رويترز: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا وتسحب كبار ضباطها
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
قالت 5 مصادر مطلعة لوكالة رويترز، إن الحرس الثوري الإيراني "قلّص نشر كبار ضباطه في سوريا، بسبب سلسلة من الضربات الإسرائيلية"، موضحة أنه "سيعتمد أكثر على فصائل شيعية متحالفة مع طهران للحفاظ على نفوذه هناك".
ويتعرض الحرس الثوري لواحدة من أكثر الفترات صعوبة في سوريا منذ وصوله قبل عقد من الزمن لمساعدة رئيس النظام، بشار الأسد، في الحرب الأهلية.
وقالت 3 من المصادر لرويترز، إنه بينما يطالب أغلب المحافظين في طهران بـ"الثأر"، فإن قرار إيران سحب كبار الضباط "مدفوع جزئيا بحرصها على ألا تنجر إلى صراع يحتدم في أنحاء الشرق الأوسط".
وبينما قالت المصادر إن إيران "ليست لديها نية للانسحاب من سوريا"، وهي جزء أساسي من دائرة نفوذ طهران، فإن إعادة التفكير تسلط الضوء على كيف تتكشف العواقب الإقليمية للحرب التي أشعلها هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
وسعت إيران، الداعمة لحماس، إلى البقاء خارج الصراع نفسه، حتى في الوقت الذي تدعم فيه الجماعات التي دخلت المعركة من لبنان واليمن والعراق وسوريا.
وقال أحد المصادر، وهو مسؤول أمني إقليمي كبير أطلعته طهران على إفادة، إن "كبار القادة الإيرانيين غادروا سوريا، مع عشرات من الضباط متوسطي الرتب"، ووصف ذلك بأنه "تقليص للوجود".
ولم يذكر المصدر عدد الإيرانيين الذين غادروا، ولم تتمكن رويترز من تحديد ذلك بشكل مستقل.
ولم تتمكن رويترز من الوصول إلى الحرس الثوري للتعليق، ولم ترد وزارة الإعلام التابعة للنظام السوري على الأسئلة التي أرسلتها الوكالة عبر البريد الإلكتروني بشأن هذه القصة.
وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2011. وبينما كان من بين هؤلاء أعضاء من الحرس الثوري، الذين يعملون رسميا كمستشارين، فإن الجزء الأكبر منهم كانوا من رجال الميليشيات الشيعية من جميع أنحاء المنطقة.
وقالت 3 من المصادر، إن الحرس الثوري "سيدير العمليات السورية عن بعد، بمساعدة حليفه حزب الله". وأشارت رويترزإىل أنها حاولت الحصول على تعليق من الجماعة اللبنانية التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، دون أن تتمكن من ذلك.
وقال مصدر آخر، وهو مسؤول إقليمي مقرب من إيران، إن أولئك الذين ما زالوا في سوريا "تركوا مكاتبهم وابتعدوا عن الأنظار"، مضيفا: "الإيرانيون لن يتخلوا عن سوريا، لكنهم قلصوا وجودهم وتحركاتهم إلى أقصى حد".
وقالت المصادر إن التغييرات حتى الآن لم يكن لها تأثير على العمليات. وأضاف أحد المصادر، وهو إيراني، أن تقليص حجم القوات "سيساعد طهران على تجنب الانجرار إلى الحرب بين إسرائيل وغزة".
ومنذ اندلاع حرب غزة، كثفت إسرائيل الضربات الجوية التي كانت مستمرة منذ سنوات، بهدف تقليص الوجود الإيراني في سوريا، حيث هاجمت كلا من الحرس الثوري وحزب الله - الذي كان بدوره يتبادل إطلاق النار مع إسرائيل عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ 8 أكتوبر.
ونادرا ما تعلق إسرائيل على هجماتها في سوريا، ولم تعلن مسؤوليتها عن الهجمات الأخيرة هناك. وردا على أسئلة رويترز، قال الجيش الإسرائيلي إنه لا يعلق على تقارير وسائل الإعلام الأجنبية.
"خرق استخباراتي"وفي أحد الهجمات في سوريا، وتحديدا الذي وقع في 20 يناير، قُتل 5 من أفراد الحرس الثوري، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، بما في ذلك جنرال كان يدير الاستخبارات لفيلق القدس، المسؤول عن عمليات الحرس الثوري في الخارج. ودمرت الغارة مبنى في دمشق بالكامل.
وفي حادث آخر، في 25 ديسمبر خارج دمشق، قتل أحد كبار مستشاري الحرس الثوري المسؤول عن التنسيق بين سوريا وإيران. وتقدم المرشد الإيراني، علي خامنئي، صفوف المصلين في جنازته.
وتحدثت رويترز إلى 6 مصادر مطلعة على الوجود الإيراني في سوريا لهذه القصة. ورفضوا الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الموضوع.
وقالت 3 من المصادر، إن الحرس الثوري أعرب عن مخاوفه للنظام السوري، من أن "تسرب المعلومات من داخل قوات الأمن السورية لعب دورا في الضربات القاتلة الأخيرة".
وقال مصدر آخر مطلع على العمليات الإيرانية في سوريا، إن الضربات الإسرائيلية الدقيقة دفعت الحرس الثوري إلى "نقل مواقع العمليات ومساكن الضباط، وسط مخاوف من حدوث خرق استخباراتي".
وجاءت القوات الإيرانية إلى سوريا بناء على دعوة من الأسد، وساعدته على هزيمة مقاتلي المعارضة، الذين سيطروا على مساحات واسعة من البلاد في الصراع الذي بدأ عام 2011.
وبعد سنوات من استعادة الأسد وحلفائه معظم أنحاء سوريا، لا تزال الجماعات المدعومة من إيران تعمل في مناطق واسعة. وعزز وجودهم منطقة نفوذ إيرانية تمتد عبر العراق وسوريا ولبنان إلى البحر المتوسط.
وقالت 3 من المصادر، إن الحرس الثوري "يجند مرة أخرى مقاتلين شيعة من أفغانستان وباكستان للانتشار في سوريا، في تكرار لمراحل سابقة من الحرب عندما لعبت الفصائل الشيعية دورا في تحويل دفة الصراع".
وقال المسؤول الإقليمي المقرب من إيران، إن الحرس الثوري "يعتمد بشكل أكبر على الفصائل الشيعية السورية".
وقال المحلل في مجموعة أوراسيا الاستشارية للمخاطر السياسية، غريغوري برو، إن "الفشل في حماية القادة الإيرانيين، قوّض بشكل واضح موقف إيران"، لكن من غير المرجح أن تنهي طهران التزامها تجاه سوريا بالحفاظ على دورها في دمشق.
كما دعمت روسيا الأسد، ونشرت قواتها الجوية في سوريا عام 2015، وأي إضعاف لدور إيران هناك يمكن أن يصب في صالحها. وقال برو: "موسكو وطهران تعملان معا بشكل أوثق، لكن علاقتهما قد تتوتر إذا تنافستا بشكل علني في سوريا".
وقالت روسيا هذا الشهر، إنها تتوقع أن يوقع الرئيس فلاديمير بوتين، ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، على معاهدة جديدة قريبا، وسط تعزيز العلاقات السياسية والتجارية والعسكرية بين البلدين.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وقالت 3 من المصادر إن الحرس الثوری فی سوریا
إقرأ أيضاً:
ما هي استراتيجية إيران للخروج من المأزق في 2025؟
يلخص الخبير في الشؤون الإيرانية آراش عزيزي المعضلة التي تواجهها طهران بالقول، إن "إيران وجدت نفسها في وضع صعب، وتدرك أن ما من وسيلة للخروج من أزمتها إلا بالتغيير".
التوصل إلى اتفاق مع الدول الغربية ليس التحدي الوحيد
وكتب شابنام فون هاين في موقع تلفزيون دويتشه فيله الألماني، أن قيادة الجمهورية الإسلامية تحتاج إلى تغيير سياساتها والتوصل إلى اتفاق مع الدول الغربية من أجل التغلب على العزلة الدولية والانهيار الاقتصادي، بحسب عزيزي المؤرخ والمحاضر في جامعة كليمسون بالولايات المتحدة.
وصرح لموقع دويتشه فيله، بأن نظام رجال الدين"قلق في شأن احتمال عودة عقوبات الضغط الأقصى مع إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب".
With Trump returning to the White House, what could 2025 mean for Iran and its strained ties with the West?
Arash Azizi unpacks the challenges and opportunities ahead for Tehran#Opinion | @arash_tehran https://t.co/xnaf5Bdnq7
وسيعود ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير، وقد تؤدي سياسته حيال إيران إلى زيادة الضغط على الحكام في طهران. لقد مر حكام طهران بعام حافل بالأحداث حتى الآن، ولم يتبق سوى بضعة أشهر حتى يتمكنوا من تحديد بداية عام جديد: العام الجديد هو بداية موسم الربيع في إيران.
ودفع الوضع السياسي الكثير من الإيرانيين إلى التساؤل عما إذا كان قادتهم، سيواجهون شتاءً قاسياً بشكل خاص هذه المرة.
وتميزت الأشهر التسعة الأخيرة بسلسلة من الأحداث الدراماتيكية في إيران.
في الربيع، قُتل الرئيس إبراهيم رئيسي، المتشدد والمرشح المحتمل السابق لخلافة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، في حادث تحطم مروحية.
وأدت وفاته المفاجئة إلى انتخابات مبكرة، فاز فيها على نحوٍ مفاجئ مسعود بزشكيان، الذي يعتبر سياسياً معتدلاً.
وفي الصيف، اهتزت باستهداف زعيم حماس إسماعيل هنية. وأدت وفاته إلى شطب شخصية رئيسية من "محور المقاومة" ضد إسرائيل والقوى الغربية. وأعقب ذلك مقتل زعيم حزب الله حسن نصرالله، ومن ثم سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، مما أسفر عن انهيار المحور.
As an already-battered Tehran prepares for a second Trump term, reform may be its only way out - https://t.co/18MWu5EovU Arash Azizi @arash_tehran via @TheNationalNews
— The National Comment (@NationalComment) December 26, 2024
وقال عزيزي :"في رأيي، أن من المحتمل جداً أن تحاول الجمهورية الإسلامية خفض التوترات مع الغرب". ولفت إلى مقال كتبه مؤخراً نائب الرئيس الإيراني وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف في مجلة "فورين أفيرز" ليدعم رأيه.
في المقال الذي نشر قبل انهيار نظام الأسد بعنوان "كيف ترى إيران الطريق إلى السلام"، أكد ظريف على رغبة طهران في التفاوض مع الغرب، بمن فيه الولايات المتحدة.
ويرى عزيزي أنه بالنسبة لإسرائيل، يجادل ظريف بأن إيران ستقبل أي اتفاق يقبل به الفلسطينيون أنفسهم. وهذه نقطة مهمة.
وعندما سئل عما إذا كانت القيادة الإيرانية ستعيد النظر في عدائها لإسرائيل، أجاب أنه من المهم الآن أن نرى "كيف سيتصرف الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حيال نقطة الضعف الحالية للجمهورية الإسلامية.
والنكسات التي تعرضت لها إيران مع حلفائها في الأشهر الأخيرة، أعادت النقاش في البلاد حول الردع العسكري، بما في ذلك دعوات من البعض لتطوير أسلحة نووية.
وفي أوائل ديسمبر، أعلن النائب الإيراني عن مدينة طهران أحمد نادري، أنه حان الوقت لإجراء تجربة نووية.
وتعبيراً عن القلق من تصعيد للتوترات، أجرت ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة محادثات مع إيران نهاية نوفمبر، حول الحد من برنامجها النووي.
وتعليقاً على ذلك، قال المحلل السياسي كورنيليوس أديبهار الذي يتخذ برلين مقراً له: "لقد تحدثوا عن كيفية إجراء محادثات.. ومن الضروري إجراء محادثات قبل أن يتولى ترامب مهامه. وعندما يدخل ترامب إلى البيت الأبيض، من الممكن أن يشعر بالضغط بطريقة أو بأخرى. هناك أصوات تطالبه بسلوك طريق التشدد".
وأضاف أن وجود خطة، أو على الأقل خطوط عريضة لخطة، من شأنه مساعدة الأوروبيين.
إن التوصل إلى اتفاق مع الدول الغربية ليس التحدي الوحيد الذي يواجه الحكومة الحالية في طهران.
وحتى الان، لا توجد حلول لمروحة واسعة من المشاكل الداخلية التي تواجه البلاد، خصوصاً النزاع الجاري بين الإسلاميين المتشددين حول قانون صارم يفرض الحجاب على النساء.
وصادق مجلس الشوري على القانون في سبتمبر(أيلول) 2023، ويتضمن عقوبات قاسية على النساء والفتيات اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب، ويمكن أن يتعرضوا لغرامات كبيرة، والحرمان من التوظيف، وحظر السفر، وفي بعض الحالات القصوى مواجهة عقوبة بالسجن.
وحتى مستشار خامنئي، علي لاريجاني، انتقد القانون قائلاً: "لسنا في حاجة إلى مثل هذا القانون، وفي أقصى الحالات نحتاج إلى اقناع ثقافي".
كما انتقد بزشكيان القانون، وأكد في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، أن حكومته ليست مستعدة لتنفيذه، مؤكداً الحاجة إلى "السلام في المجتمع".
ويبدو أن الرئيس ومستشاريه يدركون بأن استفزاز المجتمع بقانون كهذا، سيشعل احتجاجات واسعة، في لحظة ضعف قد تكون ذات أبعاد خطيرة على الجمهورية الإسلامية.