القديسة إيلارية تنكرت في زي الرجل من أجل الرهبنة
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
شهد الأقباط خلال الفترة الماضية عدد من النهضات الروحية التي تحرص الكنيسة المصرية على تنظيمها احياءً لذكرى قديسها الذين قدموا الكثير من أجل حفظ التراث المسيحي ونشر مبادئ السيد المسيح ورعاية الكتاب المقدس على مدى الدهر.
ومن بين الاسماء التي اعادت الكنيسة احياء ذكراهم القديس البارة إيلارية الناسكة، والتي رحلت ف تاريخ 21 طوبة حسب التقويم القبطي من عام 513 ميلادية، وهى ابنة الملك زينون، وحفظ كتاب التراث المسيحي والقراءات اليومية المعروف بـ"السنكسار" سيرتها حتى يخلدها ويجعل من سيرته درس وعبرة للأجيال المتعاقبة.
ولدت القديسة إيلارية في أواخر القرن الخامس، وعاشت في ثراء ابيها الملك زينون هي وأخت ثاؤبستة، تلقت تربية مسيحية حقيقية ، وكانت هذه القديسة كثيرة الميل إلى البتولية، وفاض قلبها بحب الرهبنة ، ولم ترد أن تذهب إلى أحد أديرة العذارى القريبة من القسطنطينية وذلك بحسب ماورد في الكتب التاريخية أنها تعلم بعدم قبولها هناك خوفاً من أبيها، وكانت تفكر وتصلى كثيراً من أجل تحقيق هذا الحلم الذي شغف قلبها.
وقررت من فرط حبها للبتوليه أن ترتدي زي الرجال وسافرت في سفينة إلى الإسكندرية، ثم قصدت مدينة الإسقيط حيث يقبع دير القديس مكاريوس الكبير، وتقابلت مع الأنبا بموا وأخبرته عن قصتها، وطلبت منه أن يسمح لها بالإقامة عنده، فقبلها راهباً وأسكنها في مغارة بعيدة عن الدير حيث ظلت بها خمس عشرة عامًا.
استمرت طوال هذه الفترة تتعبد بنسك شديد وكان الأنبا بموا يفتقدها بين حين وآخر، أما هي فلم تأت إلى الدير إلا للتناول من الأسرار المقدسة كما ورد في كتب التاريخ القبطي، واشتهرت حينها كرجل يُدعى" إيلاري " وحين وقعت أختها الصغرى في أزمتها فأرسلها الملك إلى البرية ليصلى لها الآباء الرهبان ببرية شيهيت، وحين وصلت إلى الدير صلَّى لها الرهبان أياماً كثيرة فلم تبرأ، وأخيراً سلَّموها للراهب إيلاري ليصلى لها، فأخذها وظل يصلى حتى بُرئت.
ثم أحضرها إلى الشيوخ فأرسلوها إلى الملك سالمة، ففرح بقدومها، وسألها كيف بُرئت وكيف كان حالها في شيهيت، فقالت له أن القديس الذي أبرأها بصلاته كان يظهر لها محبته فتعجب الملك من أمر الراهب وأرسل إلى شيوخ البرية قائلاً أرسلوا لي القديس إيلاري ليبارك المملكة، فأرسلوه
يروىى التراث المسيحي أنه حين وصل اجتمع به الملك والملكة وسألاه، كيف تعامل مع ابنتهم خلال ازمتها فقال لهم الراهب أحضرا لي الإنجيل وتعهَّدا عليه أنكما لا تعيقاني عن العودة إلى البرية إذا قلت لكما الحقيقة فلما تعهَّدا له بذلك قال: " أنا ابنتكما إيلارية ".
كان لاخبار الملك بهذا الامر فرحًا شديدًا بل عم الفرح على الملكة وجميع من بالقصر الملكي وظلت القديسة حينها في القصر شهراً من الزمان، ثم أرادت العودة إلى شيهيت، فلم يُرد والداها أن يطلقاها إلا بعد أن ذكَّرَتهما بالتعهد فكتب الملك إلى والي مصر يأمره بأن يقدم للدير كمية كبيرة من القمح والزيت وكل احتياجات الرهبان سنوياً، واهتم الملك بعمارة البرية وأنشأ بدير القديس مكاريوس حصناً عظيماً لا يزال قائماً إلى الآن، وبعد رجوع إيلارية إلى البرية، عاشت اثنتي عشرة سنة مداومة على النسك والعبادة ثم فاضت روحها ورحلت الى الامجاد السماوية ولاتزال قصتها ملهمه لكثير من الاقباط.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الكنيسة المصرية الرهبنة
إقرأ أيضاً:
الطيران هو السقوط
بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)ــ الطيران سقوط عندما يكون الطيران هروبًا من المسؤولية وهروبًا من الحقيقة ومن الحساب وقت الحساب. الطيران سقوط عندما يتوج بالكذب والسرقة والقتل.
هرب كثير من القتلة والسفاحين واللصوص من ذوي الياقات البيضاء ربما أكثر من هروب المجرمين العاديين الذين قد يحارون في العثور على مكان للهروب، وربما عاد بعضهم إلى الشرطة فسلم نفسه واعترف على نفسه ليدفع ثمن ما اقترفه من الذنب الصغير أو العظيم. فذوي الياقات البيضاء لديهم سلطات وتحت أيديهم كافة المنافذ والطرق والطائرات وحولهم أتباعهم المخلصون الذين اختاروا لحياتهم طريق الشركاء في الخبث طواعية وعن طيب خاطر.
فما هم بمستضعفين من يأنسون الى المال الوفير والمعيشة الهنية مقابل أن يغضوا الطرف عما يجرى أمامهم من الجرائم والخبائث، وإنما هم أناس عرفوا الحق واختاروا نصرة أولياءهم فوق كل شيء. المستضعفون أبرياء وملامحهم وظروفهم عنوان واضح على البراءة. والشركاء واضحو المعالم والسلوك، وهم لا يستحون أيضا أحيانا، بحيث لا يحتاج المرء إلى بذل جهد للتعرف عليهم وتميزهم. فلم يكد يمضي على هروب بشار الأسد بضع ساعات حتى خرج علينا من يهجمون على قنوات اليوتيوب من الصحفيين ليدافعوا عن الرجل الذي دمر بلده هو وأسرته وتركها فقيرة نهيبة خربة وهرب على متن طائرة لينجو بنفسه وبأهله والأموال شعبه الى بلد أجنبي طالبا اللجوء السياسي.
ولم يستح المدافعون من القول بأن “الرجل لم يسقط وإنما قالوا أنه طار عزيزًا كريمًا” كما يطير الحمام واليمام آمنًا مطمئنًّا خالي البال. لم يستحوا من الدفاع عن رجل قتل شعبه بالسلاح الكيماوي هو وأبوه وإخوته واستباح البلاد وتاريخها وشعبها وجرده من الكثير وهو يشاهد الصراعات تمزق البلاد وتهلك خيرها كل يوم، ثم فر هاربًا تعيسًا خائفًا ليحتمي بظل رجل آخر في بلد آخر تحت مسمى اللجوء السياسي. لم يستحوا من الدفاع عن رجل ربما قتل مئات الآلاف من أبناء شعبه ولم يخجل من طلب اللجوء السياسي في بلد آخر خوفًا على حياته من شرور أبناء شعبه. لم يستحوا من الدفاع عن رجل يفضل الحياة غريبًا في بلد غريب بوجه غادره الحياء والاحساس والانسانية منذ عشرات السنين على مواجهة الحساب في وطنه وعلى مواجهة شعبه الذي سقاه وأطعمه وأغرقه في النعيم هو وأسرته داخل وخارج البلاد منذ عشرات السنين وربما لعشرات السنين القادمة بما حازوا ويحوزون من أموال طائلة. طار الرجل المجرم في حق شعبه تاركا شعبه يحرق قبر أبيه وببول عليه أمام الكاميرات -من فرط غضبه ومعاناته، ومن فرط ذهوله وسعادته بالخلاص من الأسرة الطاغية- فأي طيران هذا الذى يتحدثون عنه وأية رجولة هذه؟؟ ان الطيران علو وارتفاع، ولكن هذا الهروب هو السقوط والاضمحلال في عيون كل الشرفاء في بلد الرجل الهارب من العدالة وفى عيون الشرفاء حول العالم .
Tags: الهروبالياقات البيضاء