كثفت بريطانيا مؤخرا تحركاتها في المنطقة، في خطوة تشير إلى مدى الاهتمام البريطاني بالتوتر الجاري في البحر الأحمر، خصوصا مع تحالف لندن والولايات المتحدة في عملية عسكرية مشتركة ضد جماعة الحوثي، على خلفية الهجمات التي تشنها الجماعة على سفن ومدمرات الدولتين في البحر الأحمر، والتي اعتبرتها أهدافا معادية.

 

زيارة رابعة

 

التحركات البريطانية جاءت في زيارات ديفيد كاميرون وزير الخارجية والتنمية البريطاني للمنطقة، والتي تعد الرابعة من نوعها خلال وقت قصير، وذلك في ظل الوضع الملتهب بالشرق الأوسط، كالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والهجمات المستمرة لجماعة الحوثي في البحرين الأحمر والعربي.

 

وتأتي زيارة كاميرون بعد دعوته لتشكيل مجموعة اتصال لبناء ما وصفه بالزخم تجاه إحلال سلام دائم في المنطقة، ولخفض التوتر بالشرق الأوسط، وتأمين هدنة فورية في الصراع بغزة.

 

وترى الحكومة البريطانية هجمات الحوثيين على الشحن الدولي، ضررا لأمن المنطقة، وتؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، وستكون محور تركيز وزير الخارجية في محادثاته، التي تشمل كلا من سلطنة عمان، والسعودية، ولقاء رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي في الرياض، وكذلك الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقطر وتركيا.

 

وفي وقت سابق قال الوزير البريطاني كاميرون إن الحوثيين مستمرون في مهاجمة السفن بالبحر الأحمر، وأن بلاده لا يمكنها تجاهل خطر انتشار الصراع الدائر في غزة عبر الحدود إلى دول أخرى في المنطقة، وأنها تسعى لضمان عدم حدوث ذلك.

 

وعما يتعلق باليمن جدد الوزير التزام المملكة المتحدة بإدخال مساعدات منقذة للأرواح إلى اليمن، قائلا إنه سيوضح الإجراء الذي تتخذه المملكة المتحدة لردع الحوثيين عن استهداف السفن في البحر الأحمر.

.

كاميرون في عُمان

 

واستهل ديفيد كاميرون وزير الخارجية والتنمية البريطاني والوفد المرافق له تحركاته بزيارة سلطنة عمان، ولقاءه كلا على حدة، بدر بن حمد البوسعيدي، وزير الخارجية بالسلطنة، والفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني.

 

كاميرون مع وزير الخارجية العماني

 

ولم تتطرق وكالة الأنباء العمانية بشكل صريح لطبيعة الزيارة، أو الأحداث المتصلة بالبحر الأحمر، واكتفت بالإشارة إلى أن الطرفين اتفقا على ضرورة استمرار المساعي لاحتواء الصراعات، وعدم توسيعها إقليميًا والتركيز على سبل وقف إطلاق النار في غزة، وإيلاء الجانب الإنساني الأولوية القصوى.

 

وزير المكتب السلطاني العماني

 

لكن وزارة الخارجية البريطانية على حسابها في تويتر قالت إن الدولتين تعملان معا لتعزيز استقرار الشرق الأوسط وخفض التوترات.

 

 

كاميرون في السعودية

 

لقاءات الوزير البريطاني شملت أيضا المملكة العربية السعودية، وقالت وكالة "واس" إن ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان ناقش مع وزير الخارجية البريطاني المستجدات الإقليمية والجهود المبذولة تجاهها بما يحقق الأمن والاستقرار.

 

كاميرون مع ولي العهد السعودي

 

كاميرون واليمن

 

لكن الزيارة الأهم والتي تضمنت الكثير من التفاصيل، هي لقاء الوزير البريطاني برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في العاصمة السعودية الرياض.

 

اللقاء مع رشاد العليمي تطرق – وفقا لوكالة سبأ الحكومية بالرياض - الخلفيات الحقيقية لهجمات الحوثيين ضد خطوط الملاحة الدولية في البحر الاحمر وخليج عدن، وتداعياتها على سلاسل امداد السلع الاساسية، وتدهور الاوضاع المعيشية للشعب اليمني.

 

وطالب العليمي بالتصدي للأسلحة الإيرانية المهربة للحوثيين، واتخاذ إجراءات أكثر حزما ضدهم، وتنفيذ القرار الأممي 2216، ودعم الحكومة لتتمكن من حماية خطوط الملاحة الدولية واستعادة الموانئ، التي اتهم الحوثيين بتحويلها لمنصة تهديد للأمن الملاحي والسلم العالمي.

 

كاميرون مع رشاد العليمي

 

العليمي تطرق أيضا لما وصفه بالتنسيق الكامل مع الجانب البريطاني والتشاور للحد من الأثار الجانبية لتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، مؤكدا التزام الحكومة بالنهج المنفتح على كافة المبادرات الرامية لجلب السلام العادل والشامل الذي يستحقه الشعب اليمني.

 

أما الوزير البريطاني فقد أكد دعم بلاده لجهود مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة لاستعادة مؤسسات الدولة، ومواصلة التدخلات الانسانية، والانمائية البريطانية على كافة المستويات، وكذلك الحرص على أمن واستقرار المنطقة، وحرية الملاحة العالمية، ودعم جهود المبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة.

 

دلالات اللقاءات

 

تشير هذه اللقاءات إلى أن بريطانيا بدأت التحرك لاحتواء التوتر في المنطقة، وعلى رأس ذلك الوضع في غزة، والهجمات البحرية في اليمن، وأرسلت إشارات جديدة من شأنها تطمين شركائها العرب، ومن ذلك ما أعلنه وزير الدفاع البريطاني عندما قال إنهم يؤيدون مبدأ حل الدولتين، وأنهم يعملون من أجل تحقيق ذلك، وذلك ردا على الأصوات الإسرائيلية التي تطالب بإعادة استيطان قطاع غزة من جديد.

 

التحركات البريطانية شملت حتى اللحظة أبرز الأطراف المتصلة بالوضع في المنطقة، إذ تعكس الزيارة لمسقط أولا مؤشرات الاهتمام لدى بريطانيا، إذ أن السلطنة تستضيف قيادات من جماعة الحوثي، وتحتفظ بعلاقات جيدة معها، وهو ما يعطيها فرصة أوسع لفتح قناة تفاوض مع قيادة الجماعة، خاصة مع الدور الذي لعبته مسقط خلال السنوات الأخيرة، في تقريب وجهات النظر بالمنطقة.

 

أما السعودية، فهي الدولة ذات الثقل الأبرز في المنطقة، والتي ظلت متحفظة على موقفها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، مكتفية بالمطالبة بخفض التصعيد، وبالتحرك الدبلوماسي لدى عدة دول لتدارس الوضع، بالإضافة رغبتها بالتهدئة، وتلويحها بالتطبيع مقابل حل الدولتين في فلسطين.

 

وبالنسبة للجانب اليمني الرسمي، فتمثل الزيارة امتدادا لانفتاح بريطاني على الحكومة اليمنية، منذ اندلاع الصراع في البحر الأحمر، وتمثل ذلك بلقاء سفير بريطانيا لدى اليمن بالمسؤولين اليمنيين، ومناقشته معهم الوضع البحري، وتوجيه السفيرة البريطانية خطابا مصورا لليمنيين تحذرهم فيه من جماعة الحوثي، وأفعالها في اليمن.

 

 

ولا يُعرف بعد طبيعة التنسيق البريطاني اليمني، وما إذا كان يتعلق بتحضيرات مشتركة لحرب ضد الحوثيين، أم ماذا، لكن من الواضح وجود تعاون أمني وعسكري واستخباراتي بين الطرفين، ونشرت الحكومة البريطانية عبر صندوق استقرار وأمن الصراعات عرضا لتوفير التدريب على اللغة الإنجليزية لمنسبي قوات خفر السواحل اليمني ووزارة الدفاع اليمنية.

 

مسارات التحرك البريطاني

 

ومن الواضح أن التحركات البريطانية في التعامل مع الوضع الراهن في اليمن، يسير بعدة مسارات، الأول تحركات دبلوماسية مكثفة مع القيادات اليمنية الحكومية في الرياض، وكذلك دول المنطقة، والثاني مسار عسكري يتعلق بحالة الاحتشاد المتصاعدة التي يقوم بها الجيش البريطاني، ومن ذلك المشاركة مع الولايات المتحدة في قصف أهداف لجماعة الحوثي في مناطق سيطرتها، وتحريك المدمرات للمياه الدولية القريبة من اليمن.

 

ويتصل بالمسار الثاني التحركات مع الشركاء الآخرين عسكريا، فالتنسيق بين بريطانيا وأمريكا باليمن ارتفعت وتيرته مؤخرا أكثر من أي وقت مضى، ومؤخرا بحث مستشار الأمن القومي الأمريكي، ووزير الدفاع البريطاني منع تصعيد إقليمي بالشرق الأوسط، والجهود المستمرة لمواجهة هجمات الحوثيين، وفقا للبيض الأبيض.

 

وسارت بريطانيا في خط مواز مع الولايات المتحدة الأمريكية في تعاملها مع جماعة الحوثي، وفرضت عقوبات مماثلة للجانب الأمريكي على قيادات في جماعة الحوثي، واشتركت معها في الغارات على اليمن، ويبدو الموقف بين الدولتين موحدا ومنسجما إلى درجة التطابق.

 

وتضطلع بريطانيا بدور أكبر في عملية المراقبة البحرية من خلال الهيئة البحرية التابعة لها (أمبري)، والتي ترصد حركة الملاحة، وباتت مصدرا رئيسيا للإبلاغ عن الحوادث التي تطال السفن ومركبات الشحن في البحرين العربي والأحمر، والمحيط الهندي.

 

الرد الحوثي

 

ردت جماعة الحوثي على التحرك العسكري البريطاني في البحر الأحمر بإعلان السفن البريطانية أهدافا مشروعة لها، وأطلقت هجمات متفاوتة على سفن بريطانية، وصنفت لندن في خانة الأعداء، وواجهت موقفها بالتمسك بمطالبها بوقف الحرب على قطاع غزة، كشرط لوقف الهجمات البحرية.

 

ولم يصدر عن جماعة الحوثي أي موقف معلن من التحركات البريطانية التي تتزامن مع تحركات مماثلة للاتحاد الأوروبي في المنطقة، لكن عضو المكتب السياسي في الجماعة علي القحوم تحدث عما وصفه بـ "تحركات واضحة للأميركي والبريطاني للتصعيد البري تجاه اليمن والتحضيرات لعمل عسكري باستخدام المرتزقة" وذلك في إشارة للحكومة الشرعية المتحالفة مع الرياض، وفقا لحديثه لقناة الميادين اللبنانية.

 

 

وتعكس تصريحات القحوم تقييم جماعة الحوثي للتحركات الأمريكية البريطانية الأخيرة، وهو ربما الدافع الذي دفع الجماعة لفتح مناوشات عسكرية ضد الحكومة الشرعية في أكثر من محافظة، تحسبا لعملية عسكرية برية قد تندلع خلال الفترة القادمة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا بريطانيا وزير الخارجية البريطاني سلطنة عمان الوزیر البریطانی فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین وزیر الخارجیة جماعة الحوثی رشاد العلیمی فی المنطقة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

غروندبرغ: التصعيد الأخير في اليمن يعيق جهود إحلال السلام

أكد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، أن التصعيد الأخير في اليمن بين الحوثيين وإسرائيل يعيث جهود الوساطة التي يقودها لإحلال السلام في اليمن.

 

وقال غروندبرغ في بيان مقتضب على منصة إكس: "أضم صوتي إلى الأمين العام في دعوته لضبط النفس وحماية المدنيين في ظل التصعيد الأخير. هذه التطورات تعيق جهود الوساطة وتقوّض المسار نحو السلام.".

 

 

ونشر غروندبرغ بيان تعليقا على بيان سابق للأمين العام للأمم المتحدة، عبر خلاله غوتيريش، عن قلقه بشأن الغارات الإسرائيلية على اليمن وإطلاق صواريخ باليستية من الحوثيين على إسرائيل.

 

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام يتابع بقلق بالغ التقارير الواردة بشأن شن غارات جوية إسرائيلية على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى والمناطق المحيطة بها في الحديدة ومحطات كهرباء في صنعاء في اليمن.

 

وأضاف دوجاريك أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش يشعر بقلق بالغ إزاء الإطلاق المتزامن لصواريخ باليستية من قبل الحوثيين باتجاه إسرائيل والتي ضربت وألحقت أضرارا جسيمة في إحدى المدارس وسط إسرائيل.

 

وتشير التقارير الأولية - كما ورد في البيان - إلى سقوط ضحايا مدنيين، من بينهم تسعة قتلى وثلاثة جرحى، بالإضافة إلى أضرار كبيرة لحقت بمواني البحر الأحمر مما سيؤدي إلى الحد من قدرات الموانئ بشكل فوري وملحوظ.

 

وحسب البيان فإن الغارات الجوية تأتي بعد نحو عام من أعمال الحوثيين التصعيدية في البحر الأحمر والمنطقة، التي تهدد أرواح المدنيين والاستقرار الإقليمي وحرية الملاحة البحرية. ويُذكّر الأمين العام بأن على جميع الأطراف الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني واحترام وحماية المدنيين وكذلك البنى التحتية المدنية.

 

وقال المتحدث في بيانه إن الأمين العام لا يزال يشعر ببالغ القلق إزاء خطر المزيد من التصعيد في المنطقة، ويواصل حث الجميع على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. وأضاف أن هذه الأعمال تقوض جهود الوساطة التي يقودها المبعوث الأممي الخاص هانس غروندبرغ للتوصل إلى حل سياسي للصراع في اليمن عن طريق التفاوض.

 

ودعا الأمين العام مجددا للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من الموظفين المحتجزين تعسفيا من قبل الحوثيين.


مقالات مشابهة

  • عاجل - دمشق تشهد تحركات مكثفة تفرض سيناريوهات جديدة على أمريكا وروسيا
  • تحركات لطرد الحوثيين من العراق وإغلاق مكتبهم... مسؤول عراقي يكشف عن طلب أمريكي بوقف أنشطة الحوثيين في بغداد
  • دمشق تشهد تحركات مكثفة تفرض سيناريوهات جديدة على أمريكا وروسيا
  • تحركات مكثفة في دمشق تفرض سيناريوهات جديدة على أمريكا وروسيا
  • ‏وزير الدفاع الإسرائيلي: سنلاحق قادة الحوثيين في صنعاء وكل مكان في اليمن
  • تحركات إسرائيلية في أوروبا لتصنيف الحوثيين تنظيماً إرهابياً
  • انفجار ضخم في تل أبيب بعد إطلاق صاروخ من اليمن.. صافرات الإنذار تدوي بعدة مدن
  • غروندبرغ: التصعيد الأخير في اليمن يعيق جهود إحلال السلام
  • نتنياهو يهدد الحوثيين: ماذا وراء التصعيد؟
  • هل واشنطن تخطط لحرب برية لإسقاط الحوثيين؟ خبراء يكشفون التفاصيل