هو عالم مسلم متعدد المواهب واسع الأفق وصاحب خيال واسع، سبق عصره بأشواط، بل وتميز بأنه سبق عباقرة عظام تلوه وكانوا يوصفون بأنهم سبقوا عصرهم، بما في ذلك ليوناردو دافينشي.
إقرأ المزيداسمه عباس بن فرناس ولد وعاش في قرطبة بالأندلس في عام 810 وتوفى بها في عام 887، وكان عالما موسوعيا ومخترعا برع في الرياضيات والفيزياء والطب وعلم الفلك والهندسة ولم يترك حتى الشعر والموسيقى.
في المجال الهندسي، كان ابن فرناس مغرما بالأجهزة والساعات الميكانيكية، كما كان هذا العالم الفذ مهتما بالبلورات والكوارتز والرمل وبصناعة الزجاج، واستغل معرفته الواسعة في هذا المجال في تصميم ساعة مائية، كما طور طريقة لإنتاج الزجاج من الرمل.
علاوة على ذلك، بعد تجارب على العدسات والاهتمام بخائصها في التكبير، حوّل الزجاج المصنوع من الرمل على زجاج السيليكا والكوارتز، وبهذه الطريقة ابتكر أكوابا أندلسية للشرب.
كما نجح عباس بن فرناس في صنع خليط من الزجاج يجعله أكثر شفافية ويتفوق على المنتجات الشبيهة المتوفرة في ذلك الوقت.
ومن إنجازاته العملية أيضا في هذا المجال، أنه ابتكر طريقة خاصة لصنع "أحجار القراءة"، وهي عدسة منحنية بإمكانها مساعدة ضعاف البصر في القراءة.
ومن سجله الحافل كذلك، أن عباس بن فرناس ابتكر طريقة خاصة لقطع الكريستال الصخري، وبهذه الخطوة استغنت الأندلس في أوج الحضارة الإسلامية المعطاءة هناك، عن الحاجة على نقل بلوراتها الصخرية لتقطيعها إلى مصر، وكانت الوحيدة القادرة على مثل هذا العمل حينها.
هذا ليس كل شيء، ويعتقد بعض الباحثين أن ابن فرناس بعد رحلة إلى العراق قام نقل منظومة الأرقام العربية إلى الاندلس، وأنه اخترع نموذج أولى للنظارات ولجهاز "كرونومتر"، وهو عبارة عن ساعات دقيقة للغاية تستخدم في الملاحة البحرية والجوية.
أما محاولته تجسيد الحلم الذي راود البشر على مر العصور بالطيران مثل الطيور، فقد احتفظ عباس بن فرناس بهذه الفكرة العبقرية إلى أن تقدم في السن، وبلغ من العمر 65 عاما، وعلى ما يبدو كان يعرف جدية وصعوبة مثل هذه المهمة المستحيلة بالنسبة للمتوفر من العلوم والمعارف في عصره.
كان ذلك في عام 875، صنع هذا العالم الجليل جناحين من منسوجات من القماش والحرير، غلف بها ألواحا من الخشب الخفيف، وزيادة في الحيطة قام بخياطة ريش الطيور بالثوب الذي يرتديه.
اختار مكانا مناسبا لهذه التجربة الخطيرة، وكان ذلك في منطقة جبل العروس بمنطقة الرصافة بالأندلس. احتشد الناس حوله فيما وقف قرب منحدر بعد أن ارتدى الجناحين اللذين صنعهما، واندفع محلقا في الهواء. بحسب شهود حلّق في الجو على شكل دائرة لمدة 10 دقائق، وأثناء عودته إلى قمة المنحدر، سقط أثناء محاولة الهبوط وتعرض لرضوض ولإصابة في منطقة الظهر.
كان العيب في تلك التجربة أن ابن فرناس لم يأخذ في اعتباره أهمية وجود ذيل يساعد على المناورة عند الهبوط، كما تفعل الطيور. تلك التجربة مع ذلك توصف بالناجحة، على الرغم من نهايتها غير السارة. أهميتها في أنها كانت غير مسبوقة وعملية، وقد سبق بعدة قرون هذا العالم الفذ نظراءه من المخترعين مثل ليوناردو دافنشي "1452 – 1519".
الكاتب البريطاني جون هاردينغ، على سبيل المثال، يعتبر تجربة عباس بن فرناس تلك، محاولة الطيران الشراعية الأولى لرحلة أثقل من الهواء في تاريخ الطيران.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر: بقاء الشعب الفلسطينى بعد كل المجازر ضده معجزة من السماء
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، "نلمس أثرًا قويًا جدًا لتوجه المسلمين بالدعاء إلى الله تعالى أن يقف إلى عباده المظلومين".
وأضاف شيخ الأزهر، خلال حلقات برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» : "أنا لست سياسيًا ولا دبلوماسيًا ولا عسكريًا، ولكني ممن يمشون في الشارع يتألمون لألم الأمة، وبحساب المكسب والخسارة، نجد أن هناك شعبًا كان يقتل ليلًا ونهارًا بدون توقف تقريبًا، ليس فقط قتل الأطفال والرجال والنساء والعجائز والمرضى، وإنما هدم البيوت والمستشفيات والمدارس، تدمير منظم ووحشي لم نر له مثيلًا من قبل".
وأضاف: الشعب الفلسطيني تعرض لهجمة كانت كفيلة بإبادته، عن آخره، لكن بقاء الشعب بعد هذه الفترة الطويلة معجزة، وبقي متحديًا لأبشع ما أنتجته مصانع الغرب من أدوات قتل وإبادة، ثم يقف الشعب على قدميه صامدًا ويعود إلى أرضه كأنه طوفان، وكأن شيئًا لم يكن، فالشعب هو المنتصر، لأنه كان في مخيلة الصهاينة والغرب المتصهين أنهم سيأخذون الأرض محروقة ومنتهية، لكن لم يحدث رغم أن الشعب بلا سلاح، ولا حول له ولا قوة، ولا نصير لا من الغرب ولا من الشرق".