#نهاية #رجل #متعجرف
فايز شبيكات الدعجه
لا ادري كيف يُحَول القدر الحكيم الحليم في لحظه من اللحظات الى رجل حائر تائه، خائر الاعصاب يستجدي النصيحة حتى من بسيط وعابر طريق، ويفقد السيطرة على تفكيره عندما يتعرض لموقف شخصي طاريء ، فلا يعرف شماله من يمينه، ولا الفرق – والعياذ بالله- بين انفه واذنيه وقد كان قبل لحظات لمّاحا يلتقط ابرة الصواب من كومة الازمات على الفور، ويرى دائما ببصره الثاقب وحنكته ماذا وراء الاكمه.
احيل صاحبنا هذا الى التقاعد بمرتبة عليا ليضعوة في موقع آخر شاهق المكانه وبالغ الاهمية نظرا لبراعته القيادية، لكن لا يمت لاختصاصة وموقعه الاول بصلة، ورغم ذلك ابدع وقاد المؤسسة المتوعكة بنجاح واراساها في بر الامان .
مؤسسه كبرى ذات علاقة يومية بشؤون الناس وتعقيدات حياتهم اليومية، وما ينشأ عنها من مصادمات معقدة، وخلاف متكرر ربما يكون في كثير من الاحيان ذو طابع دموي حاد.
لكن وبكل اسف كان (ذاك)متعجرفا مصابا بالغرور والتعالي، لا يلتفت لقادح ولا الى مادح، وحريصا بذات الوقت على مصالح الناس وحل مشاكلهم، وكان يحظى باحترام مرجعياته العليا وثقتهم ويقدمون لمؤسستة ما يطلب، وما يحتاجه لخدمة الناس.
حين ابلغوه بالامر العائلي الجلل كان عائدا لمكتبه وقد انتهى للتو من حل عقدة أمر شائك اشتد خلاله الجدل وعلا صوت النقاش، وكان القول فيه ما قاله الباشا وقد حسم المسألة كعادته على خير وامن وسلام.وهو على غاية من الهدوء والرزانه لفتت انظار القوم.
وكان أول ملخص للأمر الجلل الذي أربك المهيب، تلقيه نبأ تورط ابنه في حكاية لسوف تتشعب ووتشعب ابعادها الجنائية والقبلية لتضع كيان الاسرة على شفير انهيار نهائي مريع.
وناهيك عن تعرقه وارتجافه فلقد تسارعت عنده نبضات القلب، ودق قفصه الصدري بعنف، ودخل في ظلام نفسي حالك ، وشعر برغبه ملحة بالنوم في السيارة الفارهة ما استرعى انتباه الخادم والسائق، وخشيا من سؤالة حينها ما الامر.
أما الملخص الثاني فلقد توسل لخادمه والسائق ان ينصحاه، وألحّ عليهما بأن يساعداه ويقولان له ماذا يفعل.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
حين ينتصر الولاء ينهزم الضمير
__ لم أصادف إنسانا حتى اللحظة وأنا على يقين بأن ضميره هو الغالب
بقلم : هادي جلو مرعي ..
عبر مسيرة البشرية التي يصفها الله باللهو واللعب يتجسد هذا اللهو وذاك اللعب بالحروب والدمار والموت والتهجير والسجون والزنازين والتعذيب والإيمان الكامل بأن الحق معي وعلى الجميع أن يعتقدوا بذلك وأن لايعترضوا، ويتجسد ذلك أيضا بالدكتاتوريات المقيتة التي تنافس الدكتاتوريات الدينية القائمة على هيكل عظيم من سذاجة الفقراء والإنتهازيين والمنتفعين والتجار الذين لديهم القدرة على المتاجرة بكل أصناف المعرفة الزائفة والثقافات وبيع الكلام وألعاب الكذب والتدليس على المغفلين وبناء إمبراطوريات تحصل على شرعيتها بالخديعة والخرافة، بينما يسيطر الدكتاتور على الحكم المطلق، وربما تحالف الدكتاتور السياسي بالدكتاتور الديني، ويتقاسمان النفوذ. فلهذا القصر، ولذاك المسجد، ولهذا الحكم، ولهذا الشارع على أن يقوم الديني بتدجين المجموعات البشرية تحت شعار إطاعة الحاكم سواء كان برا، أو فاجرا، وعدم الخروج عليه. حين ينشغل الناس بالولاء للحاكم الدكتاتور، وللمقدس المصطنع يغيب الضمير، وعندما يتعود الناس على عبادة الدكتاتور لايعودون يرون شيئا من عيوبه، بل يتمسكون به خاصة المنتفعين منه، والذين إرتبطت مصالحهم وحياتهم بوجوده، وإذا ماكان الحاكم من نفس الطائفة، وإنتفعت منه فإنه يتحول الى قديس حتى لو قتل ودمر، وحول كل شيء الى خراب، فيمكن تسويقه بوصفه مرسلا من السماء، بينما يقوم إئمة المساجد بدورهم على أكمل وجه بالدعاء له بالحفظ، وفي حين يكون هذا الدكتاتور منبوذا من فئات من شعبه قمعها وعذبها فإنه يكون محبوبا من فئات أخرى تشاركه عقيدته، أو قوميته ومذهبه، وتحصل منه على حياة أفضل، وبينما يتمنى الناس الخلاص من دكتاتور في بلد فإن مواطني بلد آخر لايرون منه غير مايدفعهم لحبه، وهم يقارنون بين دكتاتور وآخر.فهذا الدكتاتور الذي يعذب شعبه محبوب لدى شعب آخر، والشعب الآخر يحب ذلك الدكتاتور ويفضله. فالدكتاتور هنا يعذب شعبه، ويبعث إشارات الحب لشعب الدكتاتور المقابل، وكلاهما قبيح، لكن الدكتاتور هنا وهناك يصنعان الدمار في بلديهما ويصدران الحب للشعب المقابل، وكل على طريقته. عندما يحضر الولاء الطائفي يغيب الضمير، ويغلق الناس عيونهم عن النظر الى الجرائم والتجاوزات التي تقترف من جلاوزة وعصابات الدكتاتور ولعل البلاد العربية كانت محطة مهمة لنفاق تاريخي عند الشعوب التي تنام بإرتياح طالما أنها لم تمس، وطالما أن من يعذب لايضرب بسوطه على ظهورها، ويتوجه الى الظهور التي يعرف ويحدد مسبقا بغرض الترهيب والخضوع الكامل وعدم المساس بسلطة الدكتاتور، ولهذا دفعنا ثمنا غاليا حين إنغمسنا بتجاهل عذابات غيرنا وتبرير جرائم الحكام والرضا بهم طالما أنهم يعذبون ويستعبدون المخالفين لنا ونرى المخالفين على أنهم كفار خارجين عن الدين والملة ولاحرمة لهم ولاكرامة، ونتغاضى عن كل جريمة وفعل عنيف، أو إجراء قانوني، أو سلوك وحشي ضدهم فالدكتاتور منا ونحن منه ومخالفوه مخالفونا والويل والثبور لهم وعلى هذا مضت الدكتاتوريات فنحن هنا ندعو الله أن يخلصنا من الدكتاتور بينما نتمنى النصر لدكتاتور في بلد آخر والبقاء والدوام له لأسباب منقطعة عن الضمير... هادي جلومرعي