قنبلة من الحيوية، كوكتيل من التلقائية و خفة الدم، سرعة بديهة تتخلص من المواقف المحرجة بذكاء ثاقب بلا صدام، شعلة من الحماس تنير رؤية نافذة للمستقبل، ثقافة واسعة تستند علي تعليم جيد و تربية منفتحة مع تقاليد أصيلة في أسرة مولعة بالفن، شغف بالموسيقي فرض علي الطالب النابه ان يصر علي ربط دراسته و مستقبله بها متحدياّ الآراء المحافظة لأقارب، أرادوا أن يملوا عليه توجهاتهم، فجعلهم بذكاء يقرون له بما أراده.

،  حس مرهف بالآخر  يوظفه بلباقة لافتة و ثقافة واسعة و ذكاء لامع يكسب به ندية و توافق مع قامات فكرية و أدبية و فنية، ناهيك عن جمهور ينبهر فكرا، و يندمج روحا مع ذلك المجدد خفيف الظل سلس التعبير لفظيا و حركياّ. عقلية تحليلية تربط أمورا حسابية و لغوية و موسيقية و إنسانية تبدو متباعدة، فتصنع رؤية شاملة مبدعة متوافقة، تظهر في انتاجه، فيصبح مجددا و رائدا، حينما يعمل في دراسته الموسيقية الخيال و الابداع بجرأة واثقة لافتة و شعور نفاذ بالاستحقاق، أوصله ليصير ظاهرة فنية علي مدي نصف قرن من الزمان.

هكذا رأيته، و انا انسي الزمن متتبعا حواراته و اندهاش و فرحة محاوريه من نجوم الاعلام و جمهوره وسط حيويته الغلابة، و هو قرب نهاية العقد الثامن من عمره محافظا علي قامته و هيئته.

في أربعينات القرن الماضي و بالتحديد في مدينة طنطا لوالد صيدلي متفتح و والدة تهوي العزف الموسيقي، و احسنت رعاية ابنها، نشأ الموسيقار هاني شنودة كطالب نابه، يحركه ولع بدراسة و عزف الموسيقي، فحتي من قبل دراسته في كلية التربية الموسيقية كان قد جمع فرقة للهواة، تعزف في مقاهي البلدة، و هي الدراسة التي فرض اختياره له بلباقة رغم معارضة الأقارب.

في القاهرة بدأ في الانضمام لفرق شباب، تهوي الموسيقي الغربية، حتي انضم كعازف أورغون الي أشهرها و اكثرها تأثيرا في الطبقات المتنفذة و المؤثرة منذ أواخر الستينات.

لفت اداءه أنظار المطرب الرائد عبد الحليم حافظ في السبعينات، فظل يستهويه و يستقطبه، حتي ابتاع له احد اعقد الأجهزة الموسيقية، التي تعزف وحدها كمجموعة وترية مع الاورغون، و لإعجابه بعزفه طلب منه تكوين فرقة صغيرة، تعزف مع غنائه بآلات غربية حديثة، و ذلك ضمن سعي حليم لإدماج التوجهات الموسيقية الجماهيرية في فنه، مثلما فعل مع الموسيقي الشعبية المصرية لتكون أغاني حليم جامعة لمختلف الميول.

وهكذا بدأ فن هاني شنودة بتوجهاته للإيقاعات الغربية و توزيعاته و الحانه يجتذب اعجاب المؤلفين و المغنيين الأشهر في السبعينات والثمانينات، و هو يختار منهم من يناسب موهبة و أداء توجهاته الفنية، و بالفعل فان من خلال مسيرته الفنية استطاع تقديم مواهب فنية و غنائية اصبحوا فيما بعد نجوما ملأوا الساحة الفنية، الا ان طموح هاني شنودة و موهبته و رؤيته الرائدة تعدت هذا الاطار ليبدأ لأول مرة ظاهرة موسيقية جديدة و جريئة بتكوين فرقة أداء جماعي لأغاني اجتماعية و ليست مجرد عاطفية، و حيث نبتت الفكرة من خلال اقتراح للأديب العالمي نجيب محفوظ، في لقاء جمعهما، المزج بين الكلمات و التجارب المصرية و الموسيقي الغربية بآلاتها و الحان من ابداعه.

الفرقة هي فرقة المصريين التي أدت بإيقاعات غربية راقصة كلمات لمؤلفين شباب متميزين، يكتبون بكلمات جادة حكيمة عن حياة و علاقات و مشاكل الشباب المصريين، و كانت الفرقة جديدة بمدلولها ان اسمها المصريين جاء اعتزازا بالهوية و تعبيرا أصيلا عن علاقات و عادات المصريين الاجتماعية، انما بالات و ايقاعات راقصة عصرية، و كعادته استطاع بعين الخبير و استاذيته الراعية الصبورة اختيار عناصر متميزة و متوافقة لعضوية الفرقة، فمثلت تجربة رائدة أصيلة مجددة معا، مازالت اصداءها تتردد حتي الآن، و تطرح كفكرة  بديلا مستقبلياّ لتردي كلمات و أداء بعض الأغاني الشعبية الراقصة حاليا، بل سارت علي نهجها عدة فرق شبابية مماثلة معاصرة و امتد تأثير فنها لعشرات السنين. 

ولم يخترق فن الحان و توزيع هاني شنودة الأغاني الشبابية المصرية فحسب، بل لحن اغنية شعبية، وصل رواجها الي ان يلفت انظار فرقة اسبانية شهيرة عالمية، فسرقت لحنها لاحدي اغانيها حتي قاضاها و ربح. كما لحن لأشهر مطربي الأغاني العاطفية بعض اشهر اغانيهم، فضلا عن اتجاهه للموسيقي التصويرية لأفلام مصرية تمثل علامات سينمائية.

الموسيقار هاني شنودة في ظني ليس مجرد ملحن و موزع و لاعب موسيقي موهوب و رائد و مجدد و محاور تلقائي لبق لماح ظريف، اذ يدهشك قدرته كمثقف متعمق حساس و جرئ قدرته علي اجتذاب صداقات رواد الغناء و الشعر و الادب و الفلسفة علي اختلاف مجالاتهم و توجهاتهم و شخصياتهم، فجمعت هذه الصداقات مشاهير بوزن حليم و صلاح چاهين و نجيب محفوظ ضمن غيرهم، فلا تعرف كيف يمكن له ان يكون محاورا ندا و صديقا حميما دون ان يتخلى عن تلقائيته و جرأته و ثقته بنفسه و احترامه للجميع و للاختلاف في الرأي، فتدرك ان وراء تلك الظاهرة الفنية و الانسان الحساس تربية قويمة و تعليم جيد و شخصية عميقة و ثقافة شاملة، صنعت رؤية و إصرارا و مسيرة و شعبية و ابقته شابا في الثمانين، شق طريقه، تميز و استمر، جدد و تآلف، صعد للقمة و ظل علي فطرته، كان نفسه و تفاني، و فرض رؤيته في سلام و محبة و احتواء ، فأثري حياة من عرفوه و فنون بلد احترمت تميزه و رؤيته و ريادته.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: هانی شنودة

إقرأ أيضاً:

حسام حسني يطرح أغنية جديدة بعنوان "البنات الحلوه "

طرح الفنان حسام حسني، أغنية جديدة بعنوان "البنات الحلوة"، عبر العديد من منصات السوشيال ميديا المختلفة.

وتعاون حسام حسني في أغنية البنات الحلوة مع الشاعر إكرام عيد، والأغنية من ألحان وتوزيع حسام حسني وترمبيت محمد سواح وإعداد صوت نبيل باهي ومكساج محمد جودة.

شاهد الأغنية من هنا 


وجاءت كلمات الأغنية:

البنات الحلوة كتير

بس أنت أجملهم

ماشين هناك رايحين جايين

مالي أنا وملهم

البنات الحلوة كتير

بس أنت أجملهم

بنات كتير قمرات وأسمر دول بالذات

شاغلين لي بالي سعات أبعد بعيد عنهم

محطات في حياة حسام حسني

بدأت موهبة حسام حسني، الموسيقية في الظهور منذ الصغر من خلال الأنشطة المدرسية، حيث كان يغني ويلحن ويعزف، مما جعله يلتحق بكلية التربية الموسيقية بالقاهرة سنة 1986 ليصقل موهبته الموسيقية بالدراسة حتى حصل على بكالوريوس التربية الموسيقية سنة 1991.
قام بالتلحين و التوزيع الموسيقي للعديد من نجوم الغناء في العالم العربي، ومنهم : "هاني شاكر وعمرو دياب ومصطفى قمر ومحمد محيي وسيمون.
اشترك كممثل في بعض الأعمال مثل "أيس كريم في جليم"، ومسرحية "فيما يبدو سرقوا عبده"، كما حققت أغنيته "لولاش" نجاحًا ساحقًا وقت صدورها.

مقالات مشابهة

  • أنا زي الناس.. أول تعليق من أحمد إبراهيم على ارتباطه بشيرين
  • حفلات غنائية وموسيقية فى المهرجان الصيفى علي مسارح الأوبرا في القاهرة والإسكندرية ودمنهور
  • في عيد ميلاده.. هاني سلامة يحصد المزيد من النجاحات بمسيرته الفنية المتميزة
  • أمسية غنائية موسيقية على مسرح القباني بدمشق
  • أغاني الطرب والتراث الأصيل ضمن حفل فني لفرقة ملتقى أورنينا للثقافة والفنون
  • القنصلية المصرية بميلانو تنظم بطولة كأس القنصلية بمشاركة 12 فرقة
  • حسام حسني يطرح أغنية جديدة بعنوان "البنات الحلوه "
  • جامعة حلوان تعلن إطلاق الموسم الثانى من مسابقة "مصر الابتكارية للشخصيات الكرتونية" بمجمع الفنون والثقافة
  • أصالة مع الفرقة الموسيقية لحفل "ليلة وردة".. صور
  • في ذكرى وفاته| أمين الهنيدي.. اشتهر بالخروج عن النص وأحد العرافين تنبأ له بنهاية مأساوية