صدى البلد:
2024-11-18@09:33:52 GMT

محمد غنيم يكتب: باحبك.. باكرهك.. فسحبها من وسطها

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

الكتابة والرسم الإملائي يخضعان لقاعدة مهمة جدا وهي: (الاصطلاح)، فما اصطلحنا واتفقنا وتوافقنا عليه ففهمناه وأدركناه وتحقق به التواصل والمراسلة فيما بيننا ففهمه الكاتب والقارئ حتى وإن كانت الكتابة مجرد رموز أو أشكال غير مفهومة لبعض الناس ولكن إذا تحقق بها فهم المضمون فيما بين مجموعة أخرى من الناس فقد تحقق الاصطلاح.


الكتابة القرآنية أو رسم المصحف لا يخضع لهذه القاعدة (الاصطلاح) ولكنها كتابة وقفية أي موقوفة على ما وضعه علماء الرسم القرآني من قواعد تحفظ للقرآن قدسيته وتنزهه عما سواه، لذلك فالرسم الإملائي للمصحف لا يقاس عليه في عموم الرسم الإملائي بين الناس، فلا نكتب الصلواة أو السموات كما في القرآن ولكن نكتب الصلاة والسماوات وفقما جاء في اصطلاح العرب في وضع الكتابة العربية باللغة الفصحى وسبب الفصاحة هنا هو اقترابها للغة العرب الأوائل والتي تحداها القرآن بلغتهم وكانت لغة القرآن من ضمن إعجازه.


تعددت الألسنة وتطورت اللغة مع تطور الزمن ودخول الاختراعات والألفاظ الجديدة وانقسمت اللغة العربية إلى لهجات عامية تختلف المصرية عن الشامية عن المغربية عن الخليجية فظهر أثر هذا الاختلاف في الكتابة.


هنا الكتابة تخضع إلى قاعدة جديدة إلى جانب قاعدة الاصطلاح وهي: (المنطوق)، فالذي يكتب بالعامية وفق لهجته العربية سيكتب كيفما ينطق.
لذلك فالكتابة بالعامية المصرية تخضع لقاعدتين:
الأولى الاصطلاح: فإذا كتبت (محمد آل إنه تعبان جدن) وفق المنطوق فسيستغرب القارئ وربما لن يفهم المكتوب، فلن يتحقق التواصل لأن الفهم غير متحقق، وسبب ذلك هو عدم الاصطلاح، ولكننا اصطلحنا في العامية على أننا نقلب القاف في النطق العامي إلى همزة ولكن لا نكتبها همزة مثلما ننطقها وكذلك التنوين نفهمه من الكتابة ولكن لا نكتبه في صورة حرف النون، فنكتب (محمد قال إنه تعبان جدا) وبها يتحقق فهم الرسالة، وهذا وفق الاصطلاح.
الثانية المنطوق: أي مع قاعدة الاصطلاح في الكتابة العامية نتبع قاعدة نكتب ما ننطق ما لم يخالف الاصطلاح، فإذا كتبنا كلمة (بحبك، بقولك، بكرهك، بموت فيك، هقابلك هجيلك، هشوفك، بكلمك) فستتحقق القاعدتان أي الاصطلاح لأن القارئ المصري سيفهم المقصود، والمنطوق لأنها متفقة مع طريقة نطق المصريين لهذه الكلمات، فإذا كتبت (بأحبك، بأقولك،...) فقد خالفت النطق والاصطلاح، وبهذا نحاول ترسيخ قاعدة جديدة لا وجود لها لا قديما ولا حديثا، وأصبحت هنا أختلق قاعدة جديدة لا أصل لها نطقا أو اصطلاحا، فإذا كتبت (باحبك، باقولك) فلا وجود لهذه الألف لا في المنطوق ولا في الاصطلاح لأن الأصل (أحبك، أقول لك)، ودخول ألف الوصل على المضارع بحجة الكتابة العامية يدخلنا في تفريعات لا داعي لها وستغير شكل الكلمات بما يخالف قاعدة الاصطلاح.


الكتابة بالعامية المصرية سهلة وبسيطة ولا تحتمل وجهات النظر أو تحميلها فوق ما تطلب، نلتزم فيها بالاصطلاح والمنطوق، ليتحقق بها الفهم.
واستخدام العامية في الكتابة الأدبية ليس خللا ولكنه فن إذا كان الكاتب موهوبا في استخدامها بطريقة فنية إبداعية، من يجرؤ أن يقول إن صلاح جاهين ليس مبدعا أو موهوبا؟ أما تعبير مثل (فسحبها من وسطها) هو تعبير في غاية الركاكة والابتذال، حتى وإن صح لغويا.
كثيرون يكتبون بالعامية ولكن المشكلة في عديم أو ضعيف الموهبة سواء في الكتابة بالفصحى أو الفصيحة أو العامية، فهذا لن يروي ظمأ أو يسد جوعا، وستخرج من كتابه مثلما بدأته، والعيب هنا ليس في اللغة نفسها وإنما في قدرة الكاتب وموهبته في استخدامها وضعفه في الكتابة بها.


وتفصيلا لما ذكرت فالكتابة لها ثلاثة أنواع:
(كتابة عروضية - كتابة المصحف - كتابة اصطلاحية).
الكتابة العروضية وهي الخاصة بالشعر وكل ما ينطق يُكتب.
وكتابة المصحف وهي كتابة وقفية حسب ما ورد ووصلنا ولا يُقاس عليها.
والكتابة الاصطلاحية وهي ما نكتبه باللغة العربية الصحيحة كما اصطلح عليها العرب ووردت عن استعمال العرب ونحن نتعلمها ونكتبها بما وضعوا لها من قواعد زيادة وحذف وهمزات وتنوين... إلخ.


أما الكتابة بالعامية التي نتحدث بها في مصر فليس كل ما يُنطق يُكتب كما في الكتابة العروضية؛ فنحن نكتب كلمة جدًا بالعامية بالتنوين ولا نكتبها جدن.
وليست ككتابة المصحف أو الكتابة الاصطلاحية، فنكتب كلمة الصلاة ولا نكتبها الصلواة، ونكتب كلمة إنتي للمخاطبة ولا نكتب أنتِ، ونكتب معاكي للمخاطبة ولا نكتب معكِ.
الكتابة العامية لا تخضع لقواعد النحو أو لقواعد الإملاء نكتب (الضيوف مشيو) ولا نكتب (الضيوف مشوا) ولكنها تخضع للسماع، فكما تُسمَع تُكتب.
فنحن نسمع كلمة (مكنتش) كلمة واحدة ولا نقول (ما) ثم نسكت ثم (كنتش) فنكتبها (مكنتش) وليس (ما كنتش) وما يقابلها في الفصحى (لم أكن) من مقطعين ومثلها (مش هقدر) لا نجزئها لمقاطع (ها اقدر) وكلمة (بحبك) لا نقول (با أحبك) ولكن ننطقها كلمة واحدة.
وأما من يقول بأنه حال الجمع نذكر حروف المضارعة مثل (بنحبك - بيحبك) فهذا لا يثبت كتابة الألف في المفرد لأننا لا ننطقها مثلما ننطق حروف النون والياء، كما أن حذف النون والياء سيضيع المعنى فلا يمكن حذف الحروف الدالة على الجمع أو الغائب، أما كلمة بحبك فلا ننطق فيها ألفا ولا يحدث خلل في المعنى أو غموض يستدعي كتابتها.
الكتابة العامية تقبل التشكيل للتوضيح، مثل الشدة في (لسَّه شويَّه) والتنوين في (مثلًا - جدًا).
الكلمات (كدا - النهاردا - دا - معايا) نكتب آخرها بالألف أقرب للنطق من الهاء أو التاء المربوطة.


الكتابة بالعامية تحمل خلافات كثيرة بين الكُتَّاب وتختلف باختلاف اللهجات فيوجد العامية الصعيدية والعامية السواحلية والعامية البدوية والعامية الريفية والعامية الشعبية، وتختلف العامية من جيل إلى جيل فالعامية القديمة غير العامية الحديثة وهناك مصطلحات تظهر وأخرى تختفي.


وأخيرًا فإن الكتابة عمومًا هي رسم لرموز هدفها تحقيق التواصل بين الناس، فإذا أردت الكتابة بالعامية فاجعلها خاضعة للفهم بأن تكون لغة مفهومة للقارئ كما يتكلمها هو فكلما ابتعدت عن الغموض والتعقيد في التعبير عن اللهجة العامية بالحروف والكلمات كان تحقيق التواصل أقوى وأسهل وهذا هو الهدف المرجو تحقيقه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: كنزي مدبولي محمد غنيم العامية المصرية فی الکتابة

إقرأ أيضاً:

مصطفى خليل رئيس الوزراء الذي غير الحياة السياسية بمصر.. لماذا رفض كتابة مذكراته؟

في تاريخ السياسة المصرية، يبرز اسم الدكتور مصطفى خليل كأحد الرموز البارزة التي ساهمت في تشكيل ملامح الحياة السياسية والاقتصادية خلال فترة حافلة بالتحولات. ولد الدكتور مصطفى خليل في قرية كفر تصفا بمحافظة القليوبية عام 1920، وتدرج في مسيرة علمية ومهنية مميزة جعلت منه أحد أعمدة الإدارة والعمل الحكومي في مصر. رحل عن عالمنا في 7 يونيو 2008، بعد حياة مليئة بالعطاء السياسي والاجتماعي.

نشأ الدكتور مصطفى خليل في بيئة ريفية، لكنه سرعان ما أثبت جدارته العلمية بدراسته الهندسة في جامعة القاهرة، حيث تخرج عام 1941. بدأ مسيرته المهنية مهندسًا بهيئة السكك الحديدية بين عامي 1941 و1947، ثم حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة إلينوي بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1951، مما أكسبه خبرة علمية دولية ساعدته لاحقًا في التخطيط الاستراتيجي لمصر.

مناصب بارزة 

تقلد الدكتور خليل العديد من المناصب القيادية منذ أوائل الخمسينيات. بدأ كأستاذ بكلية الهندسة بجامعة عين شمس، ثم شغل مناصب وزارية متعددة، منها وزير النقل والمواصلات، ووزير الإسكان، ونائب رئيس الوزراء. تولى أيضًا وزارة الصناعة والطاقة، ثم رئاسة الإذاعة والتلفزيون عام 1971.

بلغت مسيرته السياسية ذروتها حين كُلِّف برئاسة الوزراء بين عامي 1978 و1980، كما شغل حقيبة وزارة الخارجية عام 1979. وخلال هذه الفترة، قاد جهودًا سياسية كبرى مثل مرافقة الرئيس السادات في زيارته التاريخية للقدس عام 1977.

قصور الثقافة تصدر ديوان وردة علمتنا التنقيب لـ زين الرزيقي ذعر وغضب.. هل تم المساس بأحجار هرم خوفو؟| خبير أثري يجيب  تطوير الاقتصاد والسياسة

ساهم الدكتور مصطفى خليل في إعداد العديد من الخطط القومية، من أبرزها تحديث وسائل النقل والمواصلات خلال الفترة من 1959 إلى 1965، ووضع الهيكل التنظيمي لأول قطاع عام في مصر.

 كما ساهم في صياغة القوانين المتعلقة بالقطاع العام، ما ساعد على دفع عجلة التنمية الصناعية والاقتصادية.

في المجال السياسي، كان من أبرز المساهمين في التحول من نظام الحزب الواحد إلى نظام الأحزاب في عهد الرئيس السادات. تولى منصب نائب رئيس الحزب الوطني عام 1980، حيث استمر في تقديم رؤى إصلاحية.

أعمال فكرية ومواقف مميزة

كان للدكتور مصطفى خليل العديد من المؤلفات التي تجاوزت ستة كتب، من أهمها كتاباته عن صناعة البترول العالمية وأزماته، وكذلك دراساته حول السياسة البترولية العربية خلال حرب أكتوبر.

 رغم تعدد مهامه، لم يكتب مذكرات شخصية. وقد برر ذلك في أحد لقاءاته بأن الحفاظ على أسرار الدولة يتطلب عدم الاحتفاظ بأية وثائق خاصة.

ترك الدكتور مصطفى خليل إرثًا غنيًا من الإنجازات السياسية والاقتصادية التي لا تزال تلهم صناع القرار في مصر. 

مقالات مشابهة

  • مصطفى خليل رئيس الوزراء الذي غير الحياة السياسية بمصر.. لماذا رفض كتابة مذكراته؟
  • مصدر بالأهلي ردا على التفاوض مع مصطفى محمد: نجم كبير ولكن
  • محمد كركوتي يكتب: مصاعب النمو الصيني
  • متخطياً راموس.. رونالدو يواصل كتابة التاريخ ويحقق إنجازاً جديداً
  • ما حكم العمل في مكان يبيع خمور؟.. أمين الفتوى: يجوز ولكن بشرط (فيديو)
  • نجيبة الرفاعي: الكتابة بحث دائم عن الذات
  • كريستيانو رونالدو يكتب صفحة جديدة في مسيرة محمد صلاح
  • حقيقة رؤية الفنانة عايدة غنيم لـ«مريم العذراء»
  • عايدة غنيم تتصدر تريند جوجل بكشف مدهش عن رؤيتها للسيدة مريم العذراء
  • التدريب على أساليب الكتابة الإبداعية للطلبة الموهوبين بالداخلية