أجرى الأستاذ الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- زيارة إلى مدرسة الإمام الجنيد التي تعدُّ واحدةً من أكبر المدارس الإسلامية في سنغافورة، وذلك على هامش زيارته الرسمية إلى سنغافورة حيث التقى المفتي بالقائمين عليها والطلبة هناك، وتعرف على المناهج وطبيعة الدراسة هناك.

في بداية كلمته، أعرب مفتي الجمهورية عن شكره وتقديره للاستضافة الكريمة من قِبل مدرسة الإمام الجنيد، معتبرًا إياها مدرسة علمية عريقة تقوم بدَور رائد في نشر العلم والتأهيل العلمي على منهج الوسطية والاعتدال، مشيدًا بالجهود المباركة للمدرسة في نشر العلم والوعي وتكوين الطلاب على منهج الوسطية والاعتدال.

وأكد مفتي الجمهورية أهميةَ التكامل الذي أسَّس له الإمام الجنيد والذي يتَّسم بالتوازن بين علوم الشريعة والحقيقة. وأشاد بجهود المدرسة في ترسيخ هذا التوجه الوسطي والمعتدل الذي يجسد النموذج الحضاري الذي تسعى إليه المؤسسات الدينية.

وتطرق مفتي الجمهورية في كلمته إلى أهمية العلم والتعلم في الإسلام، مشيرًا إلى دعوة القرآن الكريم والسُّنة النبوية إلى العلم والقراءة، ورفع مقام العلماء وأهل العلم، داعيًا إلى استمرارية الجهود في نشر العلم وتعزيز التعليم على المنهج الوسطي، معبرًا عن فخره بزيارته لمدرسة الإمام الجنيد وتفاعلها الإيجابي في ترسيخ القيم والمبادئ الإسلامية.

وأوضح المفتي أيضًا أن تعاليم الإسلام لا تقتصر على كونها مجرد كلمات تُلقى بلا تأمُّل، وإنما تمثل أسسًا علمية تتطلب الفهم العميق والتأمل في آيات الله في الكون، مستشهدًا بآيات قرآنية تحث على مراقبة الكون والنظر في آيات الله في السموات والأرض والخلق، كقول الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]، وقوله تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21].

وقال مفتي الجمهورية، التحديات المعاصرة، العلوم الشرعية، العلوم الكونية، مدرسة الإمام الجنيد في سنغافورة، التأهيل العلمي، علوم الشريعة، مواجهة تحديات العصر الحديث، المؤسسات الدينية: "إنَّ العلم في نظر الإسلام لا يقتصرُ على تحصيل العلوم الدينيَّة، أي تلك العلوم التي تدور حول فهم الكتاب المسطور فقط، بل إنَّ العلم في الإسلام شامل لكُلٍّ من الكتاب المسطور والكتاب المنظُور، فعلم الكتاب المسطور هو ذلك العلم الدائر حول القرآن الكريم والوحي الشريف، وعلم الكتاب المنظور هو ذلك العلم الناظر في الكون وآياته، وقد أبدع المسلمون في تلك العلوم أيَّما إبداع، ولهم في ذلك علامات براقة يشهد لها تاريخ العلوم، وأعلامٌ كان لهم أعظم الأثر في تطور العلوم بل في نشأتها، كالخوارزمي في علم الجبر، وابن الهيثم في علم البصريَّات، وابنِ سينا وابن رشد وأبي بكر الرَّازي وغيرهم الكثير".

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن التكامل والتناغم بين العلوم الشرعية والعلوم الكونية يشكلان الغاية العظمى للنموذج المعرفي الإسلامي. وأوضح أن المسلمين قد قدموا نظريةً متكاملةً للمعرفة، حيث درسوا العلوم على حدة، ففهموا طبيعة العلم وبينوا طرق تحصيله وأسسوا نظرية متكاملة للمعرفة.

وفي سياق آخر، استعرض مفتي الجمهورية التطور العلمي الكبير الذي قام به علماء الإسلام في مختلف الميادين، مشيرًا إلى أعلام علماء المسلمين الذين أسهموا في تقدم العلوم والتكنولوجيا. وأكد ضرورة مواجهة تحديات العصر الحديث، وخاصة دعاوى الإلحاد التي تستند إلى نظريات فيزيائية حديثة، مع التأكيد على أهمية إعادة النظر في هذه التحديات بروح من التكامل بين العلوم الشرعية والعلوم الكونية.

وأكد أهمية فهم دَور المؤسسات الدينية والمدارس العلمية في تكوين الطلاب على أسس معرفية صحيحة. مشيرًا إلى أن هذا التكوين يقوم على التكامل بين علوم الآلة وعلوم الغاية، وبين علوم الشريعة وعلوم الواقع. وأوضح أهمية التدرج في هذا التكامل وضرورة بناء العقلية العلمية الفارقة.

وحثَّ مفتي الجمهورية على الحفاظ على تلك المنظومة والوظيفة الهامة التي تقوم بها المؤسسات الدينية الوسطية في تكوين الشباب. وأشار إلى أن عدم فهم هذه المنظومة بشكل صحيح أو التقليل من أهميتها قد أدى إلى تسرب ظواهر غريبة عن الفكر الإسلامي، مثل العنف والتطرف والإرهاب. ووجَّه إلى ضرورة تكثيف الجهود نحو فهم صحيح للمنظومة التعليمية الإسلامية.

كما تحدَّث المفتي عن الأزمة المعاصرة التي تعاني منها بعض الأوساط التي تدعي التدين، نتيجة لعدم فهم تلك المنظومة بشكل صحيح، موضحًا أن هذه الأزمة قد أدت إلى انحراف بعض الأفراد عن سماحة الإسلام ومبادئه. وأشار إلى أهمية إعادة التأكيد على التكامل بين العلوم الشرعية والعلوم الكونية، وضرورة مواجهة التحديات المعاصرة بروح من التكامل والتفهم.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: التأهيل العلمي التحديات المعاصرة العلوم الشرعية المؤسسات الدينية مفتي الجمهورية المؤسسات الدینیة مفتی الجمهوریة التکامل بین

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية يزور محافظة الشرقية ويلقي ثلاث محاضرات للطلاب

زار اليوم الأربعاء، الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، محافظة الشرقية ، وكان استقباله المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية.

 وذلك في زيارة رسمية تهدف إلى تعميق أواصر التعاون المشترك بين محافظة الشرقية، ودار الإفتاء المصرية، ومناقشة سبل دعم العمل الدعوي والمجتمعي في المحافظة، بما يحقق رسالة الإفتاء في خدمة المواطن المصري وتعزيز وعيه وبناء استقراره النفسي والأسري.

وشهد اللقاء مناقشة عدد من الملفات الراهنة التي تعكس أهمية توظيف الدور الرائد الذي تضطلع به دار الإفتاء المصرية، بوصفها إحدى أبرز المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي في خدمة القضايا المجتمعية الملحّة وتعزيز الوعي العام.

كما تم التباحث حول إمكانية إنشاء فرع دائم لدار الإفتاء المصرية بمحافظة الشرقية، يُمثّل مركزًا مهمًا يجمع بين المهام العلمية والتدريبية والمجتمعية، ويقدّم خدمات شرعية متكاملة تلبي احتياجات المواطنين.

وأوضح مفتي الجمهورية، أن فرع دار الإفتاء سيضم قاعات لتأهيل المفتين، وبرامج تدريبية للمقبلين على الزواج، ومقار لفض النزاعات وعقد جلسات المصالحة الأسرية، بالإضافة إلى مركز للحوار المجتمعي يستهدف تعزيز قيم التعايش والتسامح والانفتاح الواعي، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية دار الإفتاء في التوسع الأفقي، والوصول بخدماتها إلى كافة المحافظات.

 ومن المقرر أن تشمل الزيارة مشاركة فضيلة المفتي في عدد من الندوات التوعوية التي تنظمها دار الإفتاء بالتعاون مع الجهات التنفيذية والتعليمية بالمحافظة، وتستهدف طلاب المدارس، وجامعتي الزقازيق والصالحية الجديدة، وذلك في إطار حرص الدار على بناء وعي الأجيال الجديدة، وتحصينهم من الأفكار الهدامة والانحرافات الفكرية والسلوكية.

وعبّر محافظ الشرقية عن بالغ تقديره لزيارة فضيلة مفتي الجمهورية، مشيدًا بالدور الوطني الكبير الذي تضطلع به دار الإفتاء في نشر ثقافة الوسطية ومواجهة التطرف، وتقديم الدعم المعنوي والأسري لمختلف فئات المجتمع، مؤكدًا أن محافظة الشرقية بما تملكه من كثافة سكانية وتنوّع ثقافي، في أمسّ الحاجة لمثل هذا الحضور العلمي والدعوي المؤثر.

حضر اللقاء، اللواء عبدالغفار الديب، السكرتير العام للمحافظة، والسيد، محمد نعمه كجك، السكرتير العام المساعد، كما قدم المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية، درع المحافظة إلى فضيلة مفتي الجمهورية؛ تكريمًا لجهوده المخلصة في خدمة الوطن، وإسهاماته القيّمة في تعزيز الاستقرار المجتمعي، وترسيخ القيم الدينية والإنسانية الرفيعة.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: القيم الإنسانية المشتركة بين الأديان مصدر لبناء الحضارات
  • مفتي الجمهورية يزور محافظة الشرقية ويلقي ثلاث محاضرات للطلاب
  • مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا من جيبوتي
  • مفتي الجمهورية: برامج خاصة لتدريب الأئمة والمفتين في جيبوتي.. صور
  • من هو الإمام السيوطى؟ تعرف على العالم الذى ملأ الدنيا علمًا بمؤلفاته
  • ندوة بكلية العلوم الشرعية عن مباحث قناطر الخيرات للعلامة الجيطالي
  • مفتي الجمهورية ينعى البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية
  • مفتي الجمهورية يكتب: عَرَضٌ يَزُولُ وَيَبْقَى الإِمَام الطيب
  • "العز الإسلامي" ينظم حلقة نقاشية حول "الوعي المالي في ظل التحديات الاقتصادية المعاصرة"
  • مفتي الجمهورية يستقبل رئيس القابضة للمياه الشرب