الخليج الجديد:
2025-03-16@20:53:24 GMT

فلسطين تحت الصفر

تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT

فلسطين تحت الصفر

فلسطين تحت الصفر

تفكّر الولايات المتحدة في منح الفلسطينيين دولة تفتقر إلى المقوّمات السيادية للدولة. وهذا الأمر لن ينجح!

من المستبعد نجاح ترتيباتٍ قد تقبلها إسرائيل طوعيًّا في تهدئة شعبٍ يسعى إلى تحقيق السيادة وإنهاء الاحتلال العسكري.

لم تكن أمريكا مستعدةً لاستخدام نفوذها لإرغام إسرائيل على تغيير اتّجاهها، لذلك فإن أيّ نقاش عن دولة فلسطينية سرعان ما سيصبح غير ذي جدوى.

رؤية إسرائيل وأمريكا بشأن دولة فلسطينية محتملة لا تختلف كثيرًا، ذلك أن إنشاء دويلة فلسطينية منزوعة السيادة لا يبدو سوى مسعى لإضفاء الشرعية على الاحتلال.

تستمرّ إسرائيل في تحويل غزة إلى أرض غير مأهولة، فيما تبقى محكومةً من ائتلاف يضمّ عناصر يمينية متطرّفة تسعى علانيةً لتهجير أكبر عددٍ ممكن من الفلسطينيين من غزة.

* * *

عقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعًا في بروكسل في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع لمناقشة خطة أخرى تُضاف إلى قائمة الخطط السابقة حول مرحلة ما بعد الصراع في غزة، وتقترح مسارًا لإقامة "دولة فلسطينية".

وفي واشنطن، أصرّ الرئيس جو بايدن بدوره على أن إقامة دولة فلسطينية هي السبيل للمضيّ قدمًا. وعندما ووجِه بواقع أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرفض مفهوم قيام دولة فلسطينية، شدّد بايدن على أن نتنياهو لا يعارض جميع أنماط حلّ الدولتَين مع الفلسطينيين – وفي إصرار بايدن تكمن المشكلة.

يشكّل موقف نتنياهو تجاه قيام دولة فلسطينية امتدادًا لتكتيك قديم يعتمده حول هذه المسألة، ويتمثّل في تصوير نفسه أمام الرأي العام الإسرائيلي على أنه القائد الوحيد القادر على مواجهة الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة من أجل إقامة هذه الدولة.

لكن، تبيّن بوضوح شديد أن ما من ضغط أميركي على إسرائيل، بل ما تفعله واشنطن ببساطة هو التعبير عن الخيارات التي تفضّلها. أما الضغط، فيعني أن تستخدم واشنطن أدوات النفوذ التي تمتلكها، سواء ورقة المساعدات إلى إسرائيل أو أشكال الدعم الأخرى، للتأثير عليها. وهذا ليس واردًا نهائيًا.

مع ذلك، استمرّ بايدن في تقديم حلّ الدولتَين على أنه خيار قابلٌ للتحقق، لأن البديل، أي الاعتراف بواقع الدولة الواحدة، هو أمرٌ لا تستسيغه واشنطن. لذا، بدأ الرئيس الأميركي باقتراح أشكال أخرى من "الدولة" قد تتمتّع بحظوظ أكبر في إقناع إسرائيل، من ضمنها قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح. فعلى سبيل المثال، أشار بايدن في تصريحات أدلى بها مؤخرًا إلى أن بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ليست لديها جيوش خاصة بها.

وبايدن محقٌّ في هذا الصدد، فثمّة بالفعل دولٌ أعضاء في الأمم المتحدة من دون جيوش. لكنّ هذه الدول تتشارك جميعها خصائص محدّدة. في العادة، تكون دولةٌ أخرى قد وافقت على الدفاع عنها ضدّ العدوان الخارجي. أندورا مثلًا لا تملك جيشًا وطنيًا، لكنها أبرمت معاهدات دفاعية مع إسبانيا وفرنسا.

وتشكّل ميكرونيزيا مثالًا آخر، بحيث تقع مسؤولية الدفاع عنها على عاتق الولايات المتحدة. وجمهورية ناورو مثلًا تعتمد على أستراليا. ولدى بضع عشراتٍ من الدول أيضًا ترتيبات مماثلة. قد تتّخذ المعاهدات الدفاعية كذلك شكل علاقة دفاع إقليمي، أشهرها ربما نظام الأمن الإقليمي بين دول منطقة البحر الكاريبي ودول أميركا الجنوبية. ويعتمد نجاح ذلك على وجود روابط وثيقة بين الدول الأعضاء وداعم خارجي قوي.

قد يجادل البعض بأن هذه كلّها سوابق تدعم قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومسلوبة السيادة كحلٍّ للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لكنها جميعها لا تنطبق في هذه الحالة.

فإسرائيل تصرّ على "بسط سيطرتها الأمنية الكاملة على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن"، أي بتعبيرٍ آخر، على أي منطقة قد تقع ضمن الحكم الذاتي الفلسطيني. وهذا يعني أن إسرائيل ستكون قادرة على الدخول عسكريًا إلى هذه الأراضي متى تشاء، من دون الحصول على موافقة الفلسطينيين.

وهذا الوضع لا ينطبق على أيٍّ من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ولا يشبه معاهدة الأمن الإقليمي بين دول الكاريبي وأميركا الجنوبية. فالتحدّي الأمني الأساسي للفلسطينيين هو إسرائيل في حدّ ذاتها. فالأمر في هذه الحالة أشبه بالقول إن على أوكرانيا إبرام اتفاقية أمن إقليمي مع روسيا بقيادة فلاديمير بوتين.

إذًا، أيٌّ من هذه السوابق لا ينطبق في هذه الحالة. ولكن ثمّة سابقتان لهما بعض الخصائص المألوفة، إحداهما في أوكرانيا، والأخرى في جنوب أفريقيا. ففي العام 2014، أعلنت روسيا عن إنشاء "جمهوريّتَي" دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا، وضمّت في الوقت نفسه شبه جزيرة القرم.

على المستوى الهيكلي، يشبه ذلك تمامًا ما تحاول إسرائيل فعله، أي ضمّ أراضٍ في أجزاء من الضفة الغربية، والسماح بـ"الحكم الذاتي" في أماكن أخرى من الأراضي المحتلّة. نظر المجتمع الدولي بريبةٍ إلى الخطوات التي اتّخذتها روسيا في دونيتسك ولوغانسك على أنها أشبه بجهودٍ لإضفاء الشرعية على الاستيلاء غير القانوني على الأراضي.

لكن الواقع أن رؤية إسرائيل وأمريكا بشأن الدولة الفلسطينية المحتملة لا تختلف كثيرًا، ذلك أن إنشاء دويلة فلسطينية منزوعة السيادة لا يبدو سوى مسعى لإضفاء الشرعية على الاحتلال.

أما السابقة الثانية فهي بوفوتا تسوانا التي كانت واحدة من البانتوستانات في جنوب أفريقيا (أي "الأوطان" أو ما يمكن تسميته بـ"المحميّات" في السياق الأميركي)، والتي منحها نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) هناك حكمًا ذاتيًا. فقد احتفظ الجنوب أفريقيون بالسيادة، إلا أن بوفوتاتسوانا (التي كانت مُجزَّأة جغرافيًا) مثّلت حلًّا لمسألة توفير "الحكم الذاتي" مع الحفاظ على نظام الأبارتهايد في بقية جنوب أفريقيا.

إذا ما وضعنا رسمًا بيانيًا لما قد يكون نتنياهو على استعداد لقبوله طوعيًّا كـ"دولة"، وهو ما يراه بايدن بوضوحٍ خيارًا، فهذا الرسم لن يحوي عناصر من الدول الأعضاء الحالية في الأمم المتحدة، بل عناصر من المخطّطات سيّئة السمعة التي طبّقتها روسيا في عهد بوتين، وجنوب أفريقيا في ظل نظام أبارتهايد.

وقد يلقى ذلك قبول المسؤولين في الولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أنه من غير المرجّح أن يكون مشروعًا ناجحًا للفلسطينيين، وهم السكان الخاضعون للاحتلال، ولا للدول العربية التيتتطلّع إسرائيل إلى تطبيع العلاقات معها.

منذ أكثر من 20 عامًا، تقدّمت السعودية بمبادرة السلام العربية، التي أقرّتها جامعة الدول العربية بالإجماع في العام 2002، وتعهّدت بموجبها الدول العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل إنهاء احتلالها للأراضي العربية وإقامة دولة فلسطينية.

وبعد أن كرّرت هذه الدول مذّاك الحين أن التطبيع مطروحٌ على الطاولة، ومقابل ثمنٍ أقلّ بكثير مما كان عليه قبل 20 عامًا، أصبح المطلوب اليوم فقط "مسارًا" يؤدّي إلى دولة فلسطينية.

لكن لربما يكون الجزء الصامت من هذا الأمر قد قاله بصوتٍ عالٍ مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل. ففي حين أن طريقة تعاطي إدارة بايدن مع المسألة معقّدة، لأن هذه الإدارة تسعى إلى إنجاز شيء ما بالشراكة مع الإسرائيليين الذين يحدّدون "الوسيلة الأفضل لضمان أمن إسرائيل"، قال بوريل بمنتهى الصراحة إن الدولة الفلسطينية قد تحتاج إلى أن "تُفرَض من الخارج" من دون موافقة إسرائيل.

يبقى احتمال حدوث ذلك في الوقت الراهن مشكوكًا فيه، لا بل من المستبعد أكثر نجاح ترتيباتٍ قد تقبلها إسرائيل طوعيًّا في تهدئة شعبٍ يسعى إلى تحقيق السيادة وإنهاء الاحتلال العسكري.

في غضون ذلك، تستمرّ إسرائيل في تحويل غزة إلى أرض غير مأهولة، فيما تبقى محكومةً من ائتلاف يضمّ عناصر يمينية متطرّفة تسعى علانيةً إلى تهجير أكبر عددٍ ممكن من الفلسطينيين من غزة.

قد لا توافق الولايات المتحدة على مثل هذه السياسات، إلا أنها ما لم تكن مستعدةً لاستخدام نفوذها لإرغام إسرائيل على تغيير اتّجاهها، فإن أيّ نقاش عن دولة فلسطينية سرعان ما سيصبح غير ذي جدوى.

*هـ. أ. هليير باحث بمؤسسة كارنيغي، وزميل مشارك بالمعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن في لندن.

المصدر | مؤسسة كارنيغي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا إسرائيل الاحتلال فلسطين دولة فلسطينية الفصل العنصري قیام دولة فلسطینیة الولایات المتحدة فی الأمم المتحدة فلسطینیة منزوعة الدول الأعضاء على أن

إقرأ أيضاً:

بينها اليمن.. قائمة الجنسيات التي ستفرض عليها إدارة ترامب حظر سفر

نقلت رويترز عن مصادر "مطلعة" ووثيقة داخلية أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدرس فرض قيود سفر واسعة على مواطني عشرات الدول بينها اليمن، في إطار حظر سفر جديد.

وقال مسؤول أميركي لرويترز تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن القائمة قد تتغير، كما أنها في انتظار موافقة الإدارة بما في ذلك وزير الخارجية ماركو روبيو.

وفيما يلي قائمة الدول المعنية بالقرار وفقا لما ورد في المذكرة مقسمة إلى ثلاث مجموعات منفصلة:

تعليق كامل لتأشيرات السفر

يشمل أفغانستان وكوبا وإيران وليبيا وكوريا الشمالية والصومال والسودان وسوريا وفنزويلا واليمن.

تعليق جزئي لتأشيرات السفر

يشمل إريتريا وهايتي ولاوس وميانمار وجنوب السودان، ويطال السائحين والطلبة كما أن بعض التأشيرات الأخرى قد تتأثر.

دول مرشحة لتعليق جزئي لتأشيرات السفر

تشمل أنغولا وأنتيغوا وباربودا وروسيا البيضاء وبنين وبوتان وبوركينا فاسو والرأس الأخضر وكمبوديا والكاميرون وتشاد وجمهورية الكونجو الديمقراطية والدومينيك وغينيا الاستوائية وغامبيا وليبريا ومالاوي وموريتانيا وباكستان وجمهورية الكونغو وسانت كيتس ونيفيس وسانت لوسيا وساو تومي وبرينسيب وسييرا ليون وتيمور الشرقية وتركمانستان وفانواتو.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى وزارة الخارجية الأميركية مهلة 60 يومًا لإعداد تقرير للبيت الأبيض بتلك القائمة، مما يعني أنه يجب تقديم هذه القائمة الأسبوع المقبل.

وقالت وزارة الخارجية في بيان إنها تتبع الأمر التنفيذي وإنها "مُلتزمة بحماية أمتنا ومواطنيها من خلال الحفاظ على أعلى معايير الأمن القومي والسلامة العامة من خلال عملية التأشيرات لدينا".

تعود سياسة ترامب في حظر دخول مواطني بعض الدول إلى حملته الانتخابية في ديسمبر 2015، وبعد أن تولى منصبه في يناير 2017، أصدر ما أصبح أول سلسلة من قرارات حظر السفر.

في البداية، كانت تركز على مجموعة من الدول ذات الأغلبية المسلمة، لكن لاحقًا شملت أيضًا دولًا أخرى منخفضة الدخل، بما في ذلك في أفريقيا.

وعندما تولى جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة في يناير 2021، ألغى حظر السفر وعاد إلى نظام التدقيق الفردي للأشخاص من تلك الدول.

وفي أمره التنفيذي في يناير، قال ترامب إنه يتخذ هذه الإجراءات لحماية المواطنين الأميركيين "من الأجانب الذين ينوون ارتكاب هجمات إرهابية أو تهديد أمننا القومي أو تبني أيديولوجيات كراهية أو استغلال قوانين الهجرة لأغراض خبيثة".

ومن غير الواضح ما إذا كان الأشخاص الذين لديهم تأشيرات سارية سيتم استثناؤهم من الحظر، أو إذا كانت تأشيراتهم ستُلغى. والصورة غير واضحة أيضا ما إذا كان حاملو البطاقة الخضراء، الذين تمت الموافقة على إقامتهم الدائمة، سيتأثرون بالقرارا أم لا.
 

مقالات مشابهة

  • منح دراسية لطلبة فلسطين في عدد من الدول
  • مظاهرات في أوروبا لدعم فلسطين والتنديد بمجازر إسرائيل
  • فصائل فلسطينية تعليقا على الهجوم الأمريكي على اليمن : دعم وقح لـ “إسرائيل” 
  • ترامب يدرس فرض حظر سفر جديد يستهدف 43 دولة
  • إدارة ترامب تجهز قائمة بعشرات الدول ستخضع لحظر دخول الولايات المتحدة
  • بينها اليمن.. قائمة الجنسيات التي ستفرض عليها إدارة ترامب حظر سفر
  • إدارة ترامب تعتزم حظر السفر لأكثر من 40 دولة بينها اليمن
  • لأول مرة في التاريخ.. أكثر من نصف الديمقراطيين في أمريكا يؤيدون فلسطين ضد إسرائيل
  • الدول التي تدرس إدارة ترامب فرض حظر سفر عليها
  • أسطورة برنارد لويس المدينية