كشف الدكتور نصر فريد واصل، مفتي الديار المصرية الأسبق، عن نشأته وأبرز محطات حياته الدينية والعلمية، خلال حديثه مع الشباب في ندوة "محطات في مسيرة عالم أزهري"، والتي نظمها جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، موضحا أنه نشأ في قرية ميت بدر حلاوة التابعة لمركز سمنود بمحافظة الغربية.

ومنذ أن كان في سن الرابعة من عمره، كان "واصل" يحرص على الذهاب إلى المسجد مع  والده في كل صلاة، حتى في صلاة الفجر، مؤكدا أن ذلك كان له أثر كبير في التزامه ومحافظته على الصلوات في أوقاتها.

الدكتور نصر فريد واصل

وأوضح مفتي الجمهورية الأسبق، أنه كان محبا للعلم منذ صغره، حيث التحق بالمدرسة في عمر السادسة، في زمن كان مستوى التعليم فيه "راقيا"، كان المعلمون يعتبرون الطلاب أبنائهم، قائلا: "كنت أنا وزملائي لا نخرج من مرحلة تعليمية إلا ونحن حافظون لها ومتمكنون منها، وكان ذلك من أبرز الأسباب التي وضعت بداخلي أسس العلم الثقافي الصحيح".

وأضاف: “كنا نقوم بأداء واجباتنا في المدرسة، ولم يكن هناك ما يعرف بالدروس الخصوصية، وإذا رغب أحد الطلاب في شرح إضافي، كان المعلم يلبي له طلبه على الفور بشكل مجاني، دون أي مقابل”.

وبعد انتهاء المرحلة الابتدائية، اتجه "واصل" للالتحاق بالتعليم العام؛ لكن والدته قالت له: "لقد وهبتك للدراسة في الأزهر منذ أن كنت في بطني"، ومن هنا تحول "واصل" للتقدم للتعليم الأزهري، تلبية لرغبة والدته، رحمة الله عليها، وأخذ يكثّف من حفظه للقرآن الكريم، لدرجة أنه حفظ ثلاثة أرباع القرآن  في ستة أشهر فقط، بينما كان يحفظ الربع الآخر وهو في المدرسة الابتدائية، وذلك حتى يتمكن من اجتياز الاختبارات المحددة للقبول بالأزهر الشريف، حيث كان يشترط في المتقدم -حينها- حفظ القرآن الكريم كاملا.

وعن حبه للرياضة، قال الدكتور نصر فريد واصل: "كنت محبا للرياضة، ومارست العديد من الرياضات أثناء دراستي بالمعهد الأزهري أبرزها؛ رياضة اختراق الضاحية، وكرة السلة، والمصارعة، وانتسبت للعديد من الفرق الرياضية وقتها، لكن كانت هوايتي في "المصارعة الرومانية"، حيث تعلمت منها فنون الدفاع عن النفس، وحصلت فيها على العديد من الجوائز، وظللت أمارسها أثناء دراستي في الجامعة، وفي رحاب أحد الأندية الرياضية الكبرى"، مؤكدا أن الرياضة كانت أهم أسباب تفوقه في الدراسة، حيث كانت تجعل جسده وذهنه دائما في نشاط ويقظه.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أنه كان يحرص دائما على القراءة منذ صغره، ليس في الجانب الديني فقط، بل في شتى أوجه الثقافة، لافتا إلى أن والده كان صاحب الفضل عليه في ذلك، حيث كان واصل ينتظر شراء والده للصحف يوميا، ليقرأها معه، ويتمعن في مقالاتها وأبوابها، بعدها اعتاد على شراء الكتب، واستئجارها في بعض الأوقات، واستعارتها أحيانا أخرى.

وأثناء دراسته في كلية الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، حرص "واصل" على الذهاب بشكل مستمر إلى "سور الأزبكية" للبحث عن الكتب والمراجع القانونية القديمة، حيث لم يكن يكتفي بما يدرسه في الكلية.

غدًا.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يناقش مخاطر الصهيونية العالمية وسُبل مواجهتها تفاصيل ندوة «دور الدولة في الحفاظ على الهوية» لجناح الأزهر بمعرض الكتاب

وعن أبرز المعلمين الذين تأثر بهم في دراسته، قال الدكتور نصر فريد واصل: "كان الشيخ محمد السيسي أحد أبرز العلماء الذين تعلمت الفقه على يديهم"، موضحا أن مادة "الفقه" ساهمت بشكل كبير في نماء ملكة الفهم لديه، وكانت منطلقا له لفهم المواد الشرعية والقانونية الأخرى، كما وضعت مادة "التوحيد" له معيارا ثابتا من ناحية فقه الإيمان وفقه القضاء والقدر، مضيفًا أنه تعلم في الأزهر الشريف العلم المستنير الذي يراعي ضوابط الدين والدنيا، ويرسخ للعلم النافع والأحكام الشرعية المتخصصة، ويميز بالأدلة بين كل ما يناسب العصور  المختلفة.

وحول مؤهلات تقلد منصب الفتوى، أوضح واصل أن الفتوى لا يمارسها إلا متخصص يعلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم بالإجماع والاستحسان والمصالح المرسلة والعرف وسد الذرائع، وكل ما يتعلق بهذه الأدلة، ثم بعد ذلك عليه أن يبحث في المسألة؛ هل أفتى فيها أحد العلماء من قبل أم لا؟ فإن كان قد تمت فيها الفتوى، وهذه الفتوى هي الصالحة؛ نأخذ بها، فإلم يكن نبحث من جديد، موضحا أنه لذلك قال بأن الفتوى لا تترك لغير "دار الإفتاء" و"هيئة كبار العلماء"  و"الأزهر الشريف"، حتى لا يضل الناس ويتشتتوا، بسبب تضارب الفتاوى بين عالم وآخر، حيث أن الفتاوى الصادرة عن تلك المؤسسات ناتجة عن اجتهاد جماعي يراعي تعدد الآراء.

من جانبه، أعرب الدكتور أبو اليزيد سلامة، الباحث بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، عن بالغ سعادته وشعوره بالفخر، لتقديم ندوة بجناح الأزهر الشريف بمعرض الكتاب، ضيفها مفتي الديار الأسبق، الدكتور نصر فريد واصل، مفتي الديار المصرية الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، واصفا إياه بأنه أحد أكبر علماء المسلمين، وأنه علمُ لا يجهله أحد من طلاب الشريعة أو فقهاء المسلمين، تقلد أرفع المناصب في الفقه والإفتاء، وعرف بين الناس بفتاويه التي تفصل بين الحق والباطل، يذكره كل مصري بآراءه السديدة، وبعلمه الوافر،وبحوثه القيمة، وبكتبه التي ينتفع بها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024؛ وذلك انطلاقًا من مسئولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: نصر فريد واصل الدكتور نصر فريد واصل معرض القاهرة الدولي للكتاب جناح الأزهر مفتى الجمهورية هيئة كبار العلماء الأزهر الشریف کبار العلماء

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية ينعى شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق

نعى الدكتور نظير عيَّاد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- شقيقةَ الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، التي وافتها المنية اليوم الأحد.

مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا رفيع المستوى من علماء الجمعية المحمدية بإندونيسيا المفتي يشهد افتتاح البرنامج التدريبي لأمناء الفتوى بالمركز الدولي الإسلامي بجامعة الأزهر

وتوجَّه مفتي الجمهورية بخالص العزاء والمواساة إلى الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم ولأسرة الفقيدة، سائلًا المولى عزَّ وجلَّ أن يتغمَّدها بواسع رحمته، وأن يُسكنها فسيحَ جنَّاته، وأن يُلهمَ أهلها وذويها الصبرَ والسُّلوان "إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون".

يُذكر أن الدكتور أحمد عمر هاشم قد أعلن اليوم الأحد أنَّ صلاة الجنازة على شقيقته ستقام اليوم بعد صلاة الظهر في مسجد الشيخ أبو هاشم بقرية بني عامر مركز الزقازيق محافظة الشرقية، على أن يكون العزاء اليوم من بعد صلاة العصر بالساحة الهاشمية بالقرية ذاتها.

وعلى صعيد اخر، شهد الأستاذ الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- صباح اليوم الأحد، افتتاحَ البرنامج التدريبي لأعضاء لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، تحت عنوان: "التواصل بين الوالدين من أجل التربية الإيجابية لأطفالهم ودعمهم معنويًّا"، والتي ينظمها المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية بجامعة الأزهر الشريف.

وفي مستهلِّ اللقاء وجَّه المفتي الشكرَ لأُسرة المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية ومديره الأستاذ الدكتور جمال أبو السرور، مؤكدًا أنَّ هذا اللقاء واحد من اللقاءات المهمة التي بدأها المركز منذ مدة طويلة، وهو حلقة في سلسلة بالتعاون مع المؤسسات الدينية والعلمية للمشاركة في النهوض بالعاملين في هذه المؤسسات الدينية وإمدادهم بالعلوم والمعلومات اللازمة.
وأضاف فضيلة المفتي أن أهمية هذا اللقاء تزداد بما يُعرف عن هذا المركز بتاريخه العريق، حيث يتبع المركز الأزهر الشريف، وهو أمر في غاية الأهمية، حيث إنَّ التاريخ يشهد أن هذا المركز حصن للدين.

التلاقي بين العلوم الشرعية والتجريبية

كما أوضح المفتي أهمية حركة التلاقي بين العلوم الشرعية والتجريبية؛ لأن البعض ينظر إلى العلم على أنه يعمل في جزر منعزلة، لكن الواقع أن محاولة إيجاد قطيعة بين هذه العلوم أمر لا يؤيده برهان، والناظر في تاريخ الحضارة الإسلامية يجد أن هناك تداخلًا بين العلوم الشرعية والتجريبية واللغوية وغيرها، وهناك من العلماء من كان يُعرف بأنه العالم الأصولي الكيميائي، وهو ما يكشف أن التمازج بين العلوم أمر ضروري لمن يقوم بعملية الإفتاء حتى يُلِمَّ بجميع جوانب المسألة وأركانها، لإنزال حكم يتوافق مع الواقع ولا يتعارض مع أصول الدين.

مقالات مشابهة

  • كيف تصدى شيخ الأزهر للتشكيك في السنة النبوية والنيل من الهوية الدينية؟
  • وزير الأوقاف ينعي شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء
  • وزير الأوقاف ينعى شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء
  • مفتي الجمهورية ينعى شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق
  • المفتي يشهد افتتاح البرنامج التدريبي لأمناء الفتوى بالمركز الدولي الإسلامي بجامعة الأزهر
  • أحمد عمر هاشم: القدس الشريف قطعة منا وجزء من عقيدتنا
  • عميد «أصول الدين» الأسبق: الأزهر الشريف وسطي في دعوته ورسالته
  • أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات من فرق وجماعات
  • أحمد عمر هاشم: الأزهر يحمل راية الوسطية التي جاء بها القرآن الكريم
  • أمر بجمع القرآن مسموعًا.. الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ما بين نشر الإسلام في آسيا وإفريقيا.. وتطوير الأزهر الشريف