المبادرة التى أطلقها رئيس حزب الوفد الدكتور عبدالسند يمامة حول إنقاذ الاقتصاد المصرى، والمنشورة اليوم بصدر الصفحة الأولى للوفد تستحق مناقشة معمقة لعدة أسباب من أهمها واقعية الفكرة التى تقوم على إصدار تشريع بقانون ملزم أخلاقيا قبل أن يكون ملزما قانونا للمصريين بالخارج بتحويل 20%من دخلهم إلى البنوك المصرية بالدولار والحصول عليها بالجنيه.
واقعية الفكرة جاءت كما شرحها رئيس الوفد فى حلقة نقاشية احتضنها بيت الأمة فى أن مصر فى الوقت الحالى فى أزمة خانقة وتأخير الحل السريع لمدة ساعة واحدة أو يوم قد يكلف مصر الكثير ويجعلها مهددة فعليا بالافلاس، لذلك لا مجال للحديث عن حلول طويلة المدى.
واعتمد رئيس الوفد فى مبادرته على دراسة وافية لمصادر مصر الدولارية التى وصفها بأنها محدودة ومحددة وقال إنها 4 مصادر فقط هى قناة السويس وهذه لا يمكن تعظيم مواردها التى انخفضت بسبب صواريخ الحوثيين والسياحة التى تعانى منذ سقوط الطائرة الروسية، والتصدير وهو ملف يحتاج لكثير من الوقت والجهد، والمطلوب حل سريع للإنقاذ من فخ الديون الحالى وبعدها الاتجاه إلى حلول جذرية، ويبقى كما قال رئيس الوفد فى مبادرة مصدر واحد قابل للتنمية ويعطى ديمومة لو تم تنفيذ المقترح، هذا المصدر هو تحويلات المصريين بالخارج التى انخفضت من 40 مليار دولار بحسب الدكتور عبدالسند إلى 20 مليار دولار ومرشحة لانخفاض جديد بسبب عصابات العملة فى داخل مصر وخارجها التى استهدفت المصريين العاملين بالخارج وقدمت لهم أكبر إغراءات بشراء العملة الصعبة منهم بضعف ثمنها الرسمى فتوقفت بعض التحويلات وهى نسبة النصف وذهبت إلى تلك العصابات.
ويرى رئيس الوفد أن إصدار قانون يلزم المصريين بالخارج بتحويل نسبة ال20%هو حل دائم لأزمة نقص العملة وواجب على كل مصرى فى تلك اللحظة طبقا لرابطة الجنسية والوطنية تجاه وطنهم.
هذه هى المبادرة التى أراها جديرة بالدراسة السريعة والتقاطها من قبل الدولة المصرية وتحويلها إلى قانون ومبادرة قومية نستصرخ من خلالها أبناء مصر بالخارج للمشاركة فى إنقاذ بلدهم الذى يمر بأزمة وجود.
الوفد تحمل مسئولياته وقدم فكرة من الممكن التقاطها والبناء عليها وتحويل جميع سفارتنا بالخارج إلى خلية نحل واستقبال روابط المصريين وإقناعهم بأن الوطن بحاجة إليهم اليوم قبل الغد، وقد تصل نسبة الـ20% التى اقترحها الوفد إلى ما هو أكثر بكثير.
مسألة ضرورة منح المصريين حافزا لكى يرسلوا أموالهم الدولارية إلى البنوك المصرية أراها فى غير محلها وتفرغ الفكرة من مضمونها الوطنى التعبوى.. فالوطن كله على المحك ويمكن وضع التحفيزات فى مبادرات أخرى.
مبادرة الوفد فى الأساس مبادرة وطنية تستند على إدراك الدولة المصرية ومؤسساتها لأهمية الفكرة وقابليتها للتنفيذ. والدولة اختبرت وعى المصريين فى الخارج قبل ذلك وقاموا بأدوار وطنية بامتياز..الوفد بدأ وأطلق مبادرة مدروسة بشكل جيد والباقى يتوقف على مؤسسات الدولة المصرية، وقد نرى الفكرة قريبا لحما ودما وتتحول إلى مظاهرة فى حب الوطن وخطوة نحو إنقاذه.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رئيس حزب الوفد الدكتور عبدالسند يمامة الصفحة الأولى رئیس الوفد الوفد فى
إقرأ أيضاً:
دروس عيد الجهاد
اليوم، الأربعاء 13 نوفمبر، نحتفل جميعًا بذكرى وطنية عزيزة، هى ذكرى عيد الجهاد الوطنى، الشرارة الأولى لثورة 1919، أعظم ثورات التاريخ المصرى الحديث، الثورة التى نقلت مصر لأول مرة إلى مرحلة البحث عن الحكم الذاتى، بعيدًا عن سيطرة غير المصريين على السلطة، وهى المرحلة التى تمثل جسرًا نحو تمصير السلطة وتغليب الشعور الوطنى المصرى بشكل منظم، لا يستهدف الغضب ولكن ينظمه بشكل قانونى ودستوري، ليشعر المصرى لأول مرة منذ عهد الفراعنة، أنه صاحب بلد مُشارك، وليس ضيفًا فى وطنه.
وبهذه المناسبة يجب أن نتذكر الدروس.
1- فكرة الوطنية المصرية الجامعة:
الفكرة التى ولدت مع ظهور الوفد يوم 13 نوفمبر عام 1918، لا يمكن لها أن تتكرر، لأنها كانت صعبة للغاية، وظروفها التاريخية نادرة، ولذلك سيبقى فى التاريخ حزب واحد له مميزات فكرة (الوطنية المصرية الجامعة) هذا الحزب اسمه حزب الوفد الذى أسسه سعد زغلول، وحرص الوفديون عليه إلى اليوم، وسوف يظل فى المستقبل حزبًا يستمد مواقفه من تراثه وتاريخه، مستندًا إلى مواقف أبنائه الذين تعلموا على أيدى أساتذة العمل السياسى الوطني، تعلموا كيف تكون المواقف، وكيف يكون الرأي، ويعرفون دور الوفد وأهميته.. فذخيرة الوفد فى المستقبل هم أبنائه الذين تشربوا بفكره ومبادئه، وتراثه، وتاريخه، ويحفظونه عن ظهر قلب، ويعملون به واثقين غير مهتزين.
2- فكرة غير قابلة للتكرار:
الوفد فكرة غير قابلة للتكرار، وهذا ليس مصادرة على التاريخ، ولكنه رأى مرتبط بالواقع، الذى يقول إن المصريين لديهم حزب واحد يشعرون تجاهه بعاطفة موروثة، مثل عاطفة الانحياز نحو العائلة، هو حزب الوفد.
ولذلك فشلت محاولات تأسيس حزب سياسى جديد، يحمل أفكار حزب الوفد فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، بل إن هذه المحاولات كانت تجرى لتأسيس حزب بنفس التركيبة، التى اعتمد عليها الزعيم سعد زغلول فى عام 1918.
كانت محاولات استنساخ للفكرة والتركيبة البشرية، التى تعتمد على تنوع العائلات، والديانات، والنوع، والطبقات، لكن الناس بشكل طبيعى، عرفوا أن هناك أصلًا وفرعًا، والأصل مهما قلت موارده، وكثرت مشكلاته سيبقى أصلًا، وسيظل قوة كامنة فى ذاتها.
3- تصحيح أخطاء الثورات السابقة:
من أهم مميزات ثورة 1919 التى انطلقت إرهاصاتها يوم 13 نوفمبر 1918، أنها صححت الأخطاء التى وقعت بها الحركات والثورات والانتفاضات الشعبية المصرية السابقة، والتى قادها زعماء مصريون ضد المستعمر الأجنبى، فقد طالبت ثورة 19 بشكل صريح منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة بإجلاء المستعمر من الأرض المصرية.
وهى الثورة التى تكاتف فيها المسلم والمسيحى معًا لأول مرة، فتحول الدفاع عن حرية الوطن، من فريضة دينية فقط، إلى فريضة وطنية أيضًا، لا فرق فيها بين صاحب دين، ورفيقه من الدين الآخر.
وفى ثورة 19 ظهرت المشاركة الإيجابية النسائية فى صورة لم يعتدها المجتمع، بخروجهن لأول مرة فى المظاهرات الحاشدة والمنظمة إلى الشوارع، وكانت أول شهيدتين فى هذه الثورة السيدتان حميدة خليل وشفيقة محمد.
4- إنجاز كبير للمرأة المصرية:
فى عام 1920، تم تشكيل لجنة الوفد المركزية للسيدات، نسبة لحزب الوفد بزعامة سعد زغلول، وانتخبت السيدة هدى شعراوى رئيسًا لها، وكان هذا إنجازًا تاريخيًا كبيرًا، يستحق الرصد والمتابعة والتقدير، فالتنظيمات النسائية المصرية، ومؤسساتها، وهيئاتها، بدأت من انطلاق الثورة وتطورت من بعدها.
5- زعيم لايتكرر إسمه سعدًا:
سعد زغلول قائد ثورة 19 قائد وزعيم لا يتكرر، فهو الرجل الذى قال عندما أصبح حاكمًا منتخبًا جملة لا تٌنسى، فقد أطلق المقولة الشهيرة «الحق فوق القوة.. والأمة فوق الحكومة»، فكانت أسلوب عمل التزمت به حكومات الوفد التى انحازت للشعب.