د. غادة جابر تكتب: وقف تمويل الأونروا تبرير لمجـ ازر إسرائيل
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
إلى متى سيستمر كذب هذا العالم ، الذى يطلق على نفسه المجتمع الدولي ، أى مجتمع وأي دول يحتوونها ، بعد أن طلبت إسرائيل أن يتم وقف الدعم والتمويل للأونروا ، واتهمت بعض موظفيها بالتورط في هجمات حماس في 7 أكتوبر الماضي.. وكالة الأونروا والتي يعني اسمها " وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة " ، بعد أن أوقفت أمريكا وفرنسا وأستراليا وإيطاليا وكندا وبريطانيا تمويل الوكالة ، والبقية ربما تأتي ، أشعر بالخزي والخجل وقلة الحيلة وخُبث نوايا المجتمع الدولي ، الذى يتحدث عن العدالة والحفاظ على الأرواح البريئة ، ويمنع تمويل الوكالة التي تدعم اللاجئين المحاصرين في قطاع غزة منذ عدة سنوات ، بل وتبدى قلقها إزاء اتهام إسرائيل لها ، إذاً لماذا تُحاسب إسرائيل على قصف مدارس ومستشفيات الأونروا التي يحتمي بداخلها الفلسطينيون هرباً من ويلات الحرب ، بعد تقريباً موافقة المجتمع الدولي علي الاتهامات الموجهة إلي الوكالة من إسرائيل ، أشعر وكأننا (ننفخ في قربة مثقوبة).
منذ أن شنت إسرائيل حربها غير العادلة على قطاع غزة ، وكانت تعمل الأونروا على توفير إحداثيات منشاَتها للأطراف المعنية بشكل يومي ، بهدف تجنبها القصف ، ويكون رد إسرائيل وقتها إنه " قد تسلمنا الإحداثيات ونفعل ما في وسعنا من أجل ذلك " ، يوجد في قطاع غزة 183 مدرسة تديرها منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" ، تقدم الخدمة لأكثر من 300 ألف طالب وطالبة ، طبعاً بعد عدوان الاحتلال قل عدد الطلاب بعد أن أصبح الكثير منهم شهداء، أكثر من 26 ألف شهيد و65 ألف جريح وآلاف المفقودين تحت الأنقاض بعد مرور أكثر من مائة يوم على الحرب ، والآن تعمل إسرائيل على غلق الأونروا تماماً لتبيد ما تبقي من الطلاب ، وقصف بالفعل جيش الاحتلال في بدايات الحرب ، مدرسة الفاخورة التابعة للمنظمة وكان بها نازحون ، وقصف مدرسة أخرى في شمال القطاع بها اَلاف النازحين ، ولم يكتف جيش الاحتلال بذلك بل دمر أكثر من 50 مدرسة بالقطاع وألحق الضرر الجسيم بـ 200 مدرسة أخرى.
ونددت كثيراً المنظمة بأن قطاع غزة معرض لمخاطر جسيمة على المستوى الصحي ، وتفاقمت حدة الأوضاع رغم أن المنظمة تحاول جاهدة تقديم المساعدات للمستشفيات وللنازحين ، وبالطبع كل ما تقدمه المنظمة من مساعدات ، وتصريحات تنادى فيها المجتمع الدولي أن يطبق القانون الإنساني ، لا يعجب إسرائيل ولا تريد وجود هذه المنظمة من الأساس ، على نفس وتيرة مهاجمتها لـ أنطونيو جوتيرش ، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ، عندما وجدته إسرائيل يندد باعتدائها على الفلسطينيين غير الإنساني وغير العادل ، وندد بحدة تفاقم وخطورة الوضع ، طالبت إسرائيل بسقوط جوتيرش وترك منصبه ، وإتهمته بالتواطؤ مع الإرهاب كما تزعم ، وطالبت بإقالته من منصبه ، أصبحت إسرائيل في عهد حكومة نتنياهو وحشا كاسرا ، مُحطما لكل من يتحدث باسم الإنسانية من قريب أو من بعيد .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المجتمع الدولی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
المجتمع الدولي وإدمان الفشل حول السودان
المجتمع الدولي وإدمان الفشل حول السودان
د. الشفيع خضر سعيد
كتبنا من قبل، أنه ولإطفاء نيران الحروب وإخماد بؤر التوتر وبسط السلام في مختلف بقاع العالم، ولأجل حماية حقوق الإنسان وصون كرامته، ولدرء مخاطر الكوارث الطبيعية ونقص الغذاء، ولتمتين التعاون والتنسيق والتكامل بين دول العالم في مجالات التنمية والصحة والتعليم وتطوير العلوم لصالح أمن وسلام وتقدم البشرية، توافقت بلدان العالم على مواثيق دولية وإقليمية يحميها القانون الدولي، وعلى مؤسسات ومنظمات دولية وإقليمية، كمنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، يفترض أن تعمل على تحقيق المبادئ المضمنة في تلك المواثيق.
صحيح أن منظمة الأمم المتحدة تحتاج إلى إصلاحات جوهرية في إطار نظام عالمي جديد يحد من هيمنة القطبية ويحقق التكافؤية بين الدول، صغيرها وكبيرها، وعلى ذات المنوال ربما تحتاج المنظمات الإقليمية، وهذه مناقشة هامة ولكنها ليست موضوع هذا المقال. ونكتب اليوم، ما دامت حرب السودان دخلت عامها الثالث، ولاتزال مشتعلة تحرق وتدمر في البلد، وتهدد بنسف الأمن والإستقرار إقليميا ودوليا، خاصة في ظل ما يدور في محيطنا الجيوسياسي، وما دامت النخب السودانية، المدنية والعسكرية، لاتزال في قبضة الخلافات والتشرذم والعجز عن تقديم رؤية موحدة لوقف الحرب والانتقال إلى مربع السلام والتحول الديمقراطي، فإن المجتمع الدولي والإقليمي، محكوما بتلك المواثيق وبالقانون الدولي، كان لابد أن يواصل تدخله ومساهماته لوقف هذه الحرب اللعينة، والتي ابتدرها مباشرة بعد اندلاع الحرب بانتظام منبر جدة للتفاوض بين طرفي القتال في مايو/إيار 2023، وفي نفس الشهر خصص الاتحاد الأفريقي اجتماعا حول السودان خرج بخارطة طريق من ستة عناصر لوقف الحرب. ثم توالت بعد ذلك تحركات المجتمع الدولي، من إجتماعات ولقاءات هنا وهناك، كما حددت معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، مبعوثين مختصين بالتعامل مع حرب السودان، وعُقد مؤتمر باريس الدولي بعد مرور عام على الحرب، ومؤخرا عُقد مؤتمر لندن الدولي بعد مرور عامين، وكل الخوف أن يعقد مؤتمر دولي آخر في عاصمة أوروبية أخرى، بعد مرور ثلاثة أعوام على الحرب وهي لاتزال مشتعلة!
ومع تأكيدنا على قناعتنا التامة بأن قضية شعب السودان لا يمكن أن تحل من خارجه أو بالإنابة عنه،
افتقار تحرك المجتمع الدولي والإقليمي إلى استراتيجية قوية وشاملة، كان في إمكانها أن تعزز كتلة مدنية موحدة وقوية، مما قد يمنع إجراءات أحادية الجانب من قبل المتحاربين إلا أننا لا يمكن أن نرفض مساهمات المجتمع الدولي والإقليمي، أو نقلل من شأنها، بل نراها حتمية وموضوعية وضرورية. ولكن حتميتها وموضوعيتها وضرورتها هذه لا تستطيع أن تحجب عنا النتائج الضعيفة لهذه المساهمات والتي لم تتخط حاجز عبارات الشجب والإدانة حتى بتنا قاب قوسين أو أدنى من دمغها بإدمان الفشل. انظر إلى اجتماع لندن الدولي الذي عقد في الخامس عشر من هذا الشهر بمشاركة وزراء خارجية وممثلين لكل الدول الكبرى والدول المعنية بحرب السودان بالإضافة إلى الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيقاد، واللجنة الدولية للصليب الأحمر. فالمؤتمر فشل حتى في إصدار بيان ختامي، ولو تكرار لعبارات الشجب والإدانة، وذلك بسبب تضارب الرؤى بين المشاركين حول تفاصيل الأزمة في بلدنا. وأنظر إلى خطاب الاتحاد الأفريقي في المؤتمر والذي تضمن عبارات: لا حسم عسكري وعلى طرفي النزاع التوجه الى المفاوضات، ولن نقف مكتوفي الأيدي، ولا يمكن التسامح مع التداعيات الكارثية للحرب، ولن نسمح بتقسيم السودان، ودعوة كل الأطراف الخارجيه للتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي للسودان، وكلها عبارات تكرر الجهر بها كثيرا منذ أن ضمنت في خارطة الطريق التي تبناها الاتحاد في مايو/إيار 2023. أما وسمنا للمجتمع الدولي والإقليمي بإدمان الفشل في التعاطي مع كارثة الحرب في السودان، فليس تحاملا أو تجنيا عليه في ظل اكتفائه، ولمدة عامين منذ اندلاع الحرب، بالخطب ورسم الخطط على الورق وعدم ترجمة ذلك إلى إجراءات عملية قوية لمنع تدفق الأسلحة والذخائر وأجهزة التجسس المتطورة إلى البلاد، ولحماية المدنيين، ولتكثيف المساعدات الإنسانية درءا للمجاعة والأوبئة.
لا أعتقد أن المجتمع الدولي والإقليمي نضب معين طاقته وتدابيره العملية لوقف الاقتتال في السودان. ولكن هناك كوابح عديدة تمنع تفجير هذه الطاقة وتفعيل هذه التدابير العملية، منها تضارب المصالح الذي يدفع الدول الكبرى، قائدة المجتمع الدولي والإقليمي، لإغماض أعينها عن مصدر تدفق الأسلحة ووقود الحرب إلى السودان، ومنها فقر المنهج الذي ظل يتبعه المجتمع الدولي والإقليمي تجاه قضية الحرب، والذي كان محدودًا وضيقًا ومفرطًا في تجنب المخاطر، وغالبًا ما كان خاضعا لنزوات المتحاربين الذين أيضا لاحظوا فقر المنهج هذا وتحايلوا لاحتوائه، ومنها افتقار تحرك المجتمع الدولي والإقليمي إلى استراتيجية قوية وشاملة، كان في إمكانها أن تعزز كتلة مدنية موحدة وقوية، مما قد يمنع إجراءات أحادية الجانب من قبل المتحاربين تضر بوحدة السودان المستقبلية، وذلك حسب ما نشرناه في مقالنا السابق على لسان أحد الخبراء الدوليين، والذي أشار إلى غياب التنسيق الاستراتيجي بين المنظمة الأممية والمؤسسات الإقليمية، باعتبارها تمثل منصات رئيسية لوساطة شفافة مصممة خصيصًا للسياق السوداني، كما أشار منتقدا غياب المشاركة الفعالة للمدنيين السودانيين في هذه الاستراتيجية، رافضا أن يكون هذا الإشراك عشوائيًا أو غير كامل، بل يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية المجتمع الدولي والإقليمي الشاملة، وركنا أساسيا في أنشطته الأساسية، بما في ذلك تعيين فريق مخصص للتعامل مع السياسيين وقيادات المجتمع المدني.
أخيرا، وبدل أن تحتوي أجندة حراك المجتمع الدولي على عموميات، أو مناشدات وإدانات مكررة بدون أي ردود فعل إيجابية تجاهها، أو مجرد عناوين لما يجب أن يفعل دون توفير تدابير وآليات للشروع العملي في التنفيذ، أن تركز الأجندة على كيفية التنفيذ العملي لثلاث قضايا أساسية: وقف إطلاق النار بدءا بمنع تدفق الأسلحة، تكثيف وتوصيل المساعدات الإنسانية ومنع استغلالها من أي طرف، وحماية المدنيين.
* القدس العربي