لا تتوقف "الفظائع" الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على غزة، التي تقترب من إكمال شهرها الرابع، على مرأى ومسمع العالم الذي يكتفي بدور "المتفرّج"، وجديدها الهجوم على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مع إعلان دول رئيسية مانحة لها قطع التمويل لها، بناء على "اتهامات" إسرائيلية لعدد من موظفيها بالضلوع في عملية "طوفان الأقصى" التي شنّتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول الماضي.


 
وكأنّ كلّ المجازر المروّعة اليوميّة التي ترتكبها قوات الاحتلال في القطاع المُحاصَر لا تكفي، مع كلّ المآسي الإنسانية التي تخلّفها على أكثر من صعيد، وسط مشاهد النزوح القسري والتهجير الذي يتعرّض له الفلسطينيون، فجاء قرار وقف دعم الأونروا ليقرع جرس إنذار من نوع آخر، في ظلّ تحذيرات من تداعيات "كارثية" للقرار بحق الوكالة الأممية التي قد تصبح خدماتها التي يستفيد منها ملايين الفلسطينيين، مهدَّدة مع نهاية الشهر الجاري، كحدّ أقصى.
 
ويبدو أنّ تداعيات القرار لن تقتصر على الداخل الفلسطيني، بل تشمل اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، ولا سيما أنّ خدمات الأونروا تشمل الأردن، وسوريا، ولبنان، إضافة إلى الضفة الغربية، وقطاع غزة، وهو ما قد يفسّر "النقزة" التي أحدثها القرار في داخل لبنان، حيث ارتفعت الأصوات المحذّرة من خطورته، وانعكاساته المحتملة على البلد "المنهار أصلاً"، فلماذا يثير وقف تمويل الأونروا المخاوف في لبنان؟ وكيف يمكن مواجهته؟!
 
عقاب جماعي للفلسطينيين
 
منذ أيام، أصبح قطع التمويل عن الأونروا محطّ جدل كبير على مستوى العالم، مع إعلان العديد من الدول المانحة للوكالة الأممية التي لطالما تعرّضت لانتقادات إسرائيل، وقف دعمها، وذلك على خلفية اتهامات إسرائيلية لموظفين فيها بالضلوع بهجوم حماس في السابع من تشرين الأول، لتفتتح الولايات المتحدة "بازار" تعليق التمويل، وتتبعها فيه مجموعة من الدول الغربية، على الرغم من طرد الأونروا للموظفين المعنيين، وتعهّدها بفتح تحقيق شامل.
 
وجاء الهجوم على الأونروا على وقع تصريحات إسرائيلية وصلت إلى حدّ قول وزير الخارجية يسرائيل كاتس إن تل أبيب تهدف إلى ضمان "ألا تكون الأونروا جزءًا من المرحلة" التي تلي الحرب، واضعًا بذلك في خانة واحدة مع حركة حماس، التي يقول الإسرائيليون إنّهم لا يريدون أن تكون جزءًا من المشهد في غزة في "اليوم التالي" للحرب، ولو أنّ كلّ الوقائع بيّنت أنّ مثل هذا الهدف بعموميّته المفرطة، قد لا يكون واقعيًا ولا منطقيًا.
 
ويرى العارفون أنّ الهجوم على الأونروا بهذا الشكل يمكن تصنيفه على أنّه "عقاب جماعي" للفلسطينيين، ولا سيّما أنّ الوكالة الأممية مصنّفة على أنّها جهة فاعلة أساسية بالنسبة إلى ملايين الفلسطينيين، منذ إنشائها في العام 1949، كما أنّ هناك حوالى 5,9 ملايين فلسطيني مسجّلين لدى الأونروا ويمكنهم الاستفادة من خدماتها، ما يعني أنّ كل هؤلاء سيجدون أنفسهم بلا سند، في غياب أيّ جهة أخرى ذات صلاحيّة.
 
تصفية للقضية.. وتوطين
 
يقول العارفون إنّ قرار تعليق تمويل الأونروا بناء على اتهامات لموظفين فيها بالضلوع في هجوم السابع من أكتوبر، يثير القلق على مستوى عالٍ، فإذا كان صحيحًا أنّ هؤلاء الموظفين شاركوا فعلاً في هذا الهجوم، وهو افتراضٌ قد لا يكون في مكانه، هل يكون الحلّ بإنهاء خدمات الوكالة بالمُطلَق، وبالتالي معاقبة كل الموظفين العاملين فيها، بل ملايين الفلسطينيين الذين يستفيدون من خدماتها في مختلف مناطق عمليّاتها؟
 
وإذا كان هناك من يعتقد أنّ الهجوم على الأونروا قد يكون في مكان ما بمثابة "ردّة فعل" من جانب إسرائيل وداعميها على قرار محكمة العدل الدولية الذي شكّل "صفعة بقوة القانون" لإسرائيل في دعوى جنوب إفريقيا ضدّها بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة، فإنّ المخاوف من تداعيات القرار تتعدّى الأبعاد الإنسانية الكارثية المتوقّعة، لتصل لحدّ محاولة تصفية القضية الفلسطينية، خصوصًا في ضوء "الرمزية" التي تنطوي عليها الوكالة.
 
وفي لبنان تحديدًا، يبدو أنّ القرار أثار مخاوف بالجملة، فهو أيقظ من جهة هاجس "التوطين" الذي يخشاه اللبنانيون، ولا سيما أنّ الأونروا لطالما شكّلت "رمزًا" لمعنى اللجوء الذي بقي مضبوطًا بـ"حق العودة" المقدّس بالنسبة للفلسطينيين، وأثار من جهة ثانية مخاوف من تبعات اقتصادية قد لا تكون محملة في بلد يعيش أصلاً أزمة اقتصادية، ما يُخشى معها من "انفجار اقتصادي" في المخيمات، يُضاف إلى الانفجار "الأمني".
 
قد لا يكون قرار وقف تمويل الأونروا من قبل العديد من دول العالم، مجرّد "تفصيل" في ظلّ التوترات المتنقّلة في المنطقة، منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. هو، إن دلّ على شيء، فعلى معايير "الإنسانية" التي باتت مفتقدة هذه الأيام. وسواء كان الهدف تصفية القضية الفلسطينية أو التوطين أو غير ذلك، فإنّ ما يحصل يثبت مرّة أخرى "زيف" الكثير من الشعارات التي لطالما رُفِعت، خصوصًا في العالم الغربي!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: تمویل الأونروا الهجوم على ة التی

إقرأ أيضاً:

أبرز الفئات التي شملها قرار الداخلية السورية إلغاء بلاغات منع السفر

دمشق – كان أيهم الراشد، المعتقل السوري السابق والموظف في القطاع العام، من ضحايا بلاغات منع السفر منذ الإفراج عنه في عام 2016، بعد مرور سنتين أمضاهما معتقلا في الأفرع الأمنية "بتهم باطلة".

وعندما أُفرج عن الراشد وجد نفسه مفصولا من وظيفته وممنوعا من السفر بموجب بلاغ صدر بحقه لصالح محكمة الإرهاب بتهمة "تمويل مجموعات مسلحة" في منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق.

ويقول للجزيرة "جُردت من كافة حقوقي، وأصبحت عالقا في البلاد طوال تلك السنوات دون عمل، ولكن مع سقوط النظام البائد ذهبت لاستخراج جواز سفر، وفي دائرة الهجرة فوجئت بأن بلاغ منع السفر لا يزال موجودا".

قرار رسمي

وكان الراشد قد قدّم قبل شهر طلبا في محكمة الإرهاب لرفع قرار المنع عنه، إلا أنه لم يتم ذلك بعد. وينتظر الرجل الأربعيني تنفيذ قرار وزارة الداخلية وعودة دوائر الدولة إلى العمل ليتم إلغاء البلاغ ليتمكن عندئذ من استصدار جواز سفر.

وأصدرت وزارة الداخلية السورية في حكومة تصريف الأعمال، الأحد الماضي، قرارا يقضي بإلغاء أكثر من 5 ملايين بلاغ منع سفر أصدرتها جهات رسمية بحق مواطنين سوريين في عهد النظام المخلوع.

وتضمن القرار، بحسب بيان للوزارة، إلغاء جميع البلاغات المتضمنة "طلبات توقيف ومراجعة وإعلام وتخلف عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية الصادرة بحق المواطنين السوريين زمن النظام البائد".

#خاص القائد أحمد الشرع
لا تجنيد إجباري في سوريا بل سيكون الجيش تطوعي #سوريا pic.twitter.com/sr5RSViwGv

— محمد بلعاسMohamed Belaas (@blaas083) December 15, 2024

وأوضح البيان ذاته أن بلاغات منع السفر كانت قد صدرت عن عدة جهات منها قيادة الجيش والقوات المسلحة، والأفرع الأمنية والعسكرية، ومكتب الأمن القومي، والقيادة القطرية لحزب البعث.

إعلان

أما صادق حسين (27 عاما)، المطلوب للخدمة الإلزامية في جيش النظام السابق، فعبّر عن سعادته بصدور هذا القرار، معتبرا أنه بمثابة "طاقة فرج" له وللكثير من العسكريين السابقين الذين يريدون مغادرة البلاد بحثا عن العمل والاستقرار.

ويقول للجزيرة نت "تأخرت الحكومة في إصدار هذا القرار، لكنه سيفتح آفاقا أمامي وأمام كثير من الشبان الذين كانوا ممنوعين من السفر لأسباب تتعلق بالخدمة الإلزامية أو الاحتياطية".

حرية الحركة

وعانى ملايين السوريين، خلال حكم النظام السابق، من تقييد حريتهم في الحركة والسفر خارج البلاد بموجب بلاغات منع سفر صدرت بحقهم بشكل تعسفي على خلفية آرائهم السياسية أو مشاركتهم في الثورة أو تعرضهم للاعتقال، فضلا عن ملايين الشبان ممن تم استدعاؤهم للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية في جيش النظام المخلوع.

يُذكر أن كثيرا من السوريين العائدين إلى بلدهم مؤخرا قد تفاجؤوا، مع وصولهم إلى المطارات أو المعابر الحدودية، بصدور بلاغات منع سفر بحقهم من جهات تابعة لحكومة النظام السابق، مما يحتم عليهم مراجعة دوائر الدولة لتسوية أوضاعهم ليتمكنوا من السفر مجددا.

في السياق، أفاد المكلف بتسيير أعمال إدارة الهجرة والجوازات بدمشق وليد عرابي بأن وزارة الداخلية رفعت "كافة البلاغات والتعاميم التي أصدرها النظام البائد بقصد تقييد حرية المواطنين في الحركة والسفر خارج البلاد، سواء تلك الصادرة عن جهات أمنية بحق أشخاص مطلوبين إلى الأفرع، أو الصادرة عن وزارة الدفاع والمرتبطة بالتجنيد الإلزامي".

وأضاف عرابي للجزيرة نت أنه تم الإبقاء على بلاغات منع السفر بحق بعض الأفراد لحفظ حقوق الدولة، و"هؤلاء ممن لديهم ملفات قضائية أو أمنية أو مالية لا تزال قيد الدراسة والبحث ضمن مؤسسات الدولة".

أما عن موعد دخول القرار حيز التنفيذ، فيشير عرابي إلى أن "العمل قد بدأ بالفعل لإلغاء التعاميم عبر الحاسب المركزي، وخلال فترة قصيرة سيتم الانتهاء من ذلك ليتمكن المواطنون من الحصول على الجوازات والسفر".

خليان أوضح أن قرار الوزارة لا يشمل المطلوبين للعدالة (الجزيرة) استثناءات

من جانبه، أشار المحامي عادل خليان إلى أن قرار الوزارة لا يشمل المطلوبين للعدالة بموجب أوامر قضائية سواء بضبط شرطة أو ادعاء شخصي أو ما شابه ذلك، "فهؤلاء لن يُسمح لهم بالسفر إلا بعد الحصول على موافقة المحكمة المختصة أو إجراء كشف بحث، لأنهم غالبا يرتبطون بجرائم جنائية مثل المخدرات والسلب والنهب والاحتيال والتزوير وغيرها".

إعلان

وأوضح خليان -في حديث للجزيرة نت- أنه بإمكان الموظفين الحكوميين الراغبين في السفر مراجعة الوزارة التي يعملون بها للحصول على الموافقة الأصلية على طلبهم.

وأكد أن القرار لم يتح لعناصر الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية في حكومة النظام السابق استخراج جواز سفر إلا بعد تقديم طلب إلى مكتب جهاز الأمن الداخلي في الإدارة العامة بدمشق، للحصول على الموافقة المطلوبة لاستخراج الجواز.

مقالات مشابهة

  • الأونروا تحذّر من حرمان تعليم جيل كامل من الأطفال الفلسطينيين
  • لازاريني: انهيار الأونروا سيحرم جيلا كاملا من الأطفال الفلسطينيين من التعليم
  • وزير الصحة يتابع تداعيات الحريق الذي اشتعل بجوار إدارة التراخيص الطبية
  • «حكماء المسلمين» يُدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف قطارًا جنوب غرب باكستان
  • أبرز الفئات التي شملها قرار الداخلية السورية إلغاء بلاغات منع السفر
  • كلاوس: النقص في تمويل الأونروا يقلقنا
  • الإمارات تدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف قطاراً جنوب غرب باكستان
  • الإمارات تدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف قطارا جنوب غرب باكستان
  • لازاريني: انهيار الأونروا سيعمّق معاناة الفلسطينيين
  • لازاريني : انهيار الأونروا سيخلق فراغا خطيرا ويعمّق معاناة الفلسطينيين