???? الحرب في السودان انتهت
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
كان بالسر في المنامة كان بالشرعي في بورسودان .. كان بالمسيار في جدة .. كان بمفاوضات صف ثاني ميدانية قبلية بدون إذن الوسطاء و”الأسياد” .. في اتفاق حا يحصل، ولن يكون له صلة بالمخطط الخارجي الأول والذي قام أصلا على (تفصيل) من نقطتين لا ثالث لهما:
1- شعب أعزل غير مسلح، منقسم على نفسه، خاضع لتضليل اعلامي كثيف و”شيطنة” للصف الوطني الحقيقي و”تلميع” لمجموعات مزيفة.
2- جيش مستضعف سياسيا، ومحروم من اسناد ظهره للداخل، بالفوبيا من “الكوزنة” والفلول.
كان يفترض استمرار هذا الوضع .. مع استخدام اغراءات وألاعيب لتخدير قيادة الجيش بانحياز خارجي وشيك لصالحهم ضد الدعم السريع، مقابل عدم القيام بأي إجراء من شأنه أن يؤدي للخروج من (التفصيل) أعلاه، ومن ثم، يعاودون التفكيك مرة أخرى، بذات الطريقة التي لم تكتمل في أبريل 2023، وهي تصفية القيادات وتنصيب قيادة عميلة واحالة نصف الضباط تقريبا للمعاش وادخال البقية في المليشيا قسرا، بعد تسليمها المواقع الكبيرة.
اللحظة التي اتخذ فيها الجيش القرار بتسليح المقاومة الشعبية .. حتى ولو لم ينجح الأمر في بعض المناطق لصعوبة الامداد .. هي لحظة نهاية المخطط.
نعم .. هي “لحظة” لكن الوصول اليها استغرق شهورا من الممانعة والحلول المؤقتة والناقصة .. بسبب الاغراءات والعشم الكاذب في الخارج.
هل يمكن التراجع عن المقاومة الشعبية المسلحة؟! طبعا لا!
بالعقل كدا .. في مواطن .. تم تهديده بالقتل والسلب ومصادرة حقوقه تحت حكم أجانب مستوطنين وقناصين مرتزقة .. روس وإثيوبيين وجنوبيين .. ويلقى “كاتم صوت” في يده بفكه تاني؟!
هل تاني في مواطن بسمع كلام سياسي مرتشي من الخارج يقول له ما تدافع عن نفسك وقول (لا للحرب!) وسلم العدو مفتاح عربيتك وتكة سروالك لأن مشكلتك مع “الكيزان” ما معاهم؟!
التحدي ليس في إدارة غضب مؤقت وفورة لبن كما قال البعض، التحدي الحقيقي أمام الجيش والحكومة المقبلة، سيكون في تنظيم وتنسيق الإحتياطي الشعبي وفق رغبة المواطنين المسلحين وأسر الشهداء و وفق الجيش وبالذات تشكيلاته الخاصة التي خاضت المعارك من إبريل إلى الآن .. ولن يجرؤ أي شخص على المناورة مع هذه الكتلة الحرجة لصالح طرف خارجي، مهما كان الاغراء.
ومن لا يستطيع التعايش مع هذا الواقع الأفضل له قطعا الابتعاد عنه، وتركه لمن يعرف ما هو الدور الحقيقي للحكومة في الفترة المقبلة.
كل “الجقلبة” حصلت بعد المقاومة الشعبية التي أفرج عنها الجيش وشاهدنا بعدها مسرحا من البهدلة السياسية .. رعاة المليشيا الخارجيين .. زولهم كان طويل ولا قصير، كان مجمع ولا مزهلل، كان حقيقي ولا مضروب، مرقوه وخرمج، “علي كرتي قال لي” .. و “غندور ونسني” .. و”برهان طلع بسفنجة”. واجتماع أديس قايلنوا مناقشة دكتوراة طلع تخريج روضة، وهي روضة تابعة لإصلاحية أحداث، فيها أطفال تم استعادتهم من عصابات تسول، وملقطين من الشوارع، لا تزال عيونهم تستعطف المارة.
الآن، لا يملك أي طرف .. التوقيع عن مواطنين في حقهم الخاص وكسبهم الحلال ومدخرات عمرهم وشرف بناتهم .. ولن يجرؤ أي طرف على فرض المليشيا وخدمها السياسيين على الشعب في معادلة الحكم ليقننوا ويشرعنوا ما حدث.
لذلك الحرب انتهت .. والحل الوطني سيتم فرضه.
بل أتوقع في بعض المناطق قيادات الصف الثاني من “الدعم السريع” ستفاوض دون الرجوع للمستوى الاعلى حتى لا تنتظر المساومة بها.
مكي المغربي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الهاربون خوفاً من الجيش مواطنون أيضاً!
الهاربون خوفاً من الجيش مواطنون أيضاً!
رشا عوض
عندما قرأت كتاب الأستاذ محمد أبو القاسم حاج حمد- رحمه الله- “السودان المأزق التاريخي وآفاق المستقبل” استوقفتني فكرة تخص الكاتب وحاول التدليل عليها باحداث تاريخية، وهي أن السودان بحدوده الموروثة (حدود 1956) ليس مجرد كيان موروث من الاستعمار، بل هو وطن مشدود لبعضه البعض من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب بروابط متينة ومتجذرة في تاريخه وحاضره ولذلك فإن للسودان معنى كامن يجب استكشافه، هذا المعنى الكامن وتلك الروابط حسب الكاتب ستعصم السودان من الانقسام! عندما قرأت هذا الكتاب كان جنوب السودان يتهيأ للانفصال بعد اتفاقية نيفاشا! حينها كنت كالغريق الذي يبحث عن أي قشة للتعلق بها وإن كانت تلك القشة مجرد اعتقاد ميتافيزيقي في وحدة السودان مبني على تأملات وتفسيرات ذاتية لتاريخنا القديم والحديث! ولذلك حاولت بلا جدوى طمأنة نفسي بأن الانفصال ربما لا يتم وربما يكون حاج حمد على حق في اعتقاده! ولكن وقعت الواقعة وانفصل الجنوب!
أثبتت تجربتنا الواقعية أن وحدة السودان ليست ناموساً طبيعياً سيفرض نفسه جبراً مهما كانت أفعالنا الاختيارية تمضي في الاتجاه المعاكس لهذه الوحدة!
وحدة السودان لها استحقاقات تاريخية كبيرة دون الوفاء بها والاستبسال في سبيلها سوف نفقدها! وها نحن الآن امام نذر التشظي وليس فقط الانقسام إلى دولتين كما حدث عام 2011!! اليوم نعيش فعلاً وبشكل مرعب في حالة “تكاثر الزعازع وتناقص الأوتاد” على حد تعبير الدكتور منصور خالد رحمه الله!!
مشهد العربات البائسة المحملة بأثاث متهالك ومواطنين فقراء مرعوبين يفرون باتجاه غرب السودان بعد تقدم الجيش في بحري والخرطوم لا لسبب سوى أنهم ينتمون لقبائل موصوفة في لغة هذه الحرب القذرة بحواضن الد.عم السريع، هذا المشهد هو طعنة في خاصرة الوحدة الوطنية! والمحزن أن لا صوت رسمي أو شعبي يعلو محتجاً على هذا العار الكبير! وهل من عار أكبر من أن يفقد مواطن الأمان لمجرد انتمائه العرقي أو القبلي!
هل من عار أكبر من التنكيل بامرأة لأنها باعت الشاي أو الطعام لجنود الد.عم السريع أو قدمت لهم الماء! والذين يباشرون هذا التنكيل هم عناصر النظام المنحط الذي صنع الجنجويد وقنن قوات الد.عم السريع وقدم لها مناجم الذهب وفتح لها خزائن الدولة!
الأسافير مغمورة بالحديث المكرر عن فرحة “المواطنين” كلما تقدم الجيش! لماذا يتردد هذا الحديث بعفوية وكبداهة رغم أن في مقابل فرحة البعض هناك خوف وهروب جماعي من مواطنين آخرين فما سبب هذا التعميم؟ السبب هو أن مفردة “المواطنين” هكذا معرفة بألف ولام التعريف تعني الأشخاص المنحدرين من قبائل معينة ومناطق معينة ومن طبقة اجتماعية معينة! وهناك تواطؤ جمعي بين الممسكين بالقلم والمايكروفون في هذه البلاد على الاحتكار القبلي والجهوي لمفردة “مواطن” واحتكار ما يترتب عليها من حقوق مادية ومعنوية!
لذلك لا صوت يعلو فوق الزغاريد و”فرحة المواطنين” ولا أحد لديه أدنى استعداد لسماع صوت “مواطنين آخرين” يذبحون ويقتلون في “كنابي” الجزيرة! أو يستغيثون أهلهم لإخراجهم من شرق النيل والكلاكلة والرميلة وغيرها لا لسبب سوى أنهم مسيرية ورزيقات وللمفارقة حتى القبائل غير المصنفة كحواضن اجتماعية للد.عم السريع بل يقاتل أبناؤها في صفوف الجيش كالنوبة والمساليت وغيرهم من قبائل غرب السودان وجنوبه يخشون على أنفسهم من مصير مشابه لأولئك الذين ذبحوا وقتلوا بالجملة في كنابي الجزيرة! وللمفارقة كذلك أن المسيرية والرزيقات لديهم أبناء يقاتلون في صفوف الجيش، ولكن مشروع تقسيم الوطن يتعامى عن هذه الحقائق وتعمل أياديه الخفية والظاهرة على الفرز العرقي والمناطقي ودائماً يدفع الفقراء من كل القبائل الثمن الأعلى! فجميع المواطنين الذين عاشوا طوال فترة الحرب في مناطق سيطرة الد.عم السريع، أجبرهم ضيق ذات اليد على البقاء ولكن المتآمرين على وحدة السودان والحالمين بدولة البحر والنهر الخالية من “الغرابة” وزعوا “تهمة التعاون مع الد.عم السريع” بالتساوي على الفقراء والمساكين من قبائل غرب وجنوب السودان وعلى أساس هذه التهمة أصدروا الأحكام بالذبح والقتل بأبشع الطرق”لإشاعة الرعب ودفع هؤلاء المساكين للفرار غرباً! وللأسف كثيرون منهم عجزوا عن الفرار ولذات السبب: ضيق ذات اليد! وينتظرون مصير مجهول ويرسلون الاستغاثات لأهلهم وذويهم لتدبير مبالغ تساعدهم على الهروب غرباً أو إلى خارج السودان، وللأسف أبواق الحرب والعنصرية تردد أن هذه العربات المتجهة غرباً هي عربات الدعامة المحملة بالمسروقات! ويطالب البعض بقصفها بالطيران! في حين أن الدعامة يعرفون الطرق الآمنة لانسحابهم ويجيدون تسريب مسروقاتهم وحمايتها منذ أن كانوا يهربون أطنان الذهب بالطائرات عبر مطار الخرطوم برفقة زملائهم في القوات المسلحة السودانية حين كان الجيش والد.عم السريع يدا واحدة في قمع ونهب الشعب السوداني وتلك قصة أخرى!
غالبية من تم قصفهم للأسف مواطنون هاربون لا حول لهم ولا قوة! فأين حملات التضامن معهم من منظمات المجتمع المدني؟ أين اللجنة التي شكلها الجيش للتحقيق في مجازر الجزيرة ولماذا لا يتخذ الجيش تدابير وإجراءات استباقية لحماية المواطنين العزل من بطش جنوده وجنود كتائب الكيزان المتحالفة معه ليثبت ولو لمرة واحدة أنه جيش السودان وليس جيش الكيزان؟ لماذا لا يكون جيشاً يجلب الأمان والاطمئنان للجميع على اختلاف إثنياتهم وقبائلهم؟ وما هو رأي أنصار الجيش من غير الكيزان ولا سيما المثقفين الذين زعموا أن سبب تأييدهم للجيش هو الحرص على كيان الدولة وعدم ضياعها فما هي الدولة التي يقصدونها؟ أليس الشعب (كل الشعب) أحد أركان هذه الدولة؟ أم أن هؤلاء المثقفين أنفسهم وبشكل لا شعوري يفرقون بين المواطنين على أسس عرقية وقبلية!
مشهد الراحلين أو بالأحرى الهاربين غرباً ذكرني بمشهد الراحلين جنوبا عام 2011 مع اختلاف الملابسات والسياق، إذ كان رحيل الجنوبيين في إطار اتفاقية سلام وانفصال متفق على ترتيباته ولكن الهاربين غرباً يرحلون إلى المجهول في عز الحرب التي لا يعلم أحد متى تتوقف!
الله يكضب الشينة
الوسومالانفصال الجزيرة الجيش الدعم السريع الرزيقات السودان الكنابي المسيرية النوبة جنوب السودان رشا عوض