بقيت معضلة الكهرباء في لبنان قائمة، بظل فشل نقل 650 مليون متر مكعب من الغاز المصري سنويًّا إلى لبنان عبر سوريا، لأسباب تتعلّق بمفاعيل قانون قيصر. المشروع كان سيحقّق تغذية بأربع ساعات يوميًا، من خلال إضافة حوالي 450 ميغاوات إلى الشبكة. ومع تأخر تنفيذه، يقبع اللبنانيون في العتمة، تحت رحمة المولّدات الخاصة، لاسيّما وأن وزارة الطاقة أثبت عجزها عن تنفيذ وعودها بزيادة مهمة لساعات التغذية، باستثناء نجاحها في رفع التعرفة.

بطبيعة الحال لم يستغرب اللبنانيون ذلك، خصوصًا أنّ الفريق السياسي القابض على وزارة الطاقة منذ أكثر من عشر سنوات، رفض كلّ العروض الدولية لتأمين الكهرباء، منها العرضان المقدّمان من شركتي (جنرال إلكتريك) و(سيمنس)، يقضي كل عرض بتزويد معملي دير عمار والزهراني بألف ميغاواط طاقة على الغاز، على أن تؤمّن الشركتان أيضًا الغاز اللازم لتوليد الطاقة. العروض قُدّمت في حينه، على خلفية قرار الحكومة التفاوض مع أربع شركات، حول إمكان تزويد لبنان بالمولدات اللازمة، لإنتاج الكهرباء بمعدل 24 ساعة. تحرّك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على وجه السرعة، وكلّف مكتبًا استشاريًا، وضعَ دفتر الشروط لإجراء عملية تلزيم دولية وفق الأصول، لكن وزير الطاقة وليد فياض عاد وسحب الطلب من مجلس الوزراء (للمزيد من الدرس)، الأمر الذي فجّر سجالًا، بينه وبين ميقاتي، قبل أن تدخل الحكومة مرحلة تصريف الأعمال، وعلى ما يبدو لا زال الوزير فياض في مرحلة الدرس المعمّق.
التوجه نحو الطاقة البديلة
لم يعد أمام اللبنانين من حلّ، سوى التوجه نحو الطاقة المتجدّدة، كخيار وحيد للهروب من عتمة "التيار البرتقالي"، فكان لا بدّ من إطار تشريعي ينظّم إنتاج الكهرباء من خلال الطاقة المتجدّدة (شمس ورياح وطاقة مياه)، من هنا كان العمل على صياغة قانون الطاقة المتجدّدة الموزّعة، الذي يقونن عملية إنتاج الطاقة المتجدّدة أو بيعها، ويسمح للقطاع الخاص بإنتاج وتوزيع وبيع الطاقة المنتجة من الطاقة المتجدّدة، بكميات تصل إلى 10 ميغاواط.
رُبط القانون بهيئة ناظمة لم تُشكل منذ العام 2002
"هو نتاج ثلاث سنوات من العمل، حصل تعاون بيننا وبين مؤسسة كهرباء لبنان. بدأنا بالعمل على إطار قانوني للطاقة المتجدّدة قبل الأزمة، وقبل فورة الطاقة المتجدّدة في لبنان. أنجزنا دراسة مقارنة مع دول المنطقة كالأردن والمغرب وتونس، ودرسنا القوانين الموجودة، كي لا يتعارض معها، ويكمّل القانون 462" تقول الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر في حديث لـ "لبنان 24"، لافتة إلى هدف القانون بفتح الباب أمام القطاع الخاص، كي ينتج ويبيع ويوزع الكهرباء.
يتيح القانون لأيّ صاحب منزل، لديه ألواح طاقة شمسيّة القيام بما يسمّى بـ "التبادل الطاقوي" مع كهرباء لبنان، أي وضع فائض الكهرباء المنتجة عبر أنظمة الطاقة المتجدّدة على الشبكة العامة، توضح أبي حيدر. وبفضل الجهود المشتركة تمّ التوصل إلى وضع مسوّدة للقانون "لطالما كانت وزارة الطاقة ممثّلة على طاولة النقاش، ولم تعترض على أي من النقاط، اعتبرنا أنّنا قطعنا المرحلة الأصعب، فأنجزنا الصيغة النهائيّة، وقُدمت للوزير فياض، ولكن المفاجأة أنّ الوزير أعاد سحب المشروع من مجلس الوزراء، ورفع مسوّدة معدّلة، أعطت الصلاحيات لوزير الطاقة منفردًا، خلافًا للصيغة الأساسيّة. هذا التعديل لقي نزاعًا في اللجان النيابية المختصّة، انتهى في لجنة الأشغال العامة والنقل بربط صلاحيّة تطبيق البنود والإجراءات المذكورة سابقاً بالهيئة الناظمة للقطاع. كان ذلك كفيلًا بإقرار قانون لا يُطبّق، بحيث أُعطيت صلاحيات القانون بكل مفاصله، لهيئة غير موجودة، لم تُعيّن منذ عام 2002 بسبب خلاف سياسي متجذّر في قطاع الكهرباء. وبربطه بالهيئة الناظمة، تمّ تعليق كلّ مفاعيله إلى زمن تعيين الهيئة. وبدل أن نفتح القطاع أمام المبادرات الخاصة والحلول، خنقناه أكثر فأكثر".
حقول شمسية وأنظمة تشاركية على أسطح البنايات
أهمية القانون أنّ الإستفادة منه غير محصورة بالفئة القادرة على تركيب ألواح الطاقة الشمسيّة، ومن شأنه أن يحقّق عدالة بين الناس في الحصول على التيار الكهربائي تلفت أبي حيدر "يسمح بالتشارك على المستوى الضيّق، ويحلّ النزاعات القائمة في بين سكان الأبنية السكنيّة حول المساحات، إذ يتيح وضع نظام واحد للطاقة على سطح البناية، يتشارك به الكل، عبر تركيب ساعة في كلّ شقّة. الأهم أنه يسمح بالحلول المجتمعية، كأن تقيم مجموعة بلديات حقلًا شمسيًا، يسمح للقاطنين بالإشتراك، بدل المولدات الخاصة أو إلى جانبها. كما يتيح لسكان المدن غير القادرين على تركيب نظام شمسي على أسطح الأبنية بفعل ضيق المساحة، أن يستحصلوا على اشتراك من البلدية، وبذلك يقلل الكلفة ويحقّق العدالة الكهربائية بين الجميع".
استخدام شبكة كهرباء لبنان
الصيغة الأساسيّة للقانون لم تشترط الحصول على إذن من مؤسسة كهرباء لبنان أو وزير الطاقة أو الهيئة الناظمة، بمعنى آخر، قطعت الطريق على أيّ زبائنية سياسية، بحيث يسمح القانون لكل من يرغب في بيع الفائض من الطاقة الشمسية، أو نقلها إلى مكان آخر، أن يستعمل شبكة كهرباء لبنان لقاء بدل مالي. وبموجبه يمكن للمواطن أن ينقل الطاقة الشمسيّة في منزله في منطقة البقاع إلى منزله في بيروت، والأمر نفسه ينسحب على الشركات والبلديات. كما تبرز أهميته في الاستغناء عن الشبكات الرديفة.

المفارقة أنّ الوزير فياض يحتفي اليوم بإقراره، ويصفه بأنّه إنجاز تشريعي كبير، يشكل محطة مضيئة في تطوير سوق الطاقة المتجددة في لبنان. "البطولة لا تجوز هنا، لأنّ التشويه أصاب جوهر القانون والغاية منه" تلفت أبي حيدر، معتبرة أنّ القانون ولد ميتًا بالصيغة التي أُقرّ بها، ولا يُطبّق إلا إذا تمّ تعيين الهيئة، علمًا أنّ التيار الوطني الحر يسعى جاهدًا لعدم تعيينها. "والأخطر من ذلك، أن يحلّ الوزير مكان الهيئة إلى حين تعيينها، ونحن نفضّل أن لا يطبق القانون، من أن يتحكّم الوزير بمفاصله، ليس انطلاقًا من أيّ موقف ضد الوزير، بل لأنّه يمثل جهة سياسية، كما أنّه جهة غير ملمّة بالأمور الإداريّة، التقنيّة منها والفنيّة، وبطبيعة الحال تدركها مؤسسة كهرباء لبنان فقط، كونها الجهة المتواجدة على أرض الواقع".
تتحدّث أبي حيدر مطولًا عن إيجابيات القانون لو أقرّ بصيغته الأصليّة "كان ليحدث عجلة اقتصادية، وحلًا لمعضلة الكهرباء، بدل انتظار الفيول العراقي، أو البقاء تحت رحمة المولدات. وبالتشويه الذي حصل، يترسّخ انطباع بأنّ هناك من يهمه بقاء الفوضى متحكّمة في قطاع الكهرباء". المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: کهرباء لبنان

إقرأ أيضاً:

ضبط 10.7 طن زيت طعام مجهول المصدر بالشرقية.. كيف يواجه القانون المخالفين

استعرض جهاز حماية المستهلك بقيادة إبراهيم السجيني، رئيس الجهاز، أبرز جهوده الرقابية التي قام بها خلال النصف الأول من يناير الجاري.

برلماني: استئناف الحوار الوطني يعكس التزام الدولة بتوسيع النقاش المجتمعيبرلماني: برنامج الإصلاح الاقتصادي ساهم في تعزيز مرونة الاقتصاد الوطنيبرلماني: الدولة المصرية استعادت قوتها ولن تفلح الشائعات من النيل منهاالجيل يعقد اجتماعا موسعا بشأن الانتخابات البرلمانية والمحليات بالدقهلية.. صور

جاء التقرير في الفترة من 1 إلى 15 يناير 2025، حيث تضمنت الجهود ضبط الأسواق، مراقبة أسعار السلع، والتعامل مع شكاوى المواطنين في مختلف القطاعات.

وخلال النصف الأول من يناير الجاري، تلقى مركز استقبال وفحص البلاغات والشكاوى بالجهاز 11298 شكوى وبلاغًا من المواطنين، وتم التعامل مع الشكاوى وتحويلها للإدارات المعنية، حيث تمت إزالة الأسباب المتعلقة بمعظمها.

وأسفرت جهود الرقابة، في إطار التوجيهات الصادرة من رئيس الجهاز بضرورة متابعة الأسواق، عن تنفيذ 389 حملة رقابية وزيارة 5016 منشأة تجارية، وتحرير 1328 محضرًا للمخالفات التي تنوعت بين عدم الإعلان عن الأسعار، والبيع بأزيد من السعر المعلن، وتداول سلع مجهولة المصدر، وغيرها من المخالفات.

وقامت الأجهزة الرقابية بالتعاون مع مباحث التموين بوزارة الداخلية بضبط مخزن لتعبئة الزيوت مجهولة المصدر في محافظة الشرقية، حيث تم ضبط 10.8 طن من الزيت مجهول المصدر كانت معدة للتداول، بالإضافة إلى أدوات التعبئة والتغليف المستخدمة.

عقوبات غش الأغذية فى قانون الغش والتدليس

 تصدى قانون الغش والتدليس لجريمة غش الأغذية حيث حدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، ونص "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق.

عقوبة غش الأغذية فى قانون العقوبات

وتصدى قانون العقوبات لجريمة غش الأغذية، حيث نص قانون العقوبات على الحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنوات، أو غرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد عن 30 ألف جنيه، لكل من غش أو شرع فى غش أغذية إنسان أو حيوان، أو كانت فاسدة وغير صالحة.

ويتضمن القانون فى مادته 116، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 5 أو بغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد عن 30 ألف، كل من حاز عن طريق الشراء، سلعة مدعمة لغير الاستعمال الشخصى، أو إعادة بيعها وخلطها بمواد أخرى بقصد الإتجار.

مقالات مشابهة

  • كهرباء غزة: 450 مليون دولار خسائر قطاع الكهرباء نتيجة الحرب
  • ضبط 10.7 طن زيت طعام مجهول المصدر بالشرقية.. كيف يواجه القانون المخالفين
  • سلطة الطاقة: إعادة إعمار قطاع الكهرباء في غزة سيتم عبر 4 مراحل
  • أمريكا تصادق رسمياً على قانون حظر تيك توك
  • وزير الكهرباء يتفقد محطة السد العالي بأسوان.. صور
  • مؤشرات متصاعدة على فوضى سياسية وقانونية في أوساط الاحتلال
  • إقرار 3 قوانين واتفاقيتين دوليتين.. حصاد جلسات "النواب" الأسبوع الجاري
  • مجزرة الكنابي بولاية الجزيرة: بين غياب العدالة وخطر الفوضى
  • هل تم سحب ملف صياغة تعديلات مدونة الأسرة من الوزير وهبي بعد إعلان تشكيل اللجنة الوزارية ؟
  • هل تتراجع أسعار الكهرباء والبنزين في موريتانيا مع بدء استخراج الغاز؟