أكد الحقوقي السوداني والوالي السابق لولاية الخرطوم، الطيب عبد الجليل، أن تصريحات مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، حول اعتقاده بأن طرفي الحرب في السودان ارتكبا جرائم حرب في دارفور لا يستند إلى براهين وساوى بين الدولة والتمرد.
وأضاف في اتصال مع “سبوتنيك”، اليوم الأربعاء، المعروف أن عمل مدعي الجنائية الدولية يعتمد على وجود عناصر الاتهام، ولا يرقى أي اتهام إلى فعل مُجرم أو مدان ما لم يكن مشفوعا بالأدلة، ولو عدنا إلى القانون الدولي نجد أن مدعي الجنائية الدولية يخلط بين الأشياء.

وأضاف أن الدولة السودانية ذات سيادة ورئيس مجلس السيادة اليوم هو رئيس دولة، وحكومة الأمر الواقع الحالية ألغت قانون الدعم السريع وقامت بحله، لذا يجب على المجتمع الدولي أن يحترم الدولة وتشريعاتها وقوانينها الداخلية، وهنا تكون التصريحات تعبير عن موقف سياسي وليس قانوني.
وقال عبد الجليل، إن أي أفعال قام بها الجيش السوداني كانت بناء على مسوغات قانونية استمدها من مشروعية الدولة التي ينتمي إليها، وبناء على ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن الأرض بالشكل الذي يحفظ كيان الدولة السودانية ضد التمرد الذي قامت به مليشيا الجنجويد (الدعم السريع سابقا).

وأشار الحقوقي السوداني، إلى أن تصريحات المدعي العام للجنائية الدولية لو أن المقصود بها الفترة السابقة قبل اندلاع الحرب أو إبان حكم البشير ربما تأخذ بعض المعقولية، لكن عندما تتعلق بالوضع الراهن وتساوي بين التمرد والشرعية فهو أمر غير منطقي، لأن هناك ملاحقات قضائية من جانب المحكمة بحق أشخاص ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور إبان الحكم السابق.

وأوضح عبد الجليل، أن المدعي العام للجنائية الدولية يتعاون حاليا مع الحكومة السودانية وما يتحدث عنه هو اتهامات وليست أدلة ذات مصداقية حتى تكون في مواجهة القوات المسلحة التي تنطلق من مسوغ قانوني وما تقوم به من حفظ الأمن القومي والمحافظة على الدولة هو من صميم عملها وفق الدستور والقانون والمواثيق والأعراف الدولية.
ولفت الحقوقي السوداني، إلى أن المدنيين اليوم يهربون من مناطق الدعم السريع إلى مناطق القوات المسلحة، فكل الجرائم التي حدثت في دارفور تنسب للدعم السريع السابق قبل حله وليس للجيش، لذا لا يمكن أن تتم المساواة بين الدولة والقوات المتمردة.

ويرى عبد الجليل، أن تصريحات مدعي الجنائية الدولية كريم خان، لا تستند على وقائع، وكان عليه أن يلبي دعوة الحكومة ويزورها للحصول على معلومات ذات مصداقية.
وقال مدعي المحكمة الجنائية الدولية، إن هناك أسبابا للاعتقاد بأن الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي- الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية- تُرتكب في دارفور من قبل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والجماعات التابعة لهما.

وحذر كريم خان من الآثار الإنسانية الوخيمة للنزاع الحالي، مشيرا إلى أننا نقترب بسرعة من نقطة الانهيار، ونبه إلى أن الصراع في السودان يتطلب اهتمام أعضاء مجلس الأمن الآن أكثر من أي وقت مضى بحسب صحيفة التغيير السودانية.
وأشار المدعي العام للمحكمة الجنائية إلى فشل المجتمع الدولي في تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية وما تلا ذلك من غياب المساءلة يؤديان إلى تأجيج أعمال العنف الناجمة عن الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

وشدد خان على “الحقيقة المرة التي لا مفر منها” هي أن الفشل في التحرك الآن سيعرض الأجيال القادمة لمصير مماثل. وشدد على “أننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد”، وحث السودان على الامتثال بحسن نية لقرارات مجلس الأمن والتعاون مع مكتبه وتقديم المعلومات المطلوبة إليه والسماح للمحققين بالعمل في البلاد.

وأكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن توفير العدالة والحماية للناس في دارفور هو مسؤوليتنا الجماعية “ونحن نبذل كل جهد ممكن للعمل مع أعضاء المجلس والمنظمات الإقليمية والمجتمع المدني، ومع السودان وتشاد، ومع أي شخص، كي نضمن وضع حد لتحقيق العدالة، وندرك أنه بدون المساءلة، ستكون هناك دورات جديدة من العنف، والمزيد من انعدام الأمن، وعدم الاستقرار في جميع أنحاء العالم”.

وكالة سبوتنيك

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الجنائیة الدولیة القوات المسلحة الدعم السریع المدعی العام عبد الجلیل فی دارفور إلى أن

إقرأ أيضاً:

انسحاب الدعم السريع من الخرطوم- بين التكتيك العسكري وإعادة تشكيل المشهد السياسي

انسحاب قوات الدعم السريع من مواقع استراتيجية في الخرطوم، بما في ذلك القصر الرئاسي والمقر العام للجيش، يشير إلى تراجع نفوذها العسكري والسياسي، مما يعزز موقع الجيش السوداني كفاعل رئيسي في المشهد السياسي. قد يسرع هذا التطور من انهيار التحالفات القبلية والسياسية التي كانت تدعم الدعم السريع، خاصة في ظل تصاعد الخسائر الميدانية وتآكل شرعيتها.
قد تتدخل دول إقليمية مثل مصر والإمارات لدفع الأطراف نحو تسوية سياسية، خاصة إذا استمر تراجع الدعم السريع، مما قد يفتح الباب لمفاوضات جديدة بوساطة دولية أو إفريقية. قد يحاول الجيش استغلال هذه المكاسب لتعزيز شرعيته عبر تشكيل حكومة مدنية موالية له أو إجراء انتخابات، لكن التحدي الأكبر سيكون تحقيق الاستقرار في المناطق الأخرى التي لا تزال خارج سيطرته.
الانسحاب من الخرطوم قد يشكل بداية تحول الدعم السريع إلى قوة إقليمية في دارفور وكردفان بدلاً من كيان وطني يطمح للسيطرة على العاصمة. هذا قد يخلق واقعًا جديدًا حيث يتحول الدعم السريع من طرف رئيسي في الحرب إلى قوة غير مركزية قد تستمر في التأثير من الأطراف. رغم سيطرة الجيش، فإن غياب دعم مدني حقيقي قد يطيل أمد الصراع السياسي. القوى المدنية المنقسمة قد تجد في هذه التطورات فرصة لإعادة تنظيم نفسها، لكنها في نفس الوقت قد تتعرض لضغوط من الجيش للقبول بواقع سياسي جديد يكرس سلطته.
قد تظهر فصائل داخل الجيش أو تيارات إسلامية كقوى مؤثرة، خصوصًا مع استمرار غياب الحلول المدنية القابلة للتطبيق. قد يكون انسحاب الدعم السريع من الخرطوم جزءًا من إستراتيجية لإعادة التموضع في مناطق أكثر أهمية مثل دارفور أو كردفان، حيث يتمتع بقواعد دعم لوجستي وقبلي أقوى. إذا فقدت قوات الدعم السريع القدرة على المواجهة المباشرة، قد تلجأ إلى تكتيكات حرب العصابات في العاصمة أو المناطق الريفية، مما قد يؤدي إلى تصعيد العنف بشكل غير تقليدي.
استعادة الجيش للمواقع الرمزية مثل القيادة العامة يعزز معنويات قواته، لكن التحدي الأكبر سيكون في الحفاظ على الأمن ومنع هجمات انتقامية. يمكن أن يكون الانسحاب مدروسًا بهدف تجنب استنزاف قواته في مواجهة مباشرة مع الجيش السوداني، مع التركيز على عمليات الكر والفر في أماكن أخرى مثل الأبيض ونيالا، مما يسمح له بالمحافظة على تأثيره العسكري دون خسائر ضخمة.
يجب مراقبة ما إذا كانت قوات الدعم السريع ستنجح في إعادة تسليح نفسها عبر طرق تهريب السلاح من ليبيا أو تشاد أو حتى عبر دعم إقليمي غير معلن. وجود قوات الدعم السريع في دارفور يمنحها أفضلية في القتال غير النظامي، حيث يمكنها الاعتماد على التضاريس الوعرة والمعرفة بالبيئة المحلية لتجنب الحصار العسكري.
مع سيطرة الجيش على المراكز الحيوية، قد تشهد العاصمة هدوءًا مؤقتًا، لكن لا يُستبعد حدوث اشتباكات متفرقة أو هجمات مفاجئة من بقايا قوات الدعم السريع. قد تشهد مناطق مثل دارفور وكردفان والنيل الأزرق تصاعدًا في العنف، حيث قد يحاول الدعم السريع تعويض خسائره في الخرطوم عبر السيطرة على موارد إضافية مثل مناجم الذهب والمعابر الحدودية.
الضغوط الدولية قد تدفع الأطراف إلى طاولة المفاوضات، خاصة إذا وصلت المعارك إلى طريق مسدود، لكن أي اتفاق سيكون هشًا ما لم يُضمن مصالح جميع الأطراف، بما في ذلك الميليشيات والقوى المدنية. قد يتحول الصراع إلى نمط غير مركزي، حيث تخوض قوات الدعم السريع حرب استنزاف عبر تفجيرات وعمليات تسلل داخل الخرطوم، فيما يسيطر الجيش على المدن الكبرى دون إنهاء وجود الدعم السريع تمامًا، مما يؤدي إلى حالة "لا حرب ولا سلام".
قد تتدخل أطراف دولية مثل الولايات المتحدة أو الاتحاد الإفريقي لفرض وقف إطلاق النار، مع ضغوط على الجيش والدعم السريع للقبول بتسوية سياسية. في حالة استمرار الانسحابات والخسائر، قد تتفكك قوات الدعم السريع إلى مجموعات أصغر، مما يزيد من الفوضى في دارفور والمناطق الحدودية. قد يظهر لاعبون جدد داخل السودان، مثل الحركات المسلحة في دارفور أو القوى الإسلامية، مما يعقد المشهد أكثر.
رغم المكاسب العسكرية للجيش، فإن استقرار السودان على المدى الطويل سيعتمد على قدرة الجيش على فرض الأمن دون انتهاكات تزيد من السخط الشعبي، وإمكانية دمج قوات الدعم السريع أو تفكيكها دون إطالة أمد العنف، ودور القوى السياسية المدنية في تشكيل حلول سياسية تمنع عودة الصراع. يجب متابعة التحركات الإقليمية خاصة من مصر والإمارات وإثيوبيا والتطورات الميدانية في دارفور، لأنها قد تكون المؤشر الحاسم لمسار الأزمة في الأسابيع المقبلة.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • شاهد بالصورة والفيديو.. بيع “ماعز” هولندية في مزاد بأحد الأسواق السودانية بسعر 3 ألف و 200 دولار ما يعادل أكثر من 9 مليار جنيه سوداني
  • مهام الحركة الجماهيرية بعد انسحاب الدعم السريع من العاصمة
  • لا أعتقد أن التهديد بفصل دارفور علي يد الدعم السريع أطروحة جادة لسبب بسيط
  • برلماني “فراقشي” يتورط في الإستفادة من ملايير استيراد الأغنام
  • أسرى يكشفون عن ترحيل الدعم السريع لـ «200» من ضباط الجيش إلى دارفور
  • الجيش السوداني يعلن “تطهير” آخر جيوب الدعم السريع في محلية الخرطوم
  • “الدعم السريع”: لم نخسر أي معركة وأعدنا تموضعنا لتحقيق أهدافنا العسكرية
  • كيكل: جنود الدعم السريع فكروا في تعلم “العوم في يوم” فجعلناهم بين غريق وقتيل
  • المباحث الجنائية تشرع في إزالة المتفجرات وتوثيق جرائم الدعم السريع في الخرطوم
  • انسحاب الدعم السريع من الخرطوم- بين التكتيك العسكري وإعادة تشكيل المشهد السياسي