العلاقات المصرية الإسرائيلية في خطر بسبب تفاقم النزاع على حدود غزة
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
بينما تتقدم القوات الإسرائيلية جنوبا في غزة، يشير المسؤولون الإسرائيليون إلى ما يمكن أن يكون هدفا مركزيا ومحفوفا بالمخاطر السياسية للمرحلة التالية من الحرب: السيطرة على المعبر الحدودي مع مصر.
منذ كانون الأول/ ديسمبر، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارا أن "إسرائيل" لا تستطيع القضاء على حماس دون ممارسة سلطتها على المنطقة الحدودية الجنوبية لغزة، بما في ذلك معبر رفح المصري، الذي كان بمثابة نقطة عبور حيوية للأشخاص والمساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" ترجمته "عربي21".
وقال نتنياهو في أواخر كانون الأول/ ديسمبر: "محور فيلادلفيا – أو، بشكل أكثر دقة، حدود[قطاع غزة] الجنوبية – يجب أن يكون في أيدينا. يجب إغلاقه"، في إشارة إلى الطريق العازل على طول الحدود. وأضاف"ومن الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".
قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كانت سلطات الحدود المصرية و"حماس" تدير جانبي معبر رفح، الذي يقع على محور فيلادلفيا، وهي أرض محظورة يبلغ طولها حوالي تسعة أميال وعرضها عدة مئات من الياردات وتمتد من أقصى الطرف الجنوبي من قطاع غزة إلى البحرالابيض المتوسط. ولم يكن لإسرائيل أي قوات على الأرض على طول الحدود منذ عام 2005، عندما سحبت الدولة قواتها من قطاع غزة.
وستكون إعادة السيطرة الإسرائيلية على المنطقة أمرا حاسما لخلق "وضع استراتيجي جديد في غزة" حيث تكون حماس غير قادرة على مهاجمة "إسرائيل" مرة أخرى، وفقا لمايكل ميلشتاين، الزميل البارز في جامعة رايخمان والرئيس السابق للشؤون الفلسطينية في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
لقد ألحقت الحملة العسكرية الضرر بحماس، لكن من المعتقد أن الجماعة لا تزال تقود آلاف المقاتلين. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن كبار قادتها ما زالوا أحرارا، كما أن الكثير من شبكة أنفاقها، خاصة في الجنوب، سليمة.
وقال ميلشتاين: "يجب أن تسيطروا على هذا المحور، بما في ذلك معبر رفح الحدودي. وإلا فإن ذلك يعني أنه إذا كان هناك وقف لإطلاق النار أو حتى تسوية أوسع في غزة، وستظل الحدود بأكملها مفتوحة، فإن حماس ستحصل بسرعة كبيرة على كل ما تحتاجه هذه المنظمة من وجهة النظر العسكرية" وتعيد تشكيل نفسها.
لكن فكرة عودة القوات الإسرائيلية إلى الحدود أطلقت أجراس الإنذار في القاهرة، التي قالت في الأسابيع الأخيرة إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تخاطر بتقويض معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979 - وهي اتفاقية أدت إلى نصف قرن من التعايش المشترك. والتعاون بين الأعداء اللدودين.
وأوضحت مصر أنها تعتبر الحدود خطا أحمر.
وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في بيان له الأسبوع الماضي: "يجب التأكيد بشكل صارم على أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه سيؤدي إلى تهديد خطير للعلاقات المصرية الإسرائيلية".
وتبادل المسؤولون والمعلقون المصريون والإسرائيليون الاتهامات هذا الشهر حول الجهة المسؤولة عن تهريب الأسلحة إلى حماس في غزة، مما يكشف عن تزايد الصدوع في العلاقة التي كانت بمثابة حجر الأساس للاستقرار في منطقة مضطربة.
وقال عضو سابق في البرلمان المصري، محمد أنور السادات، ابن شقيق أنور السادات، الرئيس المصري الذي وقع على معاهدة عام 1979 والذي تم اغتياله لاحقا: "هناك نقص في الثقة أو التفاهم من الجانبين، وهو أمر لم نعتد عليه.. بصراحة، نعتقد أننا عدنا إلى المربع الأول عندما يتعلق الأمر بعلاقتنا مع إسرائيل – إلى السبعينيات".
ولطالما دعت مصر إلى حق تقرير المصير للفلسطينيين، بينما كانت بمثابة محاور رئيسي بين "إسرائيل" والسلطات الفلسطينية. لم تكن العلاقات بين "إسرائيل" ومصر دافئة على الإطلاق، لكن البلدين طورا شراكة أمنية وثيقة في السنوات الأخيرة وكانا يسعيان إلى علاقات أعمق في مجالي الاقتصاد والطاقة.
ومنذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة بعد انقلاب عسكري عام 2013، دمرت مصر مئات الأنفاق المستخدمة لتهريب الأسلحة والبضائع من وإلى غزة. كما قامت الحكومة بتهجير عشرات الآلاف من سكان شمال سيناء وهدمت المباني القريبة من الحدود لإنشاء منطقة عازلة عسكرية بعمق حوالي ثلاثة أميال.
وفي الوقت نفسه، سمحت "إسرائيل" لمصر بإرسال قوات عسكرية إلى سيناء لمحاربة المسلحين التابعين لتنظيم ولاية سيناء، بما يتجاوز ما سمحت به معاهدة 1979.
وقال سمير فرج، وهو جنرال مصري سابق ومسؤول دفاعي، إن التعاون الأمني "كان ممتازا – حتى السابع من تشرين الأول/ أكتوبر".
وقد أثارت الإشارة من جانب "إسرائيل" بأن مصر فشلت في اتخاذ إجراءات صارمة ضد التهريب على نحو كاف، وترا حساسا بين المسؤولين المصريين، الذين يعتبر الأمن أمرا بالغ الأهمية بالنسبة لهم. ومن وجهة نظر القاهرة، فقد أقدم السيسي بالفعل على مخاطر سياسية كبيرة من خلال تعزيز الحصار الإسرائيلي على غزة، حتى في الوقت الذي يبحث فيه أكثر من مليون فلسطيني نازح عن الأمان في رفح.
وقال أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، في برنامج حواري حديث: "مصر تسيطر بشكل كامل على حدودها".
وقدم رشوان، رئيس الإعلام الحكومي، دفاعا مطولا عن الجهود التي تبذلها مصر للقضاء على التهريب - مشيرا، من بين تدابير أخرى، إلى جدار خرساني بعمق 20 قدما شيدته مصر على طول الحدود في السنوات الأخيرة. وانتقد تلميحات "إسرائيل" بأن المسلحين يستحوذون على المساعدات الإنسانية لأغراضهم الخاصة.
وقال: "إن أي ادعاء بأن عمليات التهريب تتم عبر شاحنات تحمل مساعدات وبضائع إلى غزة من الجانب المصري لمعبر رفح هو كلام فارغ وسخيف".
وكانت التوترات بين البلدين مرتفعة بالفعل بعد دعوات المشرعين الإسرائيليين اليمينيين إلى تهجير سكان غزة إلى سيناء، وهو سيناريو كابوس لمصر. كما وجهت الحرب في غزة ضربة أخرى للاقتصاد المصري المتعثر: فقد انخفضت عائدات السياحة، وانخفض الدخل من الشحن عبر قناة السويس بعد أن بدأ المسلحون الحوثيون في اليمن بمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر احتجاجا على الحرب.
وقالت ميريت مبروك، مديرة برنامج الدراسات المصرية في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن: "إن الضغط المفروضة على مصر في الوقت الحالي أمر غير عادي. إن أمن مصر يعادل أمن "إسرائيل"، لذلك عندما تستمر في محاولة زعزعة استقرار مصر، أو إذا كنت تتقدم بطريقة من المحتمل جدا أن تزعزع استقرار مصر، فهذا ليس في مصلحتك".
وقال فرج، الجنرال السابق، إن مصر تدرس مجموعة من الخيارات للرد إذا سيطرت القوات الإسرائيلية على المنطقة الحدودية، لكنه امتنع عن الخوض في التفاصيل.
وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي، السبت، إن العلاقات مع مصر "مستمرة وطبيعية" بعد تقارير أفادت بأن القاهرة تدرس استدعاء سفيرها من تل أبيب.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية هذا الأسبوع أن الجيش الإسرائيلي لن يقوم بعملية برية على طول ممر فيلادلفيا إلا بموافقة المسؤولين المصريين.
وقال ميلشتاين إن الحفاظ على علاقتها مع القاهرة هو "اعتبار مهم للغاية من وجهة النظر الإسرائيلية".
قال دبلوماسي عربي سابق مطلع على مخاوف القاهرة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة هذه القضية الحساسة، إن القوات الإسرائيلية على طول الحدود من المرجح أن تصبح أهدافا لحماس أو المسلحين المتحالفين معها، مما سيوصل العنف إلى عتبة مصر مباشرة ويقف في طريق السلام الدائم.
وأضاف الدبلوماسي أن استيلاء إسرائيل على المعبر الحدودي سيقطع أيضا الرابط الجغرافي لمصر مع غزة، مما قد يقوض نفوذ مصر مع حماس ويضعف دورها كوسيط بين السلطات الإسرائيلية والفلسطينية. وتواصل مصر، إلى جانب قطر والولايات المتحدة، لعب دور رئيسي في المفاوضات بين إسرائيل وحماس بشأن وقف محتمل لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
وقال خالد الجندي، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط، إن "مجرد وجود" الجيش الإسرائيلي في غزة "من المرجح أن يظل مصدرا للعنف المستمر.. إذا قالت إسرائيل: 'لن نغادر غزة أبدا'، فيمكننا أن نتطلع إلى تمرد دائم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة مصر محور فيلادلفيا مصر غزة الاحتلال محور فيلادلفيا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الإسرائیلیة على طول الحدود فی غزة
إقرأ أيضاً:
سفير عُمان بالقاهرة: السلطنة تقدر جهود مصر في وقف الحرب الإسرائيلية على غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعرب السفير عبدالله الرحبي سفير سلطنة عُمان لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، عن تقدير حكومة سلطنة عُمان وقيادتها، للدولة المصريةِ، قيادةً وحكومةً وشعبًا، على جهودها المشهودة في وقف الحرب الإسرائيلية على شعب قطاع غزة بالتعاون مع دولة قطر.
وأكد الرحبي - في كلمته خلال مشاركته بمؤتمر "الرادار الاقتصادي" بالقاهرة - أن ثمة تطابقا للمواقف العُمانية والمصرية، بدءًا من الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار مرورًا بتأمين دخول المساعدات الإنسانية والطبية لمليوني إنسان في غزة، وصولًا إلى الإصرار على إعادة الإعمار، وضرورة الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، انطلاقًا من إيمان البلدين بالسلام وتعظيم ساحة الحوار لحل الخلافات.
وقال:"لقد عبرت سلطنة عمان عن دعمها المطلق للجهود المصرية من خلال مشاركة سلطنة عُمان، في مؤتمر القاهرة للسلام الذي عقد في أكتوبر الماضي، كما نجحت السفارة العمانية في القاهرة، بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري، في إيصال مساعدات إنسانية إلى شعب غزة، وهو تأكيد على الروابط العميقة بين البلدين.
وأكد الرحبي أن العلاقات العمانية المصرية تتميز بكونها نموذجًا للتعاون العربي الأخوي، وأن هذه العلاقات تأتي تحت الرعاية الكريمة للسلطان هيثم بن طارق، والرئيس عبد الفتاح السيسي إذ شهدت زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى مصر في مايو 2023 نقلة نوعية لهذه العلاقات، وأسست لمرحلة جديدة من التعاون في مجالات الاقتصاد والتعليم والقضاء.
وقال: "إن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى أكثر من مليار دولار سنويًا، وهو رقم نسعى لمضاعفته في السنوات المقبلة من خلال تعزيز الاستثمارات وتنفيذ المشاريع المشتركة، بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين".
وأكد الرحبي أن التجارة البينية بين عُمان ومصر، تمتلك فرصًا واسعة للنمو، في ضوء العلاقات السياسية المتميزة والتنسيق المستمر بين القيادة في البلدين يزيل العوائق ويعزز التعاون.. كما أن البنية التحتية المتطورة وتقدم الموانئ وخطوط الملاحة في البلدين يسهم في تسهيل نقل البضائع والخدمات.
ونوه بأن مصر تمثل سوقًا ضخمة بفضل تعداد سكانها؛ مما يفتح آفاقًا جديدة لتسويق المنتجات العمانية كما أن موقع سلطنة عمان الاستراتيجي واستقرارها السياسي والاقتصادي يشكلان عوامل جذب إضافية للاستثمارات.
وقال سفير سلطنة عُمان بالقاهرة: إن رؤية عُمان 2040 تمثل الركيزة الأساسية للتنمية الاقتصادية الشاملة في السلطنة، حيث تهدف إلى تعزيز الاستدامة الاقتصادية وجذب الاستثمارات العربية والدولية، وقد نجحت السلطنة في توفير بيئة استثمارية مشجعة، بفضل تطوير التشريعات وتقديم تسهيلات مثل الإعفاءات الضريبية وخدمات المحطة الواحدة.
وأكد أن مصر تمتلك إمكانات هائلة لجذب المزيد من الاستثمارات، مثل الاستقرار السياسي، السوق المحلية الضخمة، والإصلاحات التشريعية كما أن المشروعات القومية الكبرى مثل العاصمة الإدارية والطاقة النظيفة توفر فرصًا استثمارية واعدة تتكامل مع أهداف عمان ومصر في تعزيز الاقتصاد الأخضر.
وقال: "نحن نؤمن بأن العلاقات بين سلطنة عمان ومصر تمثل نموذجًا يُحتذى به ليس فقط على مستوى التعاون الثنائي بل في تعزيز العمل العربي المشترك لتحقيق تطلعات شعوبنا في التنمية والازدهار".