يجهز الاتحاد الأوروبي العدة والعديد لإطلاق مهمته الخاصة للتصدي لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، لكن بدون المشاركة في الضربات الأمريكية البريطانية التي تستهدف مواقع الجماعة المدعومة من إيران في اليمن. وأوضح مراقبون حاورتهم فرانس24، بأن "أسبيديس (الحامي)" ستركز خصوصا على مواكبة السفن في الممر المائي الاستراتيجي، لكنهم نبهوا إلى أن هذه العملية تؤشر على مدى الانقسام الغربي حيال سبل حلحلة هذه الأزمة.

 

قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأربعاء إنه يأمل في أن يتم التوصل إلى قرار بشأن الدولة التي يمكن لها قيادة مهمة التكتل القادمة لحماية السفن في البحر الأحمر. وأضاف أنه يمكن إطلاق هذه العملية قبل منتصف فبراير/شباط.

 

كما أفاد بوريل وفق ما نقلت عنه وكالة رويترز قبل اجتماع لوزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل: "علينا أن نقرر أي دولة ستتولى القيادة وأين سيكون المقر الرئيسي وما هي الأصول البحرية التي ستقدمها الدول الأعضاء"، مضيفا أنه يأمل في تحديد الجهة التي ستتولى القيادة اليوم.

 

"أسبيديس... لحماية السفن وليست لضرب الحوثيين"

 

وأوضح بوريل للصحافيين قبل الاجتماع: "لن تكون جميع الدول الأعضاء مستعدة للمشاركة لكن لن يعرقل أحد (الأمر).. آمل أن يتسنى إطلاق المهمة في 17 من هذا الشهر (فبراير/شباط)". وأردف قائلا إن هناك مسعى لاختيار الدولة التي ستقود المهمة الأربعاء وكذلك تحديد المقر الرئيسي لها ومن سيشارك وبأي أصول.

 

وتابع الدبلوماسي الأوروبي بأن المهمة التي جاءت تحت مسمى "أسبيدس" أي الحامي، سيكون تفويضها هو حماية السفن التجارية واعتراض الهجمات، ولكن لن تشارك في الضربات ضد الحوثيين.

 

وقال دبلوماسيون إن فرنسا واليونان وإيطاليا أبدت اهتماما بقيادة المهمة، حيث أشارت سبع دول حتى الآن إلى استعدادها لإرسال قطع بحرية، مضيفين أن المهمة ستستند إلى مهام الاتحاد الأوروبي الحالية.

 

وستشهد العملية في البداية ثلاث سفن تحت قيادة الاتحاد الأوروبي. وتخطط ألمانيا لإرسال الفرقاطة هيسن إلى المنطقة.

 

في هذا الشأن، أوضح حسين الوائلي صحافي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي الذي حضر اجتماع وزراء الدفاع الأوروبيين، في تصريح لفرانس24، بأن الوزراء يناقشون الأربعاء المهمة الأوروبية التي ستكون في البحر الأحمر وتركز على حماية المرور البحري، وقال إنها ستشمل أيضا "أمن الطاقة، وحتى الحماية أيضا من النفوذ الصيني الروسي" لأن تضرر مصالح القوتين وفقا له، سيؤدي إلى "فراغ جيوسياسي في هذه المنطقة" وهذا ما لا يريده التكتل. كما قال الوائلي إن الاتحاد الأوروبي مهتم كثيرا بتشكيل مفهوم "الحماية الأوروبية" بعيدا عن حلف شمال الأطلسي (الناتو) وكذا الحلف الأمريكي البريطاني الذي تشكل مؤخرا.

 

وبالنسبة لمقر قيادة مهمة أسبيدس، قال محاورنا إنها "ستكون إما في اليونان أو إيطاليا أو فرنسا، النقاش حاليا يرجح أن تكون في الأولى أو الثانية بسبب القرب الجغرافي لاستخدامها في مهمات الدعم اللوجستي، أو حتى في جيبوتي حيث تتواجد قواعد عسكرية فرنسية، لكن الكل يستبعد أن تكون قاعدة هذه المهمة في الخليج لأن دول المنطقة لا تريد هذه العسكرة أو أن تنخرط في صراع أو مواجهة حقيقية مع الحوثيين. بالتالي ربما يكون الدعم اللوجستي أوروبيا وليس انطلاقا من منطقة الخليج".

 

"عسكرة مفرطة لمياه الخليج"

 

وبالنسبة لمسألة عسكرة منطقة الخليج، أوضح مصطفى ناجي باحث في علم الاجتماع السياسي ودبلوماسي سابق بأن الاتحاد الأوروبي سبق وأن "أنشأ وحدات عملياتية لمكافحة القرصنة في خليج عدن عملت إلى جانب وحدات مهام إقليمية ودولية. والنتيجة كانت عسكرة مفرطة لمياه خليج عدن من ناحية ومن ناحية أخرى تقزيم الجهود الإقليمية والوطنية في الدول المطلة على تلك المياه. ربما ترغب أوروبا باتخاذ مسافة من الرؤية الأمريكية في السياسة الخارجية، لكنها تتجاهل أن مكافحة آفة الإرهاب أو تهديد الملاحة الدولية لا يكون إلا ببناء قدرات دول تلك المنطقة والقصد هنا هو اليمن، وذلك أمنيا وسياسيا لا سيما وأن التهديدات نابعة من أطراف وكيانات ليست بالدول".

 

كما قال ناجي لفرانس24 إنه و"أيا كانت المهمة الأوروبية الجديدة أو هويتها فإنها في الوضع الحالي اليمني الذي يهمين على مشهده الحوثي ويعد مصدر هذا التهديد الخطير للملاحة الدولية، أشبه بمن يضع صفيحة كبيرة لتغطية دخان الحرائق اليمنية-اليمنية ومعالجة الأعراض دون السبب". وأردف في هذا الصدد: "بطبيعتها الدول الأوربية المنضوية في منظومة الاتحاد الأوروبي تعمل على ثلاث مسارات في سياستها الخارجية، مسار وطني يخص كل مقتدر ومسار قاري أوروبي يقوده الاتحاد الأوربي، ومسار دولي".

 

هذا، ويأتي الاجتماع الدفاعي الأوروبي، غداة إعلان قائد قوات الحوثيين محمد العاطفي بأن الجماعة مستعدة لمواجهة طويلة مع الولايات المتحدة وبريطانيا. مضيفا: ".. لدينا الاستعداد لمواجهة طويلة الأمد مع قوى الطغيان، وعلى الأمريكي والبريطاني ومن انساق معهما أن يدركوا قوة القرار اليمني السيادي وأنه لا جدال و(لا) مفاصلة فيه".

 

والأربعاء، قال المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي في بيان بثته قناة المسيرة التلفزيونية إن الجماعة تخطط لمواصلة استهداف السفن الحربية الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر دفاعا عن النفس. وأضاف البيان أن الحوثيين أطلقوا صواريخ على السفينة الحربية الأمريكية غريفلي.

 

لكن لا تزال هناك حاجة إلى تحديد قواعد الاشتباك بشكل دقيق خارج عمليات تسيير الدوريات وتنسيق المهمة الجديدة مع المهمات الأخرى للاتحاد الأوروبي قبالة سواحل الصومال ومضيق هرمز، المدخل الاستراتيجي لمنطقة الخليج الغنية بالطاقة.

 

"انقسامات غربية حول الحوثيين وتهميش للدور الأوروبي"

 

هذا وقالت فرنسا إن سفينتها الحربية لانغدوك تنسق بالفعل مع المهمة التي تقودها الولايات المتحدة وتشارك في تبادل المعلومات الاستخباراتية. وأوضح دبلوماسيان بأن لانغدوك أطلقت بالفعل صواريخ لإسقاط طائرات مسيّرة في البحر الأحمر، وستوافق مهمة الاتحاد الأوروبي على ذلك. ويسلط هذا الخلاف الضوء على الانقسامات في الغرب بشأن كيفية التعامل مع الحوثيين.

 

في هذا السياق، يوضح د.عبد الباقي شمسان أكاديمي وباحث سياسي بأنه وإلى جانب التباينات بين الدول المحيطة بالبحر الأحمر، هناك أيضا "تباينات في مواقف بعض دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، خصوصا وأن الوجود الأمريكي والبريطاني ضمن مهمة تحالف حراس الازدهار جاء بتوقيت يرتبط بما يحدث في الأراضي الفلسطينية، كأنما جاء لحماية الأمن القومي الإسرائيلي. أما التحالف الأوروبي فسيكون وفق قواعد اشتباك محددة لكن الاتحاد سيبقى خارج معادلة المصالح حيث تم تهميشه ما يؤثر على مصالح الأوروبيين في المنطقة".

 

كما قال د.عبد الباقي شمسان إن الاتحاد الأوروبي ليس لديه موقف واضح بما يخص وقف الحرب في غزة، ومخاطر تهجير الفلسطينيين وتوسيع الاستيطان، وهو ما قد يؤدي إلى "اشتعال المنطقة برمتها". وتابع محدثنا: "الولايات المتحدة الأمريكية أيضا لم تقدم رؤية واضحة لحلحلة هذا النزاع. الاتحاد الأوروبي يسعى لإيجاد موطئ قدم وموقف غير مرتبط بالرؤية الأمريكية التي تتعلق أساسا بالانتخابات وبمصالحها الاستراتيجية في المنطقة. لا ننسى أيضا أن التكتل الأوروبي غير قادر حتى الآن على تشكيل ضغط على إسرائيل أقلّه للحفاظ على المصالح المشتركة".

 

"دعم أوروبي للسلطة الشرعية في اليمن"

 

وشنّت الولايات المتحدة وبريطانيا غارات على أهداف للحوثيين في اليمن، وأعادتا الجماعة إلى قائمة الجماعات "الإرهابية" مع انتشار الاضطرابات الناجمة عن الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في أنحاء المنطقة.

 

ويهاجم الحوثيون، الذين يسيطرون على الأجزاء الأكثر اكتظاظا بالسكان في اليمن، السفن في البحر الأحمر وما حوله، في عمليات يعتبرونها تضامنية مع الفلسطينيين بغزة.

 

وخلص الأكاديمي والباحث السياسي د.عبد الباقي شمسان إلى القول إن المهمة الأوروبية الجديدة هدفها بشكل رئيسي هو "الحفاظ على الملاحة البحرية".  وقال إن الضربات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة وبريطانيا لا تحدث أثرا على المستوى العسكري، حيث "لا بد من عمليات برية تتطلب بدورها وجود دعم للسلطة الشرعية في اليمن وتزويدها بالدعم المالي والإعلامي والسياسي، بحيث تكون هي من يستعيد الدولة في هذا البلد. الاتحاد الأوروبي من جانبه قد يذهب إلى دعم السلطة الشرعية لإضعاف الحوثيين والقضاء عليهم. لكن في تلك الحالة، فإن إيران ستفتح جبهات لتشعل المنطقة برمتها".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الاتحاد الأوروبي البحر الأحمر الحوثي الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی فی البحر الأحمر فی الیمن فی هذا

إقرأ أيضاً:

المفوضة الأوروبية: مصر شريك لا غنى عنه في حل النزاعات والاستقرار الإقليمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، المفوضة المسؤولة عن ملف البحر المتوسط، دوبرافكا سويتسا، التي أكدت التزام الاتحاد الأوروبي بدعم مصر في هذه المرحلة الحاسمة، مشددة على دورها المحوري كحجر زاوية للاستقرار والأمن والتعاون الاقتصادي في المنطقة. 

كما استعرضت رؤيتها بشأن وثيقة ميثاق البحر المتوسط الجديد.

وخلال زيارتها، التقت المفوضة الأوروبية ، رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج بدر عبد العاطي، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي رانيا المشاط. 

كما وقّعت مع الحكومة المصرية اتفاقًا على قرض بقيمة 90 مليون يورو لدعم مشروع "صمود مصر الغذائي"، بتمويل من الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي.

وأكدت المفوضة سويتسا على العلاقات القوية بين الاتحاد الأوروبي ومصر، مشيرةً إلى تنفيذ الشراكة الاستراتيجية في مجالات عدة، منها التعاون الاقتصادي والتجاري، والاستثمار، والطاقة، والتكنولوجيا النظيفة، والتكيف المناخي، والأمن، وتنظيم الهجرة.

 كما شددت على أن القيم المشتركة والاهتمامات الاستراتيجية تشكل أساس هذا التعاون.

وناقشت المفوضة الأوروبية جهود مصر لتعزيز الإصلاحات السياسية والاقتصادية بالتنسيق مع حزمة المساعدة المالية الكلية المقدمة من الاتحاد الأوروبي، وأكدت استمرار العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر، لا سيما في مجالات التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة.

 وأشارت إلى أن الإصلاحات الاقتصادية في مصر تمهّد الطريق لاستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو حتى عام 2027 ضمن الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة، مما يسهم في دعم الاقتصاد المصري وتنشيط الاستثمارات في القطاعين العام والخاص.

كما أكدت المفوضة الأوروبية على الدور المصري المحوري في تحقيق الاستقرار الإقليمي، خاصة فيما يتعلق بغزة وسوريا والشرق الأوسط، إضافةً إلى تعزيز التعاون مع دول الخليج.

 وشددت على أن مصر تلعب دورًا أساسيًا في الوساطة لحل النزاعات والاستجابة للأزمات، مما يجعلها شريكًا لا غنى عنه للاتحاد الأوروبي.

وفي إطار صياغة ميثاق البحر المتوسط الجديد، استمعت سويتسا إلى وجهات النظر المصرية لضمان أن يكون الميثاق قادرًا على تقديم فوائد مستدامة للمنطقة. 

وتأتي هذه الزيارة ضمن سلسلة مشاورات رفيعة المستوى تجريها المفوضة الأوروبية لإعداد الوثيقة بالتعاون مع شركاء المتوسط والدول الأعضاء، بهدف تعزيز الأمن والاستقرار ودعم العلاقات الاقتصادية والشعبية.

وفي تعليقها على الزيارة، قالت المفوضة دوبرافكا سويتسا، “سعيدة بزيارة مصر في بداية تولي مهامي، فهي شريك استراتيجي أساسي للاتحاد الأوروبي ولها دور حاسم في استقرار المنطقة، ولقد ارتقت علاقاتنا خلال العام الماضي إلى آفاق جديدة، وسنظل ملتزمين بدعم مصر اقتصاديًا وتعزيز جدول إصلاحاتها الطموح. البحر المتوسط ليس مجرد فضاء جغرافي، بل هو ثقافة وجسر اقتصادي بين القارات الثلاث، ومصر هي قلب هذا الملتقى النابض”. 

وأضافت سويتسا، من خلال تعزيز شراكتنا، يمكننا تحويل التحديات إلى فرص تدعم الرخاء والاستقرار لكل من مصر والاتحاد الأوروبي. لقد حققنا إنجازات مهمة، من اتفاقيات استثمارية تاريخية إلى مساعدات مالية تدعم التحديث الاقتصادي، ونتطلع لصياغة رؤية مشتركة مع مصر في إطار ميثاق البحر المتوسط الجديد لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة."

مقالات مشابهة

  • المفوضة الأوروبية: مصر شريك لا غنى عنه في حل النزاعات والاستقرار الإقليمي
  • مفوضة الاتحاد الأوروبي: لا غنى عن دور مصر في أمن واستقرار المنطقة
  • الاتحاد الأوروبي: نشكر مصر لاستضافتها عددًا كبيرًا من اللاجئين ودعمها لقضايا المنطقة
  • الاتحاد الأوروبي: مصر تلعب دورا محوريا في ضمان السلم والأمان الدائم في المنطقة
  • مفوضة الاتحاد الأوروبي: نقدر ونؤيد جهود مصر لتحقيق أمن واستقرار المنطقة
  • "أسبيدس": فرقاطة إيطالية تنجح في حماية سفينة تجارية في البحر الأحمر
  • رئيس المفوضية الأوروبية السابق ليورونيوز: لاعضوية كاملة لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي
  • للمرة الثالثة.. فرقاطة إيطالية تؤمّن سفينة تجارية في البحر الأحمر ضمن مهمة "أسبيدس" الأوروبية
  • أول رد مصري على تهديدات الحوثي الأخيرة.. تفاصيل
  • الاتحاد الأوروبي يحذر من التصعيد العسكري الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية