مدير عام مكتب الزراعة والري بمحافظة البيضاء لـ ” الثورة “: 57 ألف طن سنوياً إجمالي المحاصيل الزراعية 38 هكتاراً من إجمالي 70 هكتاراً، منها 12 هكتاراً زراعة مطرية
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
نحاول إعادة الثقة لدى المزارع من خلال توضيح خطر الاتكال على المنظمات تم تخفيض67 مليوناً لتجهيز المشتل المركزي بالمحافظة واليوم يقدم خدماته للمزارعين
يعتبر القطاع الزراعي مصدر دخل للكثير من السكان، ويلعب دورا هاماً في النهوض بالاقتصاد الوطني.. ولمعرفة المزيد حول الزراعة والري في محافظة البيضاء كان لـ“الثورة” لقاء مع مدير عام مكتب الزراعة بمحافظة البيضاء المهندس عبدالله عبد العالم العامري في السطور التالية:
الثورة / محمد صالح المشخر
أوضح/مدير عام مكتب الزراعة والري بمحافظة البيضاء المهندس عبدالله عبد العالم العامري، أن المحافظة بصدد تشكيل جمعيات زراعية لتنظيم الزراعة، والعمل ككيان موحد للمزارعين في المحافظة والمديريات بهدف الحفاظ على حقوق المزارع بالتأطير والتنظيم، مشيرا إلى أن هناك العديد من الخطط لمشاريع السدود والحواجز، مؤكدا أن في البيضاء أكثر من 83 منشأة مائية من سدود وحواجز يجري العمل على استثمارها في الجانب الزراعي من أجل إيقاف الهجرة الداخلية والخارجية.
٥٧ الف طن سنويا
وقال مدير الزراعة : المحافظة تتكون من عشرين مديرية، وكل مديرية لها خصوصيتها، ونتجه الآن إلى المديريات المحررة كي نتلمس احتياجاتها ونظمها إلى المديريات الباقية، المساحة المزروعة تقدر بـ 21 ألف و559 هكتارا من مساحة إجمالية صالحة للزراعة 69 ألف و520 هكتارا، منها زراعة مطرية تقدر بـ 12الف هكتار، وما تبقى تزرع بالاعتماد على الآبار وسيول الوديان المستمرة و الغيول، والسدود والحواجز المائية، وتزرع من الحبوب: الذرة الرفيعة، القمح، الشعير و البلسن، ومن الخضروات البطاطس، الطماطم، البسباس (الفلفل الأخضر)،ومن البقوليات الفول، الدجرة، ومن الفواكه: التفاح، الفرسك، البلس، ومن المحاصيل النقدية البن، السمسم، و المشمس، البرتقال، التين الرومي، التين الرومي لخصوصية في المحافظة بإجمالي محصول يقدر بـ 57 ألف طن سنويا.
لدينا برامج لإكثار التين خوفا من انقراضه خاصة أصنافه الجيدة، لما يشكل من رافد مالي لرفع مستوى دخل الكثير من الأسر الفقيرة، ونحاول أن نعمل مشاريع بحيث تصل إلى أسعار في متناول الجميع ، من خلال تصديره إلى بقية المحافظات بالجمهورية أو إلى الخارج، بإذن الله، أولا، بتشكيل جمعيات تعاونية زراعية تنظم عمل المزارع، وتوجد له كياناً ،وتحافظ على حقوقه بالتأطير والتنظيم، وهناك العديد من الخطط لمشاريع السدود والحواجز، علما أن في البيضاء أكثر من 83 منشأة مائية من سدود وحواجز، ونحن نحاول أن نستثمر الموارد الطبيعية من أجل إيقاف الهجرة الداخلية والخارجية..
760 الف رأس من الماشية
مؤكدا أن نشاط الرعي وتربية الحيوانات من الأنشطة السائدة للسكان بعد الزراعة لتوفر الغطاء النباتي في معظم المديريات ؛إلا أن هذا النشاط يتفاوت من مديرية إلى أخرى وتعتبر تربية الماعز و الضآن الأكثر انتشارا وكذلك الأبقار والإبل وتتركز في بعض المديريات الواقعة في الأجزاء الشمالية والشمالية الشرقية من المحافظة، وتقدر الثروة الحيوانية في المحافظة بحوالي 760 ألف رأس من الماشية، وفي مجال النحل هناك 5 آلاف و406 خلايا تنتج حوالي 9 آلاف و279 كجم من العسل..
تفعيل بنوك للبذور
وأشار إلى أسباب هجرة أبناء المحافظة قائلا: المزارع ترك أرضه، والمنظمات لها الدور الكبير في هذا المجال، حيث عودت المزارع على مد اليد، وعلى العطاء، وفي فترة من الفترات هجر المزارع أرضه واعتمد على مد يده إلى المنظمات، وظهرت عوامل أخرى ساعدت في زيادة منسوب الهجرة..، نحن الآن بدأنا بتوعية المزارع بأن البذور المحلية هي الأساس، وهي أفضل من البذور التي تأتي بها المنظمات، فقد أتضح لنا من خلال الأبحاث أنها تتناقص في محصولها من موسم إلى آخر، حيث تبدأ في الموسم الأول بوفرة في الإنتاج ثم تبدأ في التناقص كما أن لدينا برامج لتعزيز وتفعيل بنوك للبذور على مستوى كل مديرية، ولدينا طموح على مستوى العزل من خلال الاستفادة من خبرة المزارعين كبار السن.. نحاول إعادة الثقة للمزارع من خلال توضيح خطر الاتكال على المنظمات، وانتظار الفرج منها، بالتوعية بأن الاعتماد على الله هو السبيل الوحيد، إضافة إلى الاعتماد على خيره وعطائه سبحانه وتعالى، من هذا المنطلق يمكننا أن نعيد الثقة إلى المزارع بالعودة إلى أرضه، ففي فترة من الفترات بدأ الشباب يهاجرون بعد إكمال الدراسة فضلا عن الكبار إلى الخارج، نحاول أن نوضح لهم أن هذه الهجرة عبارة عن تنمية مؤقتة، وأنه لا بد علينا في بلد لها حضارة أن نسعى إلى تنمية مستدامة من خلال تمكين المزارع في أرضه، وإن شاء الله ننجح بتعاون الخيرين في المجتمع.
المشتل المركزي
وأضاف من أبرز المشاريع الزراعية بالمحافظة – إنشاء المشتل الزراعي المركزي بالمحافظة، وبتكلفة سبعة وستين مليوناً وأربعمائة وستة آلاف وأربعة وعشرين ريالاً – مشروع التوسع في زراعة المحاصيل الأساسية وكذلك شراء البذور الزراعية بتكلفة سبعة عشر مليون وسبعمائة الف ريال و- ترميم وتأهيل مكتب الزراعة بالمحافظة بتكلفة عشرة ملايين ريال و-مشروع إعداد الدراسات للمشاريع الزراعية بالمحافظة وبتكلفة مليونين وثلاثمائة ألف ريالاً و -توفير أكثر من عشرة آلاف شتلة من أشجار الفاكهة والزينة والحراجيات من محافظتي إب و ذمار وتم توزيعها على المراكز والمدارس الصيفية بالمحافظة وفروع الزراعة بالمديريات. ليتم توزيعها على المزارعين. وبتكلفة أربعمائة وستين الف ريال. وهذا المبلغ عبارة عن المواصلات مقابل إيجار النقل من محافظتي إب و ذمار وتوفير خمسين ألف شتلة عنب. من محافظة ذمار وتوزيعها على فروع مكاتب الزراعة بالمديريات، ليتم من خلالهم توزيعها على المزارعين واجر النقل بمبلغ ثلاثمائة وخمسين الف ريال والمساهمة في استصلاح الأراضي الزراعية الصالبة وشراء منظومات الطاقة الشمسية في وادي الخوير مديرية ريف البيضاء وبتكلفة تسعة عشر ألفاً وسبعمائة وثلاثة وستين ألفاً وأربعمائة واثنى عشر ريالاً والمساهمة في استصلاح وادي طياب في مديرية ذي ناعم وبتكلفة أحد عشر مليوناً وثلاثمائة وثمانين ألف ريال وتأهيل وتدريب فرسان التنمية في 18مديريات بمبلغ وبتكلفة أربعة وخمسين مليون ريال والمساهمة في صيانة ومعالجة سد الهجر الأثري في مديرية صباح.، وبتكلفة واحد وثلاثين مليوناً وخمسمائة و أربعة وثمانين ألف ريال ومشروع تنفيذ التوسع في زراعة المحاصيل الزراعية القمح والذرة الشامية والبقوليات. بتكلفة أثني عشر مليون ريال وتأهيل وتشغيل المشتل الزراعي المركزي بالمحافظة المرحلة الثانية بمبلغ عشرة ملايين ريال. قيد التنفيذ ومشروع تجهيز وتأثيث مكتب الزراعة بالمحافظة. وبتكلفة عشرة ملايين ريال، قي التنفيذ ومشروع شراء ثلاث حراثات متكاملة بالقرض الحسن للجمعيات، وبتكلفة ستين مليون ريال، قيد التنفيذ ومشروع مساهمة حاجز بئر الشواهرة مديرية ولد ربيع وبتكلفة أربعين مليون ريال قيد التنفيذ ومشروع مساهمة سد الشهيد القائد في مديرية الرياشية. وبتكلفة خمسة وعشرين مليوناً وخمسمائة وخمسة و أربعين ألف ريال قيد التنفيذ واستكمال حاجز الحصن بالقويم في مديرية الطفة وبتكلفة ستة وستين مليوناً وستمائة وستة وستين ألفاً وستمائة ريال.، قيد التنفيذ ريال ومشروع مساهمة حاجز الوجر الدعيمة في مديرية ناطع بتكلفة ثمانية وعشرين مليوناً وخمسمائة وخمسة وسبعين ألف ريال.، قيد التنفيذ ومشروع مساهمة حاجز المصار الأسفل في مديرية ناطع وبتكلفة ثلاثة عشر مليوناً وسبعمائة الف ريال، قيد التنفيذ ومشروع حاجز الضيق و عالة في مديرية ناطع وبتكلفة ستة عشر مليوناً وثمانمائة وستة عشر ألفاً وخمسمائة وثمانية و ثلاثين ريالاً ومشروع ترميم كلية الزراعة في جامعة البيضاء بتكلفة خمسة عشر مليون ريال.
سياسة البنك الدولي
مؤكدا أن الدولة خلال العقود السابقة هي التي فتحت المجال أمام المنظمات، والأخيرة بدورها سرحت و مرحت في البلاد كما تشاء، سارت في مسارات تنفيذ سياسات البنك الدولي بلا رقيب ولا حسيب..، قلة من المسؤولين في الدولة كانوا يحذرون من النتائج الوخيمة لاستمرار نشاط المنظمات خاصة البعض منها، لكن هذه المنظمات وجدت أرضا خصبة لإنشاء فروعها و مقراتها، والتحرك بكل حرية في حملات تعبئة المجتمع بكل ما تريد من ثقافات مغلوطة وغيرها من سلوكيات الاتكال والترهل، وفي الأخير ظهرت نتائج وثمار سياساتهم حيث صارت أرض المزارع في محافظة البيضاء “صلب” بلا زرع، بل لقد اتجه البعض إلى بيع الأراضي، ونحن نحث قيادة السلطة المحلية بالمحافظة، على مساعدتنا للحد من بيع الأراضي والوديان الزراعية، ونقول إن أراضي خصبة وودياناً كبيرة أصبحت تباع وتتعرض للزحف العمراني.
التسويق
وأفاد مدير الزراعة: لدينا سياسة تسويق كبيرة، ونسعى إلى تطبيقها، لكن التمويل يلعب دوراً كبيراً.. يوجد لدينا أكبر مثال هي مديرية مكيراس، كانت في السابق -قبل الوحدة -تورد إلى المحافظات الجنوبية والشرقية كاملة منتجات الخضار وأنواع السلطات والخس والخيار، و بغياب السياسة التسويقية الناجحة ستلاحظ النتائج إذا زرتم المديرية وبالتأكيد شاهدتهم الثلاجة التي يمكن أن تستوعب منتجات المحافظة بالكامل، بل و محافظتين إلى جوارها معطلة، ولا تحتاج إلا لصيانة وإصلاحات بسيطة.. نزلت لجان و أقرت إصلاحها، ولكن …؟ وبالنسبة للسياسات التسويقية قمنا بإجراء تجارب مع المزارع، فوجدنا أن المزارع ينتج، لكن عنصر المخاطرة موجود، وكذا عنصر الخوف من أن تنزل الأسعار، لدي تجربة خاصة في إحدى المديريات على محصول الطماطم، نتمنى و نحث المستثمرين على فتح مصانع لاستيعاب هذه المنتجات واتباع سياسة تسويقية بحيث يزرع المزارع ،وهو مطمئن البال بأن السوق مستعد لاستيعاب كل منتجاته وبأسعار مجزية ومشجعة على الاستمرار في الإنتاج، على أن تتحمل الدولة التخطيط والإشراف الكامل على هذه العمليات الزراعية والتسويق وكما تلاحظ- منعنا على سبيل المثال تسويق فاكهتي التفاح والبرتقال، و منعنا دخولهما إلى الأسواق حتى يكتمل تسويق المنتجات المحلية من التفاح والبرتقال، وهذه من وجهة نظري سياسة ناجحة، والآن سمحنا للتفاح والبرتقال الخارجي بالدخول بعد أن اكتمل الموسم المحلي.
المهربون
وأشار إلى أن المنتجات الخارجية تحفظ في المنافذ في ثلاجات، وهذا بالتنسيق مع الإدارة العامة للتسويق، ولا يمنع أن هناك بعض المهربين يدخلونها عبر طرق فرعية بثلاجات متنقلة، وفي هذه الحالة نحاول أن ننسق مع الجهات الأمنية والجهات ذات الاختصاص للحد من التهريب .
اللجنة الزراعية
علاقة مكتب الزراعة والري مع اللجنة الزراعية علاقة ممتازة ومتكاملة، ونعمل الجميع على تنفيذ التوجهات الثورية والسياسية وقيادة المحافظة ممثلا بالأخ محافظ المحافظة اللواء/عبدالله علي إدريس، للتوسع في المساحات الزراعية وزراعتها في محاصيل الحبوب والبقوليات بدرجة أساسية، إضافة إلى محصول الفاكهة والخضروات والمحاصيل النقدية للوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي في مديريات محافظة البيضاء.
المنتج المحلي يحارب
المنتج الخارجي للأسف يصل إلى المنافذ بصورة مستمرة، ولذلك نحن أمام خيارين؛إما أن نعيده إلى بلد التصدير أو يحفظ حتى نستنفد المنتج المحلي.. والمنتج المحلي ليس بتلك الكثرة التي تأتي من الخارج، وإلا فإننا نقترح على المستثمرين أن يفتحوا ثلاجات ويقوموا بتخزين المنتجات.
زراعة الخضار
هناك تفاعل جاد من قبل المواطنين نحو التوجه لزراعة الأراضي والمدرجات الزراعية وخاصة زراعة الخضار من خلال إنشاء البيوت المحمية لزراعة الخضار لرفد الأسواق المحلية بها.. وندعو أبناء مديريات محافظة البيضاء إلى التوجه الجاد للزراعة والاهتمام بالأراضي الخصبة والاستفادة منها في المرحلة الراهنة.
غياب المصانع
ضعف الإقبال عليه أو “البورة” تحصل لعدم وجود مصانع لامتصاص فائض الإنتاج، على سبيل المثال الطماطم للأسف الدولة سابقاً هي التي كانت تعيق فتح المصانع، بعض الأشخاص في الدولة كانوا هم العائق أمام أي مشروع من شأنه انتشال المزارع من الوضع الذي يؤدي به إلى الخسائر، ويضمن وجود تنمية مستدامة.. هكذا كانت الأمور تسير سابقاً، حيث كان المستثمر يأتي بدراسة مشروع ويعرضها على مسؤول ما، فإذا بالمسؤول يعرض عليه الشراكة، وعندما يسأله المستثمر عن ما الذي سيساهم به، يرد عليه: الحماية.. فلا يكون أمام المستثمر سوى صرف النظر عن الاستثمار في اليمن، ونقل مشروعه إلى بلد آخر لا يكون فيه بحاجة إلى حماية وجاهة ما.
القرار السياسي
النظام القائم بدأ يعطي الزراعة حيزا كبيرا من اهتماماته وأولوياته الاستراتيجية، وهذا هو القرار السياسي الذي كنا نبحث عنه، كما نسعى لتنظيم السوق والحد من خسائره على طريق توفير بيئة استقرار مستدامة للمواطن.
الوصاية الأجنبية
نعمل في مكتب الزراعة والري على تفعيل الإرادة المجتمعية، وأحيائها، فقد تعرضت للإحباط منذ عقود مضت بسبب سياسات الدولة سابقاً، وفي هذا الصدد ننسق مع اللجنة الزراعية والسمكية العليا ومؤسسة بنيان التنموية من برامج التوعية المجتمعية الهادفة إلى استعادة الهوية الإيمانية و استنهاض العادات وتقاليد المجتمع اليمني التي حاول النظام السابق دفنها في عالم النسيان تنفيذا لإرادة الارتهان والوصاية الأجنبية.. حيث التوسع الزراعي في زراعة المحاصيل الزراعية في توسع كبير بالمقارنة في السنوات الماضية بدرجة كبيرة في محافظة البيضاء.
وختاماً: نعول على الله سبحانه وتعالى وعلى جهود الشرفاء المخلصين في الجبهة الزراعية والمزارعين وفرسان التنمية الزراعية في مديريات محافظة البيضاء.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: مکتب الزراعة والری محافظة البیضاء ملیون ریال فی مدیریة عشر ملیون نحاول أن الف ریال ألف ریال من خلال
إقرأ أيضاً:
عبد العزيز الحلو في لقائه مع قناة “الحدث”: خطاب بين الثورة والمأزق
في مقابلة مثيرة للجدل مع قناة "الحدث"، رسم عبد العزيز الحلو، قائد الحركة الشعبية – شمال، ملامح خطابه السياسي الراهن، الذي جاء مشبعًا بأفكار إعادة التأسيس، لكنه لم يخلُ من التناقضات والتحديات الكامنة. وقد تنقل الحلو بين قضايا تتصل بجوهر الدولة السودانية، وتاريخها الدموي، وتحالفاتها الراهنة، وملامح المستقبل الذي يطرحه، وهو ما يستدعي قراءة تحليلية متأنية لمضامين الخطاب ودلالاته.
وثيقة التأسيس: عقد اجتماعي جديد أم مظلة لتحالفات متناقضة؟
يبدأ الحلو بتقديم ما أسماه "وثيقة تأسيس السودان الجديد"، بوصفها عقدًا اجتماعيًا يهدف إلى إعادة تشكيل النظام السياسي. تقوم الوثيقة على ثلاث دعائم رئيسية:
فصل الدين عن الدولة (العلمانية).
توحيد الجيوش عبر دمج المليشيات في جيش قومي مهني.
تطبيق لا مركزية حقيقية تُنهي هيمنة المركز على الأطراف.
غير أن اللافت في الخطاب، هو محاولة الحلو ربط هذه المبادئ الثورية بالتحالف مع قوى ذات سجل دموي، مثل قوات الدعم السريع، التي اعتبرها جزءًا من "الهامش" الموقع على الوثيقة، ما يطرح تساؤلات حول مدى التزام الموقعين الحقيقي بهذه المبادئ.
إدانة الجيش وتبرئة نسبية للدعم السريع
في سرده للتاريخ الدموي للصراع السوداني، وجّه الحلو سهام النقد العنيف للجيش السوداني، وخصّ حقبة التسعينيات باتهامات جسيمة، منها مجازر المساليت في 1992، مذكّرًا بأسماء قيادات عسكرية بارزة مثل محمد عثمان الدابي وعبد الفتاح البرهان.
لكن الأكثر إثارة للجدل، كان قوله إن انتهاكات الدعم السريع تمت "بأوامر من الجيش"، محاولًا تحميل المؤسسة العسكرية كل تبعات جرائم الحرب، بما فيها تلك التي ارتكبتها قوات حميدتي، والتي وثقتها منظمات دولية بشكل مستقل.
وبرغم توقيع الدعم السريع على وثيقة تلزمه بالمحاسبة، فإن تبرير الحلو لتحالفه معها باعتبارها "جزءًا من الهامش المهمش" لا يمحو تورطها العميق في جرائم دارفور وتجنيد الأطفال. فهل هو تحالف تكتيكي لموازنة قوة الجيش، أم مجازفة أخلاقية وسياسية ستكلفه الكثير؟
النقد الجذري للنظام القديم: الكيزان في مرمى النار
أعاد الحلو تعريف الجيش باعتباره الحارس الأخير للنظام القديم، ذي الخلفية الإسلامية، مشيرًا إلى أن الإسلاميين "استخدموا الدين كسلاح لقمع الأطراف". وتحت هذا التوصيف، جاء نقده لحكومة بورتسودان، التي وصفها بأنها:
تتبنى خطابًا تمييزيًا (مثل قانون الوجوه الغربية).
تعيد إنتاج مشروع "مثلث حمدي" الانفصالي.
توظف الدين في الحرب، كما في فتوى عبد الحي يوسف بقتل "ثلث الشعب".
وبذلك، رسم الحلو صورة لحكومة تسعى إلى إعادة إنتاج السودان القديم، في مقابل مشروعه للسودان الجديد القائم على العلمانية واللامركزية.
المستقبل كما يراه الحلو: بين الواقع والطموح
رؤية الحلو لمستقبل السودان ترتكز على تأسيس دولة مدنية علمانية، تعترف بالتعدد الإقليمي والإثني، وتضمن حكمًا لا مركزيًا حقيقيًا. ويقدم نموذج إدارات الحركة الشعبية في النيل الأزرق وجنوب كردفان كمثال على هذا التصور.
لكنه حذر من امتداد الحرب شرقًا نحو بورتسودان ومروي، ما لم تفتح الحكومة الباب أمام حل سلمي، وهي إشارة ضمنية إلى خيار الحرب الشاملة كأداة ضغط سياسي.
نقاط الإشكال: بين خطاب الحقوق وتحالفات الدم
التحالف مع الدعم السريع:
يحاول الحلو أن يلبس الدعم السريع ثوب الضحية، متجاهلًا دوره الأساسي في جرائم دارفور. الخطورة هنا أن التحالفات القائمة على المظلومية المشتركة قد تتحول إلى شراكة في العنف، لا مشروع للتحرر.
المغالطات الرقمية:
القول بمقتل "أربعة ملايين سوداني" على يد الجيش يفتقر للدقة، إذ تشير تقارير الأمم المتحدة إلى 300 ألف قتيل في دارفور، ومليوني نازح. استخدام الأرقام بهذا الشكل يُضعف من مصداقية الخطاب حتى لو حمل في طياته كثيرًا من الحقائق التاريخية.
الخطاب الانتقائي:
رغم نبرة العدالة والمحاسبة، لم يقدّم الحلو مراجعة ذاتية لسلوك الحركة الشعبية في مناطق سيطرتها، وسط اتهامات بارتكاب انتهاكات في جبال النوبة. العدالة الانتقائية تُقوّض أي مشروع وطني حقيقي.
السياق الأوسع: الهامش ضد المركز أم تفتيت الدولة؟
يرتكز خطاب الحلو على سردية "الهامش المظلوم" ضد "المركز المتغطرس"، وهو ما يبرر، في نظره، التحالف مع قوى مثل الدعم السريع. لكن هذا المنطق يُهدد بتحويل السودان إلى أرخبيل من المليشيات، لا دولة موحدة.
وإذا نظرنا إلى الخارطة الراهنة:
الدعم السريع يسيطر على أربع ولايات.
الحركة الشعبية تدير منطقتين.
حكومة بورتسودان تمسك بالشرق.
فنحن أمام واقع أقرب إلى تفتيت فعلي للدولة، حتى دون إعلان رسمي للانفصال.
دور المجتمع الدولي: غياب التوازن
اتهم الحلو الأمم المتحدة بالتغاضي عن جرائم الحرب، في إشارة إلى تعاملها المستمر مع الجيش كشريك سياسي. وهو نقد يعكس فجوة بين الخطاب المحلي والدعم الدولي، الذي غالبًا ما يتعامل ببراغماتية تحكمها توازنات القوى لا مبادئ العدالة.
خلاصة: خطاب ثوري في مأزق سياسي
يحاول عبد العزيز الحلو في خطابه أن يقدم نفسه كمحور لمشروع وطني بديل، يتجاوز الإسلام السياسي، والهيمنة المركزية، والانتهاكات الممنهجة. لكن مشروعه يصطدم بتحالفاته الهشة، وخطابه الانتقائي، والمشهد الجغرافي المفكك.
يبقى السؤال الأهم: هل يمكن لثورة الهامش أن تنجح، إذا ما تبنّت أدوات النظام الذي ثارت عليه؟
zuhair.osman@aol.com