محمد غنيم يكتب: باحبك.. باكرهك.. فسحبها من وسطها
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
الكتابة والرسم الإملائي يخضعان لقاعدة مهمة جدا وهي: (الاصطلاح)، فما اصطلحنا واتفقنا وتوافقنا عليه ففهمناه وأدركناه وتحقق به التواصل والمراسلة فيما بيننا ففهمه الكاتب والقارئ حتى وإن كانت الكتابة مجرد رموز أو أشكال غير مفهومة لبعض الناس ولكن إذا تحقق بها فهم المضمون فيما بين مجموعة أخرى من الناس فقد تحقق الاصطلاح.
الكتابة القرآنية أو رسم المصحف لا يخضع لهذه القاعدة (الاصطلاح) ولكنها كتابة وقفية أي موقوفة على ما وضعه علماء الرسم القرآني من قواعد تحفظ للقرآن قدسيته وتنزهه عما سواه، لذلك فالرسم الإملائي للمصحف لا يقاس عليه في عموم الرسم الإملائي بين الناس، فلا نكتب الصلواة أو السموات كما في القرآن ولكن نكتب الصلاة والسماوات وفقما جاء في اصطلاح العرب في وضع الكتابة العربية باللغة الفصحى وسبب الفصاحة هنا هو اقترابها للغة العرب الأوائل والتي تحداها القرآن بلغتهم وكانت لغة القرآن من ضمن إعجازه.
تعددت الألسنة وتطورت اللغة مع تطور الزمن ودخول الاختراعات والألفاظ الجديدة وانقسمت اللغة العربية إلى لهجات عامية تختلف المصرية عن الشامية عن المغربية عن الخليجية فظهر أثر هذا الاختلاف في الكتابة.
هنا الكتابة تخضع إلى قاعدة جديدة إلى جانب قاعدة الاصطلاح وهي: (المنطوق)، فالذي يكتب بالعامية وفق لهجته العربية سيكتب كيفما ينطق.
لذلك فالكتابة بالعامية المصرية تخضع لقاعدتين:
الأولى الاصطلاح: فإذا كتبت (محمد آل إنه تعبان جدن) وفق المنطوق فسيستغرب القارئ وربما لن يفهم المكتوب، فلن يتحقق التواصل لأن الفهم غير متحقق، وسبب ذلك هو عدم الاصطلاح، ولكننا اصطلحنا في العامية على أننا نقلب القاف في النطق العامي إلى همزة ولكن لا نكتبها همزة مثلما ننطقها وكذلك التنوين نفهمه من الكتابة ولكن لا نكتبه في صورة حرف النون، فنكتب (محمد قال إنه تعبان جدا) وبها يتحقق فهم الرسالة، وهذا وفق الاصطلاح.
الثانية المنطوق: أي مع قاعدة الاصطلاح في الكتابة العامية نتبع قاعدة نكتب ما ننطق ما لم يخالف الاصطلاح، فإذا كتبنا كلمة (بحبك، بقولك، بكرهك، بموت فيك، هقابلك هجيلك، هشوفك، بكلمك) فستتحقق القاعدتان أي الاصطلاح لأن القارئ المصري سيفهم المقصود، والمنطوق لأنها متفقة مع طريقة نطق المصريين لهذه الكلمات، فإذا كتبت (بأحبك، بأقولك،...) فقد خالفت النطق والاصطلاح، وبهذا نحاول ترسيخ قاعدة جديدة لا وجود لها لا قديما ولا حديثا، وأصبحت هنا أختلق قاعدة جديدة لا أصل لها نطقا أو اصطلاحا، فإذا كتبت (باحبك، باقولك) فلا وجود لهذه الألف لا في المنطوق ولا في الاصطلاح لأن الأصل (أحبك، أقول لك)، ودخول ألف الوصل على المضارع بحجة الكتابة العامية يدخلنا في تفريعات لا داعي لها وستغير شكل الكلمات بما يخالف قاعدة الاصطلاح.
الكتابة بالعامية المصرية سهلة وبسيطة ولا تحتمل وجهات النظر أو تحميلها فوق ما تطلب، نلتزم فيها بالاصطلاح والمنطوق، ليتحقق بها الفهم.
واستخدام العامية في الكتابة الأدبية ليس خللا ولكنه فن إذا كان الكاتب موهوبا في استخدامها بطريقة فنية إبداعية، من يجرؤ أن يقول إن صلاح جاهين ليس مبدعا أو موهوبا؟ أما تعبير مثل (فسحبها من وسطها) هو تعبير في غاية الركاكة والابتذال، حتى وإن صح لغويا.
كثيرون يكتبون بالعامية ولكن المشكلة في عديم أو ضعيف الموهبة سواء في الكتابة بالفصحى أو الفصيحة أو العامية، فهذا لن يروي ظمأ أو يسد جوعا، وستخرج من كتابه مثلما بدأته، والعيب هنا ليس في اللغة نفسها وإنما في قدرة الكاتب وموهبته في استخدامها وضعفه في الكتابة بها.
وتفصيلا لما ذكرت فالكتابة لها ثلاثة أنواع:
(كتابة عروضية - كتابة المصحف - كتابة اصطلاحية).
الكتابة العروضية وهي الخاصة بالشعر وكل ما ينطق يُكتب.
وكتابة المصحف وهي كتابة وقفية حسب ما ورد ووصلنا ولا يُقاس عليها.
والكتابة الاصطلاحية وهي ما نكتبه باللغة العربية الصحيحة كما اصطلح عليها العرب ووردت عن استعمال العرب ونحن نتعلمها ونكتبها بما وضعوا لها من قواعد زيادة وحذف وهمزات وتنوين... إلخ.
أما الكتابة بالعامية التي نتحدث بها في مصر فليس كل ما يُنطق يُكتب كما في الكتابة العروضية؛ فنحن نكتب كلمة جدًا بالعامية بالتنوين ولا نكتبها جدن.
وليست ككتابة المصحف أو الكتابة الاصطلاحية، فنكتب كلمة الصلاة ولا نكتبها الصلواة، ونكتب كلمة إنتي للمخاطبة ولا نكتب أنتِ، ونكتب معاكي للمخاطبة ولا نكتب معكِ.
الكتابة العامية لا تخضع لقواعد النحو أو لقواعد الإملاء نكتب (الضيوف مشيو) ولا نكتب (الضيوف مشوا) ولكنها تخضع للسماع، فكما تُسمَع تُكتب.
فنحن نسمع كلمة (مكنتش) كلمة واحدة ولا نقول (ما) ثم نسكت ثم (كنتش) فنكتبها (مكنتش) وليس (ما كنتش) وما يقابلها في الفصحى (لم أكن) من مقطعين ومثلها (مش هقدر) لا نجزئها لمقاطع (ها اقدر) وكلمة (بحبك) لا نقول (با أحبك) ولكن ننطقها كلمة واحدة.
وأما من يقول بأنه حال الجمع نذكر حروف المضارعة مثل (بنحبك - بيحبك) فهذا لا يثبت كتابة الألف في المفرد لأننا لا ننطقها مثلما ننطق حروف النون والياء، كما أن حذف النون والياء سيضيع المعنى فلا يمكن حذف الحروف الدالة على الجمع أو الغائب، أما كلمة بحبك فلا ننطق فيها ألفا ولا يحدث خلل في المعنى أو غموض يستدعي كتابتها.
الكتابة العامية تقبل التشكيل للتوضيح، مثل الشدة في (لسَّه شويَّه) والتنوين في (مثلًا - جدًا).
الكلمات (كدا - النهاردا - دا - معايا) نكتب آخرها بالألف أقرب للنطق من الهاء أو التاء المربوطة.
الكتابة بالعامية تحمل خلافات كثيرة بين الكُتَّاب وتختلف باختلاف اللهجات فيوجد العامية الصعيدية والعامية السواحلية والعامية البدوية والعامية الريفية والعامية الشعبية، وتختلف العامية من جيل إلى جيل فالعامية القديمة غير العامية الحديثة وهناك مصطلحات تظهر وأخرى تختفي.
وأخيرًا فإن الكتابة عمومًا هي رسم لرموز هدفها تحقيق التواصل بين الناس، فإذا أردت الكتابة بالعامية فاجعلها خاضعة للفهم بأن تكون لغة مفهومة للقارئ كما يتكلمها هو فكلما ابتعدت عن الغموض والتعقيد في التعبير عن اللهجة العامية بالحروف والكلمات كان تحقيق التواصل أقوى وأسهل وهذا هو الهدف المرجو تحقيقه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: كنزي مدبولي محمد غنيم العامية المصرية فی الکتابة
إقرأ أيضاً:
مفاوضات غزة - "مقترح مُحدث" لاستئناف المفاوضات ولكن..
تباينات تسود محادثات اتفاق وقف إطلاق النار ب غزة ، التي تستضيفها الدوحة، عقب إعلان " حماس " موافقتها على "مقترح لاستئناف المفاوضات" وإطلاق سراح مواطن أميركي على قيد الحياة، بينما اتهمتها حكومة بنيامين نتنياهو بـ"التلاعب"، وعدم قبول مقترح المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، الساعي إلى تمديد المرحلة الأولى.
ذلك التطور الجديد عقب محادثات لأيام في الدوحة، شارك فيها ويتكوف، يشي، بحسب خبراء تحدثوا لـ"الشرق الأوسط"، بأن "هناك احتمالاً بأن تفضي المفاوضات لهدنة أوسع". وأشاروا إلى أن "المقترح المحدث حالياً لا يزال ينتظر مشاورات جديدة، خاصة أنه قد لا يحمل انتقالاً مباشراً للمرحلة الثانية، وإنما اتفاق جديد قد يكون شاملاً".
إقرأ أيضاَ: مسؤول أميركي ينفي إقالة ترامب لـ "مفاوض حماس"
وذكرت "حماس" في بيان صحافي، الجمعة، أنها "تسلّمت الخميس مقترحاً من الوسطاء لاستئناف المفاوضات، تعاملت معه بمسؤولية وإيجابية، وسلمت ردّها عليه فجر الجمعة، متضمناً موافقتها على إطلاق سراح الجندي عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين 4 آخرين من مزدوجي الجنسية".
وأكدت الحركة "جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل حول قضايا المرحلة الثانية"، دون أن تحسم موقفها من مقترح ويتكوف، الذي أثيرت بشأنه مناقشات الأيام الماضية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عدّ أن إطلاق عيدان ألكسندر وجثامين المواطنين الأميركيين الأربعة بـ"مثابة أولوية للإدارة الأميركية".
إقرأ أيضاً: هكذا تعتزم إسرائيل الرد على ما توصلت له واشنطن وحماس بشأن غزة
نتنياهو الذي بات في مأزق عقب مغازلة "حماس" لواشنطن لم ينتظر طويلاً في التعقيب، وقال مكتبه: "في حين قبلت إسرائيل مخطط ويتكوف، فإن (حماس) تُصرّ على رفضه ولم تتحرك قيد أنملة، وفي الوقت نفسه، تواصل الانخراط في التلاعب والحرب النفسية"، وتحدث عن "عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي اجتماعاً مع الفريق الوزاري، مساء السبت، لتلقي تقرير مفصل من فريق التفاوض والبتّ في الخطوات المقبلة لإطلاق سراح المختطفين".
وأفاد موقع "أكسيوس" الأميركي، الخميس، نقلاً عن مصادر بأن ويتكوف قدّم اقتراحاً مُحدثاً لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان) المقبل، مقابل إطلاق "حماس" سراح مزيد من المحتجزين، واستئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وبتقديرات أستاذ العلوم السياسية والمختص بالعلاقات الدولية والشؤون الإسرائيلية الدكتور طارق فهمي، فإنه "لم نعد نتحدث عن الاتفاق الرئيسي في المفاوضات، والتركيز الآن على مفاوضات مرحلة جديدة، تتجاوز السعي للتمديد، وقد تصل إلى اتفاق شامل"، لافتاً إلى أن ويتكوف "عرض فكرة تركز على هدنة الـ50 يوماً، ثم مراحل زمنية أخرى والحديث الآن ليس عن المرحلة الثانية".
وإزاء تلك التطورات، يرى فهمي أننا "أمام عدة مسارات: الأول، العودة إلى المفاوضات ولكنها ستبقى أطر عامة بشأن المرحلة الثانية، لكن بعد الـ50 يوماً وتسليم رهائن وأسرى وترضية المفاوض الأميركي الذي يحرج إسرائيل ويضعها في ورطة مع إدارة ترمب. والأمر الثاني العمل على بناء إجراءات ثقة، خاصة أنه لا تزال إسرائيل تتحدث عن نزع سلاح (حماس)، ولا إعمار في ظل وجودها، بخلاف انتظار إجراءات بشأن دور السلطة الفلسطينية مستقبلاً".
وينتظر أن تبدأ "حماس" محادثات بالقاهرة بشأن تلك المفاوضات. وأفادت الحركة في بيان ثانٍ، الجمعة، بأن وفدها المفاوض برئاسة خليل الحية توجه إلى "القاهرة للقاء المسؤولين المصريين ومتابعة تطورات ملف المفاوضات، واتفاق وقف إطلاق النار".
وبينما تمسكت حركتا "حماس" و"الجهاد" في بيان، الخميس، بالبدء في تنفيذ المرحلة الثانية، وصولاً لاتفاق شامل، وجّه أعضاء "منتدى عائلات الأسرى الإسرائيليين" مناشدةً لرئيس الوزراء الإسرائيلي: "نطالبكم بأن توجهوا الوفد إلى عدم العودة من الدوحة دون اتفاق على جميع المختطفين البالغ عددهم 59 دفعة واحدة وإبرام اتفاقية شاملة".
وبشأن مستقبل تلك الخطوات والمواقف، قال المدهون: "من المبكر الجزم بتوجهات السلوك الإسرائيلي في هذه المرحلة وعدم قدرة نتنياهو على اتخاذ قرارات حاسمة"، مرجحاً: "احتمال أن يلجأ نتنياهو إلى سياسة المماطلة لكسب الوقت أو تحسين شروطه، لكن الضغط الأميركي المتوقع بعد الموافقة على إطلاق سراح أحد مواطنيه قد يشكل عاملاً حاسماً في دفع مسار الاتفاق نحو التنفيذ وإنهاء الحرب، وإن كان ذلك قد يستغرق بعض الوقت".
ويرى فهمي أنه "من المبكر وضع تصورات بشأن مستقبل المرحلة الثانية، في ظل مرحلة ضبابية وإصرار نتنياهو على مصالحه وتحركات إسرائيلية نحو انهيار الاتفاق".
المصدر : وكالة سوا - صحيفة الشرق الاوسط اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين لليوم الـ 48 على التوالي: الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم ومخيميها غزة - استشهاد الصياد محمد صيام برصاص البحرية الإسرائيلية حجب قناة الأقصى الفضائية عن الظهور في كافة الأقمار الصناعية الأكثر قراءة اجتماع طارئ للجنة فلسطين في "عدم الانحياز" بمدينة جدّة مع يوم المرأة العالمي.. كم عدد شهداء حرب غزة من النساء؟ غزة: الإيجاز الأسبوعي لعمل طواقم الطوارئ الحكومية والخدمات المقدمة مركز حقوقي: إسرائيل تصعّد جرائم هدم المنازل في الضفة الغربية عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025