حقيقة انتشار انفلونزا الطيور من جديد
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
عثر باحثون على فيروس أنفلونزا الطيور في طيور البطريق لأول مرة، ما أثار مخاوف من انتشار الفيروس القاتل بين المستعمرات المتبقية من هذا الحيوان النادر في القارة القطبية الجنوبية، فضلاً عن أن المخاوف تجددت من انتشار الفيروس في أوساط البشر على غرار ما حدث سابقاً.
وقال تقرير نشرته جريدة "ديلي ميل" البريطانية، واطلعت عليه "العربية نت" إنه تم العثور على نوع قاتل من أنفلونزا الطيور لدى طيور البطريق الجنتو لأول مرة، ما أثار هذه المخاوف في أوساط العلماء.
وعثر باحثون من اللجنة العلمية لأبحاث القطب الجنوبي (SCAR) على حوالي 35 بطريقاً ميتاً في جزر فوكلاند في جنوب المحيط الأطلسي في 19 يناير 2024، ليتبين بأنهم ماتوا نتيجة إصابتهم بهذا الفيروس.
وقال رالف فانستريلز، وهو طبيب بيطري يعمل مع (SCAR) إن العينات المأخوذة من اثنين من طيور البطريق الميتة جاءت إيجابية لفيروس أنفلونزا الطيور (H5N1).
وقالت حكومة جزر فوكلاند إن العديد من الجينتو يموتون في ظروف مماثلة.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة سالي هيثمان، إنه حتى 30 يناير الحالي "هناك أكثر من 200 كتكوت ماتوا إلى جانب عدد قليل من الكتاكيت البالغة".
وتؤكد الوفيات أن طيور البطريق الجنتو معرضة للإصابة بالمرض الفتاك الذي أهلك أعداداً كبيرة من الطيور في جميع أنحاء العالم في الأشهر الأخيرة.
ويقول العلماء إنه مع ذلك فنادراً ما يسافر الجنتو بين جزر فوكلاند قبالة ساحل الأرجنتين وشبه الجزيرة القطبية الجنوبية، التي تقع على بعد حوالي 800 ميل (1300 كيلومتر) إلى الجنوب.
وقال فانستريلز، الباحث المنتسب إلى جامعة كاليفورنيا-ديفيس، إن هذا يعني أن طيور البطريق المتنقلة من غير المرجح أن تؤدي إلى انتشار المرض إلى القارة الجنوبية.
وقال: "الدور الذي يمكن أن تلعبه طيور البطريق الجنتو هو أن تكون بمثابة مستودعات محلية للعدوى". وأضاف قائلاً: "أي الحفاظ على مجموعة من المضيفين المعرضين للإصابة الذين لا يغادرون الجزر أبداً".
وقال هيثمان إن حكومة جزر فوكلاند تنتظر أيضاً نتائج الاختبار من طيور البطريق الصخرية و"تستعد لتفشي المرض على نطاق واسع".
وقال ميجان ديوار، الذي يقود شبكة صحة الحياة البرية في القطب الجنوبي إن السلطات في جورجيا الجنوبية القريبة استبعدت تقريراً عن وجود أنفلونزا الطيور في طيور البطريق الملك بعد إجراء مسح تفصيلي للموقع.
ويتجمع مئات الآلاف من طيور البطريق في مستعمرات مكتظة بإحكام في القارة القطبية الجنوبية والجزر القريبة، مما قد يمكّن الفيروس القاتل من الانتقال بسهولة بين الأفراد. وقال فانستريلز إن دعاة الحفاظ على البيئة يهتمون أكثر بالأنواع الأخرى.
ونفقت فقمات الفيلة وفقمة الفراء بأعداد كبيرة بسبب أنفلونزا الطيور في جورجيا الجنوبية، بعد وقوع خسائر كبيرة في تلك الأنواع في أمريكا الجنوبية.
وقال: "هذا أمر مثير للقلق بشكل خاص لأن جورجيا الجنوبية هي موطن لـ95% من سكان العالم من فقمة الفراء في القطب الجنوبي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أسراب الطيور أنفلونزا الطیور طیور البطریق جزر فوکلاند الطیور فی
إقرأ أيضاً:
لبنان بين نار الجبهة الجنوبية وبرودة الدبلوماسية
هل تكفي السياسة الخارجية لحماية السيادة؟
جان يعقوب جبور
في كل مرة تهتز فيها الحدود الجنوبية، يجد لبنان نفسه مُجددًا أمام سؤال مركزي: ماذا تملك الدولة من أدوات فعلية لردّ الاعتداءات الإسرائيلية، وما حدود قدرتها على تحويل موقفها السياسي إلى تأثير دبلوماسي ملموس؟ فالمُفارقة واضحة: دولة محاصرة بالأزمات، محكومة بالتوازنات، ومطوّقة بجغرافيا مشتعلة، مطالبة في الوقت نفسه بالثبات على مبدأ السيادة في وجه قوة عسكرية تفوقها بأضعاف.
منذ صدور القرار 1701، حاول لبنان أن يبني مُقاربته الأمنية والدبلوماسية على "معادلة الاستقرار الحذر": لا سلام ولا حرب؛ بل إدارة يومية لخروقات جوية مُتواصلة وقصف متكرر يأتي في موجات مُتباعدة. ورغم محدودية الخيارات، تتمسك الدبلوماسية اللبنانية بخط ثابت يقوم على الإدانة، رفع الشكاوى، والتذكير بواجب المجتمع الدولي في ضبط السلوك الإسرائيلي. لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أنَّ هذا المسار، على أهميته الرمزية والقانونية، لم ينجح يومًا في وقف الاعتداءات ولا في الحد منها. ما يحصل هو تسجيل موقف لا أكثر.
ينطلق الموقف اللبناني الرسمي من مبدأ راسخ: الدفاع عن السيادة حق طبيعي. لكن هذا الحق يتحوّل في الواقع إلى مساحة رمادية بين الدولة والفاعلين غير الحكوميين، ما يجعل السياسة الخارجية اللبنانية مقيدة بواقع داخلي معقّد. فبين الرغبة الرسمية في تجنّب حرب واسعة، وبين واقع الميدان الذي تتحكم به ديناميات إقليمية، تصبح الدبلوماسية اللبنانية أشبه بمحاولة الإمساك بالماء باليد. ومع ذلك، لا يمكن القول إنَّ الموقف اللبناني بلا تأثير. فالدولة، رغم أزماتها، تستثمر في شرعيتها الدولية، وتنجح في حشد مواقف داعمة داخل مجلس الأمن، وتفرض على المجتمع الدولي تسجيل الخرق الإسرائيلي كحدث غير عابر. هذا التراكم، وإن بدا بطيئًا وغير كافٍ، يشكّل عنصرًا من عناصر حماية لبنان في لعبة الأمم الطويلة.
إلّا أن السؤال الأهم يبقى: هل تكفي الدبلوماسية وحدها؟
الأرجح لا؛ فحماية السيادة في ظل اختلال ميزان القوى تتطلّب منظورًا أشمل: اتفاقًا وطنيًا حول استراتيجية دفاعية، ورؤية موحدة للجبهة الجنوبية، وقرارًا سياسيًا يتعامل مع الاعتداءات لا كحدث ميداني؛ بل كاختبار لوجود الدولة نفسه. لبنان اليوم ليس في موقع يسمح له بترف المغامرة، ولا يستطيع أيضًا الاستمرار في سياسة ردّ الفعل. المطلوب رؤية تبني على القانون الدولي من دون أن تنسحب من الواقع الإقليمي، وتتمسّك بالاستقرار من دون أن تقايضه بالكرامة الوطنية.
في النهاية، تبقى معادلة لبنان صعبة: دولة تحاول أن تحمي حدودها بالدبلوماسية، فيما تتعامل إسرائيل معها بمنطق القوة. وبين خطاب الشرعية وواقع السلاح، يبقى مستقبل السيادة اللبنانية رهن قرار لم يُتخَذ بعد: كيف يُعاد بناء الدولة لتكون فعلًا الطرف الذي يُقرّر الحرب والسلم؟