عربي21:
2024-10-03@06:19:00 GMT

من استيلاء التتار على بغداد إلى قصف غزة

تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT

هل صحيح أننا نحن العرب اشتهرنا بأننا لا نعتبر وقديما قال الإمام علي كرم الله وجهه "ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار!"

هذا السؤال أجاب عليه المفكر الأمريكي المسلم من أصول هندية فريد زكريا بكتاب دسم عنوانه (الإستثناء العربي) صدر قبل ما يسمى الربيع العربي عام 2007 وأصبح الكتاب محور الندوات في مراكز البحث والجامعات على مدى سنوات.



وللإيجاز ألخصه في فكرة عامة تناولها الكاتب بالتحليل العميق وهي أنه بينما يسير العالم كله نحو المزيد من الحريات والحقوق وتوظيف الدولة من أجل إسعاد البشر ونشر الخير وتوزيع ثروات البلاد بالعدل يسير العالم العربي في الإتجاه المعاكس، أي تتصلب في أغلب شعوبه الدكتاتوريات وتستبد الدولة خارج القانون بحريات الناس و تصادر حقوقهم؟

وفي نفس الموضوع أصدر المفكر الأمريكي من أصول يابانية (فرنسيس فوكوياما) في نفس العام 2007 كتابه المثير للجدل بعنوان (نهاية التاريخ) أعلن فيه قبل الأوان انضمام كل أمم العالم إلى المعسكر الليبرالي وحرية السوق وعولمة الأفكار والثقافات، وطبعا أشار في كتابه إلى أن المسلمين تخلفوا عن هذا الركب!

ويعلم القراء الكرام أننا كعرب ومسلمين نمر بمرحلة من أدق وأخطر مراحل وجودنا عام 2024 لأن الأمم تتداعى كما قال الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم منذ 15 قرنا في حجة الوداع على قصعتنا لتنهش ما تبقى من لحمنا.. وكما نعلم من كتب السيرة سأله الصحابة "هل من قلة نحن يا رسول الله؟" فأجاب صلى الله عليه وسلم: "بل نحن كثر وإنما غثاء كغثاء السيل"!

هذه نبوءة من نبي كريم استشرف مصير أمته فنبه العقول ولكن لا جواب. وكما كتب ناصر السيد النور فإن الديمقراطية بشكلها الغربي توصلت إلى أزمة تواجهها في مسارها التكراري وقصورها في الاستجابة لتطلعات الطبقات الدنيا التي لا توصلها العلميات الديمقراطية (أي الانتخابات) سوى إلى حملات ممولة ولوبيات لها أجندتها وهيمنة الأغلبية في القرار كما حذر منها (توكفيل) في كتابه (الديمقراطية الأمريكية). فمن موجة الدمقرطة Democratization التي اجتاحت العالم في نهايات القرن الماضي إلى أزمة الديمقراطية الأخلاقية لدى (نيغل بيغر) إلى أنقاض الليبرالية الجديدة وصعود السياسات المضادة للديمقراطية لـ (وندي براون) وجميعها تكشف نظرياً عن التحديات التي تواجه الديمقراطية في منابعها (الغرب) أمام موجة الشعبوية وتصاعد اليمين المتطرف مما يضع الديمقراطية أمام خطر داهم.

متفائل بمواقف بعض الزعماء المسلمين حين قرأت بيان الزيارة التي أداها المصلح الكبير مهاتير محمد رئيس ماليزيا إلى تركيا واتفاقه مع رجب طيب أردوغان على مشروع نهضة الأمة الإسلامية من جديد باستقلال قرار دولها وسيادتها على ثرواتها.. والتحق كما سمعنا بمشروع هذه النهضة المأمولة عمران خان رئيس وزراء باكستان والقيادة القطرية لتكون النواة الأولى لمشروع حضاري شامل وعميق.فنحن مثلا نواجه في غزة جريمة إبادة جماعية لشعب أعزل جريمة كاملة الأركان ترتكب أمام كاميرات القنوات و يشاهدها 7 مليارات من البشر من بينهم مليار و800 مليون مسلم!

والذي يحدث ما هو في الحقيقة سوى استمرار لعمليات تقاسم تركة نفس الرجل المريض المحتضر مثلما تقاسمتها الإمبراطوريتان الاستعماريتان فرنسا وبريطانيا عام 1916 باتفاقية "سايكس بيكو" الشهيرة، ثم تتقاسمنا اليوم بعد قرن إمبراطوريات أخرى لحساب إسرائيل التي تحتل أرضنا بالرغم من إدانة الأمم المتحدة لممارساتها الخارجة عن القانون والحق.. وهذا الأسبوع بلغ عدد شهدائنا من المدنيين والأطفال والنساء والطاعنين في السن حوالي 30 ألف مع قصف أعمى للمساجد والمشافي ومراكز الإيواء وقتل المحتلون 110 صحفيا و170 إطارا طبيا و200 موظفا أمميا تابعين لوكالة الغوث أمام صمت عالمي مريب!

الغريب أن واشنطن وحلفاءها الأوروبيين أعلنوا يوم السبت الماضي قطع مساهماتهم في تمويل وكالة الغوث لمزيد التنكيل بالشعب الفلسطيني! فعصرنا ليس عصر قوة الحق بل هو عصر حق القوة.. لكنني متفائل بمواقف بعض الزعماء المسلمين حين قرأت بيان الزيارة التي أداها المصلح الكبير مهاتير محمد رئيس ماليزيا إلى تركيا واتفاقه مع رجب طيب أردوغان على مشروع نهضة الأمة الإسلامية من جديد باستقلال قرار دولها وسيادتها على ثرواتها.. والتحق كما سمعنا بمشروع هذه النهضة المأمولة عمران خان رئيس وزراء باكستان والقيادة القطرية لتكون النواة الأولى لمشروع حضاري شامل وعميق.

وأعتقد أن زعماء عربا يتمسكون بحقوق شعوبهم في التنمية والحرية سيعززون مواقف هؤلاء الرواد، كما أن أعداء الحرية يعاقبون تركيا ويهددون ماليزيا بل يخيفون أيضا رئيسة سنغافورة السيدة حليمة يعقوب المسلمة المحجبة.. ويمارس محور الشر العنصرية المقيتة ضد أربع عضوات في الكونغرس الأمريكي من أصول مسلمة لا ذنب لهن سوى الانحياز للحقوق الشرعية للشعوب المستضعفة في زمن عز فيه السند للحق وكثر السند للباطل.

وليس بجديد على أمتنا المآسي والأهوال التي تشيب منها الوِلدان، فمن مآسيه وقصصه التي تقطر دماً، وهي من عبره أيضا ما ذكره المؤرخون عندما اجتاح التتار بلاد العرب ودمروا عاصمة الخلافة العباسية بغداد الزاهرة عاصمة العلوم والحضارة، فيوم دخلها هولاكو أمر جنوده بقتل العلماء والتجار والقضاة "أي اغتيال العلوم والاقتصاد والعدل كرموز للإسلام"، وقال لجنوده "أبقوا المستعصم حياً حتى يدلنا على مكان كنوزه"، ودلّهم المستعصم على مخابئ الذهب والفضة والنفائس وكل المقتنيات الثمينة داخل وخارج قصوره، ومنها ما كان يستحيل أن يصل إليه المغول بدونه، حتى إنه أرشدهم إلى نهر مطمور من الذهب المتجمد لا يعلم أحد بمكانه، فقال هولاكو للخليفة المستعصم: "لو كنت أعطيت هذا المال لجنودك لكانوا حموك مني"!

لم يبكِ المستعصم على الكنوز والأموال والقصور لكنه بكى حين أخذ هولاكو يستعرض الجواري الحسان وعددهن 700 زوجة وسرية وألف خادمة وأخذ الخليفة يتوسل لهولاكو قائلاً: مُنّ علي بأهل حرمي اللائي لم تطلع عليهن الشمس والقمر ضحك هولاكو من قوله وأمر جنوده أن يضعوه في شوال ثم يضربه الجنود ركلاً بالأقدام حتى الموت!.

يقول المؤرخون إن ما جمعه بنو العباس في خمسة قرون أخذه هولاكو في ليلة واحدة، وختم نهاية حكمهم بإذلال خليفة المسلمين وقتله شر قتلة وإنهاء حكم زاهر بالعلم والقوة والخير لم يدم لهم لأنهم أهانوا أنفسهم ونسوا الله فأنساهم أنفسهم فكانت هذه هي خاتمتهم!.

ما تمر به أمتنا هذه الأيام أشبه ما يكون بنهايات الدولة العباسية باختلاف ظروفها وانقسام أمتها إلى دويلات يتآمر بعضها على بعض والغرب الذي يدعي حمايتها استطاع أن يبتلع ثروات أغنى دولها ويسخر ما يسمى دولها الوطنية لخدمته و حراسة حدوده و لكن الله غالب على أمره.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العرب مسلمون عرب رأي أوضاع مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

توكل كرمان من لاهاي أمام تجمع عالمي: العالم يواجه الآن خطراً خطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية

قالت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان إن العالم يواجه الآن خطراً جديداً وخطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية، التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية، مما يؤثر على المجتمعات على مستوى العالم.

جاء في كلمة لها عن السلام والعدالة خلال تجمع عالمي بعنوان "ما بعد 125 عامًا: تأمين مستقبل عالمنا الرقمي"، في قصر السلام بمدينة لاهاي في هولندا، نظمته مدينة لاهاي ومعهد السلام السيبراني" (CyberPeace) والتحالف السيبراني العالمي.

وأضافت توكل كرمان: يشكل ارتفاع الهجمات السيبرانية خطراً كبيراً، وبعد 125 عاماً، يتعين علينا أن نواجه هذا العصر الجديد من الصراع.

وتابعت كرمان: إن الحرب السيبرانية لا يرتكبها القراصنة أو المنظمات الإجرامية فحسب؛ بل أعتقد أنه تنفذها الحكومات أيضًا. ونحن بحاجة إلى معالجة هذه التحديات بشكل جماعي وإيجاد طرق لحماية مجتمعاتنا من هذا التهديد المتطور.

وأوضحت كرمان أن أحد العوامل الرئيسية التي تدفع إلى ارتكاب الجرائم والهجمات السيبرانية هو إساءة استخدام التكنولوجيا من قبل الحكومات كجزء من سياساتها الحربية أو ضد شعوبها.

وقالت كرمان: أستطيع أن أتحدث من تجربتي الشخصية؛ فقد كنت ضحية لهجوم سيبراني حكومي في ظل دكتاتورية عبد الله صالح.

وأشارت كرمان إلى أنه غالبًا ما يستخدم الدكتاتوريون أدوات الإنترنت للتجسس على مواطنيهم، وانتهاك خصوصيتهم، وقمع المعارضة، لافتة إلى أنها واجهت مثل هذه الهجمات، وواجهها العديد من الآخرين أيضًا.

وأفادت كرمان: على سبيل المثال، نفذت سلطات الإمارات العربية المتحدة برامج مراقبة تستهدف الأفراد، بما في ذلك الناشطون والمعارضون.

وقالت كرمان: لقد تصاعد استغلال الفضاء الإلكتروني، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الافتقار إلى المساءلة والخبرة المستخدمة لإيذاء الأبرياء. وقد حدث موقف مماثل مع صديقي جمال خاشقجي، الذي استُهدف أيضًا بهذه الطريقة، مشددة على ضرورة الحاجة إلى معالجة هذه القضايا ومحاسبة المسؤولين عنها.

واعتبرت كرمان أن المشكلة الرئيسية في استخدام هجمات الجرائم الإلكترونية ضد دول أخرى هي أنه لا يوجد إعلان رسمي للحرب، وهذا يؤثر على العديد من الناس، مضيفة: كنت أحد ضحايا هجوم إلكتروني حكومي. لقد استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لمهاجمتي وتقويض خصوصيتي. كنت أحد الضحايا في ذلك الوقت.

وبيّنت كرمان أن الحكومات الأجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة، لديها خبرة في هذه التكتيكات الإلكترونية، مستدركة بالقول: هذه الخبرة لا تُستخدم لحماية الناس ولكن للدفاع عن النظام. نفس الشيء حدث لصديقي.

وأكدت كرمان أن الأمر لا يتعلق بمنع البلدان من استخدام هذا النوع من الحرب؛ إنه يتعلق بالاعتراف بأننا لا نريد الحرب على الإطلاق. أنا شخص يحب العالم أجمع ويؤمن بالوحدة.

وشددت كرمان على أن الحل لا يتعلق فقط باللوائح؛ بل يتضمن أيضًا ضمان احترام حقوق الأفراد. لا ينبغي فرض شروط على حقوق الأفراد في التعبير. هذا أمر بالغ الأهمية، وخاصة في مشهد الأمن السيبراني اليوم، حيث قد تستخدم الحكومات الاحتجاجات لتقويض الحقوق الخاصة. إننا بحاجة إلى التركيز على حماية هذه الحقوق مع تعزيز نهج أكثر شمولاً وسلمية.

وقالت توكل كرمان: يمكن اعتبار معاهدة الجرائم الإلكترونية بمثابة سيف ذو حدين. فمن ناحية، قد تنتهك الحقوق الحصرية والابتكارات؛ ومن ناحية أخرى، تقدم فرصة للتغيير الإيجابي. ونحن بحاجة إلى التركيز على استخدام التكنولوجيا ليس فقط كتهديد، بل كوسيلة لتعزيز السلام.

وأعربت كرمان عن اعتقادها بأن المستقبل يمكن أن يكون مشرقًا، وخاصة مع الأفراد المخلصين الذين يتحملون مسؤولية خلق عالم أفضل. يجب ألا نغفل عن وطننا وقيمنا وقيادتنا. من الأهمية بمكان تعزيز التعاون وضمان خدمة بعضنا البعض بمسؤولية.

وتابعت كرمان: تقع علينا مسؤولية كبيرة لوقف الحروب وتعزيز السلام في عالم يتأثر بشكل متزايد بقضايا الإنترنت. يجب أن تكون حماية الخصوصية ومنع الصراع في طليعة جهودنا. ومع ذلك، فإن معالجة هذه التحديات من خلال المعاهدات والإجراءات الصحيحة هي قضية معقدة نواجهها جميعًا معًا.

وشددت كرمان على الحاجة إلى إصلاحات جوهرية توضح من هو المسؤول عن خدمة الصالح العام. وهذا أمر ضروري لتقدمنا الجماعي. وبالإضافة إلى ذلك، تقع علينا مسؤوليات كبيرة، وخاصة في منع الصراعات. ولا ينبغي النظر إلى وقف الحروب باعتباره عملاً تقليدياً فحسب؛ بل يتطلب الأمر اتباع نهج مبتكر لحماية الخصوصية ومعالجة التهديدات السيبرانية مع السعي أيضاً إلى منع الصراعات في المستقبل.

وقالت كرمان إن مجلس الأمن نفسه يتطلب الإصلاح من أجل حماية الناس بشكل أفضل من أشكال مختلفة من انعدام الأمن. وفي الوقت الحالي، غالباً ما يخدم مجلس الأمن مصالح خمس دول أعضاء فقط، وهو ما يحد من فعاليته. ونحن بحاجة إلى تمكين المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من منظمات العدالة التي تعمل من أجل السلام والعدالة، وضمان حصولها على السلطة اللازمة للتصرف دون تدخل من الدول القوية.

وأكدت كرمان وجوب أن تكون هذه المنظمات مجهزة بالكامل للعمل بشكل مستقل، مما يسمح لها بعبور أي حواجز في مهمتها دون الحاجة إلى إذن من سلطات خارجية. إن معالجة هذه الإصلاحات تشكل تحدياً كبيراً يتعين علينا جميعاً مواجهته معاً

 

مقالات مشابهة

  • السفارة الأمريكية: نشعر بالقلق من الأضرار التي لحقت بمقر سفير الإمارات في السودان
  • بوميل: “مباراتنا أمام شبيبة القبائل هي التي كنت أحلم برؤيتها في الجزائر”
  • أوهام الديمقراطية 2
  • صحيفة اسرائيلية تكشف اعداد الصواريخ الايرانية وحجم الاضرار التي أحدثتها بـتل أبيب
  • توكل كرمان من لاهاي أمام تجمع عالمي: العالم يواجه الآن خطراً خطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية
  • صحيفة اسرائيلية تكشف اعداد الصواريخ الايرانية وحجم الاضرار التي أحدثتها بـتل أبيب - عاجل
  • "الديمقراطية»: مصير جنود نتنياهو في جنوب لبنان سيكون كمصيرهم في غزة
  • إعلام عراقي: قصف صاروخي يستهدف "قاعدة فيكتوريا" التي تتمركز بها قوات أمريكية في بغداد
  • حريق أمام مكتب المندلاوي في بغداد (صور)
  • المدينة التي لا ترحم: ارتفاع الإيجارات يدفع البغداديين نحو المجهول