كل النقاش السياسي اللبناني يركز على فكرة اساسية هي إمكان حصول تسوية داخلية في المرحلة المقبلة، إن كانت هذه التسوية ستسبق التسوية الاقليمية او حتى الحدودية، أو ستسير بالتوازي معها وبالتالي تكون جزءاً منها. لكن هذا النقاش يتناسى جانبا اساسيا هو أن المفاوض الاساسي والفعلي في مثل هذه التسويات سيكون "حزب الله" غير المتحمس لإتمام اي حل قبل انتهاء المعارك في المنطقة، حتى لو كان حلاً داخلياً مرتبطاً بالأزمات الدستورية.

..

التواصل مع "حزب الله" والذي يتم عبر قوى سياسية وشخصيات ووسطاء لبنانيين وغير لبنانيين لم ينتقل بعد الى مرحلة من الجدية تصبح فيه التفاصيل هي المادة الاساسية للنقاش، وعليه فإن الرسائل المتبادلة لديها وظيفة واحدة وهي إظهار الرغبة بالوصول إلى حل شامل في المرحلة المقبلة وعدم ترك نقاط خلاف تؤدي إلى إشتعال الازمات الداخلية او العسكرية حتى.

من الواضح أن "حزب الله" يرغب بشكل حاسم بربط الحل الداخلي بالتفاوض بشأن وقف اطلاق النار او مرحلة ما بعد الحرب، على اعتبار أن حاجة الولايات المتحدة الاميركية له ولموقفه في الموضوع الحدودي سيدفعها الى تقديم تنازلات في القضايا الداخلية، لا بل ان واشنطن، ومن وجهة نظر "حزب الله"، ستكون مضطرة لتقديم تنازلات للحزب في موضوع الاراضي المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اذا ارادت حلاً طويل الأمد.

لكن السؤال الذي يقلق خصوم "حزب الله" الداخليين، هو انه اذا كانت الولايات المتحدة الاميركية ترغب بأن تراضي الحزب لأخذ تنازلات منه مرتبطة بالإستقرار الذي يعتبر اولوية قصوى اميركية في المنطقة، فإن حصة الحزب الداخلية ستكون كبيرة، لا بل سيخرج من الحرب وفي يده انتصار سياسي واعلامي وواقعي كبير يقوم على تحرير جزء من الاراضي اللبنانية المحتلة ما يعزز سرديته بأن المقاومة هي السبيل الوحيد لاستعادة الحقوق.

والأخطر بالنسبة لخصوم الحزب وحتى للاميركيين هو تمكن "حزب الله" من مقايضة الحل الحدودي والاستقرار طويل الأمد بالتنقيب عن الغاز مثلاً او حل الازمة الاقتصادية فيتحول عندها إلى منقذ للبنانيين، وهذا آخر ما تتمناه واشنطن، وعليه فإن البلد مقبل على مفاوضات صعبة جداً، ما يعني أن الحل ليس قريباً كما يتوقع كثيرون، حتى لو بدأت تلوح بالأفق مؤشرات التسوية ووقف اطلاق النار في قطاع غزة.

اما في حال عدم الوصول الى حلول سريعة في غزة، وهذا لا يزال احتمالاً وارداً، فإن التصعيد سيكون سيد الموقف وعندها لن يعود الحديث عن المكاسب متاحاً، لكن الاكيد ان من يتقدم في المعارك الميدانية سيكون له القدرة الاكبر على فرض شروطه في المفاوضات السياسية، اذ ان توازنات القوى هي التي ستنعكس على النفوذ في لبنان والمنطقة بعد انتهاء الحرب. 
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

الشيخ نعيم قاسم.. حاملُ الراية الجديد لحزب الله

عبدالحكيم عامر

في خطوة تعكس الأبعاد السياسية والعسكرية المعقدة التي تمر بها المنطقة، انتخب حزب الله الشيخ نعيم قاسم أمينًا عامًّا له، في ظل ظروف تتسم بالحرب والتحديات المتزايدة، تأتي هذه الانتخابات في وقت حساس، حَيثُ يُعتبر هذا التعيين بمثابة ترميم للقيادة الشاغرة، بما في ذلك منصب الأمين العام، ويعزز من منظومة القيادة والسيطرة في الحزب، ومما يبعث برسالة قوية إلى الخارج بأن الحزب استعاد زمام الأمور، وكما أن هذه الخطوة تُطمئن البيئة الحاضنة للحزب، سواء على الصعيد السياسي أَو الاجتماعي، وتُعزز من روح الوحدة بين المقاتلين على الجبهات.

الانتخاب الجديد يُعتبر تجسيدًا للتواصل بين مختلف أعضاء الشورى في الحزب، مما يعكس وحدة الصف والتماسك الداخلي، في ظل الضغوطات والحروب، ويُظهر حزب الله استعداده لمواجهة التحديات، حَيثُ يسعى إلى تعزيز قيادته بشكل كامل، مما يُعتبر خطوة مهمة لتعزيز قدراته العسكرية والسياسية.

أثبت انتخاب نعيم قاسم أن التحديات لا تزيد حزب الله والمقاومة الإسلامية إلا ثباتًا وعزيمة، إن توليه هذا المنصب يؤكّـد على صلابة المقاومة في لبنان وقدرتها على استعادة زمام المبادرة في مواجهة العدوان الإسرائيلي؛ مما يعزز الثقة في قدرة الحزب على إيلام العدوّ وإفشال خططه.

إن انتخاب قيادة جديدة لحزب الله يوجّـه رسالة واضحة إلى العدوّ الإسرائيلي، مفادها أن حزب الله مستعد لمواجهة أي تحديات، فالحزب من خلال هذا التعيين، يُظهر أنه قد أكمل ترميم منظومة القيادة والسيطرة، مما يُعد ضربة للمخطّطات الإسرائيلية التي تهدف لتحقيق نصر حاسم يؤثر على موازين القوى في المنطقة.

فحزب الله في هذه المرحلة، يُظهر نمطًا جديدًا من الاستهدافات الدقيقة التي تمتد من الحدود إلى عمق الأراضي الإسرائيلية، مما يشكل تحديًا حقيقيًّا لجيش الاحتلال، وهذه الاستراتيجية تهدف إلى ترجمة المعارك إلى مكاسب سياسية، مما يعكس قدرة الحزب على التكيف مع الظروف المتغيرة ومواجهة التحديات بشكل فعال.

وإن انتخاب الشيخ نعيم قاسم أميناً عامًا لحزب الله في هذه الظروف الاستثنائية يعكس رؤية الحزب الثابتة والتزامه بمواجهة التحديات، ومع تعزيز القيادة والسيطرة، يبدو أن حزب الله في طريقه لاستعادة المبادرة وتحقيق أهدافه الاستراتيجية في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الدويري: هذا سبب انخفاض وتيرة صواريخ حزب الله صوب إسرائيل
  • الجيش الاسرائيلي يعلن استهداف اصول استخباراتية لحزب الله في سوريا
  • أكثر من 3 آلاف شهيد جراء العدوان الإسرائيلي المستمر ضد لبنان
  • جيش الاحتلال يستهدف مقر الاستخبارات التابع لـ"حزب الله" في سوريا
  • الشيخ نعيم قاسم.. حاملُ الراية الجديد لحزب الله
  • «البث الإسرائيلية»: الهجوم الإيراني المرتقب لن يؤثر على محادثات التسوية في لبنان
  • نتنياهو يلغي زيارته للمطلة بعد انفجار مسيرة لحزب الله قبل وصوله بـ20 دقيقة
  • سماحة المفتي يعلق على تعيين نعيم قاسم نائباً عاماً لحزب الله.. عاجل
  • التسوية المقبلة
  • الاحتلال يعلن اغتيال قائد القطاع الساحلي لحزب الله