الجزيرة:
2025-03-31@22:50:20 GMT

الخليل المحتلة.. الحياة داخل قفص

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

الخليل المحتلة.. الحياة داخل قفص

إذا كانت الدعوات التي يباركها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإعادة استيطان غزة بعد احتلالها تحظى بكثير من اهتمام وسائل الإعلام الدولية، فإن الخليل في الضفة الغربية، محتلة فعليا وفي صمت، لتتحول المدينة -التي يفترض أن تكون جزءا من الدولة الفلسطينية– إلى أكبر مختبر للاحتلال والاستيطان الإسرائيلي، ويحيا سكانها داخل قفص، كما كتب موقع ميديا بارت في تقرير لمراسلته رشيدة العزوزي.

"أنظري، إنهم يراقبوننا. إذا تحدثتُ إليكم سأدفع الثمن" يقول أحمد (اسم مستعار) لمراسلة الموقع الفرنسي وهو يشتكي ما سماه "الحياة داخل قفص".

إنه لا يخشى المستوطنين فحسب وإنما أيضا الجنود الإسرائيليين الذين يتمركزون على بعد أمتار أعلى بيته وأدناه. "مرحبا بكم في قلب الكراهية؛ لقد ساء الوضع أكثر منذ السابع من أكتوبر"، يختتم أحمد شهادته قبل أن يغلق باب بيته على نفسه.

الكتابات الحائطية تشهد على صدق ما يقول، تكتب رشيدة العزوزي، فشعارات الكراهية مثل "الموت للعرب"، و"يجب إعادة احتلال غزة الآن" تملأ الحيطان والأبواب.

احتلال من الداخل

الخليل كبرى مدن الضفة المحتلة وأغناها، أعلنتها المنظمات الدولية غير الحكومية وناشطو السلام رمزا لنظام الآبارتايد الإسرائيلي.

الكاميرات وأبراج المراقبة والأسلاك الشائكة ونقاط المراقبة العسكرية تحاصر الخليل، التي تعد المدينة الفلسطينية الوحيدة المحتلة من الداخل، حيث يتجمع المستوطنون في وسطها، لا في المستوطنات أو البؤر الاستيطانية من حولها.

قُسمت المدينة في 1997 شطرين بعد توقيع ما عرف باتفاق الخليل (كان نتنياهو رئيس وزراء حينها أيضا): H1 وهو تحت سيطرة فلسطينية ويمثل 80% من مساحتها وH2 وتحتله إسرائيل ويتشكل من القلب التاريخي للمدينة، الذي يعود إلى العصرين المملوكي والعثماني.

هنا "يعكر 800 مستوطن متطرف على 35 ألف فلسطيني صفو حياتهم، في حماية ألفي جندي إسرائيلي"، كما يلخص الوضع لمراسلة موقع ميديا بارت ناشطُ سلام إسرائيلي.

وهنا يخضع الفلسطينيون -تضيف المراسلة- أصحاب المكان للقانون العسكري، بينما يخضع الإسرائيلي المحتل للقانون المدني الإسرائيلي، كما وثقته كثير من المنظمات غير الحكومية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية وبينها "كاسروا الصمت".

في البلدة القديمة، شطر الاحتلال الحرم الإبراهيمي (وقد كان مكان عبادة إسلاميا خالصا) نصفين ليُشيَّد كنيس يفوق المسجد الأصلي مساحة، بعد المجزرة التي نفذها باروخ جولدشتاين، المتطرف اليهودي الذي قتل 29 فلسطينيا في 1994.

صلاة تحت الحراب

إلى الكنيس يأتي المستوطنون اليهود للصلاة مدججين بالسلاح، ليدخلوه عبر منطقة السيطرة الإسرائيلية، بينما يكون عبور الفلسطينيين حصرا عبر المنطقة H1، من خلال بوابات ونقاط تفتيش، تنتهي هي الأخرى بمزيد من التدقيق الأمني المهين عند مدخل الحرم نفسه.

يعيش أحمد قرب شارع الشهداء في البلدة القديمة من حيث الطريق إلى قبر النبي إبراهيم عليه السلام.

كان الشارع مهد الانتفاضة الأولى، وكان يعج بالحياة لكن اسمه انقلب إلى "شارع الآبارتيد" بعدما أفرغ من سكانه الفلسطينيين بسبب مجزرة باروخ غولدستاين.

في البلدة القديمة التوتر على أشده، لكن الوضع أنكى وأمر منذ طوفان الأقصى.

كاميرات التعرف على الوجه في كل مكان، والجيش فرض على السكان حظر تجول تاما قبل أن يرخي قبضته قليلا.

الحياة والموت

وفيما تعج المنطقة H2 بالحياة والضوضاء، يخيم الموت على المنطقة H1: الشوارع مقفرة والبيوت والنوافذ والأبواب محمية بالقضبان الحديدية والشبابيك والطوب للاحتماء من حجارة ونفايات (وحتى بول) المستوطنين الذين أخذوا يستقرون في البلدة القديمة مطلع 1970.

"التنقل صعب للغاية.. نقاط التفتيش تملأ المكان، ومشوار قصير للتبضع أو الذهاب إلى المدرسة أو العمل في H1 قد يستغرق منك ساعات"، يقول ساكن يفكر الآن جديا في مغادرة المنطقة بعد أن عاهد نفسه على "المقاومة" والتصدي لاعتداءات وبصاق جيرانه من المستوطنين.

"بيوتنا سجن. إن كان منزلك يطل على شارع ممنوع على العرب، يغلقه الجيش عليك، عليك تدبر أمرك عبر السطوح إن أردت التنقل" يضيف ساكن آخر.

تدعي إسرائيل أن الضفة المحتلة أرض إسرائيلية بشهادة التوراة، وتسميها "يهودا والسامرة".

"نحن لا نستوطن الخليل" يشرح مستوطن لبضعة جنود التحقوا بالجيش الإسرائيلي حديثا وهو يقدم لهم درسا في التاريخ من أعلى إحدى البنايات: "إننا نسترجع فقط الأرض التي وعدنا بها الرب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی البلدة القدیمة

إقرأ أيضاً:

القوى التي حررت الخرطوم- داخل معادلة الهندسة السياسية أم خارج المشهد القادم؟

هندسة المشهد- بين العودة العسكرية لحكومة الأمر الواقع والتحدي السياسي للقوى المدنية
بعد أشهر من سيطرة قوات الدعم السريع على العاصمة الخرطوم، تسعى حكومة الأمر الواقع (المجلس العسكري والحكومة الموالية له) لاستعادة السيطرة بعمليات عسكرية وأمنية مدروسة، إلى جانب تحركات سياسية لمواجهة القوى المدنية المعارضة التي تطمح إلى العودة كبديل سياسي عن هيمنة العسكر. فكيف يتم هندسة هذا المشهد؟ وما هي الأدوات المتاحة لكل طرف؟
أولاً: الاستراتيجية العسكرية لاستعادة الخرطوم
أعتمد حكومة الأمر الواقع على نهج متعدد الأبعاد، يجمع بين القوة الصلبة (العمليات العسكرية) والقوة الناعمة (الحرب النفسية والاستخبارات)، وذلك عبر:
العمليات العسكرية النوعية
حرب الشوارع المحدودة: استهداف معاقل الدعم السريع في مناطق استراتيجية مثل كافوري، شرق النيل، وأم درمان.
تطهير المحاور الرئيسية: تأمين جسر المك نمر، شارع الستين، ومطار الخرطوم.
استخدام وحدات النخبة: تنفيذ عمليات خاصة للقوات الخاصة والمظلات لضرب نقاط الارتكاز دون معارك طويلة الأمد.
حرب الاستنزاف اللوجستي - قطع خطوط الإمداد بين الخرطوم وولايات دارفور وكردفان.
استهداف مخازن الذخيرة والأسلحة بغارات جوية أو عمليات كوماندوز.
تعطيل الاتصالات لشل التنسيق بين عناصر الدعم السريع.

التغطية الجوية والمدفعية -إن أمكن، استخدام الطيران الحربي لقصف مواقع الدعم السريع.
الاعتماد على المدفعية بعيدة المدى لضرب التجمعات العسكرية دون خسائر مباشرة.

الأدوات الأمنية والاستخباراتية
الحرب النفسية والإعلامية - نشر أخبار عن انهيار معنويات الدعم السريع، وتسليط الضوء على الفظائع المنسوبة له لتبرير العمليات العسكرية.
الاستخبارات والتجسس- اختراق صفوف الدعم السريع، تجنيد عناصر منه، ونشر الشائعات لزعزعة التحالفات الداخلية.
التحالفات المجتمعية- استمالة القبائل والعائلات المتضررة، وتشكيل لجان مقاومة موالية للحكومة لتعويض نقص القوات.
ثانيًا: القوى المدنية والتحدي السياسي
في المقابل، تسعى القوى المدنية المعارضة لإعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي، لكنها تواجه معضلة العمل وسط مشهد عسكري معقد. استراتيجياتها تشمل:
أدوات المواجهة المدنية
الضغط الشعبي والمقاومة المدنية:
تنظيم التظاهرات والإضرابات لاستعادة زخم الحراك الثوري.
تشكيل لجان مقاومة موحدة على مستوى الأحياء.
تنظيم حملات عصيان مدني (إضرابات عامة، مقاطعة مؤسسات النظام).
البناء المؤسسي البديل- تعزيز دور تجمع المهنيين السودانيين كإطار سياسي تمثيلي.
تفعيل دور النقابات والاتحادات المستقلة.
إنشاء هياكل حكم محلي بديلة في المناطق غير الخاضعة للسلطة العسكرية.
كسب الدعم الإقليمي والدولي -
تعزيز العلاقات مع الدول الداعمة للديمقراطية.
الضغط على المنظمات الدولية لعزل النظام.
توثيق الانتهاكات لكسب الرأي العام العالمي.

المعضلات الرئيسية أمام القوى المدنية
الشرعية مقابل القوة: تمتلك الشرعية الثورية لكنها تفتقر للأدوات التنفيذية.
الوحدة مقابل الانقسامات: تعاني من تشرذم داخلي بين مكوناتها المختلفة.
المشاركة السياسية مقابل المقاطعة: جدل مستمر حول الانخراط في أي عملية تفاوضية تحت إشراف العسكر.

ثالثًا: السيناريوهات المحتملة
سيناريو الحسم العسكري
إذا نجحت القوات الحكومية في عزل الدعم السريع واستعادة الخرطوم بالقوة، فقد يؤدي ذلك إلى فرض واقع سياسي جديد، لكنه سيكون مكلفًا بشريًا واقتصاديًا.

سيناريو حرب الاستنزاف
قد تتحول المعركة إلى مواجهة طويلة الأمد، تعتمد فيها الحكومة على الحصار والتجويع الاقتصادي، بينما يواصل الدعم السريع حرب العصابات.

سيناريو التسوية السياسية
قد تسفر العمليات العسكرية عن استعادة جزئية للعاصمة بسبب امدرمان وبعض المناطق خارج سيطرة الجيش ، مما يفتح الباب لمفاوضات مشروطة، خاصة إذا تعرضت البلاد لضغوط إقليمية ودولية.

سيناريو انهيار القوى المدنية
إذا استمرت الخلافات بين القوى المدنية، فقد تتحول إلى معارضة رمزية غير مؤثرة، مما يسمح باستمرار الهيمنة العسكرية.
معركة الإرادات بين العسكر والمدنيين
أن الصراع على الخرطوم ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل معركة إرادات بين القوى العسكرية والقوى المدنية. في حين تعتمد الحكومة على مزيج من القوة الصلبة والأدوات الأمنية، تواجه المعارضة المدنية تحديات
تتطلب إعادة ترتيب صفوفها واستراتيجية متماسكة. في النهاية، يبقى مستقبل السودان مرهونًا بقدرة كل طرف على فرض رؤيته أو الوصول إلى تسوية تضمن استقرارًا طويل الأمد دون إعادة إنتاج الحكم العسكري.

zuhair.osman@aol.com

   

مقالات مشابهة

  • الخرطوم هي العاصمة العربية التي هزمت أعتى مؤامرة
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدة عناتا شمال شرق القدس المحتلة
  • أستاذة أرفود التي تعرضت لهجوم همجي بين الحياة والموت
  • إيران تكشف عن القاعدة العسكرية التي ستضربها في حال تعرضها لهجوم أميركي
  • حماس تدين مصادقة العدو الإسرائيلي على مشروع استيطاني جديد
  • حكومة العدو الصهيوني تقر طرقاً استيطانية تعزز فصل شمال الضفة عن جنوبها
  • حكومة الاحتلال تقر طرقاً استيطانية تعزز فصل شمال الضفة عن جنوبها
  • لإنهاء حل الدولتين.. الكابينت الإسرائيلي يضم معاليه أدوميم إلى القدس
  • الاحتلال الإسرائيلي يستولي على 52 ألف دونم في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر
  • القوى التي حررت الخرطوم- داخل معادلة الهندسة السياسية أم خارج المشهد القادم؟