إضراب النار بالمنازل في غزة ممارسة شائعة لجنود الاحتلال
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
كشفت صحيفة "هآرتس" أنها حصلت على معلومات تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي أمر جنوده بإضرام النار في المنازل التي غادرها سكانها في قطاع غزة، وأن مئات عدة منها تعرضت لأضرار يتعذر إصلاحها.
ووفقا لتلك المعلومات، فقد بدأ جنود إسرائيليون بحرق المنازل تنفيذا لأوامر مباشرة من قادتهم، دون الحصول على الإذن القانوني اللازم للقيام بذلك.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن الجنود دمروا خلال الشهر المنصرم مئات عدة من المباني، ثم أشعلوا النار في هيكل البناية حتى تحترق، وتصبح عديمة الفائدة.
وقال الجيش الإسرائيلي في ردّه على التقرير، إن تدمير المباني يتم بوسائل معتمدة فقط، وإن أي تصرف يُنفذ بطرق مختلفة سيُتحقق منه.
وعندما سُئل عن هذه الممارسة الجديدة، قال قائد في الجيش الإسرائيلي لصحيفة هآرتس إن "المباني تُختار للحرق بناء على معلومات استخباراتية".
وفي ردّه على سؤال هآرتس عن مبنى محترق غير بعيد من المكان الذي أجرت الصحيفة معه اللقاء، زعم القائد العسكري –الذي لم تكشف الصحيفة الإسرائيلية عن هُويته- أنه "لا بد أن تكون هناك معلومات عن مالك المبنى، أو ربما أنه عُثر على شيء ما بداخله. لا أعرف بالضبط سبب إضرام النار في هذا المنزل".
وأكد 3 ضباط يقودون القتال في غزة للصحيفة أن إحراق المنازل أصبح ممارسة شائعة. وقال قائد إحدى الكتائب لجنوده الأسبوع الماضي، بينما كانوا يختتمون عملياتهم في منطقة معينة في غزة: "أخرجوا أغراضكم من المنزل، وجهزوه للحرق".
وكشفت تحقيقات هآرتس أن هذه الممارسة كانت في الأصل مقتصرة على حالات بعينها فقط، ولكنها أصبحت شائعة أكثر فأكثر مع استمرار الحرب.
في الآونة الأخيرة، لجأ الجنود الإسرائيليون المنتشرون في غزة إلى وسائل التواصل الاجتماعي لإظهار أنفسهم وهم يشاركون في إحراق المنازل في غزة.
وأضاف التقرير أن الجنود يفعلون هذا في بعض الأحيان "انتقاما لمقتل زملائهم الجنود، أو حتى لهجوم (حركة حماس على إسرائيل) في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023″.
وتمضي الصحيفة في كشفها حيث أشارت إلى أن حرق مبنى ما، يعني أن ساكنيه لن يتمكنوا من العودة للعيش فيه مرة أخرى.
وتابعت القول إن الجيش الإسرائيلي عمِد، منذ بدء حربه في غزة، إلى تدمير منازل أعضاء حركة حماس، أو مواطني القطاع ممن شاركوا في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وحتى الشهر الماضي، كانت وحدات مقاتلة تابعة لسلاح الهندسة، تستخدم في الغالب الألغام والمتفجرات، وأحيانا المعدات الثقيلة في هدم المنازل.
وأوردت هآرتس نقلا عن تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) يتضمن تحليلا لصور التقطتها أقمار صناعية، أن ما بين 144 ألفا إلى 170 ألف مبنى في قطاع غزة أصيبت بأضرار منذ بدء الحرب.
وتوصل تحقيق نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية الشهر الماضي، ونقلته صحيفة هآرتس، إلى أن مساحات كاملة من القطاع قد مُحيت في بيت حانون وجباليا وحي الكرامة في مدينة غزة.
وجاء في التقرير -أيضا- أن 350 مدرسة ونحو 170 مسجدا وكنيسة، إما تضررت وإما دُمرت حتى أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فی غزة
إقرأ أيضاً:
تحقيق هآرتس : محور نتساريم .. شهادات مروعة لإعدام الفلسطينيين
نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية ، اليوم الأربعاء 18 ديسمبر 2024 ، تحقيقا مفصلا عن محور نتساريم الذين يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه ، والذي يتضمن شاهدات مروعة لاستخدام القوة المفرطة في إعدام الفلسطينيين بدم بارد.
ويتضمن التقرير شهادات مروعة عن استخدام مفرط وغبر مبرر للقوة في إطار حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، منها إطلاق صواريخ من مروحيات على مدنيين، وترك الجثث لنهش الكلاب، ومعاملة مهينة للناجين، في مشهد يعكس انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، فيما يصنف الاحتلال كل شهيد فلسطيني كـ"مخرب"، بغض النظر عن كونه غير مسلح، أو حتى إن كان طفلا.
يركز التحقيق على ممارسات الجيش الإسرائيلي في محور نتساريم وسط قطاع غزة، حيث يستهدف جنود الاحتلال كل من يقترب من المنطقة، أو يعبر "خطًا وهميًا"، بات يعرف بين الجنود والقادة بـ"خط الجثث".
ووفقًا لشهادات ميدانية من ضباط وجنود خدموا خلال الأشهر الأخيرة في المحور الذي أقامه جيش الاحتلال لفصل شمالي قطاع غزة عن جنوبه، يتم تصنيف كل فلسطيني يُعدَم في تلك المنطقة على أنه "مخرب"، حتى وإن كان طفلًا أو مدنيًا أعزلا.
وأوضح التحقيق أن هذا الخط، الذي لا يظهر على أي خريطة ولم يرد في أي أوامر عسكرية رسمية، يُعرف بين وحدات الجيش كمنطقة قتل مفتوحة. ووصف أحد القادة في الفرقة 252 الوضع قائلًا: "بعد إطلاق النار، تبقى الجثث دون أن تُجمع، مما يجذب الكلاب التي تنهشها".
وتابع "في غزة، أصبح السكان يعرفون أن وجود الكلاب يعني وجود جثث".
ويمتد محور نتساريم على طول سبعة كيلومترات، بين السياج الأمني الذي يفصل القطاع عن مناطق 48 في محاذاة كيبوتس "بئيري" والساحل. علما بأن المنطقة المحيطة به أُخليت بالكامل من السكان ودُمرت منازلهم لتتحول المنطقة إلى قاعدة عسكرية للاحتلال.
ووفقا للتقرير، فإن الجيش الإسرائيلي يمنع رسميًا دخول الفلسطينيين إلى المنطقة، لكن عمليًا، من يدخلها يُعتبر هدفًا مشروعًا. وقال أحد الضباط: "القادة الميدانيون وصفوا المنطقة بأنها 'منطقة قتل'، حيث يجب إطلاق النار على كل من يدخلها دون أي استثناء".
واستعرضت الصحيفة شهادات عديدة حول استهداف مدنيين، بينهم أطفال، وحتى أشخاص يحملون أعلامًا بيضاء، تُظهر كيفية التعامل مع الفلسطينيين في غزة.
في إحدى الشاهدات، تحدث جندي عن إطلاق النار على فتى فلسطيني يبلغ من العمر 16 عامًا، مشددا على أنه كان أعزلا.
وعندما اعترض أحد الجنود قائلًا إن "الفتى غير مسلح"، رد قائد الكتيبة قائلًا إن "كل من يعبر الخط هو مخرب. لا استثناءات، لا يوجد مدنيون هنا"؛ لاحقًا، تم تصوير الجثة وإرسالها إلى الاستخبارات العسكرية للتحقق من هويته، وتبين أنه لم يكن له أي صلة بأي "نشاط مسلح".
ومن بين الشهادات رواية أحد الجنود عن استهداف مجموعة من الفلسطينيين غير المسلحين كانوا يحملون علمًا أبيض ويلوحون به للطائرة المسيرة التي كانت ترصدهم؛ ومع ذلك، صدرت أوامر بإطلاق النار عليهم.
وقال الجندي إن "أحد القادة أشار إلى العلم الأبيض قائلًا إنه مؤشر على أنهم مدنيون، لكن القائد الأعلى قال: 'لا أريد أن أسمع عن علم أبيض، أطلق النار'"؛ ورغم محاولات القادة الميدانيين الاعتراض، قوبلوا بالتوبيخ ووُصفوا بالجبن.
وفي حادثة أخرى، تم استهداف أربعة فلسطينيين كانوا يسيرون بالقرب من المحور. الجندي الذي كان في الموقع قال: "كانوا غير مسلحين، وتم رصدهم عبر الطائرات المسيرة. رغم ذلك، تلقينا أوامر بإطلاق النار عليهم. تم قتل ثلاثة على الفور. منظر الجثث لا يفارق رأسي".
وتابع "الرابع نجا ورفع يديه مستسلمًا. مع ذلك، تم احتجازه عاريًا في قفص بالقرب من الموقع. مر العديد من الجنود بجانبه وبصقوا عليه. كان ذلك مقززًا. في النهاية، وصل محقق أسرى من الوحدة 504 وطرح عليه بعض الأسئلة بينما كان يصوب مسدسه إلى رأسه. استجوبه لبضع دقائق ثم أمر بإطلاق سراحه".
وفي مثال على الاستخدام المفرط للقوة في استهداف المدنيين في غزة، كشف التقرير عن إطلاق صاروخ من مروحية على رجل وطفلين كانوا يتجولون على مقربة من نتساريم . الجندي الذي شهد الواقعة قال إنه "لم يكن هناك أي مبرر لاستخدام هذه القوة. تم استهدافهم مباشرة بالصواريخ".
وأفاد التقرير بأن التنافس بين الوحدات العسكرية حول عدد الفلسطينيين الذين يتم قتلهم أصبح سمة بارزة في العمليات العسكرية. وقال أحد الضباط: "بيانات الجيش الرسمية تصف كل قتيل بأنه مخرب وتعلن عن أعداد القتلى (الذين تزعم أنهم مخربون)، مما يحول الأمر إلى سباق بين الوحدات لرفع أعداد القتلى"، وأضاف "إذا قتل عناصر الفرقة 99 مئة وخمسين شخصًا، فإن الفرقة التالية ستحاول الوصول إلى 200 قتيل".
كما أشار التقرير إلى توسع كبير في صلاحيات القادة الميدانيين. أحد الضباط قال إن قادة الكتائب باتوا يتمتعون بصلاحيات غير مسبوقة، بما في ذلك اتخاذ قرارات باستخدام القوة الجوية دون الرجوع إلى القيادة العليا. وأضاف "في كثير من الأحيان، يشعر القادة بأنهم يديرون ميليشيا مسلحة، حيث يتم تجاوز القوانين والضوابط الميدانية".
ووُصف قائد فرقة 252، يهودا واخ، في التحقيق بأنه شخصية متطرفة تدير العمليات بعقلية مغايرة للأعراف العسكرية التقليدية. في إحدى الاجتماعات، قال: "بالنسبة لي، لا يوجد أبرياء في غزة. الجميع مخربون".
كما أشار التقرير إلى أنه سعى لدفع السكان الفلسطينيين في شمال غزة إلى مغادرة منازلهم قسرًا باتجاه الجنوب، لكنه فشل في تحقيق ذلك بشكل كامل؛ وكشف التقرير عن عدد كبير من الجرائم، التي تتسم بغياب المحاسبة والمساءلة وتآكل الضوابط، وتمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية.
واختتم التقرير بالإشارة إلى التأثير النفسي لهذه الممارسات على الجنود أنفسهم، حيث قال أحدهم إن "ما يحدث هنا لا يقتل الفلسطينيين فقط، بل يقتلنا نحن أيضًا. إذا طُلب مني العودة إلى غزة، لن أفعل".
المصدر : وكالة سوا