رحلة تشويه قانون الطاقة المتجدّدة: بقاء الفوضى متحكّمة في قطاع الكهرباء
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
بقيت معضلة الكهرباء في لبنان قائمة، بظل فشل نقل 650 مليون متر مكعب من الغاز المصري سنويًّا إلى لبنان عبر سوريا، لأسباب تتعلّق بمفاعيل قانون قيصر. المشروع كان سيحقّق تغذية بأربع ساعات يوميًا، من خلال إضافة حوالي 450 ميغاوات إلى الشبكة. ومع تأخر تنفيذه، يقبع اللبنانيون في العتمة، تحت رحمة المولّدات الخاصة، لاسيّما وأن وزارة الطاقة أثبت عجزها عن تنفيذ وعودها بزيادة مهمة لساعات التغذية، باستثناء نجاحها في رفع التعرفة.
التوجه نحو الطاقة البديلة
لم يعد أمام اللبنانين من حلّ، سوى التوجه نحو الطاقة المتجدّدة، كخيار وحيد للهروب من عتمة "التيار البرتقالي"، فكان لا بدّ من إطار تشريعي ينظّم إنتاج الكهرباء من خلال الطاقة المتجدّدة (شمس ورياح وطاقة مياه)، من هنا كان العمل على صياغة قانون الطاقة المتجدّدة الموزّعة، الذي يقونن عملية إنتاج الطاقة المتجدّدة أو بيعها، ويسمح للقطاع الخاص بإنتاج وتوزيع وبيع الطاقة المنتجة من الطاقة المتجدّدة، بكميات تصل إلى 10 ميغاواط.
رُبط القانون بهيئة ناظمة لم تُشكل منذ العام 2002
"هو نتاج ثلاث سنوات من العمل، حصل تعاون بيننا وبين مؤسسة كهرباء لبنان. بدأنا بالعمل على إطار قانوني للطاقة المتجدّدة قبل الأزمة، وقبل فورة الطاقة المتجدّدة في لبنان. أنجزنا دراسة مقارنة مع دول المنطقة كالأردن والمغرب وتونس، ودرسنا القوانين الموجودة، كي لا يتعارض معها، ويكمّل القانون 462" تقول الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر في حديث لـ "لبنان 24"، لافتة إلى هدف القانون بفتح الباب أمام القطاع الخاص، كي ينتج ويبيع ويوزع الكهرباء.
يتيح القانون لأيّ صاحب منزل، لديه ألواح طاقة شمسيّة القيام بما يسمّى بـ "التبادل الطاقوي" مع كهرباء لبنان، أي وضع فائض الكهرباء المنتجة عبر أنظمة الطاقة المتجدّدة على الشبكة العامة، توضح أبي حيدر. وبفضل الجهود المشتركة تمّ التوصل إلى وضع مسوّدة للقانون "لطالما كانت وزارة الطاقة ممثّلة على طاولة النقاش، ولم تعترض على أي من النقاط، اعتبرنا أنّنا قطعنا المرحلة الأصعب، فأنجزنا الصيغة النهائيّة، وقُدمت للوزير فياض، ولكن المفاجأة أنّ الوزير أعاد سحب المشروع من مجلس الوزراء، ورفع مسوّدة معدّلة، أعطت الصلاحيات لوزير الطاقة منفردًا، خلافًا للصيغة الأساسيّة. هذا التعديل لقي نزاعًا في اللجان النيابية المختصّة، انتهى في لجنة الأشغال العامة والنقل بربط صلاحيّة تطبيق البنود والإجراءات المذكورة سابقاً بالهيئة الناظمة للقطاع. كان ذلك كفيلًا بإقرار قانون لا يُطبّق، بحيث أُعطيت صلاحيات القانون بكل مفاصله، لهيئة غير موجودة، لم تُعيّن منذ عام 2002 بسبب خلاف سياسي متجذّر في قطاع الكهرباء. وبربطه بالهيئة الناظمة، تمّ تعليق كلّ مفاعيله إلى زمن تعيين الهيئة. وبدل أن نفتح القطاع أمام المبادرات الخاصة والحلول، خنقناه أكثر فأكثر".
حقول شمسية وأنظمة تشاركية على أسطح البنايات
أهمية القانون أنّ الإستفادة منه غير محصورة بالفئة القادرة على تركيب ألواح الطاقة الشمسيّة، ومن شأنه أن يحقّق عدالة بين الناس في الحصول على التيار الكهربائي تلفت أبي حيدر "يسمح بالتشارك على المستوى الضيّق، ويحلّ النزاعات القائمة في بين سكان الأبنية السكنيّة حول المساحات، إذ يتيح وضع نظام واحد للطاقة على سطح البناية، يتشارك به الكل، عبر تركيب ساعة في كلّ شقّة. الأهم أنه يسمح بالحلول المجتمعية، كأن تقيم مجموعة بلديات حقلًا شمسيًا، يسمح للقاطنين بالإشتراك، بدل المولدات الخاصة أو إلى جانبها. كما يتيح لسكان المدن غير القادرين على تركيب نظام شمسي على أسطح الأبنية بفعل ضيق المساحة، أن يستحصلوا على اشتراك من البلدية، وبذلك يقلل الكلفة ويحقّق العدالة الكهربائية بين الجميع".
استخدام شبكة كهرباء لبنان
الصيغة الأساسيّة للقانون لم تشترط الحصول على إذن من مؤسسة كهرباء لبنان أو وزير الطاقة أو الهيئة الناظمة، بمعنى آخر، قطعت الطريق على أيّ زبائنية سياسية، بحيث يسمح القانون لكل من يرغب في بيع الفائض من الطاقة الشمسية، أو نقلها إلى مكان آخر، أن يستعمل شبكة كهرباء لبنان لقاء بدل مالي. وبموجبه يمكن للمواطن أن ينقل الطاقة الشمسيّة في منزله في منطقة البقاع إلى منزله في بيروت، والأمر نفسه ينسحب على الشركات والبلديات. كما تبرز أهميته في الاستغناء عن الشبكات الرديفة.
المفارقة أنّ الوزير فياض يحتفي اليوم بإقراره، ويصفه بأنّه إنجاز تشريعي كبير، يشكل محطة مضيئة في تطوير سوق الطاقة المتجددة في لبنان. "البطولة لا تجوز هنا، لأنّ التشويه أصاب جوهر القانون والغاية منه" تلفت أبي حيدر، معتبرة أنّ القانون ولد ميتًا بالصيغة التي أُقرّ بها، ولا يُطبّق إلا إذا تمّ تعيين الهيئة، علمًا أنّ التيار الوطني الحر يسعى جاهدًا لعدم تعيينها. "والأخطر من ذلك، أن يحلّ الوزير مكان الهيئة إلى حين تعيينها، ونحن نفضّل أن لا يطبق القانون، من أن يتحكّم الوزير بمفاصله، ليس انطلاقًا من أيّ موقف ضد الوزير، بل لأنّه يمثل جهة سياسية، كما أنّه جهة غير ملمّة بالأمور الإداريّة، التقنيّة منها والفنيّة، وبطبيعة الحال تدركها مؤسسة كهرباء لبنان فقط، كونها الجهة المتواجدة على أرض الواقع".
تتحدّث أبي حيدر مطولًا عن إيجابيات القانون لو أقرّ بصيغته الأصليّة "كان ليحدث عجلة اقتصادية، وحلًا لمعضلة الكهرباء، بدل انتظار الفيول العراقي، أو البقاء تحت رحمة المولدات. وبالتشويه الذي حصل، يترسّخ انطباع بأنّ هناك من يهمه بقاء الفوضى متحكّمة في قطاع الكهرباء". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: کهرباء لبنان
إقرأ أيضاً:
من فيتنام إلى دبي.. رحلة ضابطة لاكتشاف مستقبل إنفاذ القانون
دبي: «الخليج»
لم تتوقع الرائد بوي ذيدونغ، المحاضِرة في أكاديمية الشرطة الشعبية في فيتنام، عند انضمامها إلى الدبلوم التخصصي في الابتكار الشرطي والقيادات الدولية (PIL) الذي تنظمه القيادة العامة لشرطة دبي، بالتعاون مع جامعة روتشستر للتكنولوجيا، مدى التأثير العميق الذي ستحدثه هذه التجربة في حياتها المهنية والشخصية، فبعد 14 عاماً من تدريب الضباط المرشحين في بلدها، جاءت إلى دبي باحثة عن أفكار جديدة، لكنها ستغادر برؤية جديدة لمستقبل إنفاذ القانون، وبمهارات قيادية متطورة، وأسلوب حياة مختلف.
أحدث الابتكارات
منذ يومها الأول في البرنامج، أُتيحت للرائد ذيدونغ فرصة الاطلاع على أحدث التقنيات التي تُعيد تعريف مفهوم العمل الشرطي العالمي وقالت: أدرك الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في إنفاذ القانون، لكن رؤية ذلك يُطبّق عملياً في دبي غيّر تماماً طريقتي في التفكير».
وتحدثت عن استخدام شرطة دبي لأنظمة الطائرات المسيرة «الدرون» في الدوريات وتعزيز الأمن: قائلة: «لا تزال هذه التكنولوجيا في مراحلها الأولى في فيتنام ولكن بعد زيارتي لمركز القيادة والسيطرة في شرطة دبي، شاهدت كيفية استخدامها بفعالية في الكشف عن الجرائم والقبض على مرتكبيها وتعزيز الأمن، إنه نموذج يمكننا الاستفادة منه لتعزيز أمن مجتمعاتنا».
كما أذهلتها مراكز الشرطة الذكية في دبي لتقديمها خدمات شرطية ومجتمعية متكاملة دون الحاجة إلى تدخل بشري وعلى مدار الساعة، مؤكدة أن هذه المراكز ليست مجرد مراكز خدمية وحسب، بل تحولًا حقيقياً في مفهوم الشرطة المجتمعية، حيث تعزز ثقة الجمهور في الشرطة، نظراً لكفاءة وسهولة التقديم على الخدمات.
عملية متكاملة
أضافت ذيدونغ: «يؤكد الدبلوم أن القيادة ليست مجرد توجيه للآخرين، وإنما هي عملية متكاملة ضمن منظومة شاملة تحفّز الفرق على التفكير الإبداعي والتكيف مع التغيير. سأحرص لدى عودتي إلى الفيتنام أن أطبق هذه المبادئ لجعل تدريب الضباط أكثر فعالية وحداثة». وأوضحت: «منحني الدبلوم فرصة التفاعل مع زملاء من 39 دولة، مُقدماً لي منظوراً جديداً تماماً، فالجميع هنا يشارك تجاربه وأفضل ممارساته، مما يخلق بيئة فريدة من التعلم المشترك وتبادل أفضل الخبرات».
اللياقة البدنية
أكدت ذيدونغ: «لم أكن أمارس الرياضة أبداً في الفيتنام ولكن هنا، أصبح التمرين جزءاً من يومي. الآن يمكنني الجري لمسافة خمسة كيلومترات دون توقف وهو أمر لم أكن أتصور أنني سأتمكن من القيام به سابقاً، هذا التغيير لم يكن مجرد تحسين في اللياقة البدنية بل أثر على طاقتي العقلية وحالتي النفسية وأصبحت أكثر تركيزاً وإيجابية».
مع اقترابها من نهاية البرنامج، باتت الرائد ذيدونغ متحمسة للعودة إلى فيتنام وتطبيق كل ما تعلمته.