لا مستقبل للفلسطينيين دون العرب!
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
قلنا ونقول أنه لا مستقبل للقضية الفلسطينية بأى شكل من الأشكال دون دعم وتأييد العرب، فالفلسطينيون مهما سعوا ومهما قاتلوا وناضلوا لن ينالوا حقوقهم على النحو المأمول سوى بمساندة عربية.
هذه حقيقة للأسف لابد أن يضعها الفلسطينيون حلقة فى آذانهم وهو أمر يبدو واضحا فى التصور الفلسطينى على مستويات عدة سواء القيادى.
على المنوال ذاته فإنه من منظور براجماتى وأخلاقى فإن واجب العرب القيام بكل ما هو ممكن وانتهاج كل السبل من أجل الحفاظ على الحقوق الفلسطينية. هذا هو منطق الواقع والتاريخ، لا توجد جماعة واحدة لغويا أو عرقيا أو يربط بينها أى رابط إلا وواجهت خصمها متحدة أو ساندت بعضها البعض فى مواجهة ذاك الخصم.
طبعا هناك استثناءات فى حركة التاريخ، وهى استثناءات لها دلالاتها على صعيد الموضوع الذى نتناوله، تخلى فيها فصيل أو فصائل من الجماعة عن رفيقاتها، ولعل أبرز مثال على ذلك مسلمو الأندلس الذين حاروا فى مناشدة إخوانهم المسلمين التدخل لإنقاذهم دون جدوى وكان خذلانهم بشكل خاص من الدولة العثمانية ومصر، وانتهى الأمر بالسقوط المريع فى أيدى الإسبان.
من بين المقولات التى تعبر بشكل دقيق عن الموضوع الذى نتناوله تلك التى تقول بأن التاريخ يكرر نفسه، وذلك المثل القائل بأنه ما أشبه الليلة بالبارحة. ودون نواح أو عويل، يمكن لأى مراقب لما يحدث أن يصل إلى نتيجة مؤداها أنه ما أعظم أو ما أفدح التخلى العربى عن مساندة الفلسطينيين فى محنتهم.. يتجسد لك المشهد فى أكثر تجلياته مأساوية حينما ترى بعينيك أطنان الأسلحة تصل من أمريكا لإسرائيل رأسا والتى لا تنقصها أسلحة بكل وضوح وعلى مرأى من الجميع، فيما يقف العرب عاجزين حتى عن تمرير المساعدات الغذائية والطبية وغيرها التى توفر الحد الأدنى من الوضع الإنسانى لمنكوبى غزة.
هناك كلام كثير يمكن أن يقال فى هذا الصدد غير أن أكثر ما يثير الحزن ما تناقلته وكالات الأنباء عن مسئول عربى بدولة قيادية فى المنطقة يشير إلى أن بلاده - رغم المأساة الماثلة فى غزة - لا تزال مهتمة بالمضى قدما فى التطبيع مع إسرائيل. لماذا؟ لا ندرى! وإن كان يربط تلك الرغبة باتخاذ خطوات عملية وغير قابلة للنقض من جانب إسرائيل من شأنها أن تمهد الطريق نحو دولة فلسطينية. وكأن إسرائيل تلتزم بوعودها ولم تتخل عن كل الاتفاقيات التى تم توقيعها من قبل وأدخلت الفلسطينيين فى متاهات بخصوص تنفيذ تلك الاتفاقيات.
غير أن ما يثير الاستغراب أكثر تأكيد ذلك المسئول على أنه ليس شرطا أن يؤدى ذلك إلى إنشاء هذه الدولة على الفور، وهو ما يعنى فتح المجال أمام اسرائيل للتهرب من ذلك الشرط، وهو ما يعنى أيضا فى النهاية وكما أشرنا من قبل فى كتابات سابقة أن القضية الفلسطينية لا تستخدم سوى واجهة لتمرير مشروعات بعض الدول فى المنطقة وإيجاد المبرر الشرعى للخوض فى التطبيع مع إسرائيل دون أن يبدو لنا حتى المصالح الذاتية التى يمكن لهذه الدول أن تحققها من خطوتها تلك، الأمر الذى لا يمكن معه سوى القول بأن الأمر لا يعدو سوى أن يكون تطبيعا مجانيا يتجاوب مع الطموحات الإسرائيلية ويقتل القضية الفلسطينية!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى عبدالرازق تأملات للقضية الفلسطينية فالفلسطينيون
إقرأ أيضاً:
نجم «رأس الغول»
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم ارتباطًا وثيقًا، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، فقد استخدموها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم «رأس الغول»، والذي يقع فـي كوكبة نجمية تسمى «حامل رأس الغول» وهذا النجم أحد أكثر النجوم إثارة للاهتمام بين الفلكيين، فهو من النجوم المتغيرة، حيث يتغير لمعانه بشكل دوري، مما جعل الفلكيين العرب يشبهونه بالكائن الأسطوري المنتشر فـي الثقافة العربية القديمة وهو كائن الغول، الذي ورد فـي أشعار العرب وقصصهم منذ العصر الجاهلي، ووصفوه بأوصاف تتمثل فـي أنه يستطيع تغيير أشكاله وألوانه، وهذا الوصف يتطابق مع الملاحظة التي لاحظوها على هذا النجم، فلذلك أطلقوا عليه هذا الاسم بسبب هذا التغير غير المعتاد فـي سطوعه.
كان العرب ينظرون إليه بعين الريبة، إذ لاحظوا تغير لمعانه الدوري، وهو أمر لم يكن مألوفًا فـي عالمهم الفلكي، فهو ليس كغيره من النجوم الثابتة اللمعان، بل يتبدل سطوعه كل بضعة أيام، حتى يبدو كأنه يتنفس نورًا ويخبو مجددًا
ولكن العلم الحديث كشف لنا سبب هذا التغير وهو أن هذا النجم ليس مفردا وأخبرنا أن هذا النجم كونه نجمًا ثنائيًا كسوفـيًا، حيث يدور نجم خافت أمام نجم أكثر لمعانًا، حاجبًا بعضًا من ضوئه عن الأرض، هذا الاكتشاف، الذي تحقق فـي القرن السابع عشر، أكد صحة ملاحظات العرب الأوائل، الذين ربطوا هذا التغير بصفات الغول الأسطوري فـي تراثهم. ويمكن رؤية هذا النجم فـي سلطنة عُمان، فـي السماء الشرقية بعد غروب الشمس فـي أواخر سبتمبر، ويصل إلى أعلى نقطة له فـي السماء «الزوال» حوالي منتصف الليل فـي نوفمبر، ثم يغرب فـي السماء الغربية قبل الفجر. مع تقدم الموسم، يتحرك ظهوره نحو الغرب، ويصبح غير مرئي بحلول أواخر الربيع.
أما من حيث المعلومات الفلكية عن هذا النجم فإن النجم الرئيسي فـي هذه الأنجم الثلاثة يبعد عن الأرض حوالي 93 سنة ضوئية، ويقدر حجم قطره بثلاثة أضعاف قطر شمسنا، بينما تبلغ درجة حرارة سطحه حوالي 12,000 كلفن، وهو أكثر بكثير عن حرارة شمسنا. وقد أورد الشعراء العرب منذ القديم «نجم الغول» فـي قصائدهم، كما أنهم عبروا فـيها عن العلاقة بين الغول الأسطوري وتغير ألوانه وتبدلها، فهذا الشاعر والفلكي العباسي أبو الحسين الصوفـي يقول:
ورأسها كواكب متصله
بالعنق من كواكب المسلسله
وبعدها حامل طويل رأس الغول
صورة شخص مائل طويل
شبيه إنسان طويل القامة
بيده غول عظيم الهامة
وهذا الشاعر العباسي الشهير أبو العلاء المعري يقول فـي «رأس الغول»:
لَو عُدتُ مِن أَسَدِ النُجومِ بِجَبهَةٍ
أَو بُتُّ فـي ذَنَبٍ لِشبوَةِ شائِلِ
أَو كُنتُ رَأسَ الغولِ وَهوَ مُوَقَّرٌ
فـي الشهبِ لَم آمَن تَهَجُّمَ غائِلِ
كانَ الشبابُ ظَلامَ جِنحٍ فَاِنجَلى
وَالشَيبُ يَذهَبُ فـي النَهارِ الزائِلِ
أما الشاعر ابن زقاعة الذي عاش فـي العصر المملوكي فـيقول:
والضيح بالرومي قيل السلحفا
وكذلك اللوزآ فـي الاسمية
برشاوش للغول يحمل رأسه
من تحته فرس طويل القامة
من خلفه العيوق شبهه الذي
يسمى ببطليموس مثل أعنة
ومن الشعراء المشهورين الذين ذكروا «الغول» الشاعر الأموي الأخطل الذي يقول:
وَلَقَدْ تَشُقُّ بِيَ الْفَلاةَ إِذَا طَفَتْ
أَعْلَامُها وَتَغَوَّلَتْ عُلْكُومُ
غُولُ النَّجاءِ كَأَنَّها مُتَوَجِّسٌ
بِاللُّبْنَتَيْنِ مُوَلَّعٌ مَوْشومُ
باتَتْ تُكَفِّئُهُ إِلَى مَحْنَاتِهِ
نَكْباءُ تَلْفَحُ وَجْهَهُ وَغُيُومُ
بينما نجد الشاعر ابن المعتز يقول فـي «الغول» بيتين وهما:
أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ
سر وَخَفِّف يا ثَقيلُ
أَينَ ضَوءُ الصُبحِ عَنّي
غالَتِ الأَصباحَ غولُ
فـي حين يقول شاعر الخمريات أبو نواس فـي «نجم الغول»:
أَقولُ وَقَد بَدا لِلصُبحِ نَجمٌ
خَليلِيَ إِنَّ فِعلَكَ بي جَميلُ
أَرِحني قَد تَرَفَّعَتِ الثُرَيّا
وَغالَت جُنحَ لَيلي عَنكَ غولُ