«تكية جباليا» عاجزة عن دفع المجاعة بشمال غزة المحاصر
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
تبدو مظاهر الجوع الشديد واضحة في ملامح ووجوه وأجساد النازحين الذين يتزاحمون أمام تكية مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، للحصول على وجبات طعام ساخنة مجانا.
كل فرد من النازحين الذين اصطفوا أمام التكية يحمل طبقاً بلاستيكيًا أو معدنيًا بانتظار دوره في الحصول على طعام من قدور الأرز الساخنة لسد رمق عائلاتهم التي أنهكها الجوع.
وكانت التكية تقدم كميات من الأرز أو العدس تكفي لآلاف الأشخاص يومياً لكنها باتت تعد وجبات تكفي لعشرات الأشخاص فقط، ما يفاقم كارثة الجوع في شمالي القطاع.
الأطفال جوعى
وكان التعب والإرهاق يبدوان على النازحة سوسن النجار (35 عامًا)، وهي تحاول الحصول على الطعام من التكية لأطفالها الجوعى.
وتقول النجار لمراسل الأناضول: «لا يتوفر لدينا دقيق أو طعام ونلجأ إلى طحن العلف لعجنه وخبزه، وإطعام أطفالنا. لم تعد هذه الحياة سهلة». وتكمل حديثها بالإشارة إلى أوضاع سكان شمالي القطاع: «كنا نأكل الأرز، وبقينا على ذلك فترة طويلة، والآن سعر الأرز ارتفع 5 أضعاف ولم نعد قادرين على شرائه، ودقيق القمح مفقود ودقيق الذرة والشعير مرتفع الثمن بشكل كبير وطعمه سيئ».
وتضيف والدمع في عينها: «لم أجد شيئا لأطعم أطفالي، وأصبحوا ينامون جوعى، ومن ثم لجأنا إلى التكية للحصول على أي وجبات تسد جوعهم».
وتشير إلى أن التكية لم تعد تقدم وجبات كافية يومياً كما كانت سابقا وقد تغلق أبوابها في أي وقت.
ويكلف شراء كيلوغرامين من الدقيق في حال توفره 60 شيكلا (نحو 16 دولارا)، وهو ما لا تستطيع النجار توفيره في ظل استمرار العدوان وعدم توفر أي دخل للعائلة التي قُتل معيلها في غارة إسرائيلية استهدفت منزلهم في بداية الحرب.
حصار خانق
ويحاول النازح إلى مخيم جباليا وسام أبو عودة (43 عاما) وهو من سكان بيت حانون شمالي قطاع غزة، الحصول على وجبة طعام من التكية المقامة في أحد مدارس المخيم. وبدت مظاهر الإعياء واضحة على ملامح وجه أبو عودة المصاب بمرض السرطان، أثناء وقوفه بين جموع النازحين في مخيم جباليا.
ويقول لمراسل الأناضول: «نحن نتواجد في مدارس وكالة أونروا في مخيم جباليا، النازحون منهكون جدًا من الجوع، فقد مضت 3 أشهر ولا يوجد طعام أو مياه أو كهرباء أو اتصالات أو أي من مقومات الحياة الأساسية».
وبينما كان يتحدث عن ظروف الحصار الخانق على شمال القطاع وتأثيراته على الواقع الإنساني، أشار إلى أن طفله البالغ من العمر عامين ونصف العام يرقد على سرير المرض في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا من قلة التغذية ونقص الطعام.
بدون خبز
ويسجل الصحفي حسام شبات شهادته بشأن المجاعة الضاربة في شمال قطاع غزة، في مدونته الشخصية.
ويقول شبات: «الوضع الكارثي الذي لا يوصف هنا، صحيح أنني أصوّر الأحداث، ولكن ألم الجوع الذي يلمّ بالأطفال، وقرقرة البطن وشكواه من الجوع لا يمكن لأي كاميرا التقاطها».
ويضيف: «تراجع تصعيد الجيش وعدوانه وخفت حدّته على شمال قطاع غزة ولكنه لم ينتهِ بالكامل فالقصف مستمر، والمعاناة تتجدد بعد القصف، والجانب الأبرز لها الجوع الذي يعم المنطقة».
ويتابع: «بتنا لا نجد رغيفا أو طحينا للمواطنين، والماء غير موجود، الطواقم الطبية قتلت واعتقلت أو نزحت، وتوقفت الخدمات الطبية تقريبًا».
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطاع غزة انتشار الجوع في غزة مخیم جبالیا قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
لحج تحت وطأة الجوع.. هل كان عهد صالح أفضل؟
شمسان بوست / صدام اللحجي :
بات حال الكثير من سكان محافظة لحج اليوم يسودهم الشعور باليأس والإحباط، إذ إن ظروفهم المعيشية الصعبة تدفعهم إلى الترحم على عهد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، في مشهد يعكس حجم المعاناة الحالية. فرغم الانتقادات التي وُجّهت لصالح في فترة حكمه، وما واجهته البلاد من أزمات حينها، إلا أن الأوضاع التي يعيشها الناس الآن تبدو أكثر قسوة وأشد وقعًا.
منذ سنوات، والجنوب يعاني من أزمات متتالية؛ انهيار العملة المحلية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل غير مسبوق، وانعدام القدرة الشرائية، كلها عوامل دفعت العديد من الأسر إلى حافة الفقر. أصبح الحصول على المواد الغذائية الأساسية يمثل تحديًا يوميًا، وأصبحت مشاهد الجوع والفقر في البلاد أمورًا اعتيادية، وسط عجز العديد من الأسر عن توفير احتياجاتها الأساسية.
تدهور الريال اليمني أمام العملات الأجنبية انعكس بشكل مباشر على الأسعار، حيث تضاعفت أسعار المواد الغذائية والوقود، بينما انخفضت القدرة الشرائية بشكل كبير. وفي ظل هذا الانهيار الاقتصادي، يجد الناس أنفسهم عاجزين عن تأمين قوت يومهم، وتزداد المعاناة في ظل نقص فرص العمل وعدم استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية.
يرى الكثير من “اللحوج” اليوم في عهد علي عبد الله صالح فترة من الاستقرار النسبي، حينما كانت العملة المحلية أكثر ثباتًا، والأسعار معقولة نسبيًا، والأمن الغذائي متوفرًا. وعلى الرغم من الانتقادات السياسية التي وُجّهت لحكمه، إلا أن الظروف الاقتصادية كانت أفضل حالًا، ولم تصل الأوضاع إلى هذه الدرجة من التدهور. لذلك، بات الترحم على زمن صالح تعبيرًا شعبيًا عن مدى تفاقم الأزمة الحالية، وعن حالة الحنين إلى أيام كانت الحياة فيها أقل قسوة.
الجنوب بشكل عام اليوم بحاجة ماسة إلى حلول حقيقية للأزمات الاقتصادية، ووقف الانهيار المتواصل للعملة المحلية، وتوفير الدعم لتحسين الأوضاع المعيشية. يظل الحنين إلى الماضي تذكيرًا بالمصاعب التي يمر بها الشعب، لكنه أيضًا يعكس الأمل في مستقبل أفضل يستطيع فيه اليمنيون العيش بكرامة ورفاهية، في وطن آمن ومستقر.