قبول محكمة العدل الدولية النظر في الدعوى التي قدمتها دولة جنوبي أفريقيا، ضد "دولة إسرائيل" (الكيان الصهيوني). وجّه صفعة قوية للكيان الصهيوني ولأمريكا والغرب عموماً. لأن محتوى الدعوى يستند إلى قانون الإبادة البشرية. وهي بالطبع أبشع تهمة توجّه إلى دولة، وأسوأ جريمة ترتكبها دولة. فكيف إذا كانت الدولة المعنية "دولة إسرائيل" التي عوملت، منذ تأسيسها، باعتبارها الدولة الوحيدة فوق القانون، مهما انتهكت من قانون دولي، وارتكبت من جرائم القتل الجماعي، وجرائم حرب.
ولهذا، وبالضرورة يكون مجرد تشكيل محكمة العدل الدولية، ولهذا الغرض، (اتهام الكيان الصهيوني، بارتكاب جرائم القتل الجماعي، انتصاراً مهماً للقضية الفلسطينية، وحاضراً للمقاومة والشعب في قطاع غزة.
وقد أدّى فوراً، وقبل أن تعقد المحكمة أولى جلساتها، إلى إعطاء دفع قوي للتظاهرات، والرأي العام العالمي للمضيّ، بعزائم أشدّ، في إدانة الكيان الصهيوني باعتباره مجرم حرب، ومجرم إبادة، ومنتهك للقانون الانساني الدولي.
ولا يقللن أحد من أهمية الرأي العام العالمي راهناً ومستقبلاً.
اقتضت الجلسات الأولى للمحكمة أن تدرس حيثيات دعوى دولة جنوبي أفريقيا، وردّ الكيان الصهيوني عليها، وقد انقسم طلب الدعوى إلى قسمين رئيسيين: الأول إصدار قرار بوقف إطلاق النار، والثاني مراجعة الحيثيات المتعلقة، بمدى مطابقة الدعوى، مع القوانين الخاصة بجرائم القتل الجماعي فيها. وهو ما يتطلب ما يزيد على سنة، وربما أكثر، لاتخاذ قرار الإدانة.
وذلك بالرغم من أن هذه التهمة الموحهة للكيان الصهيوني، لا تحتاج من محكمة العدل الدولية، إلى أي تحقيق، وتقديم بيّنات، لأن ارتكاب الكيان الصهيوني لجرائم الإبادة، طوال مائة يوم، مشهودة أمام العالم كله، كما أمام قضاة المحكمة، وبالصوت والصورة، فضلاً عن تصريحات كبار مسؤولي الحكومة الصهيونية المعلنة، وبلا محاولة نكران، أو نفي، بإظهار النية والتصميم لارتكاب الجريمة، وصولاً إلى مطالبة وزير الآثار الصهيوني بإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة.
ومع ذلك، بالطبع، لا بد للمحكمة كما تقتضي إجراءاتها، في العادة، أن تذهب إلى التحقيق ومناقشة البيّنات، ولمدى، ربما سنوات حتى تصدر قراراتها النهائية.
وبالمناسبة، في هذه القضية، وطوال المائة يوم، أعلنت عشرات الملايين، أو مئات الملايين من المتظاهرين والمتظاهرات في كل بلدان العالم، إدانتهم للكيان الصهيوني باقتراف الجرائم، وبأكثر، مما هو مطلوب من المحكمة أن تصل إليه. وطبعاً مع ذلك، لا بدّ للمحكمة أن تأخذ وقتها، ولا بد لنا من أن ننتظر.
ما ينبغي للموقف الأمريكي أن يحسب بأنه وراء الانحياز الأعمى للكيان الصهيوني فحسب، وإنما هو أيضاً موقف لحساب إدارة بايدن الشريكة في استراتيجية جرائم الإبادة المستمرة في قطاع غزة، ولم تزل. وهي شريكة في اتخاذ القرار في التاسع والعاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2023.من هنا ما كان لأمريكا، بسبب نفوذها وسطوتها العالمية، ومعها عدد من الدول الغربية، إلاّ أن ترفض الإقرار بما رأته عيناها، وشاركت فيه بنفسها، بأن ثمة جرائم حرب وإبادة، ليس هذا فحسب، وإنما، وبلا حاجة إلى معلومات، راحت تمارس مختلف الضغوط (التهديدات والإغراءات) على أعضاء المحكمة لعدم إصدار قرار، حتى بوقف إطلاق النار، ولو من قبيل الاحتراز من استمرار جرائم الإبادة.
وذلك لبدء الضغوط الأشدّ لتسييس قرارها النهائي. ولهذا تجنبت المحكمة إصدار قرار لوقف إطلاق النار، على العكس مما فعلت، وبسرعة البرق (29 يوماً) حين أصدرت قراراً ضد روسيا، ونصّه "يجب على روسيا الاتحادية أن تعلق فوراً العمليات العسكرية التي بدأتها في 24 من فبراير/شباط 2022 على أراضي أوكرانيا". وذلك إلى جانب ما أبدته من شعور "بقلق عميق إزاء استخدام القوة" (الروسية)، وما يثيره من "مشاكل خطيرة جداً بالقانون الدولي". فقد طلبت وقفاً لإطلاق النار فوراً حيث لا تهمة بارتكاب جرائم إبادة. فيما جرائم الإبادة في غزة مستمرة، وقد تنفسّ مرتكبوها الصعداء، لعدم صدور الأمر بوقف اطلاق النار في عدوانهم على غزة.
حقاً ليس من الحكمة، ولا بدّ من إقامة التوازن الصحيج، أن تشنّ حملة شعواء على محكمة العدل الدولية، بسبب عدم الأمر بوقف إطلاق النار. وذلك لأن الأهم جرأة المحكمة، بقبول دعوى الإبادة ضد الكيان الصهيوني، ووضعه في قفص الاتهام من جهة، ومضيّها، من جهة أخرى، بإجراءات المحاكمة، على الرغم من تناقضهما مع عدم صدور القرار الاحترازي بوقف اطلاق النار.
فتلك الجرأة هي الأهم في حساب هذين المتناقضين في موقف المحكمة. الأمر الذي يجب إبراز الأهمية التاريخية والاستراتيجية، لمجرد إدخال الكيان الصهيوني في قفص الاتهام، بأخطر جريمة ترتكبها دولة.
ما ينبغي للموقف الأمريكي أن يحسب بأنه وراء الانحياز الأعمى للكيان الصهيوني فحسب، وإنما هو أيضاً موقف لحساب إدارة بايدن الشريكة في استراتيجية جرائم الإبادة المستمرة في قطاع غزة، ولم تزل. وهي شريكة في اتخاذ القرار في التاسع والعاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2023. أي قرار الرد على السابع من أكتوبر، كما في استخدام الكيان الصهيوني للطائرات الأمريكية، والقذائف الأمريكية في تنفيذ جرائم الإبادة ضد المدنيين مسنين ومسنات، ورجالاً ونساءً وأطفالاً، وبيوت سكن ومنشآت مدنية من مساجد وكنائس ومدارس ومستشفيات.
هذا، وإلى جانب إبقاء التقدير العالي، لجرأة قبول محكمة العدل الدولية، للدعوى المقامة من قِبَل دولة جنوبي أفريقيا ضد "دولة إسرائيل"، فإن باقي محتويات قرارها الذي لم يأمر بوقف إطلاق النار، تضمنت حثاً للكيان الصهيوني بضرورة الالتزام بكل البنود التي تضمنتها الاتفاقية الدولية بمنع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة. الأمر الذي يتضمن موضوعياً، اتجاها مبطنا لاتهام الكيان الصهيوني، بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية التي تنصّ عليها الاتفاقية الدولية.
ولكن الامتحان الحقيقي فهو في صدور القرار النهائي إن كان هناك، بسبب الضغوط، قرار نهائي.
ومن ثم ضرورة الإفادة من محكمة العدل الدولية في المرحلة الراهنة في تعبئة الرأي العام.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العدل الدولية حرب الفلسطينية الرأي احتلال فلسطين رأي حرب العدل الدولية مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة العدل الدولیة بوقف إطلاق النار الکیان الصهیونی للکیان الصهیونی جرائم الإبادة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الكيان الصهيوني: مقتل 793 جنديا إسرائيليا منذ السابع من أكتوبر
نشر الجيش الإسرائيلي بيانات محدثة عن عدد القتلى في صفوفه وتصنيفاتهم، مشيرا إلى مقتل 793 جنديا إسرائيليا بينهم 192 ضابطا منذ السابع من أكتوبر 2023.
الاحتلال يأمر سكان مناطق بالضاحية الجنوبية بإخلاء منازلهم الاحتلال يُصدر تحذيرًا جديدًا إلى سكان الضاحية الجنوبية لبيروتوبحسب روسيا اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي، امس الخميس، أن "عدد الجنود في منظومته القتالية حاليا، يشكل 83% قياسا بالقوات التي يحتاجها"، وطالب الحكومة بتمديد مدة الخدمة الإلزامية بدون علاقة بسن قانون تجنيد الحريديين.
وحسب الجيش الإسرائيلي، فإن النقص في القوى البشرية نابع من "عدد القتلى والمصابين الكبير" في صفوفه منذ بداية الحرب على غزة واتساعها إلى لبنان.
ويتوقع أن تكون نسبة المجندين 81% في العام المقبل، وفي حال تمديد مدة الخدمة الإلزامية إلى ثلاث سنوات، فإن هذه النسبة سترتفع إلى 96%.
وحسب معطيات الجيش، فإن نقصا حاصلا في المنظومة التقنية، حيث نسبة المجندين فيها 74% من المطلوب، و66% في منظومة السائقين، ويتوقع أن تتراجع هذه النسب أكثر في العام المقبل.
وتشير معطيات الجيش إلى أن "نسبة الامتثال في الخدمة العسكرية في قوات الاحتياط، العام الحالي، هي 85%، فيما يستعد الجيش لاستدعاء جنود في الاحتياط بشكل واسع خلال العام المقبل أيضا، وأن جميع جنود كتائب الاحتياط القتالية خدموا 70 – 72 يوما بالمعدل.
وأفادت معطيات الجيش الإسرائيلي بأن "793 جنديا قتلوا منذ بداية الحرب، بينهم 370 جنديا قتلوا منذ بدء المناورة البرية في قطاع غزة و40 جنديا قتلوا منذ بدء المناورة البرية في جنوب لبنان".
وأوضحت المعطيات أنه "قتل خلال الحرب 192 ضابطا، أي ربع العسكريين القتلى، وبينهم 4 ضباط قادة لواء، و5 ضباط قادة كتيبة، و63 قائد سرية و20 نائب قائد سرية، و67 قائد وحدة عسكرية صغيرة".
وأضافت المعطيات أن "48% من الجنود القتلى هم نظاميون، 18% في الخدمة الدائمة و34% جنود في قوات الاحتياط".