إعداد: حسين عمارة تابِع | سيرييل كابو إعلان اقرأ المزيد

رؤية التفاح التشيلي أو الحبوب البرازيلية أو اللحم البقري الكندي... يغمر السوق الأوروبية على حسابهم، تعد أحد المخاوف التي أثارها المزارعون الفرنسيون الذين يواصلون التظاهر على الطرق السريعة في فرنسا الخميس الفاتح من فبراير/كانون الثاني الجاري. ففي نظرهم: تمثل اتفاقيات التجارة الحرة والشراكات التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع أجزاء مختلفة من العالم تفتح الطريق أمام نوع من المنافسة غير العادلة.

 لقد وقع الاتحاد الأوروبي بالفعل العديد من اتفاقيات التجارة الحرة في السنوات الأخيرة، وهدفها كلها هو تسهيل حركة السلع والخدمات.

توضح إلفير فابري، كبيرة الباحثين في معهد جاك ديلور والمسؤولة عن الجغرافيا السياسية التجارية، بالقول: "تهدف هذه الاتفاقيات إلى تقليل الرسوم الجمركية، مع حصص قصوى لبعض المنتجات الزراعية، وحواجز غير جمركية". "هذه الاتفاقيات لديها أيضا نطاق تنظيمي واسع بشكل متزايد لتعزيز معايير إطار الاستثمار الأوروبي، وحماية الملكية الفكرية، والمؤشرات الجغرافية، ومعايير التنمية المستدامة".

"دول السوق المشتركة الجنوبية"

وهكذا فإن بعض الدول لديها اتفاقية تجارة حرة كاملة مع الاتحاد الأوروبي لأنها جزء من المنطقة الاقتصادية الأوروبية. وهي حالة دول مثل النرويج وليشتنشتاين وأيسلندا. وهو ما يتيح لها التمتع بحرية حركة السلع والخدمات ورأس المال والأفراد.

 

اقرأ أيضاأزمة المزارعين في فرنسا: المحتجون على استعداد لإطالة أمد تحركاتهم و"حصار باريس"

 

فيما أبرمت دول أخرى المزيد من اتفاقيات ذات هيكلية متغيرة مع الاتحاد الأوروبي. من بينها، كندا – اتفاقية سيتا التي دخلت حيز التنفيذ جزئيا في عام 2017 - واليابان والمكسيك وفيتنام وحتى أوكرانيا. وفي الآونة الأخيرة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، فتحت بروكسل الباب أمام نيوزيلندا باتفاق يجب أن يدخل حيز التنفيذ اعتبارا من العام 2024، وأيضا مع كينيا. كما تجري مفاوضات مع الهند وأستراليا حاليا.

لكن الذي يبلور التوترات الرئيسية هو مشروع الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي ودول السوق المشتركة الجنوبية. وهو المشروع الذي بدأت مناقشته لإبرام شراكة تجارية منذ عام 1990 مع الأرجنتين والبرازيل وأوروغواي وباراغواي لإنشاء أكبر منطقة تجارة حرة على هذا الكوكب، وهي سوق تضم 780 مليون شخص.

فالبعد الخاص بالمنتجات الغذائية لأحدث نسخة من نص هذه الاتفاقية، الذي تم تحريره في عام 2019، يمثل مصدر قلق خاص للمزارعين الفرنسيين. فهذا النص الأخير يحدد حصصا لدول السوق المشتركة الجنوبية للتصدير كل عام، مع رسوم جمركية ضئيلة أو منعدمة، 99 ألف طن من لحم البقر، 100 ألف طن من الدواجن و180 ألف طن من السكر. في المقابل، سيتم تخفيض الرسوم الجمركية لتصدير العديد من المنتجات من الاتحاد الأوروبي مع تسمية المنشأ المحمية.

وتندد النقابات بأنه في الوقت الذي تدفع فيه بروكسل المزارعين إلى تسريع التحول البيئي، فإن هذه الاتفاقيات ستفتح الباب أمام واردات ضخمة، بأسعار أكثر تنافسية، من المنتجات التي لا تلبي نفس المعايير البيئية والاجتماعية لمثيلتها الأوروبية. إن ذلك نوع من "المنافسة غير العادلة" كما يقولون، مشيرين بشكل خاص إلى ظروف تربية الحيوانات التي تمارس في أمريكا الجنوبية، مع استخدام الأعلاف المعدلة وراثيا أو استخدام المضادات الحيوية المحفزة للنمو.

وهكذا صعدت النقابات بجميع تياراتها بعد أن أكدت المفوضية الأوروبية، الأربعاء 24 يناير/كانون الثاني، "أن اختتام المفاوضات مع دول السوق المشتركة الجنوبية" مقرر "قبل نهاية هذه الولاية". وهو ما يعني قبل الانتخابات الأوروبية المقبلة في يونيو/حزيران 2024.

على الفور، دعت نقابة الأغلبية في اتحاد المزارعين إلى "رفض واضح لاتفاقيات التجارة الحرة". من جانبه، يدعو اتحاد المزارعين إلى "الإنهاء الفوري للمفاوضات" لهذا النوع من الاتفاقات.

حصيلة متناقضة

تقول إلفير فابري من معهد ديلور: "في الواقع، يختلف تأثير اتفاقيات التجارة الحرة هذه باختلاف القطاعات". "تهدف المفاوضات التمهيدية للاتفاقيات إلى معايرة فتح التجارة للحد من التأثير السلبي على القطاعات الأكثر تعرضا للمخاطر. وبالتوازي مع ذلك، قد تكون هذه القطاعات الأخيرة رابحة في اتفاقيات أخرى. نهايةً، يتعلق الأمر بإيجاد نقطة توازن إجمالية".

اقرأ أيضاخمسة أرقام مفتاحية لفهم معاناة المزارعين الفرنسيين وأوضاعهم المالية الصعبة

 

هذا التفاوت يبدو بصورة صارخة في القطاع الزراعي. "قطاع النبيذ والمشروبات الروحية أو قطاع الألبان سيكون له مكاسب أكثر من المزارعين، على سبيل المثال"، تتابع الخبيرة الاقتصادية. وفقا لتقرير صادر عن الجمعية الوطنية في عام 2023، فإن قطاع النبيذ والمشروبات الروحية، وكذلك قطاع الألبان، هما في الواقع "المستفيدان الرئيسان من اتفاقيات التجارة الحرة".

إن وجود اتفاقيات تجارية تجعل من الممكن القضاء على الفروق في الرسوم الجمركية هو ’عامل مفرط التحديد‘ للقدرة التنافسية للنبيذ الفرنسي"، وفقا لتقديرات السلطات الفرنسية في تقرير عام 2021. غالبية اتفاقيات التجارة الحرة تقلل أو تلغي الرسوم الجمركية لتصدير العديد من المنتجات المحمية المنشأ والخاضعة للرقابة، وهي فئة تنتمي إليها العديد من أنواع النبيذ.

من جهة أخرى، بالنسبة للحوم تكون التأثيرات التي تتعرض لها أقل تحديدًا ووضوحا. إذا كان التوازن بين الواردات والصادرات يبدو لصالح الاتحاد الأوروبي فيما يخص لحوم الخنزير، فإن صادرات الدواجن، في الوقت نفسه، تتناقص تحت تأثير هذه الاتفاقيات. ومن هنا تأتي المخاوف، على سبيل المثال، بشأن المعاهدة المخطط إبرامها مع نيوزيلندا، والتي تنص على استيراد 36 ألف طن من لحوم الأغنام، أي ما يعادل 45 بالمئة من الإنتاج الفرنسي في عام 2022. أما بالنسبة لإنتاج الحبوب، فإن فرنسا لا تزال تتمتع بفائض كبير، باستثناء الصويا.

"ورقة ضغط ومساومة"

إلى جانب التأثيرات على الزراعة، "يجب أن يأخذ هذا النقاش حول اتفاقيات التجارة الحرة في الاعتبار قضايا أخرى"، كما يصر إلفير فابري على القول. نحن في سياق "يتطلع فيه الاتحاد الأوروبي إلى تأمين إمداداته وبخاصة من المعادن الاستراتيجية. ويجب ألا نهمل موارد البرازيل الطبيعية من الليثيوم والكوبالت والغرافيت... إلخ".

وبالتالي، ينبغي أن يتيح الاتفاق مع تشيلي تصدير المعادن الاستراتيجية مقابل المنتجات الزراعية. من جانبها، تعتبر ألمانيا مدافعا قويا عن الاتفاقية مع دول السوق المشتركة الجنوبية، حيث ترى أنها منفذ لقطاعاتها الصناعية، كما يوضح المتخصص.

"في جميع اتفاقيات التجارة الحرة تقريبا، تعتبر الزراعة دائما ورقة مساومة مقابل بيع السيارات أو طائرات إيرباص"، هذا ما يأسف له فيرمونيك مارشيسو، الأمين العام لاتحاد المزارعين لوكالة الأنباء الفرنسية.

الاتفاق مع نيوزيلندا، على سبيل المثال، سوف "يزعزع استقرار سوق لحوم الضأن في فرنسا"، كما يأسف ميشيل بودوان، رئيس الاتحاد الوطني للأغنام في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية. "نحن لسنا ضد التبادلات، ونحن نعلم أن ألمانيا يجب عليها تصدير سياراتها، أن فرنسا يجب أن تبيع القمح، ويقال لنا إننا بحاجة إلى حليف في المحيط الهادئ ضد الصين وروسيا. ولكن ينبغي أن يكون ذلك مقابل تقديم يد المساعدة لنا، لننتج لحوم ضأن على مستوىً راقٍ" حسب إلفير فابري.

وأخيرا؛ "فهناك رهان لا شك فيه على النفوذ". "تظل هذه الاتفاقيات أيضا وسيلة للاتحاد الأوروبي لتعزيز معاييره البيئية لقيادة شركائه على طريق التحول البيئي"، كما تأمل هذه الخبيرة، "حتى لو كان ذاك محل تفاوض". حجة شاركها أيضا وزير الزراعة، مارك فينو: "في معظم الحالات، كانت الاتفاقيات مفيدة، بما في ذلك للزراعة الفرنسية "، كما قال على منصة "إكس"، قبل أن يضيف: "وستكون أكثر فائدة إذا فرضنا المعايير الخاصة بنا".

نحو تعليق المفاوضات مع دول السوق المشتركة الجنوبية؟

في مواجهة غضب المزارعين، فقد أرادت الحكومة الفرنسية باستمرار نشر الطمأنينة بينهم على الرغم من إحياء المفاوضات من خلال اجتماع بين إيمانويل ماكرون والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في ديسمبر/كانون الأول الماضي. فيما أكد رئيس الوزراء غابرييل أتال في 26 يناير/كانون الثاني أن "فرنسا تعارض بوضوح توقيع المعاهدة مع دول السوق المشتركة الجنوبية".

ومساء الاثنين، أكد قصر الإليزيه أن المفاوضات قد توقفت في بروكسل بسبب معارضة فرنسا. واعترف إريك مامر، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، بأن الشروط "لم تنعقد" لاختتام المفاوضات. لكن المباحثات ستستمر".

وقبل اعتمادها رسميا، يجب التصويت على الاتفاقية بالإجماع في البرلمان، ثم التصديق عليها بشكل فردي من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة.

النص الفرنسي: سيرييل كابو | النص العربي: حسين عمارة

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: كأس الأمم الأفريقية 2024 الحرب بين حماس وإسرائيل أزمة المزارعين ريبورتاج احتجاجات مزارعون فرنسا السياسة الفرنسية إيمانويل ماكرون الاتحاد الأوروبي منظمة التجارة العالمية للمزيد كرة القدم كأس الأمم الأفريقية 2024 منتخب المغرب منتخب جنوب أفريقيا الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا اتفاقیات التجارة الحرة الاتحاد الأوروبی الرسوم الجمرکیة هذه الاتفاقیات العدید من ألف طن من فی فرنسا فی عام

إقرأ أيضاً:

إشهار جمعيات تعاونية جديدة لتطوير القطاع الزراعي بالوادي الجديد

شهدت مديرية الزراعة في محافظة الوادي الجديد هذا الأسبوع عدة إنجازات هامة في إطار تعزيز القطاع الزراعي وتحقيق التنمية المستدامة، وشملت إطلاق جمعيات تعاونية جديدة، تنظيم منتديات زراعية متخصصة، وتنفيذ حملات توعية ميدانية للمزارعين.

إشهار جمعيات تعاونية جديدة

أعلن الدكتور مجد المرسي، وكيل وزارة الزراعة بالوادي الجديد، عن إشهار أربع جمعيات تعاونية زراعية جديدة في مركزي بلاط والفرافرة، وذلك ضمن الجهود الرامية لتحسين الخدمات الزراعية وتيسير صرف الأسمدة عبر منظومة "كارت الفلاح".

 والجمعيات التي تم إشهارها هي:

جمعية زخيرة – مركز بلاط

جمعية أبومنقار – مركز الفرافرة

جمعية اللواء صبيح – مركز الفرافرة

جمعية النهضة – مركز الفرافرة

وزير الزراعة: خطط طموحة لمضاعفة الصادرات الزراعية المصرية

كما أوضح "المرسي" أنه تم تسليم الأجهزة الإلكترونية والماكينات اللازمة لكل جمعية لبدء تسجيل المزارعين وضمان وصول مستلزمات الإنتاج بشكل سهل استعدادًا للموسم الصيفي المقبل.

منتدى "توطين زراعة النباتات الطبية والعطرية العضوية"

في إطار دعم الزراعة المستدامة، نظمت جامعة هليوبوليس بالتعاون مع الجمعية المصرية للزراعة الحيوية منتدى متخصص بعنوان "توطين زراعة النباتات الطبية والعطرية العضوية في الوادي الجديد"، و شهد المنتدى حضور عدد من المسؤولين، مثل:

السيد علاء فاروق – وزير الزراعة واستصلاح الأراضي

الدكتور هاني سويلم – وزير الري

اللواء د. محمد الزملوط – محافظ الوادي الجديد

الدكتور مجد المرسي – وكيل وزارة الزراعة بالوادي الجديد

تم خلال المنتدى مناقشة الفرص الاستثمارية في مجال النباتات الطبية والعطرية وأهمية التحول إلى الزراعة العضوية لمواجهة تحديات تغير المناخ وزيادة دخل المزارعين من خلال سندات الكربون، كما تم تكريم المزارعين المتميزين في الزراعة العضوية وتوزيع إيرادات سندات الكربون عليهم دعمًا لممارسات الزراعة المستدامة.

حملة توعية من بنك مصر للمعاملات الإسلامية

استقبلت مديرية الزراعة وفدًا من بنك مصر للمعاملات الإسلامية، حيث عقد اجتماع موسع مع الموظفين لعرض المنتجات البنكية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، مثل المرابحات والشهادات والودائع، بالإضافة إلى كارت كنانة الإسلامي. شهد الاجتماع تفاعلًا كبيرًا وتم فتح باب المناقشة للإجابة على استفسارات الموظفين في إطار نشر الوعي حول المعاملات البنكية الإسلامية.

نشاط مكثف لوزير الزراعة على هامش معرض برلين الدولى للفاكهة والخضروات

المرور على الحقول الإرشادية للقمح

في إطار متابعة المحاصيل الاستراتيجية، قامت فرق الإرشاد الزراعي بزيارات ميدانية للحقول الإرشادية في قرى "صنعاء" و"بولاق" بمركز الخارجة، و أكدت الدكتورة حنان طيب عبدالله، رئيس الفريق العلمي للقمح ومسؤول الحملة القومية بالمحافظة، أن حالة المحصول جيدة وخالية من الإصابات الزراعية، مشيرة إلى أهمية الالتزام بالتسميد والري لتحقيق إنتاجية مرتفعة في موسم الحصاد.

ختام الحصاد الأسبوعي

تعكس هذه الفعاليات جهود مديرية الزراعة المستمرة في دعم المزارعين وتطبيق التقنيات الزراعية الحديثة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الإنتاج الزراعي بالمحافظة، وذلك في إطار رؤية الدولة المصرية 2030 لتحقيق الأمن الغذائي.

مقالات مشابهة

  • تنمية القطاع الزراعي في المنوفية.. تراخيص جديدة ومتابعة المحاصيل البستانية
  • 300 مليار دولار حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والدول العربية في 2023
  • 300 مليار يورو حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والعالم العربي
  • احتجاجات المزارعين البولنديين ضد رئيسة المفوضية الأوروبية
  • تموين السوق بمختلف السلع تحسبا لرمضان
  • إشهار جمعيات تعاونية جديدة لتطوير القطاع الزراعي بالوادي الجديد
  • اختتام الجولة الثانية من مفاوضات التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون و إندونيسيا
  • البورصة المصرية تبحث تعزيز سيولة السوق بالتعاون مع الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية
  • البورصة المصرية تبحث تعزيز سيولة السوق بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار
  • هذه أبرز محاور المخطط السنوي الهادف إلى ضبط السوق الوطنية لسنة 2025