الصين تستقبل سفير أفغانستان.. هل هذا اعتراف بحكومة طالبان؟
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
كابل- تسلم الرئيس الصيني شي جين بينغ، يوم الثلاثاء، أوراق اعتماد سفراء عدة دول، بما فيها أفغانستان المجاورة، وهو ما يعد أول اعتراف رسمي بالحكومة الأفغانية التي تتزعمها حركة طالبان من قبل دولة قوية مثل الصين.
لكن النهج الذي تتبعه بكين، والذي يتمثل في تبادل السفراء دون اعتراف رسمي، يسمح لها بالحفاظ على علاقاتها مع عدم الانشقاق عن بقية العالم.
وتعد الصين الدولة الوحيدة التي أرسلت سفيرها تشاو شينغ في أغسطس/آب الماضي، ليكون سفيرها الـ16 في كابل، وبالمقابل استقبلت السفير الأفغاني المولوي بلال كريمي، في حفل رسمي بقاعة الشعب الكبرى، إلى جانب سفراء كوبا وباكستان وإيران و38 دولة أخرى، في خطوة هي الأولى من نوعها في العلاقات الدبلوماسية مع حركة طالبان.
يقول مصدر في الخارجية الأفغانية للجزيرة نت "أخبرنا السلطات الصينية قبل عام أننا مستعدون لإرسال سفير أفغاني، ونحن لم نشعر خلال تعاملنا مع الصينيين أننا دولة غير معترف بها، وهي تتعامل معنا كدولة رسمية، وأعتقد أن بقية الدول ستختار هذا الطريق، وأن الأمور ستخرج من يد المجتمع الدولي الذي ينتظر الولايات المتحدة".
ويرى خبراء بالشأن الأفغاني أن الصين تيقنت خلال العامين الماضيين، أن الحكومة الأفغانية الحالية ملتزمة بالوعود التي قطعتها على نفسها أثناء تعاملها مع دول الجوار، وأنها لن تسمح بتهديد مصالحها انطلاقا من الأراضي الأفغانية، ورأت أن التعامل الرسمي مع طالبان يصب في مصلحتها، وقبلت الحكومة الأفغانية بالأمر الواقع، لتسجل الصين نفسها كأول دولة يقبل رئيسها أوراق اعتماد السفير الأفغاني.
ويقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد، للجزيرة نت "لقد فهمت الصين ما لم يفهمه بقية العالم، نحن لسنا في عالم أحادي القطب، وأطلب من روسيا وإيران والدول الأخرى اتخاذ خطوات مماثلة، وتطوير العلاقات الدبلوماسية الثنائية مع كابل على غرار الصين".
وخلال الحكم الأول لحركة طالبان في الفترة ما بين عامي 1996 و2001، استضافت الحركة المئات من مسلحي الإيغور من الصين، واعتقلت الولايات المتحدة 22 منهم لسنوات في خليج غوانتانامو، لكن الحكومة الأفغانية الحالية قامت بإجلاء المسلحين الإيغوريين من المناطق الحدودية مع الصين إلى المناطق الغربية في أفغانستان، حتى لا تشعر بكين بالقلق من أي تهديد.
يقول مصدر في الخارجية الأفغانية للجزيرة نت "بعد وصولنا إلى السلطة، قدّمت السلطات الصينية تقارير عن وجود مسلحي الإيغور، وبعد فترة تيقنا من صحة التقارير، وعلمنا أن دولة ثالثة حاولت التأثير على موقف الصين من الحكومة الجديدة، لكننا أثبتنا للصين أننا ملزمون بعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضدهم، وهم يدركون ذلك".
ردود فعل متحفظةبعد ساعات من استقبال الرئيس الصيني شي جين السفير الأفغاني الجديد، ثارت ردود فعل كبيرة على المستوى الدولي والإقليمي، حيث طالبت الولايات المتحدة من الصين توضيح الأمر، وسألت عن ما إذا كانت الصين قد اعترفت رسميا بالحكومة الأفغانية الجديدة.
وقالت جبهة المقاومة الأفغانية التي تعارض حكم طالبان إن "القرار الصيني مقلق للغاية"، وإنه "خرق للأعراف الدولية والدبلوماسية"، وقال مصدر في الجبهة للجزيرة نت "نعتبر قرار الصين ضد إرادة الشعب الأفغاني، ونطالب المجتمع الدولي أن يوحد موقفه ضد حكومة حركة طالبان، والامتناع عن قبول ممثليها كجهة رسمية، لأنها لا تمثل الشعب الأفغاني".
أهمية الخطوةيشكل اعتراف الصين بالحكومة الأفغانية الجديدة وقبول سفيرها خطوة مهمة، ولكن أفغانستان ستبقى معزولة ما لم تعترف دول أخرى بالحكومة الأفغانية الحالية، فحتى الأمم المتحدة رفضت منح مقعد أفغانستان لممثل حركة طالبان سهيل شاهين.
ويقول السفير الأفغاني الجديد المولوي بلال كريمي للجزيرة نت "هذه خطوة جيدة في إطار العلاقات مع الصين، وتصب في مصلحة البلدين، علينا استغلال الظرف الحالي لتنمية بلادنا التي أنهكتها الحرب، وأسعى بكل قوة حتى أكون جسرا بين البلدين، والصين دولة مهمة في المنطقة والجميع يهتم بالعلاقات معها، وهذه الخطوة ستفتح الطريق إلى دول أخرى قريبا".
كما يقول السفير الأفغاني السابق لدى الصين جاويد قائم للجزيرة نت "نستطيع القول إن الخطوة الصينية اعتراف، الرسالة واضحة ولا لبس فيها، حيث لن يقبل رئيس أي دولة أوراق اعتماد سفير ما لم يعترف بحكومته، وفي هذه الحالة تعامل القيادة الصينية سفير طالبان بنفس الطريقة التي تعامل بها السفراء الآخرين، وهو مؤشر واضح على الاعتراف، وإن لم تصرح الصين بذلك".
ويأتي تبادل السفراء بين أفغانستان والصين في حكم حركة طالبان، التي لم تحظ حتى الآن بأي اعتراف دولي رسمي منذ وصولها إلى الحكم، في إطار الأهداف الصينية الرامية إلى تعزيز نفوذها، وملء الفراغ الأميركي في أفغانستان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحکومة الأفغانیة حرکة طالبان للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
محاولة اغتيال وزير بحكومة الدبيبة في ليبيا.. ما الرسالة والتداعيات؟
أثارت محاولة الاغتيال التي تعرض لها وزير بحكومة الوحدة الليبية بطرابلس بعض التساؤلات عن الرسالة من وراء هذا الحادث وعلاقة الأمر بتغيير الحكومة والتغيرات السياسية الراهنة.
وأعلنت حكومة الدبيبة تعرض، وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء، عادل جمعة لمحاولة اغتيال بواسطة إطلاق النار على سيارته في أثناء مروره داخل أحد أحياء العاصمة طرابلس، مؤكدة أن الوزير أصيب برصاصة في قدمه اليمنى، حيث جرى نقله إلى أحد المستشفيات وإجراء عملية له.
وكشفت وكالة نوفا الإيطالية عن وصول الوزير الليبي مساء أمس، إلى إيطاليا لتلقي مزيد من العلاج عقب محاولة اغتياله في طرابلس، دون ذكر طبيعة إصابته.
ردود دولية ومحلية
ولاقت محاولة الاغتيال ردود فعل وإدانات دولية ومحلية واسعة، حيث دانت بعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد لدى ليبيا، محاولة الاغتيال، ودعت السلطات المختصة في ليبيا إلى إجراء تحقيق سريع وشفاف وشامل في هذه الحادثة، وضمان تحديد هوية المسؤولين عنها وتقديمهم إلى العدالة.
ودعت البعثة الأممية لدى ليبيا إلى إجراء تحقيق سريع وكامل وشفاف؛ لضمان تقديم الجناة إلى العدالة، وقالت إنه لا يوجد أي مبرر لاستخدام العنف ضد المسؤولين الحكوميين، أو أي مدنيين آخرين. وهذه الاعتداءات تُقوض الاستقرار والأمن في طرابلس وعموم البلاد.
في حين، دعت السفارة الأميركية لدى ليبيا إلى توقيف مرتكبي محاولة اغتيال جمعة، وقالت: نضم صوتنا إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في إدانة محاولة اغتيال الوزير جمعة بشدة، ونتمنى له الشفاء العاجل.
ودانت السفارة الفرنسية لدى ليبيا الهجوم المسلح الذي استهدف وزير الدولة بحكومة الوحدة، عادل جمعة، قائلة إنها تضم صوتها إلى البعثة الأممية في إدانة الهجوم، وفق تغريدة عبر منصة «إكس».
"تحقيق عاجل"
من جهته، طالب المجلس الرئاسي، حكومة الوحدة والجهات الأمنية التابعة لها، بفتح تحقيق عاجل لمعرفة ملابسات حادث محاولة اغتيال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، عادل جمعة، وتعقب الجناة وتقديمهم للعدالة.
بينما وصف المجلس الأعلى للدولة التابع "لتكالة والمشري" الحادث الذي تعرّض له جمعة، بـ"العمل الإرهابي"، وطالب الأجهزة الأمنية بسرعة فتح تحقيق في الحادث و"التعامل بكل قوة وحزم مع مرتكبي هذه الأعمال أياً كانت أسبابها وخلفياتها".
من جانبها، أكدت حكومة الوحدة أن الأجهزة الأمنية المختصة باشرت تحقيقاتها المكثفة لكشف ملابسات الحادث، وتوعدت بتعقب الجناة، مضيفة أنها لن تتهاون مع أي محاولات تستهدف أمن الدولة أو تهدد استقرار البلاد، وتشدد على استمرار جهودها في بذل كل المساعي لتعزيز الأمن وفرض سيادة القانون.
فما الرسالة التي تحملها حادثة محاولة اغتيال وزير بحكومة الدبيبة في هذا التوقيت؟
عمل ممنهج ومخطط
وأكد مقرر المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، بلقاسم دبرز أن "القضاء فقط المختص بالحكم في هذه القضايا بعيدا عن التلويح بالاتهامات الشخصية التى يختص بها القضاء والجهات الأمنية، لكن ما حدث هو عملية إرهابية كاملة لمحاولة اغتيال الوزير وليست الأولى فقد سبقها حادث مماثل من حوالى سنة وأكثر".
وقال في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إن "مثل هذه الحوادث تستهدف ضرب الاستقرار والهدوء والأمن الذى تنعم به العاصمة طرابلس والذي نشهد تحسنه بنسب عالية، وف تقديري مثل هذه الوحشية ليست لأسباب شخصية وإنما هو عمل ممنهج مخطط له يستهدف ضرب أمن الدولة أولا لكى يظهر الحكومة بالضعف والفشل والتفكك"، وفق قوله.
وتابع: "وثانيا لبث رسائل أن العاصمة غير آمنة ولا تصلح أن تستضيف البعثات الدبلوماسية والسفارات وشركات الطيران وغيرها، إذا هي أجندة مدروسة وممنهجة قبل الشخصنة التي بالتأكيد يجب وضعها في الحسبان أيضا"، كما صرح.
تصفية جمعة سياسيا وجسديا
في حين رأى الأكاديمي الليبي، عماد الهصك أن "محاول اغتيال وزير الدبيبة "عادل جمعة" تدل على مؤشرات عديدة منها أن الوضع الأمني في العاصمة زاد هشاشة، وأن وتيرة الخصومة بين وزراء حكومة الدبيبة بدأت ترتفع، ودائرة الولاءات أصبحت تضيق، والرغبة في إقصاء بعض حلفاء الأمس أضحت واضحة".
وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "هناك وزراء هم أكثر قربًا من الدبيبة لجؤوا إلى إقصاء المشكوك في ولائهم من الوزراء وقد يصل الأمر إلى التصفية الجسدية، رأينا محاولات اغتيال سبقت هذه الحادثة وهي تأتي في نفس السياق، منها محاول اغتيال عبد الحميد امليقطة، وأعتقد أن تحركات جمعة قبل هذه الحادثة كانت مثارًا للشكوك لدى الدبيبه والمحيطين به"، بحسب كلامه.
وأضاف: "قد تكون هذه الحادثة تحذيرًا لهذا الوزير المارق عن سيده، فهو لن يكون بعدها كما كان قبلها، فلن يكون ضمن دائرة صنع القرار، وعادل جمعة شخصية تبحث عن الاستمرار في المنصب والبقاء فيه مهما كلف الأمر، فقد يصل به الأمر إلى أن يتحالف مع أعداء الأمس، وهذا ما استشعره الدبيبة، فهناك وعود لجمعة من أطراف إقليمية ومحلية بتولي رئاسة مؤسسة النفط وهو أمر لا يروق الدبيبة ولكثير من المحيطين به وحلفائهم من التشكيلات المسلحة"، وفق تقديره ومعلوماته.
أطراف خارج الحكومة
لكن المحلل السياسي الليبي، وسام عبدالكبير قال من جانبه إن "الحادثة تحمل رسالة سياسية كون المجني عليه يحظى بموقع مهم جدا في إدارة ديوان رئاسة الوزراء، وهي محاولة إعطاء مؤشر على عدم الاستقرار الأمني في العاصمة".
وأوضح أن "هذه المحاولة قد تكون رسالة تحذير لباقي الوزراء من أجل أخذ الترتيبات الأمنية اللازمة، حيث أن غالبيتهم حركتهم عادية في التنقل دون أي إجراءات أمنية خاصة، وفي تقديري إن محاولة الاغتيال تقف خلفها أطرافا من خارج الحكومة لها رسائل معينة ترغب في إيصالها ومنها توظيف الحدث سياسيا"، وفق تصريحه لـ"عربي21".