‏تمتلك مصر ثروة صناعية وتجارية واستثمارية من بقايا إرث اقتصادى عظيم لمصر خلال المائة عام الماضية، والتى بدأت فى فترة قبل الثورة حتى تم تأميم عدد من الشركات والمصانع، ومن ثم تمت مضاعفة هذه القوة لأكثر من مرة أثناء الفترة الناصرية والتى أسهمت فى بناء مصر ما بعد الثورة، وخلال الثلاثين عاماً الماضية، ‏كافحت مصر لتطوير قطاعها الإنتاجى والاستثمارى لتتحول شركات هيئات القطاع العام إلى قطاع الأعمال العام فى التسعينات فى تجربة تحول أشهد أنها كانت ذكية فى تلك الفترة لإخراج القطاع العام من مظلة القوانين الحكومية الثقيلة والمحددة للقدرات إلى مساحة أكبر للتطوير والانطلاق كان يصعب معها خلخلة الوضع الاقتصادى والعمل خارج الصندوق، وأشهد أننى كنت أحد من عاصروا تلك الفترة الصعبة التى كنت اخترت فيها فى منتصف التسعينات أن تكون رسالة الدكتوراه والماجستير الخاصة بى فى جامعة السوربون فى فرنسا أن تكون فى دراسة لأكبر تحدٍ اقتصادى كان يواجه مصر فى تلك الفترة فى التسعينات وهو تطوير القطاع العام، وكنت شاهداً على حراك جبار لإخراج 317 شركة بها 2 مليون عامل حيث تم العمل بذكاء وجهد وعرق من خلال مئات من اللقاءات والمشاورات الإدارية والعلمية وورش العمل مع المؤسسات الدولية وباستيراد خبرات مصرية مهاجرة مع التعرف على تجارب أكثر من 100 دولة حتى تمت التجربة بنجاح بشهادة المؤسسات الدولية بتصميم المنظومة بالكامل، وخرج قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 التى فيها تحولت هيئات القطاع العام إلى شركات قابضة، وتم حل الوزارات ليحل محلها وزارة واحدة تحمل ثقل وهموم إصلاح وتطوير الشركات القابضة والتابعة.

وفى يناير 2024، أطلقت مصر وثيقة «التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى» تضم 8 محاور تشمل رفع معدلات النمو الاقتصادى وتحقيق نهضة مصر، وتطوير السياسات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار للاقتصاد الكلى، ودفع دور القطاعات الاقتصادية فى قيادة النهضة، وتحقيق اقتصاد تنافسى قائم على المعرفة، وحياة ترقى لطموحات المصريين وانطلاق مصر بشكل رائد فى الاقتصاد العالمى، خلال الأعوام الستة القادمة (2024-2030)، تحت فترة رئاسة جديدة للرئيس عبدالفتاح السيسى، ستحاول فيها القيادة بكل قوة وإيمان تحدى تأثيرات الأزمات الدولية الخارجية من أزمات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات الحرب على غزة، ووسط كل هذه التحديات، أطلق السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى حلم مصر الحديثة، «حلم الـ100 مليار صادرات» لتصل صادرات مصر اليوم إلى حاجز 50 مليار دولار مقارنة بفقط 30 مليار دولار فى 2018، بنسبة ارتفاع قدرها 77.8%، وهو إنجاز مصر قادرة على تحقيقه مستقبلاً.

‏ أؤمن شخصياً بأن شركات قطاع الأعمال العام التى تقدر أصولها بأكثر من تريليون جنيه وفق بعض التقديرات الاقتصادية من عقارات وفنادق ومبانٍ وأراضٍ شاسعة فى عدد كبير من محافظات مصر تمثل ثروة كبيرة لمصر الفترة المقبلة فى ظل التوجهات الاستراتيجية والتنموية لمصر لتعظيم الأصول وتجاوز التحديات وتوطين الصناعة وإحلال المنتج المحلى بدل المستورد، حيث يمتلك السيد الوزير المهندس محمود عصمت رؤية وتوجه الدولة لفتح المجال للقطاع الخاص للشراكة والتوسع فى إدخال الاستثمارات الخارجية لاسيما فى الصناعات والشركات الاستراتيجية فى هذا القطاع وبالأخص فى الصناعات الهندسية والمعدنية، وأشهد أن هذا الرجل يعتمد على قادة مخلصين وأصحاب خبرة ورؤية فى تطوير الشركات والقطاع مثل المهندس محمد السعداوى العضو المنتدب التنفيذى للشركة القابضة للصناعات المعدنية، وقيادات أخرى تنفذ رؤية وهدفاً لا مجال للحيد عنه وهو التطوير والتطوير والتطوير المستمر فى قطاع الأعمال العام ليكون من ركائز التنمية الاقتصادية.

‏وبصفتى أحد مَن عمل فى دراسة قطاع الأعمال العام خلال الثلاثين عاماً الماضية، وأحد المهتمين القريبين جداً من هذا القطاع، أجد أنه لا مفر اليوم من ثلاثة محاور لتطوير هذا القطاع.

‏أولا: التطوير الإدارى؛ الذى لا بد أن يعتمد على مدرسة وملكة إدارية وفطنة ورؤية لا تتم إلا من خلال الهيكلة والتطوير مع العمال أنفسهم من خلال التقاط العناصر الشابة التى تمتلك فكرة العمل خارج الصندوق، وتصعيدها ووضعها فى مراكز قيادية وزرعها فى أماكن ووحدات التغيير يستطيعون معها أن يقوموا بما يعرف بتأثير الدومينو بما يعنى انتقال الفكر وثقافة التغيير من الأعلى إلى الأسفل، مع عدم إغفال دور الكتلة الحرجة critical mass التى لا بد أن يكونها المدير أو رئيس الشركة من العمال المؤمنين بالتغيير لالتفاف العمال حوله بكل رضا ومحبة حتى يستطيع أن ينفذ بها رؤية التطوير، مع عدم التهاون فى تهميش واستبعاد العناصر غير المفيدة بأسلوب ذكى وإدارى وقانونى واجتماعى لا يضر بأى طرف، لأن الشركة نسيج واحد، ولأن الوطن أسمى هدف والنمو الاقتصادى طريق لا محالة من أن نسلكه معاً.

‏ثانياً: تطبيق معايير الجودة، وهو محور لا مفر منه حتى يمكن الارتقاء بالمنظومة الإنتاجية وتطبيق معايير ووضوح الأهداف KPIs وأيضاً بجعل العمال جزءاً من منظومة الجودة.

ثالثاً: البعد الاقتصادى الدولى بالخروج من الصندوق المحلى؛ ومؤمن شخصياً أنه لا مفر من استيراد الكفاءات المصرية الخارجية للتعامل مع العالم الخارجى حيث إنه لا أمل فى انطلاقة إلا بإدخال خبرات ودماء جديدة إدارية دولية، من أجل استقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة لهذا القطاع، ورغم كل ما يمكن أن يقال عن فقر إمكانيات قطاع الأعمال العام، إلا أننى مؤمن شخصياً بأن هناك مخارج وحلولاً كثيرة لإدخال الشركات الدولية فى استثمارات دولية ومشاركتها فى الاستغلال الأمثل والحديث للطاقة الكاملة والكامنة فى قطاع الأعمال العام الذى يمتلك مكامن كبيرة.

‏يمكن أن نقدم ونختلف على الكثير من الروشتات لتطوير الصناعة وتطوير قطاع الأعمال العام، ويمكن أن نطرح الكثير والكثير من الحلول، ولكن لا يمكن أن نختلف على ثلاثة أشياء، وهى الثروة والخبرات العمالية التى تمتلكها شركات قطاع الأعمال العام، وأشهد من خلال ثلاثين عاماً أنها خبرات عملية وإدارية وطنية مخلصة تحب وتعشق تراب هذا البلد، ويمكن أن تعطى عمرها إذا توفرت لها القيادة الرشيدة المخلصة على مستوى الشركات، وإذا استفادت تلك الإدارات من الدعم الذى يقدمه السيد المهندس وزير قطاع الأعمال العام والقيادات فى الوزارة للشركات القابضة والتابعة، لا يمكن أن نختلف ثانياً أن قطاع الأعمال العام يمكن أن يمثل قاطرة وطنية مخلصة ورشيدة للتنمية لمصر، ولا محالة من الخروج بالقطاع للعالم الخارجى من خلال استقطاب كفاءات خارجية، وثالثاً لا يمكن أن نختلف على أنه لا استحالة للتطوير والتغيير، وأن مصر الجديدة قادرة وقادمة فى التغيير، وأنه كما قيل فى الماضى إن بلد العمال والفلاحين لا يمكن لها أن تعبر خط بارليف المنيع، فقد عبر وانتصر العمال والفلاحون، وأذهلوا العالم.

‏وأخيراً، مصر ليست فى تحدٍ اقتصادى جديد لتطوير قطاع الأعمال العام، ولكن مصر بالفعل ماضية فى الفترة الرئاسية الجديدة على تطوير وتحقيق انطلاقة لقطاع الأعمال العام الوطنى الرشيد.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قطاع الأعمال الصناعات المعدنية قطاع الأعمال العام القطاع العام هذا القطاع یمکن أن لا یمکن من خلال

إقرأ أيضاً:

تباطؤ اقتصادي حاد في روسيا مع تراجع أسعار النفط

كشفت "إيكونوميست" أن الاقتصاد الروسي يشهد تباطؤًا ملحوظًا بعد سنوات من الأداء القوي المفاجئ، حيث توضح المؤشرات أن نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي تراجع من نحو 5% إلى الصفر منذ نهاية العام الماضي، وفقًا لمؤشر أعده بنك "غولدمان ساكس".

وبحسب المجلة، سجل كل من بنك التنمية الروسي "في إي بي" (VEB) والمؤشرات -التي تصدرها "سبيربنك" أكبر البنوك الروسية- اتجاهات مماثلة تظهر انخفاض النشاط الاقتصادي.

وأقرت الحكومة الروسية ضمنيًا بوجود تراجع، حيث أشار البنك المركزي مطلع أبريل/نيسان إلى "انخفاض الإنتاج في عدد من القطاعات بسبب تراجع الطلب".

تباطؤ بعد 3 سنوات من الصمود

جاء هذا التباطؤ بعد 3 سنوات من مقاومة الاقتصاد الروسي للعقوبات الغربية والتوقعات السلبية، مدعومًا بارتفاع أسعار السلع الأساسية والإنفاق العسكري المكثف.

ففي أعقاب اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، توقّع محللون انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 15%، إلا أن الانكماش الفعلي لم يتجاوز 1.4% في ذلك العام، تلاه نمو بنسبة 4.1% عام 2023 و4.3% العام الماضي.

ومع تحسن توقعات التسوية في الحرب بفضل الموقف الأميركي الجديد، كانت بعض التقديرات تتوقع تسارع الاقتصاد الروسي هذا العام، غير أن الواقع جاء مغايرًا.

إعلان عوامل رئيسية وراء التباطؤ

وأوضحت "إيكونوميست" أن 3 عوامل رئيسية تفسر هذا التباطؤ المفاجئ:

أولًا: التحول الهيكلي للاقتصاد، إذ تحولت روسيا إلى اقتصاد حربي موجه نحو الشرق منذ عام 2022، مما تطلب استثمارات ضخمة في الصناعات العسكرية وسلاسل الإمداد مع الصين والهند. وارتفع الإنفاق الاستثماري الحقيقي بنسبة 23% منتصف 2024 مقارنة بنهاية 2021. ومع اكتمال هذا التحول، بدأ أثره على النمو بالتراجع. ثانيًا: السياسة النقدية المشددة، حيث تجاوز التضخم السنوي هدف البنك المركزي البالغ 4% ووصل إلى أكثر من 10% في فبراير/شباط ومارس/آذار 2025، مدفوعًا بإنفاق عسكري جامح ونقص اليد العاملة نتيجة التجنيد والهجرة. وردًا على ذلك، أبقى المركزي الروسي سعر الفائدة الأساسي عند مستوى 21% المرتفع جدًا منذ أوائل العقد الأول من القرن الحالي. ثالثًا: تدهور الظروف الخارجية، خاصة مع تصاعد الحرب التجارية التي قادها الرئيس الأميركي. فقد تراجعت توقعات النمو العالمي وانخفضت أسعار النفط، مما وجه ضربة قاسية للاقتصاد الروسي الذي يعتمد بشكل كبير على صادرات الطاقة.
وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني لعام 2025 من 4.6% إلى 4%، مما زاد من المخاوف الروسية نظرًا لاعتماد موسكو على مبيعات النفط إلى بكين. تداعيات الحرب التجارية وأسعار الطاقة تضغط على الأسواق والمالية العامة الروسية (غيتي) أثر مباشر على الإيرادات والأسواق

وذكرت "إيكونوميست" أن أسعار النفط المنخفضة أثرت سلبًا على سوق الأسهم الروسية، حيث فقد مؤشر "موكس" (MOEX) حوالي 10% من ذروته الأخيرة، في وقت تراجعت فيه عائدات الضرائب على النفط والغاز بنسبة 17% على أساس سنوي في مارس/آذار.

وبحسب وثائق رسمية أوردتها وكالة رويترز يوم 22 أبريل/نيسان، تتوقع الحكومة الروسية انخفاضًا حادًا في عائدات مبيعات النفط والغاز هذا العام.

إعلان

واختتمت المجلة البريطانية تقريرها بالإشارة إلى أن السياسات الحمائية للرئيس الأميركي، رغم وده الظاهري تجاه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، قد وجّهت ضربة مؤلمة لاقتصاد روسيا المنهك.

مقالات مشابهة

  • مش مطمني خالص ..عمرو أديب يعلق على مستوى الأهلي في الفترة الأخيرة
  • رؤساء جمعيات المستثمرين: «الضرائب» تعزز الثقة مع مجتمع الأعمال بأول حزمة تسهيلات
  • د. حسن محمد صالح يكتب: مجزرة صالحة (ما بضولا نار)
  • تاريخ عريق وتطوير مستمر.. ممفيس للأدوية تصدر منتجاتها لـ30 دولة
  • إطلاق منح دراسية لتطوير مهارات الكوادر السعودية
  • البحيرة: تعرف على الأحوزة العمرانية التى تم اعتمادها خلال الفترة الماضية
  • 5.13 مليار درهم أرباح «أبوظبي الأول» خلال الربع الأول بنمو 23%
  • تباطؤ اقتصادي حاد في روسيا مع تراجع أسعار النفط
  • من هم الذين ستطالهم “العقوبات السعودية” في موسم الحج هذا العام 
  • كيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان أن يعيشوا معهم بسلام