____

1. التطورات والأحداث تتلاحق وتتداعى في إثيوبيا يومياً ، وكلها تذهب في إتجاه انفجار الموقف ، وتوقعنا السابق بإندلاع جولة جديدة من الحرب الأهلية أقصاها منتصف او نهاية مارس القادم ، والتي سترمي بظلالها السالبة على الامن القومي السوداني .
2. تطورات الحرب والاحداث الداخلية المتسارعة جعلتنا نتوقف عن تحليل المشهد الأثيوبي ، ولكن ما طرأ من مستجدات – قد تقدم ميقات توقعنا من مارس – جعلنا نعود إليه وإلى تأثيره السالب على السودان حال لا قدر الله وإنفجرت الأوضاع في الجارة اثيوبيا.

3. إستقالة الأثيوبي (دمغي موكنن)، صقر الأمهرا المتشدد، وأحد مؤججي ملف (الفشقة) مع السودان ، وزير الخارجية ونائب أبي احمد في رئاسة مجلس الوزراء ، لهو العنوان العريض و المؤشر الأبرز لإقتراب الحرب ، بإعتبار ان الرجل هو آخر صقور الأمهرا البارزين والمؤثرين في حكم التحالف الذي إنهار – الأمهرة و ابي احمد – حلفاء الأمس وأعداء اليوم.

4. استقالة “موكنن” تزامنت مع إنهيار تفاهمات ومحادثات غير رسمية للتهدئة بين “ابي احمد والجيش الأثيوبي” من جهة ، وبين “جبهة الأمهرة وجناحها العسكري – الفانو” من جهة أخرى ، والتي على إثرها ، أوقفت قوات الأنهرة “الفانو” تقدمها بعد انتصارات عُدة واستلامها عدد من المواقع العسكرية،وبعد أن كانت بصدد دخول (مدينة بحر دار) ، إكتفت بمحاصرتها، إلى حين ما تسفر عنه المحادثات التي انهارت وتبعها إستقالة موكنن.

5. فترة هذه التهدئة غير الرسمية ، استغلها (أبي احمد والجيش الأثيوبي) في معالجة آثار الحرب السابقة وتعويض الفاقد في التسليح وإعادة التموضع الهجومي والدفاعي ، حيث تم رصد إمداد عسكري وتسليحي متواصل بلغ اكثر من (106) رحلة جوية قادمة من الإمارات إلى المطارات الاثيوبية تزامناً مع إنشاء قاعدة عسكرية في (مدينة الحمرا) الأثيوبية على الحدود السودانية.

6. وفي تطور لاحق ، أعلنت (جبهة تحرير شعب الأورومو المسلحة) – وهي القومية التي ينحدر منها أبي احمد – عن إغلاقها للطرق السفرية الغربية والجنوبية في إثيوبيا التي تؤدي إلى العاصمة أديس أبابا ، مع أخبار تفيد برصل اثيوبيا لمقاطعتها (الايقاد) من خلال طلب تقدم به (أبي أحمد) لعقد قمة طارئة.

7. جبهة الأرومو التي أغلاقت الطرق، هي في الأصل مفجرة الثورة الأثيوبية ضد حكم (التقراي) الذي استمر ما يقارب الثلاثة عقود، وهي التي أوصلت ابنها الأرومي (ابي احمد) إلى قمة السلطة والحكم ، قبل أن يغدر بها لاحقاً ، فسجن من سجن وأبعد من أبعد من قياداتها السياسية والعسكرية المنافسة له على راسهم القائد الأرومي “جوهر محمد” الذي يتمتع بشعبية وكاريزما طاغية وتأثير أكبر من “أبي احمد “، مما جعله أيقونة الثورة الأثيوبية ،التي أحدثت التغيير وجأءت (بأبي احمد) علي قمة السلطة بإرادة اماراتية مفروضة وتحالف مع غريم قوميته ( الأمهرة) ، التي يحاربها الآن بعد فض التحالف.

8. (أبي احمد) ، المُتعجل لتحقيق طموحاته الشخصية الكبيرة والتي هي اثأكبر من امكانياته،جعلت اثيوبيا مقبلة على حرب أهلية كارثية لا تذر ولا تبقي ، بعد أن وضع أبي احمد الجيش الاثيوبي في مواجهة أكبر ثلاثة جبهات وقوميات رئيسية في أثيوبيا ( الأرومو + الأمهرة + التقراي) ، كما تدخل (ارتريا) في خط الحرب من خلال تحالفها مع الامهرة ضد الأعداء المشتركين (ابي احمد حالياً وجبهة التقراي لاحقاً) ، وهذه الاخيرة بعد أن تم استنزافها في الحرب السابقة والتي انتهت باتفاق سلام هش وآيل للسقوط عقب شقها وإضعافها واحتلال كل من الامهرة والجيش الارتري لمعظم اراضي إقليمها – التقراي – المجاور للسودان ، مما جعلها تبحث عن تقوية وتحالفات مع جارتها (جبهة الاإقليم العفري) والتي بدورها لديها حسابات ومرارات قديمة مع (جبهة الأمهرة).

9. على ذكر الدور الإرتري في هذا الصراع ، هنالك تسريبات وأخبار غير مؤكدة عن وجود على الأقل خمس مجموعات عسكرية سودانية غير رسمية كانت تصنف سابقاً بالمتمردة على المركز في الخرطوم، ذات ارتباطات قديمة بالنظام في إريتريا ، تتلقى حالياً تدريبات – لم يكشف عن الغاية منها – بمعسكرات بدولة إرتريا من بينها قوات الجبهة الشعبية المتحدة بقيادة الأمين داوود ، وقوى تحرير شرق السودان بقيادة إبراهيم دنيا، ومؤتمر البجا بقيادة موسى محمد أحمد ، والأسود الحرة بقيادة مبروك مبارك سليم.

10. عموماً ، السُودان بوضعه وموقعه سيكون حاضراً في الحرب و متأثراً بها ، فالذاكرة السودانية الحدودية الأمنية الاإجتماعية الإقتصادية القريبة تتحدث عن التداعيات والتأثيرات السالبة على الأمن القومي السوداني عبر الحدود السودانية المشتركة مع أثيوبيا وارتريا إبان الحرب السابقة التي شنها الجيش الأثيوبي على جبهة اقليم التقراي المجاور للسودان ، وأعداد، التدفقات الكبيرة التي حدثت من اللاجئين الأثيوبيين وتسلل جماعات مُسلحة من ًً”جبهة التقراي” للآراضي السودانية وما صاحبها من إفرازات وأضرار أمنية و اقتصادية مع تحرشات وإتهامات إثيوبية رسمية غير مثبتة بدعم السودان “لجبهة التقراي”.

11. السيناريوهات المتوقعة :
أ‌- السيناريو الأول :
كل السبناريوهات المتوقعة تذهب الي حتمية انفجار الوضع واندلاع مواجهات ، لا يحول من وقوعها إلا حدوث تغيير أو إنقلاب “ناجح” على السلطة الفيدرالية يُفضي إلى ذهاب ( أبي احمد) ، أو بروز تدخلات وضغوطات خارجية قوية تحد وتحول دون طموحاته وخططه الحربية التي تمضي بوتيرة متسارعة .

ب‌- السبناريو الثاني:
اإنفجار الأوضاع ، وإندلاع الحرب ، وفي ظل هذه التعقيدات والتشابكات ستكون الغلبة للطرف الذي يدخل في تحالفات ويستقطب الأطراف الاخرى لصالحه ، وهذا مستبعد لطبيعة العلاقات التاريخية والحسابات البينية الخاصة بكل جبهة او قومية اثيوبية.

ج- السناريو الثالث:
دخول أثيوبية في دوامة العنف و الحرب الأهلية طويلة الأمد ليس فيها منتصر او مهزوم ، يؤدي إلى تفكك النظام الفيدرالي الهش والمضطرب اصلاً لصالح نشؤ أقاليم منفصلة ومحددة قومياً وإثنياً ، سبق أن منحها الدستور الأثيوبي في مادته(39) الحق في تقرير المصير و الانفصال غير المشروط.

12. خلاصة القول ومنتهاه:

• نتوقع اتساع رقعة المواجهات هذه المرة والتي ستشمل إقليم الأمهرة المجاور لولاية القضارف والمحازية لمحلياتها الشرقية وصولاً لملتقى مثلث “مدينة الحمرا” المشترك بين الدول الثلاث، والتي أقام عليها الجيش الأثيوبي قاعدة عسكرية استعداداً للحرب.

• عليه نتوقع تضاعف الآثار والإفرازات السالبة على السُودان مقارنةً بالحرب الأثيوبية السابقة التي استمرت فترة العامين ، مما يتطلب التحسب المبكر وإتخاذ الخطوات والتحوطات الوقائية المضادة الكفيلة بدرء الخطر والتهديد المتوقع علي الأمن القومي السُوداني .

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: التطورات العركي عمار يكتب أبی احمد ابی احمد

إقرأ أيضاً:

تقدم الجيش السوداني في دارفور هل يغير معادلات الحرب في السودان؟ ؟

 

 

عوامل عسكرية وسياسة ولوجيستية عدة تضافرت في وقت سابق لصالح قوات الدعم السريع مكنتها من السيطرة على أكبر وأهم القواعد العسكرية في إقليم دارفور، وأدت حينها إلى انسحاب شبه كامل للجيش من هذه الأقاليم الملتهبة بالنزعات المسلحة، غير أن المعادلات الميدانية وبعد نحو 20 شهرا على الصراع تغيرت غداة استعاد الجيش سيطرته على قواعد عسكرية ومطارات استراتيجية في غرب دارفور يمكن اعتبارها بداية لطريق طويل يحتاجه السودان لوضع نهاية للحرب.

الثورة / أبو بكر عبدالله

بعد النجاحات التي حققها مؤخرا باستعادة السيطرة على أجزاء من العاصمة الخرطوم فاجأ الجيش السوداني الجميع بإحرازه تقدما نوعيا في إقليم دارفور بعد عملية عسكرية أفلحت في طرد قوات الدعم السريع من اهم قواعده العسكرية الاستراتيجية الخاضعة لسيطرتها منذ نحو 20 شهرا.
العملية التي قادها الجيش السوداني بمساندة العديد من الفصائل الشعبية المسلحة تكللت باستعادة السيطرة على منطقة “وادي هَوَر” والعديد من القواعد العسكرية بما فيها قاعدة الزُرُق الاستراتيجية ومطارها الحربي بولاية شمال دارفور، فيما اعتبر تطورا مهما في مسار الحرب لمصلحة الجيش الذي بدأ يستعيد زمام السيطرة على مناطق مترامية من هذا البلد الغارق في حرب أهلية أوقعت آلاف القتلى والجرحى وشردت وما يزيد عن 14 مليون نازح ولاجئ بداخل السودان وخارجه.
الجديد في هذه العملية أنها تمت في إطار تحالف بين الجيش السوداني وقوى شعبية وقبلية يقودها حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، تحت مظلة ” القوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح” وهو تحالف عسكري يضم عددا من الحركات المسلحة بدارفور ومتطوعين بقيادة الجيش السوداني.
اكتسبت العملية أهميتها من النتائج التي خلصت اليها حيث أعلن الناطق باسم القوات المشتركة، استعادة السيطرة على قواعد عسكرية تابعة لقوات الدعم السريع في بئر مرقي، وبئر شَلة ودُونكي مجور وبئر جبريل ودُونكي وخائم، وصولا إلى قاعدة الزُرق العسكرية فضلا عن طرد قوت الدعم السريع من 5 مطارات عسكرية، بعد معارك أوقعت مئات القتلى والجرحى من الجانبين.
وهذه المواقع الاستراتيجية التي تتصدرها قاعدة “الزُرق” العسكرية بولاية شمال دارفور، كانت تمثل أكبر المراكز العسكرية واللوجستية لقوات الدعم السريع التي تخوض صراعا مسلحا مع قوات الجيش السوداني منذ أبريل عام 2023م، كما كانت تُمثل المصدر الرئيسي لإمداد قواتها المنتشرة في سائر مناطق ومدن أقاليم دارفور.
تغير المعادلات
حتى وقت قريب كانت قوات الدعم السريع هي المتحكم الرئيسي في معظم مدن إقليم دارفور حيث تمكنت منذ بدء الصراع المسلح في أبريل 2023م من بسط نفوذها على أجزاء واسعة من أقاليم دارفور الأربعة، مستفيدة من تكتيكاتها العسكرية وعلاقاتها المحلية وحاضنتها الشعبية.
طبقا لذلك ظلت هذه القوات مسيطرة على مناطق غرب دارفور التي تعد المعقل الرئيسي لها، كما حافظت على سيطرتها على معظم مناطق ولاية جنوب دارفور وأجزاء كبيرة من ولاية وسط دارفور وولاية شرق دارفور، وكذلك ولاية شمال دارفور سوى مدينة الفاشر عاصمة الولاية الخاضعة لسيطرة الجيش والتي لا تزال المعارك مستمرة فيها حتى اليوم بين قوات الدعم السريع والقاعدة العسكرية المتمركزة في مدينة الفاشر والتابعة لقوات الجيش.
يمكن هنا الإشارة إلى عدة عوامل ساعدت قوات الدعم السريع على فرض سيطرة عسكرية شبه كاملة على هذه الأقاليم، أبرزها تكتيكات حرب العصابات التي اتبعتها في هجماتها على المواقع الخاضعة لسيطرة الجيش والتي اعتمدت على السرعة والمباغتة وخلق فوضى في صفوف قوات الجيش النظامي.
زاد من ذلك الخبرة الميدانية لقوات الدعم السريع في معرفة تضاريس إقليم دارفور بالتوازي مع ضعف خبرات الجيش للتعامل العسكري في هذه المناطق وضعف دفاعاته العسكرية ومعاناته المزمنة في التمويل والإمداد وهي المشكلات التي ساعدت قوات الدعم السريع في تحقيق انتصارات سهلة مكنتها من السيطرة على اغلب مناطق الإقليم.
لكن المشهد بدا أنه تغير كثيرا في الآونة الأخيرة بعد أن أفضت جهود مجلس السيادة الانتقالي بزعامة قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، إلى إعادة هيكلة المراكز القيادية للجيش وتعيين قيادات ميدانية ذات كفاءة بالتوازي مع استدعاء الجيش قوات الاحتياط وإعلانه التعبئة العامة في صفوف سكان المدن والقبائل الموالية وكذلك التحالفات القبلية التي نجح الجيش في إقامتها مع القبائل المحلية وخصوصا التي تعيش حالة خصومة أو عداء مع قوات الدعم السريع وهي عوامل ساهمت في استعادة الجيش زمام المبادرة وإدارة العمليات العسكرية بصورة أكثر كفاءة.
وعلاوة على معطى التفوق الجوي بدا أن الجيش السوداني تأقلم بسرعة مع حرب العصابات وهو الأمر الذي ظهر بوضوح في تحركات الأخيرة التي اعتمدت على تكتيكات عسكرية جديدة مثل الحصار والهجمات المباغتة، واستغلال نقاط الضعف لدى الخصم والدفع بوحدات عسكرية مدربة تدريبا عاليا وذات خبرة بالحروب التقليدية والتركيز على فرض السيطرة على المدن الكبرى والطرق الرئيسية، وهي عوامل أدت ضمن عوامل أخرى إلى إفقاد قوات الدعم السريع زمام السيطرة وتحويلها إلى كانتونات محاصرة وحبسيه بعيدة عن خطوط الإمداد.
غير بعيد عن ذلك الضعف الذي اعترى قوات الدعم السريع بعد أن أدت الحرب إلى استنزاف لقدراتها العسكرية والبشرية وتكبدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد نتيجة العمليات العسكرية المكثفة لقوات الجيش في ظل خسارتها للدعم الشعبي نتيجة الانتهاكات التي ارتكبتها بحق المدنيين والتي برزت مؤخرا كواحدة من أهم القضايا الإنسانية في تقارير منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية.
أهمية استراتيجية وصعوبات
تُعتبر القواعد العسكرية والمطارات في إقليم شمال دارفور وفي صدارتها قاعدة الزُرق العسكرية من المواقع المهمة نظرا لموقعها الاستراتيجي الهام في غرب السودان وهي منطقة حدودية تربط بين السودان ودول أخرى مثل تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبا، وكانت خلال الشهور الماضية من أكثر المناطق التي تغذي قوات الدعم السريع بالسلاح والذخائر والمرتزقة.
أسس الجيش السوداني هذه القاعدة قبل عقود لتكون مركزا متقدما يمكن من خلاله مراقبة الحدود ومنع التسلل وتهريب الأسلحة والمخدرات، كما جهزها بمنشآت جوية تتيح للقوات المسلحة السودانية خطوط الإمداد الجوي وتنفيذ عمليات مراقبة جوية وعمليات عسكرية مباغتة.
وقد لعبت هذه القواعد العسكرية مدى العقود الماضية دورا محوريا في النزاعات الداخلية الطويلة التي خاضها الجيش السوداني مع الحركات المسلحة مثل حركة تحرير السودان وحركات أخرى، حيث مثلت نقاط انطلاق لعمليات الجيش العسكرية ضد هذه الحركات، كما لعبت دورا مهما في تأمين الطرق الحيوية والممرات المنتشرة في إقليم دارفور التي تربط بين شرق السودان وغربه، فضلا عن أهميتها في تأمين طرق نقل البضائع والإمدادات.
واستعادة الجيش السوداني السيطرة على هذه القواعد بمطارات عسكرية سيعمل على تعزيز قدراته في السيطرة المركزية على المنطقة التي تشهد نزاعات وتوترات عرقية وقبلية بصورة مستمرة.
السبب في ذلك أن السيطرة على هذه القاعدة تتيح للطرف المسيطر مزايا عسكرية مهمة مثل المراقبة والتحكم بخطوط الدعم اللوجستي، وشن الهجمات الاستباقية وأكثر من ذلك السيطرة على خطوط الإمداد وهي ميزات قد تتيح للجيش السوداني استخدامها كنقطة انطلاق لعمليات أوسع في كل أقاليم دارفور الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع في الوقت الراهن.
خطوة في طريق طويل
رغم أن السيطرة على هذه القواعد بمطاراتها الجوية ومستودعاتها التسليحية مثل إنجازا عسكريا كبيرا ومهما للجيش إلا أنه يبقى خطوة أولى في طريق طويل، إذا ما نظرنا إلى الجغرافيا الشاسعة لأقاليم دارفور الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع، ما يجعل هذه الخطوة غير كافية لفرض السيطرة الكاملة للجيش على الإقليم أو طرد قوات الدعم السريع من المناطق التي يسيطر عليها بصورة كاملة في المدى القريب.
وإمكانية محافظة الجيش على هذا الإنجاز تبدو صعبة في الوقت الراهن وتحتاج إلى كلفة وجهود كبيرة من قوات الجيش السوداني الذي يبدو منهكا، ومشتتا في حرب مشتعلة بجبهات عدة.
والمعادلة الثابتة في دوامة الصراع بإقليم دارفور تمكن في الاعتماد على التحركات السريعة وحرب العصابات، وهو ما يُعدّ ميزة لقوات الدعم السريع التي تمتلك خبرة كبيرة في قتال حرب العصابات ولا سيما في التضاريس الصحراوية.
والأمر الآخر هو الاعتماد على دعم المجتمعات المحلية والقبائل وهي ميزة تحظى بها قوات الدعم السريع التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع العديد من القبائل في دارفور.
هذان العاملان ربما يعقدان من مهمة الجيش السوداني في ف المضي بخطة استعادة السيطرة الكاملة على الإقليم في ظل احتياج الجيش السوداني لاستراتيجية كاملة، واحتياجه الملح لتحييد الدعم المحلي الذي تحظى به قوات الدعم السريع حاليا.
ومن الناحية الميدانية يصعب الركون على التجهيزات التي تمتلكها القواعد العسكرية التي استعاد الجيش السيطرة عليها بما فيها قاعدة “الزرق” في ظل التقارير التي تحدثت عن ان المواجهات الأخيرة أدت إلى تدمير أجزاء كبيرة منها، واحتياج بعضها إلى الإصلاح والصيانة بعد أن ظلت لأكثر من 20 شهرا على خارج سيطرة الجيش بما يجعلها غير مجهزة للتصدي للهجمات المباغتة لقوات الدعم السريع وافتقادها على عامل الاستقرار من الناحية التكتيكية في ظل التوترات المستمرة في أقاليم دارفور.
عناصر مهمة
ما يخشى منه أن الجيش السوداني وفي ظل عمليات التعبئة الواسعة لن يكون قادرا على نشر قوات كافية في هذه القواعد العسكرية ومطاراتها ومنافذها الواسعة ما قد يجعلها عرضة لهجمات واسعة من قوات الدعم السريع التي يمكنها أن تجند الآلاف من رجال القبائل لاستعادة السيطرة عليها.
ومعروف أن نقص القوى البشرية والإمدادات اللوجستية ساهما في فقدان الجيش السيطرة على هذه القواعد في الشهور الأولى للحرب، وهي مشكلة لا تزال قائمة في ظل انشغال الجيش السوداني في تأمين الكثير من جبهات التوتر المترامية في أنحاء السودان ومساعيه لتركيز جهوده في تأمين ولاية الخرطوم وإنهاء أي تواجد لقوات الدعم السريع فيه.
يزداد الأمر خطورة في ظل العلاقات الودية القوية التي تربط قوات الدعم السريع مع بعض القبائل المحلية في دارفور، وهي الميزة التي تمنحها فرص مثالية للترصد والحصار وشن الهجمات والحصول على المعلومات وتركيز العمليات الهجومية.
والمؤكد أن الجيش السوادان يحتاج اليوم إلى تعزيز التحصينات والدفاعات والتنسيق الاستخباراتي وإعادة توزيع القوات بشكل بما يُغطي المناطق الحيوية كما انه يحتاج بصورة ملحة للغاية إلى تحسين علاقاته مع القبائل هناك وتقويض نفوذ قوات الدعم السريع فيها.
هنا يتعين الإشارة إلى أن الدعم الإقليمي والدولي لا يزال يمتلك القول الفصل في معادلة استعادة الجيش السوداني السيطرة على هذه المناطق، حيث من الخطأ التعاطي مع الواقع الراهن بكونه صراعاً داخلياً، والمؤكد أن له أذرع متداخلة محلية وإقليمية ودولية، وهو ما بدا واضحا في الدعم الذي حصلت عليه قوات الدعم السريع وقوات الجيش والذي كان له آثر بالغ في تغيير معادلات الصراع.
وحيال ذلك يتعين على مجلس السيادة الانتقالي التحرك بشكل واسع لتفعيل الضغوط الدولية الهادفة إلى منع تدفق الأسلحة إلى قوات الدعم السريع، وهو أمر سيقود بلاشك إلى إضعافها وبالتالي تقليص مساحات الصراع ومداه الزمني.
ومع ذلك يبقى العامل الداخل هو الأهم، والرهان ينصب اليوم على قيادة الجيش في القدرة على تنظيم القوات ونشرها وضمان خطوط امدادها، وكسب دعم القبائل المحلية وأكثر من ذلك تبني استراتيجيات جديدة عسكرية وسياسية لإدارة هذه المناطق وابقائها بعيدة عن نفوذ أي جماعات متمردة.

مقالات مشابهة

  • تقدم الجيش السوداني في دارفور هل يغير معادلات الحرب في السودان؟ ؟
  • منتخبنا الوطني السوداني يكرر فوزه على إثيوبيا بهدفين مقابل هدف
  • المنتخب السوداني يواصل انتصاراته و يكسب إثيوبيا بهدفين
  • الحروب الجديدة وتأثيرها على الشباب والأمن القومي ... ندوة بإعلام أسيوط
  • السوداني: العراق تمكن من مواجهة التحديات التي حصلت في المنطقة
  • المحامي محمد احمد المجالي يكتب .. ارْجِـعْ إليْنـا سالِمــاً يا أَحمَــدُ
  • الطائرات المسيّرة الصينية.. الحلول الفعالة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي
  • اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. الأمن الغذائي في «أيدٍ أمينة»
  • قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني – صورة
  • جبهة موحّدة لإيقاف الحرب: الفريضة الحاضرة !!