تشارك الكاتبة عايدة حشكل، بكتاب «هوانم الزمن الجميل في صعيد مصر» في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ55، داخل صالة 1، جناح A50، في دار وعد للنشر والتوزيع.

 

ويمثل كتاب «هوانم الزمن الجميل في صعيد مصر»، للكاتبة عايدة حشكل، تجربة مثيرة  للدهشة والاعجاب؛ لكونه الكتاب الأول للمؤلفة، التى امتلكت العزيمة على تأليفه وطبعه وهى في عمر الرابعة والسبعين، لتعطي مثالاً عمليًا للأجيال الحالية على إمكانية العطاء الإنسانى في كل مراحل العمر، وأن عبق الأمل يظل فواحًا في الوجدان البشرى رغم كل الظروف والتحديات ومرور السنين.

 

وعدد صفحات الكتاب 250 صفحة من القطع المتوسط، ويرصد الكتاب في سردية واقعية سيرة عدد من سيدات الصعيد الفضليات ومسيرتهن في العمل الخيرى والتطوعي خلال نصف قرن من الزمان، وقد نجحت الكاتبة عايدة حشكل في ألا يقتصر الكتاب على السيرة الذاتية فقط، بل حولته إلى شهادة على ذاك العصر الجميل المطرز بمجهودات هذه المجموعة في العمل الاجتماعي وقدرتهن على توظيف الإمكانات المتاحة في مساعدة الفئات الأكثر ضعفًا من النساء واليتامى والفقراء والمحتاجين فى صعيد مصر.

 

يوضح كتاب «هوانم الزمن الجميل في صعيد مصر»، للكاتبة عايدة حشكل دوافع التطوع للعمل الخيرى والاجتماعي، وأهمها توافر هذا المخزون من حب الخير للناس والرغبة الصادقة في إعانتهم والشعور بالسعادة الكاملة في قضاء حوائجهم،  كما تشير الكاتبة إلى آليات ووسائل العمل الاجتماعى والمتمثل أهمها فى تعليم المرأة المعيلة حرف يدوية بيئية ضمن مشروعات متناهية الصغر، وإقامة المعارض الموسمية لبيع منتجاتهن بأسلوب راقٍ وأكثر ربحية، وكذلك رعاية الأيتام، والأرامل، والعجزة، وكبار السن، والمرضى، والغارمين، وتزويج بنات الأسر اليتيمة وغير القادرة.

 

تؤكد عايدة حشكل أنها لا تقصد بالهوانم تلك الطبقة الغنية فقط، بل هي طبقة من البشر؛ عالية الحس الانسانى، والتى (بغض النظر عن مستواها الاجتماعي) تعنى وتهتم وتشتبك ايجابيا مع قضايا المجتمع وهمومه ومشاكله، وتعمل بإخلاص دون انتظار أجر أو مقابل على أن تكون رافعة اجتماعية تدفع بالمجتمع الى حياة أفضل ومشاكل أقل، ومن هذا المنطلق تتحدث عايدة حشكل فى كتابها عن وجود سيدات فضليات كن رقيقات الحال لكن رغم ذلك كان لهن أثر معنوى فعال ومؤثر في التغيير نحو الأفضل.

                 

وفي النهاية ترى عايدة حشكل في كتابها «هوانم الزمن الجميل في صعيد مصر»، أن العمل الخيرى في الصعيد هو عنوان كبير لشموخ المرأة الصعيدية التى تربت على العطاء الزاخر لأسرتها ولمحيطها العائلي والاجتماعى، وأنها الأم التى أنجبت لمصر تلك الكوكبة من رجالها العظام من الزعماء والقادة والساسة والأدباء والمفكرين والشعراء والفنانين، كما ترى أن العمل الخيرى عموما كان وسيظل  رافدا  حيويا  من روافد الدعم والتماسك والسلم  الاجتماعى في مصر على مر العصور والأزمان.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي للكتاب معرض الكتاب

إقرأ أيضاً:

في قاعة المغادرين

 

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي

في قاعة المغادرين؛ حيث تمتد الجدران الزجاجية لتعكس أضواء الرحيل، يتحوّل المطار إلى مسرح يومي لمشاعر متناقضة؛ هنا تتشابك القصص، وتتناوب اللحظات بين الوداع والانتظار، تنبعث رائحة قهوة الترقب، وعبق حقائب السفر، بينما تزدحم الوجوه بأمل يرافقه ترقّب لا شيء ثابت هنا سوى الحركة الدائمة، والسعي الدؤوب لكل من هو على حافة مغامرة جديدة.

في هذا الفضاء العابر، بين خطوات المسافرين وصوت الحقائب المتدحرجة، يتشكل عالم من اللقاءات المؤقتة، وتتصافح الأرواح التي جمعتها الصدفة، وربطها الزمن والمكان، هنا حيث تتقاطع البدايات بالنهايات، يُولد الحنين، وتُسطر الذكريات.

كنت جالسًا في زاوية هادئة من القاعة، أحتسي فنجان قهوتي الساخنة، وأقرأ الفصل الأخير من رواية، بينما أراقب الوجوه العابرة، لعلني أعرف أحدهم أو أتعرف على رفيق جديد لكي يكون رفيقاً لي في هذا السفر، وتجمعنا وجهة مشتركة في عالم السفر الطويل.

فجأةً، لمحت أحد الأصحاب، رحّبتُ به، وسألته عن سبب وجوده، فتبسم ضاحكا وقال: "أنا مسافر معك على نفس الطائرة، لعلاج والدتي العزيزة". بدأ بيننا حديث عابر عن السفر لأغراض العلاج، وتشاركنا الرأي بأن العلاج في الخارج ليس شرطاً بسبب ضعف الخدمات الطبية المحلية واتفقنا على وجود الكوادر المؤهلة التي تستحق منَّا الشكر والتقدير، وإنما هو أحيانًا البحث عن رأي طبي آخر، أو الهروب من فترة الانتظار لموعد الطبيب، وفي الوقت ذاته، البعض يراها فرصة تجمع بين العلاج والتسوق والاستجمام.

وبينما نحن في خضم الحديث دلَّهُ قلبُهُ لأن يلتفت، فلمحها هناك في آخر الرواق تنظر إليه فذهب ليتأكد ثم عاد، قال لي: يا لها من صدفة "إنها هنا، في نفس القاعة، مع أسرتها" فسألته بفضول من هي؟ فصمت، قبل أن يضيف بصوت خافت: "إنها الحب القديم". فرأيت في عينيه بريقًا لم أعهده فيه من قبل، بدا وكأنَّ ذكريات دفينة نُبشت فجأة من أعماق قلبه فأنا كنت أظن بأنَّ القصة قد انتهت منذ زمن، فقد أخذت الحياة كلٌّ منهما في طريقه، إلا أن مشاعر صاحبي حملت حنينًا صامتًا، لم يتمكن الزمن من محوه. ففي زحام قاعة المغادرين، تلاقت أعينهما بعد سنين الفراق، فارتجف الزمن وتوقف النبض لحظة، لم يكن بينهما كلام، فقط نظرات مثقلة بالشوق وألم الذكريات، تنبض بما بقي في القلب من حب لم يمت، ثم افترقا بصمت، وكلٌ منهما يجر خلفه وجع الحب الأبدي الذي لا يشيخ.

كنت أنصت إليه، وقلبي يُعيد تركيب المشهد كما لو أنه يقرأ عليَّ رواية لم تكتمل، تلك الذكريات التي تلتصق بنا، وتظل نابضة رغم تغيّر كل شيء، هي ما يجعل بعض اللحظات عصيّة على النسيان، مهما مرّ عليها من وقت.

عند الوصول افترقنا، ومضى كلٌّ في سبيله، ونحو وجهته، وفي اليوم الأخير من رحلتي، بينما كنت أتجول في السوق لشراء بعض الهدايا، لمحت صاحبي في أحد المحال، لم يخبرني بشيء عن رحلته، لكنني كنت متأكدًا من ملامحه، من عينيه، من رعشة يديه، من تلعثمه بالكلام، بانه ترك كل شيء هناك في البلاد في قاعة المغادرين ليكون معها ويرافقها قلبه، وعقله، وروحه، فأي حب هذا لا يعرف الزمن، واي شوق هذا يهيم فوق السحاب!

بينما كانت والدته تتجول برفقة مرافقتها، وهي تغمرها السعادة وبدت كأنها نسيت كل الألم، والإبر، والأشعة، وساعات الانتظار الطويلة، كانت والدته مُستغرقة في اختيار الهدايا، ربما لأبنائها، أحفادها، أو حتى لصديقاتها أو جاراتها، أنهن أمهات الزمن الجميل فكان واضحًا أن الرحلة منحتها فرصة جديدة لتعيش، بعيدًا عن مرارة العلاج، فلحظة تسوّق بسيطة أعادتها إلى الحياة، وذكّرتها بأن السعادة يمكن أن تكون في أدق التفاصيل.

في بعض الأحيان، هذه هي القيمة الحقيقية للسفر، ليس فقط الانتقال من مكان إلى آخر؛ بل انتقال في دواخلنا، في مشاعرنا ووعينا وذكرياتنا، هو لحظة إعادة اكتشاف الذات، والفرح، والدهشة.

قاعة المغادرين، إذن، ليست مجرّد محطة سفر؛ بل مسرح لحكايات مكتومة، وذكريات لا تُنسى، ومشاعر لا تُروى إلّا بصمت، في هذه الصالة تبدأ القصص وتنتهي، وتظل الأرواح تحوم بين المقاعد، تبحث عن وداع، أو تترقّب لقاء.

في النهاية، يظل المطار أكثر من مجرد مكان أو بوابة للذهاب والعودة؛ إنه مسرح مفتوح لمشاعر البشر، ومكان لا يجمع فقط الرحلات؛ بل يجمع الحياة نفسها بفرحها وقلقها، بحنينها وأملها، بكل ما يجعلنا بشرًا نحمل كل هذا الكم من المشاعر والأحاسيس.

مقالات مشابهة

  • "توصيلتي".. نموذج ريادي للتحول الرقمي في صعيد مصر
  • "عشوائيات مشاعر" رحلة في أعماق النفس البشرية للكاتبة يوستينا قديس
  • طقوس نجوم الزمن الجميل للاحتفال بشم النسيم
  • جمعية الإمارات تنظم معرض «إبداع ذوي الإعاقة» لتعزيز اندماجهم
  • حقوق قنا تكرم الطالبة مها أبونبوت لمشاركتها في معرض الكتاب برواية «أرض البليوم المجهولة»
  • منصة تجمع أقوى الفرص.. جامعة تبوك تنظم معرض التوظيف الثاني
  • في قاعة المغادرين
  • جامعة تبوك تعلن تنظيم معرض التوظيف الثاني
  • صدور كتاب "الذكاء الشعوري" (EQ) للكاتبة لينا عريشة
  • دور الحكاية الشعبية في تشكيل الوجدان العربي بعيون مغربية وإماراتية في معرض الكتاب بالرباط