تنتشر في طرقات مدينة غزة ومخيم جباليا، شمالي قطاع غزة، جثث الحيوانات النافقة والقطط والكلاب الهزيلة التي تبحث عن أي شيء يسد رمقها بين أكوام النفايات، في مشهد يرسم صورة أخرى للمجاعة التي يعيشها الأحياء شمالي القطاع جراء منع الجيش الإسرائيلي وصول المساعدات الغذائية إليهم.

وباتت الوجبة الوحيدة لهذه القطط والكلاب هي جثث الحيوانات والطيور النافقة المتحللة في الطرقات وتلك التي ألقاها أصحابها في النفايات مثل القطط المنزلية أو الحمام والعصافير التي لم يجد أصحابها طعاما لها فنفقت جوعاً.

ويقول الفلسطيني سامح زين الدين، الذي يقيم في مخيم جباليا، إن جثث عشرات الحيوانات الميتة ملقاة قرب أكوام النفايات وبعضها متحلل.

ويضيف زين الدين في حوار مع وكالة الأناضول "لا يوجد طعام كاف للبشر في المخيم وكافة مناطق شمالي القطاع، لذلك معظم هذه الحيوانات ماتت جوعاً فهي لم تأكل منذ أسابيع طويلة."

وعلى مقربة من حاوية نفايات كبيرة في مدينة غزة، تشير المواطنة أسماء النجار إلى قطة وتقول "مسكينة، لا تجد طعاما وتأكل من لحم قطة أخرى متحللة. الجوع يكاد يقتل البشر فما بالك بالحيوانات".

وتتابع النجار "رائحة الحيوانات الميتة تزكم أنوفنا وتسبب لنا أذى كبيرا خاصة لمن يعاني من أمراض تنفسية مثل الربو. ونحن نحاول جمع هذه الحيوانات في أماكن بعيدة عن منازلنا ولكن الروائح تصلنا ونخشى أن تسبب لنا أضرارا صحية."

وفي مشاهد أخرى أكثر قسوة تم رصدها خلال الأيام الماضية، كانت القطط والكلاب تأكل من أجساد فلسطينيين قتلهم جيش الاحتلال في مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، بعد منع سيارات الإسعاف من نقلهم إلى المستشفيات، وفق ما نقلت الأناضول عن شهود عيان.

وقال شهود إن القطط والكلاب كانت تنهش جثامين متحللة لفلسطينيين استشهدوا بعد استهدافهم من قبل جيش الاحتلال بالمناطق الغربية لمدينة خان يونس.

عائد أبو نجم يطعم بعض القطط في المأوى الذي أنشأه لإنقاذها من الموت جوعا (الأناضول) مبادرة

وفي مبادرة لإنقاذ القطط من الموت جوعاً، أنشأ الطبيب البيطري عائد أبو نجم مأوى للقطط المنزلية في مدينة رفح، أقصى جنوبي قطاع غزة، للعناية بها وإطعامها بعد أن فقد أصحابها منازلهم أو لم يستطيعوا توفير الطعام لها.

ويقول الطبيب "الحرب الإسرائيلية طالت الحيوانات كما البشر، وتعرضت هذه لأذى كبير ولأسوأ أنواع الظلم." ويضيف "كثير من القطط ماتت جوعاً أو قتلاً بالقصف الإسرائيلي".

ويوضح الطبيب أن "الطعام الخاص بالقطط نفد من الأسواق ويمكن العثور على كميات ضئيلة منه بصعوبة بالغة، لذلك عملت على جمع كميات منه وأسست مأوى للقطط التي لا يستطيع أصحابها رعايتها".

ويشير إلى أنه يعمل على جمع هذه القطط وإطعامها، والاهتمام بها صحياً حتى يتمكن أصحابها من استعادتها بعد انتهاء الحرب.

ويضيف "حتى وإن ارتفع سعر الطعام نسعى لتوفيره حتى لا تموت الحيوانات، فهذه مشكلة كبيرة أن تموت جوعًا وهي تحت حمايتنا في المأوى".

ويعرب أبو نجم عن استيائه وامتعاضه مما تتعرض له القطط جراء الحرب، وما يخرج من صور عن الحياة الصعبة التي تعيشها الحيوانات في غزة.

ويناشد كافة الأطراف القادرة على تغيير هذا الوضع المأساوي بالتدخل العاجل لإنقاذ هذه الحيوانات المظلومة، ولا سيما أن مربي القطط عادة ما يكونون أشخاصا تربطهم علاقة وثيقة بحيواناتهم.

تحذيرات أممية

وخلال الشهرين الماضيين، حذرت العديد من المنظمات الحقوقية والأممية من المجاعة في قطاع غزة، بسبب منع إسرائيل وصول المساعدات إلى مناطق مدينة غزة وشمالي القطاع والسماح بإدخالها بكميات محدودة إلى مناطق الجنوب.

والثلاثاء، قال رئيس منظمة هيومن رايتس ووتش الأوروبية المتوسطية رامي عبده إن إسرائيل تستخدم التجويع سلاحا لطرد سكان قطاع غزة من أرضهم وحتى قتلهم.

وأوضح عبده -في حديث للأناضول- أن غزة تعاني نقصا شديدا في المواد الغذائية وأن كمية المساعدات التي تصل انخفضت من متوسط 500 شاحنة قبل الحرب إلى أقل من 100 حاليا.

وقال إن ما بين 50 و100 شاحنة مساعدات فقط وصلت شمالي غزة في 100 يوم الماضية، وإن هناك جوعا شديدا ونقصا في كل شيء بالقطاع.

وذكر أن الناس يتضورون جوعا حتى الموت. ويعاني أكثر من نصف مليون فلسطيني بسبب ظروف الشتاء القاسية ونقص الغذاء.

وتابع "في الوقت الحالي، يعاني أكثر من نصف سكان غزة الجوع الشديد. ويواجه جميع سكان شمالي غزة ظروف مجاعة قاسية".

وقال إن جنود الاحتلال أطلقوا النار على من حاولوا الوصول إلى شاحنات الغذاء التي دخلت غزة بأعداد قليلة من الجنوب إلى الشمال، وأن رايتس ووتش وثقت وفاة العشرات بسبب ذلك.

وأضاف "نتحدث عن التجويع المتعمد وخاصة شمالي غزة، والأطفال هم الأكثر تضررا من هذا الوضع".

وأكد أن معظم الرضع يحتاجون إلى الحليب الذي لا يدخل القطاع، بجانب نقص المستلزمات الطبية والأدوية، وأن النساء بالكاد يستطعن التعامل مع هذا الوضع.

وقد ألحق العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 دمارا هائلا بالقطاع، وكارثة إنسانية غير مسبوقة وفق الأمم المتحدة، وأسفر عن استشهاد نحو 27 ألف فلسطيني وإصابة حوالي 66 ألفا آخرين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القطط والکلاب قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا.. أكبر كارثة لكوريا الشمالية منذ المجاعة

في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، انتشرت إشاعات بين سكان مدينة هيسان الكورية الشمالية، حول نشر قوات روسية في المنطقة، وخشيت العائلات من أن يُجبر أبناؤهم على القتال في أوكرانيا، ولكن في غياب أي أنباء رسمية من بيونغ يانغ، لم يتمكنوا من التحقق من صحة تلك المزاعم.

استراتيجية كوريا الشمالية الحالية تعتمد على فوز روسيا في أوكرانيا

في غضون أيام قليلة، انتشرت الإشاعات من هيسان إلى مناطق أخرى عبر شبكات التجارة المحلية ومسؤولي الحدود، ليتبين لاحقاً أن تلك الإشاعات صحيحة.

وقال الدبلوماسي السابق كارل أنتوني بورغ، عبر مجلة "ذا ديبلومات"، إن كوريا الشمالية أرسلت بناء على اتفاق مع روسيا أُنجز في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نحو 11 ألف جندي إلى الخطوط الأمامية في أوكرانيا، مزودين بالإمدادات وبراتب سخي من روسيا.

كوريا الشمالية تشجع جنودها على "الانتحار" لتجنب الأسر في أوكرانيا - موقع 24قال نائب بالبرلمان الكوري الجنوبي، نقلاً عن جهاز المخابرات الوطني بالبلاد اليوم الإثنين، إن عدد القتلى والجرحى في صفوف القوات الكورية الشمالية التي تقاتل مع روسيا ضد أوكرانيا تجاوز على الأرجح 3 آلاف، منهم نحو 300 قتيل و2700 مصاب.

ورغم تركيز الاهتمام على إمكانية حصول النظام الكوري الشمالي على تقنيات عسكرية ونووية جديدة، إلا أن الآثار المحلية لهذا الانتشار ما تزال غير مستكشفة إلى حد كبير.

خسائر فادحة

تعاني القوات الكورية الشمالية من خسائر فادحة في أوكرانيا، وخاصة في منطقة كورسك حيث تم نشر معظمهم على الخطوط الأمامية.

وقدرت أوكرانيا وكوريا الجنوبية أن ما يصل إلى 3000 جندي من أصل 11000 قد سقطوا بين قتيل وجريح. هذا المستوى المرتفع من الخسائر هو نتيجة لتحديات عديدة تواجه القوات الكورية الشمالية، بما في ذلك قلة التدريب، خاصة في حرب الطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى معاملة القوات الكورية الشمالية باعتبارها "قابلة للتضحية" من قبل القوات الروسية. كما وردت تقارير عن حالات انتحار بين الجنود الكوريين الشماليين، غالباً لتجنب الأسر على يد الجنود الأوكرانيين، في ثقافة تساوي الاستسلام بالخيانة. 

The unprecedented loss of North Korean lives in a foreign conflict means that the war in Ukraine could be the Kim regime’s most significant test since the 1990s famine. https://t.co/SBFsfj5lh1 pic.twitter.com/LqDVV5TUiJ

— The Diplomat (@Diplomat_APAC) January 22, 2025

هذه الخسائر غير المسبوقة تثير تساؤلات حول ما إذا كان النظام في كوريا الشمالية قادراً على تحمل هذه الخسائر مع الحفاظ على الاستقرار الداخلي.

مشاركات سابقة

منذ نهاية الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي، قدمت بيونغ يانغ دعماً لحلفائها الأيديولوجيين في صراعات خارجية مثل فيتنام وإثيوبيا واليمن وأوغندا وأنغولا، وقد تم إخفاء تفاصيل هذا الدعم عن العامة لاعتبارات تتعلق بالتداعيات المحلية.

وكان أكبر التزام عسكري لكوريا الشمالية بعد الحرب الكورية هو مساعدتها لفيتنام الشمالية، حيث أرسل كيم إيل سونغ نحو 384 جندياً، من بينهم طيارون وخبراء في الهندسة. 

التورط في أوكرانيا: تحديات جديدة

لكن بحسب الكاتب، فإن التورط العسكري في أوكرانيا يفرض تحديات غير مسبوقة على سيطرة النظام على المعلومات في كوريا الشمالية، فبخلاف فيتنام وأوغندا، حيث كانت الخسائر محدودة وممتدة على سنوات، الخسائر في أوكرانيا ضخمة ومركزة في وقت ومكان محددين.

وفي السابق، كان بإمكان النظام التحكم في المعلومات بشكل أفضل من خلال نقل العائلات المتضررة إلى بيونغ يانغ. وفي حالة أوكرانيا، سيكون نقل آلاف العائلات تحدياً كبيراً، وقد يغير التركيبة الاجتماعية والعسكرية في كوريا الشمالية.

#DPRK - "Will Casualties in #Ukraine Lead to Change in North Korea?"https://t.co/Ylwvf7YguB

— Ville Kostian (@Kostian_V) January 22, 2025  قضايا الولاء العسكري

الورطة العسكرية لكوريا الشمالية تثير مخاوف من تراجع الولاء العسكري.

وفي التسعينيات، حاول الفيلق السادس من الجيش الشعبي الكوري الانقلاب على النظام، وتم إخماد المحاولة سريعاً، مما يوضح أن الولاء العسكري لا يمكن أخذه كأمر مسلم به، حتى في نظام ككوريا الشمالية.

إدارة الخسائر العسكرية

مع تزايد خسائر الجنود الكوريين الشماليين في أوكرانيا، تسعى بيونغ يانغ للسيطرة على تداعيات هذا الوضع.

وفي محاولة للتغطية على الخسائر، كثف النظام من مراقبته للهواتف المحمولة المنتشرة على الحدود الصينية، حيث تشكل هذه الوسائل تهديداً كبيراً لقدرته على السيطرة على المعلومات.

كما زعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الجنود الكوريين الشماليين الذين يعبرون عن رغبتهم في إيقاف الحرب ونشر الحقيقة حولها في كوريا سيتم منحهم فرصة للإقامة في أوكرانيا.

تقويض الفوائد المحتملة

إذا استمر تورط كوريا الشمالية في أوكرانيا بهذا الشكل الكارثي، فقد يُقوض تحالفها مع روسيا. الجمع بين الخسائر العسكرية والمشاركة في حرب خارجية قد يؤدي إلى خلق حالة من عدم الاستقرار الداخلي، حيث سيؤدي هذا إلى خيبة أمل متزايدة بين أفراد الجيش والمجتمع بشكل عام.

وختم الكاتب أن السباق نحو انتصار في أوكرانيا قد يمثل أكبر اختبار لنظام كوريا الشمالية منذ المجاعة في التسعينات، ومع استمرار هذه الخسائر، قد يشهد المجتمع الكوري الشمالي تحولات جذرية تؤثر على توازن النظام الداخلي.

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتلال تقتحم مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية
  • الكشف عن عدد شاحنات المساعدات التي دخلت شمال غزة
  • القوات الإسرائيلية تطلق قنابل الغاز تجاه المركبات العالقة على حاجز "جبع" العسكري شمالي القدس
  • أوكرانيا.. أكبر كارثة لكوريا الشمالية منذ المجاعة
  • شهيد وإصابات إثر انفجار قذيفة من مخلفات العدوان الصهيوني شمالي غزة
  • كيف حذر النبي من التمثيل بالجثث؟ لا تؤذي أحدًا فتقع في هذه الكبيرة المُحرمة
  • ‏القناة 13 الإسرائيلية: العثور على مسيرة قرب "يتسهار" شمالي الضفة ويتم التأكد ما إذا كانت تحمل متفجرات
  • رابط تسجيل الغاز في مدينة غزة وشمالها
  • بنسعيد: ميزانية وزارة الثقافة كانت هزيلة في الحكومات السابقة
  • “القسام” تكشف تفاصيل سلسلة “كمائن الموت” في معارك بيت حانون شمالي قطاع غزة