات، ولا حَجْرَ على فَضْلِه، فإنَّه لا مانِعَ لِمَا أَعْطَى".
ويلحظ المُطَالِعُ لهذا الشَّرحِ عُمْقَ الفكرة مع بساطتها، وجزالة اللفظ مع وضوحه، وإيجاز العبارة مع تمامها، فجاء الكتاب مختصرًا في بيان العقيدة الإسلامية وموضوعاتها وقضاياها بأسلوب سَهْلِ المَنَالِ، قريب المَأْخَذ، كُتِبَتْ مباحثه بلغةِ العِلم، بعيدًا عن الأساليب الخطابية، والعبارات الإنشائية، والجُمَل الوعظية، فهو في عبارة موجزة: بحث علمي دقيق، لا مجال فيه لأدنى لبس، تناول المسائل الرئيسة التي عرضها الإمام السنوسي تناولًا يُنبئ عن استيعاب وإحاطة، فجاء شَرْحُه على النحو التالي: (مقدمة، صفاتِ اللهِ، وجود الله، النُّبوَّة، الشهادتين).
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.