أثار تعيين الإمارات لأول سفير لها في دمشق للمرة الأولى منذ القطيعة العربية مع النظام السوري عقب اندلاع الثورة في العام 2011، تساؤلات لجهة توقيت الخطوة التي جاءت متزامنة مع الأنباء عن اتخاذ الرياض الخطوة ذاتها قريبا.

وأكدت مصادر إخبارية رسمية أن السفير الإماراتي الجديد حسن الشحي قدم أوراق اعتماده لوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد في مقر وزارة الخارجية الثلاثاء، سفيراً مفوضاً وفوق العادة لبلاده.



ورغم أن الإمارات كانت قد افتتحت سفارتها في دمشق أواخر العام 2018، بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية مع النظام، إلا أن أبو ظبي لم تعين سفيراً لها، حيث كان يتولى القائم بأعمال السفارة عبد الحكيم النعيمي مهام بعثة بلاده الدبلوماسية في دمشق.



ومع الخطوة الإماراتية، رشحت أنباء عن زيارة قريبة يجريها رئيس عربي لدمشق، وسط ترجيحات أن يكون رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

قراءة في توقيت الخطوة


ويرى الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي في حديث لـ"عربي21"، أن الخطوة تؤشر إلى رغبة الإمارات بالقيام بدور في المنطقة، يوازي الدور السعودي والقطري.

وقال إن الإمارات اختارت الملف السوري لتعيد ثقلها السياسي في المنطقة، مستغلة عدم وقوفها بشكل جاد ضد النظام السوري، ودورها في إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية.

وبحسب علاوي فإن الإمارات التي تتواصل بشكل مباشر ومستمر مع النظام السوري، ترى أن المنطقة مقبلة على تسويات، منها الملف السوري، ولا بد أن يكون لأبوظبي مشاركة فيها.


أما الكاتب باسل المعراوي، يصف الخطوة بـ"الطبيعية" بعد إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، ومشاركة رئيس النظام السوري بشار الأسد في القمم العربية الأخيرة.

ويقول لـ"عربي21": "بعد ما جرى، لا أهمية للخطوات الدبلوماسية اللاحقة، الأهم أن قرار إعادة النظام السوري العربي إلى المحيط العربي قد اتُخذ".

أما عن التوقيت، فيربط المعراوي بين التطورات التي تشهدها المنطقة على خلفية العدوان على غزة، وبين الخطوة الإماراتية والسعودية، وقال موضحا: "النظام يريد الحياد إزاء ما يجري في غزة، ويبدو أن الإمارات تريد مساعدة النظام للاستمرار في هذا الحياد".

ماذا بعد تعيين السفير؟


وكان لافتا تسمية الشحي سفيرا فوق العادة للإمارات، وعن ذلك يقول الباحث والخبير الاقتصادي يونس الكريم، إن صفة السفير الجديد تساعد على تسريع اتخاذ القرارات في العلاقات بين النظام والإمارات، ويمكن حصرها فوائدها للنظام بتسيير شؤون الجالية السورية "الكبيرة" في الإمارات، ومجال الاستثمار، لكنها قد تضيق على النظام على اعتبار أن السفير الجديد سيكون المراقب لتنفيذ خطوات التطبيع المطلوبة من الأسد عربيا.

ولا يستطيع السفير الجديد اتخاذ القرارات الهامة، أي زيادة الاستثمارات الإماراتية في سوريا، على حد تأكيد الكريم لـ"عربي21"، مضيفا: أن "الإمارات والسعودية مهتمة اليوم بالحرب على المخدرات، وقد يشرف السفير على خطوات النظام الخاصة بمكافحة وملاحقة تجار المخدرات في سوريا".


إلى جانب ذلك، سيتولى السفير مهمة الإشراف على الدعم المقدم من بلاده للنظام في إطار مشاريع التعافي المبكر، كما يقول الباحث الاقتصادي، معتبراً أن "النظام لن يكون سعيداً بهذه المهمة".

خطوة سعودية مماثلة


من جهته، كشف المتحدث باسم "المصالحة السورية" التابع للنظام عمر رحمون، عن اتخاذ الرياض خطوة مماثلة الأسبوع القادم، أي وصول القائم بالأعمال السعودي إلى دمشق، وقال لـ"عربي21": إن "الخطوة الإماراتية تمهد لعودة كل السفراء العرب إلى دمشق".


وأضاف رحمون أن كل ما يجري يؤشر إلى عودة العلاقات العربية مع دمشق إلى شكلها السابق، قبل "العشرية السوداء"، معتبراً أن "ذلك جاء نتيجة تسوية الوضع الميداني وإعادة سيطرة الدولة على أراضيها، إلى جانب التطورات السياسية، بالتالي نحن أمام صفحة جديدة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الإمارات دمشق النظام السوري السعودية الإمارات دمشق النظام السوري المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری فی دمشق

إقرأ أيضاً:

الجولاني.. هل هو مُخلِّص سوريا أم ديكتاتور جديد؟!

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

يُعد الثامن من ديسمبر من الأيام الخالدة في تاريخ الأمة الإسلامية بشكل عام والشعب السوري بجميع أطيافه بشكل خاص، فقد حمل ذلك اليوم رسالة وبرهاناً جديداً مفاده أنَّ دولة الظلم والاضطهاد زائلة لا محالة وأن الأنظمة القمعية والدكتاتورية التي تحكم مواطنيها بالحديد بالنار ذاهبة إلى هامش التاريخ يومًا ما، مهما استقوت واعتمدت على القوى الاستعمارية والأنظمة المُشابهة لها في سلب حرية شعوبها ونهب ثروات الأوطان لتعزيز قوتها في اضطهاد رعاياها ومصادرة الحقوق الأساسية للإنسان.

الفصل قبل الأخير من النسخة الأولى للربيع العربي، قد اكتمل وتحقق بهذا النصر المُبين للشعب السوري الذي ناضل طوال 14 سنة واستشهد أكثر من مليون سوري بقصفٍ بالبراميل المتفجرة من طائرات النظام المخلوع، وكذلك قصف المقاتلات الروسية للمدن السورية، ومشاركة المليشيات الأجنبية في قتل الأبرياء، المُعبِّرين عن رفضهم حكم الديكتاتور الفاسد، بينما تم تهجير حوالي 12 مليون مواطن سوري قسريًا حول العالم منهم أكثر من 3 ملايين في تركيا.

من هنا تذكرت قصيدة شاعر الأحرار والمظلومين في كل زمان ومكان التونسي أبو القاسم الشابي والذي يقول في مطلعها:

إِذا الشَّعْبُ يومًا أرادَ الحياةَ // فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي // ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ

وبالفعل تعكس هذه القصيدة العصماء التي قيلت في ثلاثينات القرن العشرين مأساة وطن وشعب تشرد عبر أصقاع العالم؛ وطبيعة ما حصل هذه الأيام يُعبر بحق عن واقع الثورة السورية المجيدة التي قطفت ثمار انتصارها المبارك على النظام الدكتاتوري لأسرة الأسد التي ورثت الحكم في سوريا من الأب الذي وصل إلى الحكم على ظهر دبابة بانقلاب عسكري قبل 53 سنة من سنوات الظلم والاضطهاد والقتل المُمنهَج للسوريين ومصادرة الحريات والحقوق، مقابل الشعارات البعثية الجوفاء التي يُراد منها تخدير أفراد المجتمع وتحويلهم إلى عبيد للنظام الفاسد، ثم تولى الابن بشار الحكم كوريثٍ للأب، في سابقة لم تكن موجود في الأنظمة الجمهورية العربية. إنَّ جرائم هذا النظام البائد لم تكن فقط فيما نشاهده عبر شاشات وقنوات الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، من فظائع تقشعر لها الأبدان، وذلك في زنازين سجن صيدنايا سيئ السمعة؛ حيث كان يتم اقتياد مئات الآلاف من الأبرياء إلى السجن وتعذيبهم، ثم قتلهم على أيدي الأجهزة الأمنية الموالية للنظام، وبإشراف شخصي من بشار الأسد الذي هرب ليلًا من قصره، مثل غيره من الطُغاة عبر التاريخ. جرائم القتل تمت كذلك عبر استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المواطنين السوريين، والتي كان يزعم النظام أنها صُنِعَت لتحرير الجولان المحتل، بينما في واقع الأمر لم تُطلق رصاصة واحدة على الكيان الصهوني المحتل منذ عام 1974. إسرائيل كانت تعتبر أسرة الأسد الجهة الضامنة لأمنها طوال العقود الماضية؛ بل هناك جرائم كثيرة اقترفها حافظ الأسد نفسه؛ فالعالم أجمع يتذكر مجزرة حماة في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين؛ حيث تم قتل أكثر من 40 ألف شخص من الأبرياء، إضافة إلى 17 ألف مفقودٍ حتى هذه اللحظة!

وإذا كان الشعب السوري وكذلك العالم من أقصاه إلى أقصاه، قد ابتهج بوصول هيئة تحرير الشام إلى قصر بشار الأسد في قلب دمشق، فإنَّ خطر الانزلاق ببوصلة الثورة إلى الانتقام من بقايا النظام المخلوع وتصفية الحسابات القديمة، وقبل ذلك كله محاولة ما يُعرف بـ"الفصائل المُنتصرة" تولّي السُلطة واستبدال ديكتاتور قديم بآخر جديد؛ فهذه مصيبة وفخ كبير للمناضلين.

وإذا حصل ذلك، فهذه نكسة جديدة ستُلقي بظلالها على هذا الشعب الجريح، والذي ينتظر الفرج من خلال التعجيل بإجراء انتخابات حرة بإشراف الأمم المتحدة، على أن تشمل كل الأقليات والأعراق والمدارس الدينية، دون إقصاء أي طرف كان، وعلى وجه الخصوص تمكين الأكراد والمسيحيين والطائفة العلوية، وكذلك الذين ينتمون إلى المذهب الشيعي في البلاد، من المشاركة في اختيار من يقود البلد في المرحلة المقبلة. يجب أن تكون هناك قناعة لدى قادة الثورة السورية بأن فجرًا جديدًا قد أطل على سوريا الجديدة؛ فهذا البلد يجب أن يكون وطنًا لجميع السوريين دون تمييز، ولا يُمكن أن تتحقق آمال الشعب الذي عانى طوال عدة عقود؛ إلّا إذا تعلمنا من الدروس والعِبَر في ما يدور حولنا في الإقليم، وخاصة الحروب الأهلية والقتل على الهوية التي دارت رُحَاها في كل من العراق وليبيا واليمن وأفغانستان، وهي الدول التي دفعت أثمانًا باهظة بعد تلك الانتصارات. وكما عبر جورج دانتون (الزعيم الثوري الفرنسي) عندما قال وهو أمام مقصلة الإعدام "إنَّ الثورة تأكل أبناءها"، وذلك إبان الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر.

بالطبع هناك تحديات وجودية تواجه الثوار، فكما هو معروف في الحركات الجهادية والنضالية عبر التاريخ، فعند الانتصار على الخصوم وتحقيق الأهداف، تبدأ معركة جديدة تكون هذه المرة على الغنائم بين الثوار أنفسهم، إذ إن الكل هنا سيبحث عن تحقيق مكاسب مالية ومناصب عُليا، ثم نرجع إلى نقطة البداية والدخول في صراعات وحروب تأكل الأخضر واليابس وتتحول تلك الشعوب إلى بلدان فاشلة بكل المقاييس بسبب الخلافات بين رفاق الأمس.

في الختام.. إنَّ نجاح الثورة السورية مرتبطٌ برجالها الذين قادوا حرب التحرير وخاصة أحمد الشرع (المعروف باسم أبو محمد الجولاني) الذي أثبت بالفعل بأنه رجل دولة وزعيم يُعتمد عليه، ولكن الآن يخضع لاختبار عسير، فهل يطمح لأن يكون الرئيس القادم لسوريا؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي، فذلك سبيل النجاة لسوريا، كما إن موقف الجولاني من الكيان الصهيوني الجاثم على الأراضي السورية، وكذلك موقفه من الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة غير واضح، ولم يُعلن عن ذلك حتى الآن!

في كل الأحوال، هناك تجارب رائعة في العالم مثل المُشير عبدالرحمن سوار الذهب في السودان الذي سلَّم السُلطة بعد الانتخابات الحُرة في البلد لحزب الأمة الذي فاز في الانتخابات، ونيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا الذي رفض التجديد لنفسه لفترة رئاسية ثانية بعد خروجه من السجن. لا شك أن الأيام المُقبلة ستكشف النوايا وطموحات قادة هيئة تحرير الشام التي لا تزال في قائمة المنظمات الإرهابية من منظور الغرب الاستعماري وخاصة أمريكا، كما إن الجولاني الذي أسس جبهة النصرة وقبل ذلك انخرط في تنظيم "داعش" قد انشق وتمرد على تلك المنظمات، وأصبح أقرب للمنظومة الدولية وخاصة الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة؛ بل يُقال إنَّ روسيا كانت منخرطة في حوار مع المعارضة قبل سقوط النظام انطلاقًا من لغة المصالح والسياسة التي لا تُعير القيم والمبادئ وحتى العهود والمواثيق، أي احترم.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • وليد جنبلاط يهاتف أحمد الشرع ويهنئ الشعب السوري بالتخلص من الأسد
  • المرصد السوري: داعش عاد لنشاطه بقوة 2023 ورصدنا 224 هجوما العام الحالي(فيديو)
  • وزارة الخارجية تُدين بشدة توسيع الكيان الصهيوني للاستيطان في الجولان السوري
  • المرصد السوري: تنظيم داعش قتل 70 شخصا من عناصر قوات النظام السابق
  • "فرع فلسطين" في دمشق: مركز تعذيب سيئ السمعة يكشف ممارسات النظام السوري خلال حكم الأسد
  • الجولاني: الثورة السورية انتصرت وينبغي بناء سوريا لتصبح دولة لا “مزرعة”
  • نعيم قاسم: إسرائيل دمّرت إمكانات الجيش السوري وتريد التوسع في كل الدول العربية
  • الجولاني.. هل هو مُخلِّص سوريا أم ديكتاتور جديد؟!
  • لماذا يريد ترمب إلغاء التوقيت الصيفي؟
  • لماذا قرر جنود الجيش السوري عدم القتال من أجل الأسد؟