قالت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، إن الأمم جميعها تكتسب صفتها من حجم ما فيها من طاقة فاعلة و«الشباب» تلكم الفئة التي دائما يعول عليها في المقام الأول في تحقيق النهضة والبناء للأوطان والمجتمعات فيقال: تلكم أمة فتية، وأخرى هرمة، لغلبة نسبة المسنين فيها، وضعف إنتاجهم الفكري والثقافي والحضاري، وقلة نسبة الشباب، ومن ثم فإن من الضروري بحث وتتبع المشاكل والمعوقات التي تمنع الشباب من تحقيق مسيرتهم لأنهم يشكلون بالفعل أملا منشودا لتحقيق ما هو مأمول من تجديد بناء الأمة وبعث نهضتها.

وأكدت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، خلال كلمتها بالملتقى الدولي الثامن للشباب، للندوة العالمية للشباب الإسلامي، أن الشباب هم عماد الأمة وسر نهضتها وبناة حضارتها، وخط الدفاع الذي يمكن الاعتماد عليه في الدفاع عنها ونصرتها، مشيرةً إلى ضرورة أن تتكاتف الجهود بين جميع مؤسسات الدولة لخلق جيل صالح من الشباب قادر على بناء الوطن وتحقيق نهضته.

وأوضحت الصعيدي، أن الإسلام عني أيما عناية بالشباب، وأشاد بهم وحثهم على الاستقامة ووضع لهم الكثير من عوامل الترغيب والتحفيز لمساعدتهم على النجاة، والإسهام الفعال في نهضة مجتمعاتهم، وقد أعطى لنا الرسول ﷺ القدوة والمثل الأعلى في الاعتماد على الشباب، والتأكيد على كونهم هم عماد الأمة وأساس أي بناء، وذلك عندما أرسل مصعب بن عمير إلى المدينة وكان عمره سبعة عشر عاما، وبعد ذلك أرسل إليه يسأله: ماذا فعل الله بك يا مصعب؟ قال: يارسول الله ما تركت فيهم بيتا إلا ودخله نور الإسلام" فكان لطاقته الكبيرة وهمته العالية كشاب دور مهم في تحقيق المهمة بتمامها، ودليل على ما يمكن للشباب تحقيقه من إنجاز يعجز الكثيرون عن القيام به دونهم.

وبيّنت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين أنه من الواجب على المجتمعات والأمم التي تسعى إلى تحقيق النهضة والتقدم والبناء أن تهتم بشبابها، فالشباب هم مستقبل الأمم الفتي، ففيهم تكمن الطموحات الواعدة والأفكار البناءة والهمم الفتية والتجارب الخصبة الثرية، ومن خلال الاهتمام بتنمية مهاراتهم وتعظيم قدراتهم، سيكون بإمكاننا في الوقت القريب بناء مستقبل مشرق واعد لوطننا وأمتنا، فالشباب هم أول من يقدمون أنفسهم فداء لأوطانهم ولديهم الاستعداد الكامل ليفدونه بكل غال ونفيس، كما أنهم منهم وبهم دائما يمكن التصدي للتحديات وإحداث النهضة المطلوبة للمجتمعات.  

وأردفت الدكتورة الصعيدي أنه من الواجب على جميع المؤسسات المعنية بالشباب أن تبذل كل الجهود في سبيل تأهيلهم التأهيل السليم، وأن تغرس فيهم الأسس والقواعد الصحيحة، والمبادئ السامية التي تساعدهم في تحقيق ما هو معقود عليهم من آمال كبيرة، ووضع الثقة الكاملة فيهم على أنهم هم قلب الأمة النابض، مع وضع البرامج التنموية المتكاملة وتعزيز المبادرات التي تساعد على تزويدهم بالمهارات والقدرات اللازمة لهم لتعينهم على التحمل الأمثل لأعباء الحياة، وتوجيههم التوجيه الصحيح، مع دمجهم فيما يتم بناؤه من مشروعات تنموية واقتصادية كبيرة حتى يشعروا بأنهم بالفعل مشاركون في بناء أمتهم.

وتابعت رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين أن نبينا الكريم ﷺ أوصى بالشباب خيرا واعتنى بهم عناية كبيرة، وأوكلهم ثقة لا حدود لها، وأسند إليهم الكثير من المهام والوظائف العظيمة، التي نجحوا في القيام بها كما يجب، فبشرهم ﷺ ببشارة عظيمة حين قال " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. ومنهم "شاب نشأ في طاعة الله"، مشددا على ضرورة استثمار هذه المرحلة العمرية، التي هي الأهم في حياة الإنسان، في القرب من الله وخدمة الأوطان وتحقيق نهضتها، ومن ذلك قوله أيضا "اغتنم خمسا قبل خمس.. ومنها "اغتنم شبابك قبل هرمك"، تأكيدا منه ﷺ على أن هذه المرحلة هي الأهم والأكثر سؤالا عنها من الله تعالى يوم القيامة.

وأكدت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين أن الشباب يحملون بداخلهم كما هائلا من الطاقات، وقدرات لا متناهية على الإبداع والبناء الخلاق، وهم حريصون كل الحرص على أن يقدموا لمجتمعاتهم أفضل ما لديهم لكي تنمو وتزدهر، فمن الواجب علينا استغلال كل ذلك لصالح المجتمع، وحث الشباب على التعاون مع بعضهم البعض والاندماج الإيجابي مع محيطهم، حتى يتحقق بهم هذا الهدف السامي، وحتى يكون توجيه طاقتهم في صالح البناء والعمل والتطوير.

وشددت الدكتورة الصعيدي على ضرورة استثمار طاقات الشباب، وتنظيم المزيد من ورش العمل والفعاليات التعليمية والتدريبية التي تهدف لتطوير مهارات الشباب وتعزيز قدراتهم في جميع مناحي الحياة، فضلا عن تشجيع المشاركة الشبابية في القرارات المحلية، لتطوير قدراتهم على اتخاذ القرارات السليمة، بالإضافة إلى تقديم كل الدعم للمبادرات الشبابية التي تظهر من فترة لأخرى، سواء كان دعما ماديا أو معنويا، وبما ينعكس على تطور هذه المبادرات وإسهامها إيجابيا لصالح مجتمعنا، وتوفير المزيد من فرص المشاركات التطوعية، في جميع المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعمل التنموي وغيرها، لغرس مبدأ التكافل ومساعدة الآخر، وغيرها من المبادئ المهمة لإنشاء أجيال صالحة.

واختتمت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين كلمتها بالملتقى بأنه يجب وضع المزيد من مبادرات وبرامج التدريب المهني للخريجين الشباب، حتى يتم تزويدهم بجميع المهارات والتقنيات الحديثة اللازمة للدخول مباشرة في سوق العمل، دون تأخير، وبما يمكنهم من تحقيق التنمية المستدامة لوطننا، بالإضافة إلى غرس القيم والمبادئ الإسلامية السامية في نفوسهم، والتي منها الإيثار والتكافل والشجاعة والإقدام وحب الخير وغيرها من القيم، والتي لها دور مهم في إنشاء أجيال جديدة صالحة وسوية، وقادرة على البناء والعطاء.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مستشار شیخ الأزهر لشؤون الوافدین

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الأزهر: إطلاق «شهداء غزة» على دفعة الوافدين يؤكد أهمية قضية فلسطين

أشاد الدكتور سلامة جمعة داود رئيس جامعة الأزهر، بتوجيهات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بإطلاق اسم «شهداء غزة» على دفعة خريجي جامعة الأزهر من الطلاب الوافدين من مختلف أنحاء العالم؛ وذلك خلال كلمته في احتفالية تخريج الطلاب الوافدين بالأزهر الشريف من 36 دولة، بحضور رئيس مؤسسة السلام في العالمين بإندونيسيا شفر الدين كمبو، والدكتور أكرم حسن، نائبًا عن وزير التربية والتعليم، والدكتور محمد عبد الدايم الجندي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، ولفيف من سفراء الدول المعتمدين لدى مصر وعمداء كليات جامعة الأزهر.

القضية الفلسطينية هي قضية المسلمين جميعًا

أكد رئيس جامعة الأزهر أن هذه الاحتفالية الكبيرة تعكس عالمية رسالة الأزهر الشريف، وتؤكد أن القضية الفلسطينية هي قضية المسلمين جميعًا، لافتًا إلى أن النصر آتٍ لا محالة؛ لأنه وعد المولى -عز وجل- الذي لا يخلف وعده أبدًا. وحمَّل رئيس جامعة الأزهر الخريجين من مختلف أنحاء العالم أمانة نقل تعاليم الإسلام الصحيحة، وأن يكونوا على الدوام رسلَ سلام.

ووجه رئيس جامعة الأزهر الشكر والتقدير لفضيلة الإمام الأكبر لرعايته الوافدين وعنايته بهم، كما وجه الشكر لمركز التطوير بإشراف الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار فضيلة الإمام الأكبر؛ لإقامة هذا الحفل الذي يجمع طلاب دول العالم تحت راية الأزهر الشريف على المحبة والسلام والعلم.

رئيس جامعة الأزهر: الإنسانية لا تزال بخير

أضاف رئيس جامعة الأزهر أن هذا الحضور من السفراء والطلاب من مختلف دول العالم يؤكد أن الإنسانية لا تزال بخير، وأننا يمكن أن نطلق رسالة عبر الأمم المتحدة الأزهرية بأن فلسطين ستظل عربيَّة إسلاميَّة، وأن دفاعنا عنها واجب شرعي.

ووجه رئيس جامعة الأزهر خطابه للخريجين قائلًا: إن تخرجك في الأزهر الشريف يعني أنك صرت سفيرًا لتاريخ يمتد لأكثر من ألف عام، وعلاقتنا بك لم تنته، ولن تنتهي؛ لأنك ستظل الابن الذي فارق أسرته لكنه ظل محتفظًا بذكرياته وبنسبه لهم، مبينًا أن التخرج هو البداية للسعي والعمل وإثبات الذات؛ فليست الحياة هي الحصول على شهادة فقط، وإنما يجب عليك أن تترك أثرًا في هذه الحياة، وهناك تعاليم في الحياة قد لا تتعلمها في الدراسة تعلمها لك الحياة العملية، وسوف تواجه صعوبات فاستعن بالله وتجاوزها، واجعل هدفك إرضاء الله وإعمار الأرض التي اختصنا المولى -عز وجل- بالاستخلاف فيها.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الأزهر: إطلاق «شهداء غزة» على دفعة الوافدين يؤكد أهمية قضية فلسطين
  • رئيس جامعة الأزهر: إطلاق اسم شهداء غزة 2 على دفعة الطلاب الوافدين
  • طالبهم بنشر منهج الأزهر.. "عباس شومان" يهنئ الطلاب الوافدين بتخرجهم
  • وكيل الأزهر في حفل تخرج الوافدين من دفعة «شهداء غزة»: الأزهر حامل لواء تعمير الأرض
  • أمين البحوث الإسلامية: الطلاب الوافدين سفراء الأزهر وامتداد له في كل أرجاءالمعمورة
  • أمين البحوث الإسلامية: الطلاب الوافدين سفراء الأزهر وامتداد له في كل أرجاء المعمورة
  • انطلاق احتفالية تخريج دفعة جديدة من الطلاب الوافدين بالأزهر باسم «شهداء غزة 2»
  • انطلاق احتفالية تخريج الطلاب الوافدين بالأزهر باسم شهداء غزة 2
  • الأزهر يقيم حفلا لتخريج دفعة جديدة من الطلاب الوافدين بمشاركة 36 دولة
  • بمشاركة 36 دولة.. الأزهر يقيم حفلا لتخريج دفعة جديدة من الطلاب الوافدين