مفتي الجمهورية يلتقي بالجانب السنغافوري لبحث تعزيز التعاون الديني
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
التقى الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- عددًا من كبار المسؤولين الدينيين في سنغافورة، لبحث تعزيز التعاون الديني والإفتائي، وذلك ضمن زيارته الرسمية إلى سنغافورة لحضور أعمال المؤتمر الدولي "الفتوى في المجتمعات المعاصرة" والذي يعقد في الفترة من 2-3 فبراير 2024.
حضر اللقاء السيد ماساجوس ذو الكفل، الوزير المسؤول عن شؤون المسلمين، والدكتور ناظر الدين محمد ناصر مفتي سنغافورة، والدكتور محمد سعد الدين رئيس المجلس الإسلامي السنغافوري.
وأبدى المفتي إستعداد دار الإفتاء المصرية الكامل لتقديم كافة أشكال الدعم العلمي والشرعي خاصة في مجال تدريب المفتين من سنغافورة، للتدريب على مهارات الإفتاء وإدارة المؤسسات الإفتائية.
حيث إن دار الإفتاء المصرية تؤمن بأهمية البرامج التدريبية المتعمقة للأئمة والمفتين من جميع دول العالم لصقل خبراتهم الإفتائية، فضلًا عن أن برامج الدار التدريبية المبتكرة تهدف إلى تنمية مهارات الإفتاء ومواجهة التحديات العصرية.
وأضاف المفتي أن الدار اهتمَّت كذلك بتدريب وتأهيل المفتين من مصر ومختلف دول العالم، حيث أصبحت بيت خبرة للفتوى الرشيدة المتراكمة عبر التاريخ، تعمل على استقرار المجتمعات، لذا أنشأت الدار إدارة مخصصة لتدريب المفتين، تقدم برامج تدريبية مباشرة وعن بُعد قد تمتد إلى ثلاث سنوات، كما تعمل على تنمية وتطوير مؤسسات الفتوى حول العالم من خلال إمدادهم بالمتدربين المؤهلين على التصدر للفتوى، وتهدف من خلاله أيضًا إلى ضبط بوصلة الإفتاء في العالم والقضاء على الأفكار المتطرفة والإرهابية.
وأكَّد المفتي أن دار الإفتاء المصرية حريصة كذلك على التعاون مع كافة دُور وهيئات الإفتاء على مستوى العالم، ومن أجل ذلك أنشأت في عام 2015 كيانًا دوليًّا هو "الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم" لتكون مظلة جامعة لمفتين من أكثر من 90 دولة، حيث نتعاون جميعًا من أجل وضع حلول للتحديات التي نواجهها ومستجدات العصر وتوحيد الجهود الإفتائية.
وأشار إلى إنشاء دار الإفتاء المصرية لمركز "سلام" لدراسات التطرف، الذي يأتي ضمن مجهودات دار الإفتاء في مواجهة التطرف والإرهاب، موضحًا فكرة ودَور المركز الذي يعدُّ منصة بحثية وأكاديمية تعمل تحت إشراف الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم ودار الإفتاء المصرية، وتُعنى بدراسة وتحليل ومعالجة ظاهرة التطرف باسم الدين.
ويرتكز مركز سلام على أُسس علمية في تعميق المناقشات العامة والأكاديمية والدينية المتعلقة بقضية التشدد والتطرف، ودعم عملية صنع السياسات الخاصة بعملية مكافحة التطرف وقايةً وعلاجًا، مشيرًا إلى أن إنشاء "مركز سلام" يعكس التزامنا بمكافحة التطرف وتعزيز السلام العالمي.
وفي ختام اللقاء أشاد الجانب السنغافوري بالجهود الاستثنائية التي يقوم بها المفتي ودار الإفتاء المصرية، وبجهود الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، وبرامج العمل التي تقوم على تنفيذها لنفع عموم المسلمين حول العالم، ولا سيما المشتغلين بحقل الإفتاء، والاهتمام بصقل الخبرات والمهارات ببرامج تدريبية متعمقة للأئمة والمفتين.
كما تحدث الجانب السنغافوري عن إسهامات الأمانة والدار في الحقل الإفتائي وكيف يتم من خلالهما تنفيذ الاستراتيجية الخاصة بمواجهة التطرف والعنف والأفكار التكفيرية وَفق عدد من الأُطر والبرامج، معربين عن تطلعهم لمزيد من التعاون مع الأمانة العامة في كافة المجالات الإفتائية والدينية لما تحظى به من تفرد وخبرة كبيرة على مستوى العالم الإسلامي.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأمانة العامة البرامج التدريبية الجانب السنغافوري المفتي تعزيز التعاون الديني مركز سلام مفتي الجمهورية دار الإفتاء المصریة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: العقل لا يُنشئ الغيب لكنه يتفاعل مع النص ويستدل به على دلائل التوحيد
أكَّد الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- في حديثه الرمضاني على قناة DMC ، أن العلاقة بين العقل والغيب هي علاقة تأمُّل وتكامل، لا تعارض وتنافر، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الشبهات التي تُثار حول وجود تعارض بين العقل والنقل، أو زعم تعطيل العقل في قضايا الغيب، لا تصمد أمام النظر المتأني في نصوص الوحي ومقاصد الشرع.
وأوضح أن العقل السليم لا يُقصى أمام النص، بل يتفاعل معه، ويتأمل في معانيه، ويستدل به على الحق، مستشهدًا بقوله تعالى:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]،
{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]،
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53].
فهذه الآيات.
كما قال: توضح بجلاء أن الوحي يخاطب العقل، ويستنفره للتأمل في دلائل التوحيد، وفي الكون والنفس والآفاق؛ مما يدل على التلاقي بين نور العقل وهدي الوحي.
وبيَّن مفتي الجمهورية أنَّ العقل لا يُنشئ الغيب من ذاته، لكنه يتلقى الغيب من مصدره الإلهي، ويُعمل نظره في فهمه واستنباط مقاصده، فيؤمن بما ورد به، ويدرك دلائل صدقه، ويقف على الحكمة من ورائه.
وأشار إلى أن قضية وجود الله تعالى مثلًا تُدرك بالعقل والنقل معًا، وأن القرآن يثبت الوجود الإلهي بأسلوب عقلي فطري، كما في قوله تعالى:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} [البقرة: 22] مضيفًا أن مثل هذه النصوص تستنهض العقل للنظر والتأمل، وتؤكد وحدة المصدر بين الكون والقرآن.
كما أكد المفتي أن العقل يدرك كذلك صفات الله من خلال آثارها في الكون، كالحكمة، والعلم، والقدرة، مستشهدًا بقوله تعالى:
{لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40]،
وهذا كله يعزِّز دَور العقل في إثبات الصفات الإلهية وإدراك آثارها.
وفي حديثه عن النبوة والوحي، شدَّد المفتي على أن العقل يُقِرُّ بإمكانية ورود الوحي، ويؤمن بأن الله يصطفي من عباده من يبلغون رسالاته، ويؤيدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم، مبينًا أن المعجزة تخاطب العقل، وتقيم عليه الحجة، مما يجعل التصديق بالنبوة نتيجة عقلية وإيمانية في آن.
أما في الجوانب السمعية المتعلقة بالآخرة، كالملائكة والجنة والنار، فقد بيَّن فضيلته أن العقل لا يستقل بإدراكها، لكنه لا يُنكرها إذ جاء بها الوحي، بل يؤمن بها ويفسرها في ضوء النصوص، ويرى فيها دلائل القدرة الإلهية المطلقة.
وفي سياق الحديث عن فقه المقاصد، أوضح مفتي الجمهورية أن العقل يستطيع أن يدرك الحكمة من الخلق والثواب والعقاب، في ضوء مبدأ العدل الإلهي، مستشهدًا بقوله تعالى:
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115]،
مؤكدًا أن الكون كله قائم على الحكمة، وأن العقل مُهيأ لفهم هذه الغايات في إطار هداية الوحي.
وشدد على أن القول بتعارض العقل مع النقل قول باطل، بل إن التكامل بينهما هو الذي يُنتج الإيمان الصحيح، ويُهذب الفكر، ويُرشد السلوك.
وفي ختام حديثه، قال المفتي:
"لسنا مطالبين بتغليب العقل على الوحي، ولا الوحي على العقل، بل مطلوب منا أن نُحسن الربط بينهما، وأن نفهم النص في ضوء العقل، وأن نُعمل العقل في إطار النص، فبهذا تكتمل صورة الهداية، وتتحقق رسالة الاستخلاف."
وأضاف: "المشكلة ليست في النصوص، بل في طريقة تعاملنا معها؛ إذ نقرأ كثيرًا، ونردد كثيرًا، دون أن نتوقف لنتدبر ونتفكر، وكأننا فقدنا مهارة الوقوف عند المعاني. وقد آن الأوان أن نستعيد فقه التعقل، ومَلَكة التدبر، لنفهم الدين كما أراده الله، لا كما جمَّدته العادات أو قيَّدته الأشكال."