هادي التونسي يكتب: هاني شنودة والشغف بالموسيقي والثقافة
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
قنبلة من الحيوية، كوكتيل من التلقائية و خفة الدم، سرعة بديهة تتخلص من المواقف المحرجة بذكاء ثاقب بلا صدام، شعلة من الحماس تنير رؤية نافذة للمستقبل، ثقافة واسعة تستند علي تعليم جيد و تربية منفتحة مع تقاليد أصيلة في أسرة مولعة بالفن، شغف بالموسيقي فرض علي الطالب النابه ان يصر علي ربط دراسته و مستقبله بها متحدياّ الآراء المحافظة لأقارب، أرادوا أن يملوا عليه توجهاتهم، فجعلهم بذكاء يقرون له بما أراده.
هكذا رأيته، و انا انسي الزمن متتبعا حواراته و اندهاش و فرحة محاوريه من نجوم الاعلام و جمهوره وسط حيويته الغلابة، و هو قرب نهاية العقد الثامن من عمره محافظا علي قامته و هيئته.
في أربعينات القرن الماضي و بالتحديد في مدينة طنطا لوالد صيدلي متفتح و والدة تهوي العزف الموسيقي، و احسنت رعاية ابنها، نشأ الموسيقار هاني شنودة كطالب نابه، يحركه ولع بدراسة و عزف الموسيقي، فحتي من قبل دراسته في كلية التربية الموسيقية كان قد جمع فرقة للهواة، تعزف في مقاهي البلدة، و هي الدراسة التي فرض اختياره له بلباقة رغم معارضة الأقارب.
في القاهرة بدأ في الانضمام لفرق شباب، تهوي الموسيقي الغربية، حتي انضم كعازف أورغون الي أشهرها و اكثرها تأثيرا في الطبقات المتنفذة و المؤثرة منذ أواخر الستينات.
لفت اداءه أنظار المطرب الرائد عبد الحليم حافظ في السبعينات، فظل يستهويه و يستقطبه، حتي ابتاع له احد اعقد الأجهزة الموسيقية، التي تعزف وحدها كمجموعة وترية مع الاورغون، و لإعجابه بعزفه طلب منه تكوين فرقة صغيرة، تعزف مع غنائه بآلات غربية حديثة، و ذلك ضمن سعي حليم لإدماج التوجهات الموسيقية الجماهيرية في فنه، مثلما فعل مع الموسيقي الشعبية المصرية لتكون أغاني حليم جامعة لمختلف الميول.
وهكذا بدأ فن هاني شنودة بتوجهاته للإيقاعات الغربية و توزيعاته و الحانه يجتذب اعجاب المؤلفين و المغنيين الأشهر في السبعينات والثمانينات، و هو يختار منهم من يناسب موهبة و أداء توجهاته الفنية، و بالفعل فان من خلال مسيرته الفنية استطاع تقديم مواهب فنية و غنائية اصبحوا فيما بعد نجوما ملأوا الساحة الفنية، الا ان طموح هاني شنودة و موهبته و رؤيته الرائدة تعدت هذا الاطار ليبدأ لأول مرة ظاهرة موسيقية جديدة و جريئة بتكوين فرقة أداء جماعي لأغاني اجتماعية و ليست مجرد عاطفية، و حيث نبتت الفكرة من خلال اقتراح للأديب العالمي نجيب محفوظ، في لقاء جمعهما، المزج بين الكلمات و التجارب المصرية و الموسيقي الغربية بآلاتها و الحان من ابداعه.
الفرقة هي فرقة المصريين التي أدت بإيقاعات غربية راقصة كلمات لمؤلفين شباب متميزين، يكتبون بكلمات جادة حكيمة عن حياة و علاقات و مشاكل الشباب المصريين، و كانت الفرقة جديدة بمدلولها ان اسمها المصريين جاء اعتزازا بالهوية و تعبيرا أصيلا عن علاقات و عادات المصريين الاجتماعية، انما بالات و ايقاعات راقصة عصرية، و كعادته استطاع بعين الخبير و استاذيته الراعية الصبورة اختيار عناصر متميزة و متوافقة لعضوية الفرقة، فمثلت تجربة رائدة أصيلة مجددة معا، مازالت اصداءها تتردد حتي الآن، و تطرح كفكرة بديلا مستقبلياّ لتردي كلمات و أداء بعض الأغاني الشعبية الراقصة حاليا، بل سارت علي نهجها عدة فرق شبابية مماثلة معاصرة و امتد تأثير فنها لعشرات السنين.
ولم يخترق فن الحان و توزيع هاني شنودة الأغاني الشبابية المصرية فحسب، بل لحن اغنية شعبية، وصل رواجها الي ان يلفت انظار فرقة اسبانية شهيرة عالمية، فسرقت لحنها لاحدي اغانيها حتي قاضاها و ربح. كما لحن لأشهر مطربي الأغاني العاطفية بعض اشهر اغانيهم، فضلا عن اتجاهه للموسيقي التصويرية لأفلام مصرية تمثل علامات سينمائية.
الموسيقار هاني شنودة في ظني ليس مجرد ملحن و موزع و لاعب موسيقي موهوب و رائد و مجدد و محاور تلقائي لبق لماح ظريف، اذ يدهشك قدرته كمثقف متعمق حساس و جرئ قدرته علي اجتذاب صداقات رواد الغناء و الشعر و الادب و الفلسفة علي اختلاف مجالاتهم و توجهاتهم و شخصياتهم، فجمعت هذه الصداقات مشاهير بوزن حليم و صلاح چاهين و نجيب محفوظ ضمن غيرهم، فلا تعرف كيف يمكن له ان يكون محاورا ندا و صديقا حميما دون ان يتخلى عن تلقائيته و جرأته و ثقته بنفسه و احترامه للجميع و للاختلاف في الرأي، فتدرك ان وراء تلك الظاهرة الفنية و الانسان الحساس تربية قويمة و تعليم جيد و شخصية عميقة و ثقافة شاملة، صنعت رؤية و إصرارا و مسيرة و شعبية و ابقته شابا في الثمانين، شق طريقه، تميز و استمر، جدد و تآلف، صعد للقمة و ظل علي فطرته، كان نفسه و تفاني، و فرض رؤيته في سلام و محبة و احتواء ، فأثري حياة من عرفوه و فنون بلد احترمت تميزه و رؤيته و ريادته.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: هانی شنودة
إقرأ أيضاً:
هاني شاكر يكشف عن التحضيرات النهائية لحفله في أوبرا دبي «فيديو»
كشف الفنان هاني شاكر، عبر حسابه الرسمي بموقع تداول الصور والفيديوهات «إنستجرام» عن التحضيرات النهائية لحفله في أوبرا دبي خلال الساعات القليلة الماضية، والذي من المفترض أن يقام غدا الخميس الموافق 26 ديسمبر، وذلك ضمن حفلات رأس السنة.
وشارك هاني شاكر، عبر حسابه على «إنستجرام»، التحضيرات النهائية لحفله في أوبرا دبي، معلقا عليه قائلا: «في أجواء مليئة بالإبداع والتألق من بروفات أمير الطرب العربي هاني شاكر، استعدادًا لحفله الكبير على مسرح دبي أوبرا يوم 26 ديسمبر».
View this post on InstagramA post shared by Moments Events (@moments.events)
ومن المفترض، أن يشعل هاني شاكر الحفل بباقة من أفضل أعماله الغنائية التي طرحها مؤخرا، ونالت إعجاب قطاع كبير من الجمهور العربي.
آخر أعمال هاني شاكروالجدير بالذكر، أن آخر أعمال الفنان هاني شاكر، أغنية «يا ويل حالي»، التي طرحها الفترة الماضية، عبر قناته على موقع الفيديوهات «يوتيوب»، ومختلف منصات الموسيقى الرقمية.
أغنية «يا ويل حالي» لـ هاني شاكر، من كلمات راميا بدور و ألحان هيثم زياد، وتوزيع وتسجيل بودي نعوم وإنتاج محمد علام كيوب ميوزك والتوزيع الرقمي بجميع أنحاء العالم VASBOX وإخراج مازن نيازي.
وتضمنت كلمات أغنية «ياويل حالي» الآتي: «يا ويل حالي جيتني واليوم عيد، عقب البطا يا مرحبا يا أغلى الوجيه، يا ويل حالي جيتني واليوم عيد، عقب البطا يا مرحبا يا أغلى الوجيه، العيد بعد أعياد ربي شوفتك، مد الوصال في العيد للي يحتريه، فنانه عيونك ليا لديتها، صوبي وقلبي لك من أشواقي نبيه، وإذا لمحت أحدٍ يلد لك النظر، أقول وش ذا يبغي منّك لعن أبيه».
اقرأ أيضاًفي هذا الموعد.. هاني شاكر يحيي حفلا غنائيا بالإمارات
هاني شاكر يجري بروفاته الأخيرة استعدادا لحفله بمهرجان الموسيقى العربية
نفاد تذاكر حفل «العندليب» لـ هاني شاكر في الكويت قبل 10 أيام من إحيائها