وزارة الثقافة تعلن المستفيدين من “البرنامج الوطني لمنح الثقافة والإبداع” في دورته الأولى
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
أعلنت وزارة الثقافة، أسماء المستفيدين من “البرنامج الوطني لمنح الثقافة والإبداع”، الذي تم إطلاقه في أغسطس 2023، بهدف تعزيز التزام الدولة بدعم وتمكين الاستدامة في قطاعاتها الثقافية والإبداعية، والاستثمار في المبدعين الذين يلعبون دورا أساسياً في بناء وتعزيز الاقتصاد الإبداعي.
وحظي البرنامج في دورته الأولى باهتمام وإقبال كبير من المجتمع الإبداعي، وشهد مشاركة واسعة في طلبات الحصول على المنح.
وسيستقبل البرنامج طلبات المبدعين بشكل سنوي، وقد شملت قائمة عام 2023، 26 مستفيداً ضمن فئاته الأربعة: الإبداع والإنتاج، والتوزيع والمشاركات المحلية، والسفر والتنقل الدولي، وتنمية المهارات، حيث تغطي هذه الفئات مجالات الثقافة الإبداعية مثل: التأليف والنشر، والموسيقى والأفلام والتلفزيون، والفنون الأدائية والمسرح، والفنون البصرية والتصميم، وألعاب الفيديو والتراث الثقافي، بهدف تقديم الدعم للمبدعين الإماراتيين لتحفيز مشاريعهم وتنمية قدراتهم من خلال تعزيز الإنتاج الثقافي والإبداعي، وإبراز مكانة قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية على المستوى المحلي والعالمي.
وقال معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة : ” نعتزّ بجهود ومواهب هذه الفئة المميزة من المجتمع، التي ثابرت وحرصت على أن تحقق أحلامها وتطلعاتها لخدمة بلادها وتعزيز واقع العمل الثقافي فيها، ومما لا شكّ فيه أن دعم الوزارة لهؤلاء المبدعين يأتي في إطار حرصنا على الاستثمار بقدراتهم ومواهبهم، والنهوض بها ليكون لهم دور فاعل في التعريف بهويتنا الوطنية والإبداعية للعالم بأسره”.
ومن المشاريع التي تم دعمها من قبل البرنامج الوطني لمنح الثقافة والإبداع، مشروع المصممة عزّة القبيسي، التي حظيت بمنحة السفر والتنقّل الدولي، ضمن مجال الفنون البصرية والتصميم للمشاركة بمشروعها في معرض فن مصر 2023، الذي يهدف إلى الاحتفاء بالفن بأشكاله المتنوعة وتعزيز التبادل الثقافي، وقد شاركت في النسخة الثالثة من المعرض الدولي للفن المعاصر، كما نال الموسيقي المبدع أحمد الهاشمي منحة السفر والتنقّل الدولي ضمن مجال الموسيقى للمشاركة في جولة دولية كعازف بيانو ناشئ في الحفلات الموسيقية التي تقام في كلّ من جمهورية مصر ودولة لاتفيا.
وتضم قائمة المشمولين بالمنح أيضاً المخرجة حنان غيث، التي حظيت بدعم ضمن فئة الإبداع والإنتاج عن مجال الأفلام والتلفزيون لمشروعها الخاص في سياق الرسوم المتحركة وتم إنتاج الفيلم لدعم عام الاستدامة واستضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف “ COP28” .
وضمّت قائمة المستفيدين أيضاً الفئات والأسماء التالية: الأفلام والتلفزيون: خالد المحمود، ووليد الشحي، وعبدالرحمن المدني، وبدر محمد، الفنون الأدائية والمسرح: ريم المنهالي، وأحمد الظنحاني، الفنون البصرية والتصميم الدكتورة كريمة عبدالعزيز، وعفراء الظاهري، وحسانه عارف، فيما ضمّت قائمة التأليف والنشر، عائشة البادي، وحصة علي الجوكر، وفاطمة المزروعي، وعلياء بن عمير، وسارة أحمد، وصالحة عبيد، ومحمد الريس، أما فئة التراث الثقافي فشملت: فضل آل علي، والدكتورة اليازية خليفة، وفئة ألعاب الفيديو حمدان آل علي، والموسيقى، محمد المبارك، وإبراهيم الجنيبي، وإلهام حسين، وصفية البلوشي.
وركزت العديد من الملفات الفائزة بالمنح على مجموعة من المواضيع الملهمة التي تُسلّط الضوء على أبعاد التراث، والتاريخ، وركائز الهوية الوطنية واللغة العربية، والاهتمام بمبادئ الاستدامة وتغيّر المناخ، وأصحاب الهمم، إلى جانب تنمية الطفولة المبكرة، وفنون الصوت التجريبية والتبادل الثقافي وغيرها من المجالات المميّزة التي سيكون لها دور مهمّ في النهوض بقطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في الدولة وتعزيز حجمه وإمكانياته.
وكانت الوزارة قد أعلنت عن أسماء الفائزين بعد سلسلة لقاءات عقدتها في كلّ من إمارتي أبوظبي والشارقة، وحضرها أعضاء من المجتمع الإبداعي الإماراتي، ومن الحكومات الاتحادية والمحلية الرئيسية، وهيئات القطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية المحلية وقادة الصناعة، جرى خلالها عقد سلسلة حوارات تمحورت حول الاقتصاد الإبداعي في دولة الإمارات، والشبكات الجديدة التي أنشئت لدعم المستفيدين لتنفيذ مشاريعهم بشكل أكثر تطوراً واستدامة.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الهوية الوطنية والهوية العربية: جدلية التداخل ومسارات المشروع الثقافي الأردني
#سواليف
#الهوية_الوطنية و #الهوية_العربية: جدلية التداخل ومسارات #المشروع_الثقافي_الأردني
الشاعر #أحمد_طناش_شطناوي
رئيس فرع رابطة الكتاب الأردنيين/ إربد
لطالما كانت الهوية الوطنية والهوية العربية في علاقة جدلية قائمة على التداخل والتكامل، فلا يمكن تصور هوية وطنية مغلقة دون امتدادها العربي، كما لا يمكن للهوية العربية أن تحقق حضورها دون انصهار مكوناتها الوطنية في مشروع ثقافي جامع، وفي السياق الأردني تتجلى هذه العلاقة بوضوح، حيث لم يكن الأردن يومًا منعزلًا عن قضايا الأمة، بل كان حاضرًا فكريًا وثقافيًا وسياسيًا في مشهدها، وخاصة في القضية الفلسطينية التي شكلت جزءًا من الوجدان الجمعي الأردني، وأسهمت في صياغة مسار الثقافة الوطنية.
وعليه، فإن أي سعي لبناء مشروع ثقافي وطني أردني لا يمكن أن يكون بمنأى عن الفضاء العربي، بل يجب أن يكون امتدادًا له في إطار الخصوصية المحلية، بحيث تتكامل الهوية الأردنية مع الهوية العربية في مشروع ثقافي يعيد الاعتبار للمشتركات الفكرية والتاريخية، ويواجه تحديات العصر بأدوات حديثة تضمن استمرارية الثقافة وتأثيرها في المجال العام.
فقد شكّل الأردن عبر تاريخه نقطة تفاعل بين حضارات متعددة، ما جعله بيئة خصبة للإنتاج الفكري والتبادل الثقافي، فمنذ نشأة الإمارة لعب الأردن دورًا محوريًا في المشهد الثقافي العربي، سواء من خلال حراكه الأدبي، أو عبر مواقفه السياسية والثقافية التي كرّست التزامه بقضايا الأمة، وقد أسهمت مؤسساته الثقافية، مثل وزارة الثقافة ورابطة الكتاب الأردنيين، في دعم الفعل الثقافي، إلا أن هذا الدور لا يزال بحاجة إلى مشروع متكامل يواكب التحديات الراهنة.
وهنا يبرز السؤال المحوري: كيف يمكن تحويل هذه الهوية الثقافية إلى مشروع استراتيجي يحقق حضورًا وتأثيرًا في المشهد العربي؟
للإجابة عن هذا السؤال فإننا بحاجة إلى محاور أساسية للبدء في مشروع ثقافي متكامل، وذلك من خلال:
أولًا: تعزيز الإنتاج الثقافي المرتبط بالهوية الجامعة
إذ لا يمكن الحديث عن مشروع ثقافي دون توفير بيئة حاضنة للإبداع، تدعم الأدباء والمفكرين، وتربط الإنتاج الثقافي بالهوية الجامعة، بحيث لا يكون مجرد انعكاس لحالة محلية معزولة، بل رافدًا للمشروع الثقافي العربي ككل، وهنا لا بد من تطوير سياسات ثقافية تحفّز الإنتاج الأدبي والفني، وتضمن له الانتشار والتأثير في المجالين المحلي والعربي.
ثانيًا: ربط الثقافة بالسياسات العامة لتعزيز الوحدة الوطنية
إن الثقافة ليست مجرد نشاط فكري أو فني، بل عنصر رئيس في تشكيل السياسات العامة، سواء من خلال تعزيز الانتماء الوطني، أو دعم الاستقرار الاجتماعي، أو المساهمة في الدبلوماسية الثقافية، لذا فإن بناء مشروع ثقافي وطني يتطلب رؤية حكومية تدرك دور الثقافة في التنمية، عبر دمجها في المناهج التعليمية، ودعم الصناعات الثقافية، وتوسيع دائرة التفاعل بين المثقف وصانع القرار.
ثالثًا: إعادة الاعتبار للموروث الثقافي المشترك بأساليب حديثة
إن الثقافة العربية ليست مجرد تراث جامد، بل مشروع متجدد يجب إعادة قراءته وتقديمه بأساليب حديثة، ويشمل ذلك الاهتمام بترجمة الأعمال الفكرية العربية إلى لغات أجنبية، وتطوير الدراما والسينما والمسرح لتعكس القيم الثقافية العربية، واستثمار التقنيات الحديثة في تقديم التراث بصيغة معاصرة تجعل منه عنصرًا جاذبًا للأجيال الجديدة.
رابعًا: استثمار الإعلام والتكنولوجيا في نشر الثقافة
لم يعد بالإمكان الحديث عن مشروع ثقافي ناجح دون استثمار الإعلام الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، إذ يمكن للأردن أن يكون مركزًا لإنتاج محتوى ثقافي عربي قادر على الوصول إلى شرائح أوسع، سواء عبر المنصات الرقمية، أو من خلال المبادرات الثقافية التفاعلية التي تربط الثقافة بجيل الشباب.
خامسًا: تعزيز الحوارات الثقافية العربية عبر منصات تفاعلية
إن المشروع الثقافي لا يمكن أن يكتمل دون خلق فضاءات للحوار بين المثقفين العرب، تتيح تبادل الأفكار والخبرات، وتساعد في بلورة رؤية ثقافية جامعة، وهنا يمكن للأردن أن يلعب دورًا رياديًا في إطلاق مبادرات ثقافية عربية مشتركة، وإنشاء منتديات ومنصات حوارية تجمع المفكرين والمثقفين في نقاشات معمقة حول قضايا الهوية والتحديث والتحديات الثقافية.
وعلى الرغم من أهمية المشروع الثقافي، إلا أنه يواجه تحديات كبرى تتطلب معالجتها، ومن أبرزها:
ضعف التمويل الثقافي: حيث تعاني المؤسسات الثقافية من نقص الدعم المالي، مما يؤثر على قدرتها في تنفيذ مشاريعها.
تهميش الثقافة لصالح الأولويات السياسية والاقتصادية: حيث لا تزال الثقافة في العديد من الدول العربية تُعامل كعنصر ثانوي في التخطيط الاستراتيجي.
تراجع القراءة والتفاعل مع الإنتاج الثقافي: بسبب انتشار الوسائط الرقمية والترفيه السريع الذي يزاحم المحتوى الثقافي العميق.
التحديات السياسية: حيث تواجه الثقافة العربية ضغوطًا سياسية تحدّ من حرية التعبير وتعيق المبادرات الثقافية المستقلة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن بناء مشروع ثقافي وطني أردني قادر على تحقيق تأثير في المشهد العربي يتطلب إجراءات ملموسة، تتلخص في بعض المقترحات العملية التي يمكن لها ان تتجاوز هذه التحديات إلى حد بعيد:
إنشاء مركز أبحاث ثقافي أردني بالتعاون من الجامعات، يعنى بدراسة التحولات الثقافية العربية، ويقدم توصيات لصانعي القرار حول سياسات الثقافة ودورها في التنمية الوطنية والإقليمية. إطلاق منصات رقمية تفاعلية تهدف إلى تعزيز التفاعل بين المثقفين والجمهور، وتقديم محتوى ثقافي معاصر قادر على جذب الأجيال الجديد، من خلال استثمار المؤثرين وتأهيلهم ليكونوا رافدا أساسيا للمشروع الوطني. إعادة هيكلة الدعم الثقافي من خلال تخصيص ميزانيات أكبر للقطاع الثقافي، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الصناعات الثقافية. دعم مشاريع الترجمة والتبادل الثقافي بين الدول العربية، مما يسهم في تعزيز التواصل الثقافي وتبادل الخبرات بين المثقفين العرب. تنظيم مهرجانات ومنتديات ثقافية عربية في الأردن تستقطب المفكرين والكتاب من مختلف الدول العربية، لتعزيز الحوار الثقافي وتقديم الأردن كنموذج لدمج الهوية الوطنية بالهوية العربية في مشروع ثقافي متكامل.إن الأردن بحكم موقعه الجغرافي وتاريخه الثقافي، مؤهل ليكون نموذجًا لاندماج الهوية الوطنية في الإطار العربي، بحيث يتحول مشروعه الثقافي من مجرد استجابة للمتغيرات إلى رؤية استباقية تصنع المستقبل، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، وصانعي القرار، والمثقفين، والجمهور، في إطار استراتيجية واضحة تستثمر في الثقافة كقوة ناعمة قادرة على إحداث تغيير حقيقي في المجتمع.