د. عمرو صالح يكتب: مصر في تحدٍّ اقتصادي جديد لتطوير قطاع الأعمال العام
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
تمتلك مصر ثروة صناعية وتجارية واستثمارية من بقايا إرث اقتصادى عظيم لمصر خلال المائة عام الماضية، والتى بدأت فى فترة قبل الثورة حتى تم تأميم عدد من الشركات والمصانع، ومن ثم تمت مضاعفة هذه القوة لأكثر من مرة أثناء الفترة الناصرية والتى أسهمت فى بناء مصر ما بعد الثورة، وخلال الثلاثين عاماً الماضية، كافحت مصر لتطوير قطاعها الإنتاجى والاستثمارى لتتحول شركات هيئات القطاع العام إلى قطاع الأعمال العام فى التسعينات فى تجربة تحول أشهد أنها كانت ذكية فى تلك الفترة لإخراج القطاع العام من مظلة القوانين الحكومية الثقيلة والمحددة للقدرات إلى مساحة أكبر للتطوير والانطلاق كان يصعب معها خلخلة الوضع الاقتصادى والعمل خارج الصندوق، وأشهد أننى كنت أحد من عاصروا تلك الفترة الصعبة التى كنت اخترت فيها فى منتصف التسعينات أن تكون رسالة الدكتوراه والماجستير الخاصة بى فى جامعة السوربون فى فرنسا أن تكون فى دراسة لأكبر تحدٍ اقتصادى كان يواجه مصر فى تلك الفترة فى التسعينات وهو تطوير القطاع العام، وكنت شاهداً على حراك جبار لإخراج 317 شركة بها 2 مليون عامل حيث تم العمل بذكاء وجهد وعرق من خلال مئات من اللقاءات والمشاورات الإدارية والعلمية وورش العمل مع المؤسسات الدولية وباستيراد خبرات مصرية مهاجرة مع التعرف على تجارب أكثر من 100 دولة حتى تمت التجربة بنجاح بشهادة المؤسسات الدولية بتصميم المنظومة بالكامل، وخرج قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 التى فيها تحولت هيئات القطاع العام إلى شركات قابضة، وتم حل الوزارات ليحل محلها وزارة واحدة تحمل ثقل وهموم إصلاح وتطوير الشركات القابضة والتابعة.
وفى يناير 2024، أطلقت مصر وثيقة «التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى» تضم 8 محاور تشمل رفع معدلات النمو الاقتصادى وتحقيق نهضة مصر، وتطوير السياسات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار للاقتصاد الكلى، ودفع دور القطاعات الاقتصادية فى قيادة النهضة، وتحقيق اقتصاد تنافسى قائم على المعرفة، وحياة ترقى لطموحات المصريين وانطلاق مصر بشكل رائد فى الاقتصاد العالمى، خلال الأعوام الستة القادمة (2024-2030)، تحت فترة رئاسة جديدة للرئيس عبدالفتاح السيسى، ستحاول فيها القيادة بكل قوة وإيمان تحدى تأثيرات الأزمات الدولية الخارجية من أزمات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات الحرب على غزة، ووسط كل هذه التحديات، أطلق السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى حلم مصر الحديثة، «حلم الـ100 مليار صادرات» لتصل صادرات مصر اليوم إلى حاجز 50 مليار دولار مقارنة بفقط 30 مليار دولار فى 2018، بنسبة ارتفاع قدرها 77.8%، وهو إنجاز مصر قادرة على تحقيقه مستقبلاً.
أؤمن شخصياً بأن شركات قطاع الأعمال العام التى تقدر أصولها بأكثر من تريليون جنيه وفق بعض التقديرات الاقتصادية من عقارات وفنادق ومبانٍ وأراضٍ شاسعة فى عدد كبير من محافظات مصر تمثل ثروة كبيرة لمصر الفترة المقبلة فى ظل التوجهات الاستراتيجية والتنموية لمصر لتعظيم الأصول وتجاوز التحديات وتوطين الصناعة وإحلال المنتج المحلى بدل المستورد، حيث يمتلك السيد الوزير المهندس محمود عصمت رؤية وتوجه الدولة لفتح المجال للقطاع الخاص للشراكة والتوسع فى إدخال الاستثمارات الخارجية لاسيما فى الصناعات والشركات الاستراتيجية فى هذا القطاع وبالأخص فى الصناعات الهندسية والمعدنية، وأشهد أن هذا الرجل يعتمد على قادة مخلصين وأصحاب خبرة ورؤية فى تطوير الشركات والقطاع مثل المهندس محمد السعداوى العضو المنتدب التنفيذى للشركة القابضة للصناعات المعدنية، وقيادات أخرى تنفذ رؤية وهدفاً لا مجال للحيد عنه وهو التطوير والتطوير والتطوير المستمر فى قطاع الأعمال العام ليكون من ركائز التنمية الاقتصادية.
وبصفتى أحد مَن عمل فى دراسة قطاع الأعمال العام خلال الثلاثين عاماً الماضية، وأحد المهتمين القريبين جداً من هذا القطاع، أجد أنه لا مفر اليوم من ثلاثة محاور لتطوير هذا القطاع.
أولا: التطوير الإدارى؛ الذى لا بد أن يعتمد على مدرسة وملكة إدارية وفطنة ورؤية لا تتم إلا من خلال الهيكلة والتطوير مع العمال أنفسهم من خلال التقاط العناصر الشابة التى تمتلك فكرة العمل خارج الصندوق، وتصعيدها ووضعها فى مراكز قيادية وزرعها فى أماكن ووحدات التغيير يستطيعون معها أن يقوموا بما يعرف بتأثير الدومينو بما يعنى انتقال الفكر وثقافة التغيير من الأعلى إلى الأسفل، مع عدم إغفال دور الكتلة الحرجة critical mass التى لا بد أن يكونها المدير أو رئيس الشركة من العمال المؤمنين بالتغيير لالتفاف العمال حوله بكل رضا ومحبة حتى يستطيع أن ينفذ بها رؤية التطوير، مع عدم التهاون فى تهميش واستبعاد العناصر غير المفيدة بأسلوب ذكى وإدارى وقانونى واجتماعى لا يضر بأى طرف، لأن الشركة نسيج واحد، ولأن الوطن أسمى هدف والنمو الاقتصادى طريق لا محالة من أن نسلكه معاً.
ثانياً: تطبيق معايير الجودة، وهو محور لا مفر منه حتى يمكن الارتقاء بالمنظومة الإنتاجية وتطبيق معايير ووضوح الأهداف KPIs وأيضاً بجعل العمال جزءاً من منظومة الجودة.
ثالثاً: البعد الاقتصادى الدولى بالخروج من الصندوق المحلى؛ ومؤمن شخصياً أنه لا مفر من استيراد الكفاءات المصرية الخارجية للتعامل مع العالم الخارجى حيث إنه لا أمل فى انطلاقة إلا بإدخال خبرات ودماء جديدة إدارية دولية، من أجل استقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة لهذا القطاع، ورغم كل ما يمكن أن يقال عن فقر إمكانيات قطاع الأعمال العام، إلا أننى مؤمن شخصياً بأن هناك مخارج وحلولاً كثيرة لإدخال الشركات الدولية فى استثمارات دولية ومشاركتها فى الاستغلال الأمثل والحديث للطاقة الكاملة والكامنة فى قطاع الأعمال العام الذى يمتلك مكامن كبيرة.
يمكن أن نقدم ونختلف على الكثير من الروشتات لتطوير الصناعة وتطوير قطاع الأعمال العام، ويمكن أن نطرح الكثير والكثير من الحلول، ولكن لا يمكن أن نختلف على ثلاثة أشياء، وهى الثروة والخبرات العمالية التى تمتلكها شركات قطاع الأعمال العام، وأشهد من خلال ثلاثين عاماً أنها خبرات عملية وإدارية وطنية مخلصة تحب وتعشق تراب هذا البلد، ويمكن أن تعطى عمرها إذا توفرت لها القيادة الرشيدة المخلصة على مستوى الشركات، وإذا استفادت تلك الإدارات من الدعم الذى يقدمه السيد المهندس وزير قطاع الأعمال العام والقيادات فى الوزارة للشركات القابضة والتابعة، لا يمكن أن نختلف ثانياً أن قطاع الأعمال العام يمكن أن يمثل قاطرة وطنية مخلصة ورشيدة للتنمية لمصر، ولا محالة من الخروج بالقطاع للعالم الخارجى من خلال استقطاب كفاءات خارجية، وثالثاً لا يمكن أن نختلف على أنه لا استحالة للتطوير والتغيير، وأن مصر الجديدة قادرة وقادمة فى التغيير، وأنه كما قيل فى الماضى إن بلد العمال والفلاحين لا يمكن لها أن تعبر خط بارليف المنيع، فقد عبر وانتصر العمال والفلاحون، وأذهلوا العالم.
وأخيراً، مصر ليست فى تحدٍ اقتصادى جديد لتطوير قطاع الأعمال العام، ولكن مصر بالفعل ماضية فى الفترة الرئاسية الجديدة على تطوير وتحقيق انطلاقة لقطاع الأعمال العام الوطنى الرشيد.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: قطاع الأعمال الصناعات المعدنية قطاع الأعمال العام القطاع العام هذا القطاع یمکن أن لا یمکن من خلال
إقرأ أيضاً:
خمسة شهداء فلسطينيين خلال الـ24 ساعة ومسؤول صهيوني يتحدث عن فجوات كبيرة بين الاحتلال وحماس
الثورة / متابعة
سقط عدد من الضحايا الأبرياء من المدنيين الفلسطينيين كشهداء وجرحى أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن في قطاع غزة؛ نتيجة استمرار العدو الصهيوني ارتكاب خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار بين كيان العدو الصهيوني وفصائل المقاومة في القطاع، منذ 19 يناير الماضي.
وفي هذا الصدد استشهد مواطن فلسطيني، مساء أمس الأحد، جراء قصف صهيوني استهدفه في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، ليرتفع عدد الشهداء في القطاع إلى خمسة خلال الـ24 ساعة الأخيرة.
وأفادت مصادر محلية، بأن طائرة مسيرة صهيونية استهدفت مواطنًا قرب دوار الكويت جنوب شرقي حي الزيتون ما أدى إلى استشهاده.
يذكر أن أربعة مواطنين، بينهم اثنان متأثران بإصابتهما استشهدوا، أمس الأحد، جراء التصعيد الصهيوني في قطاع غزة.
واستشهد الشاب أحمد أبو رواع متأثرًا بجروح أصيب بها، جراء قصف من مسيرات صهيونية على مركبة في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع أمس السبت.
كما استشهد المسن فايز الطويل (62 عامًا)، إثر قصف من مسيرة صهيونية في بلدة جحر الديك.
واستشهدت الشابة ندى عيسى متاثرة بإصابتها، في قصف منزلها في مخيم النصيرات وسط القطاع، لتلتحق بوالدها الشهيد الدكتور صلاح عيسى وشقيقها.
وفجر أمس، أطلقت دبابات العدو نار مكثف على طول محور صلاح الدين «فيلادلفيا» صوب المناطق الجنوبية لرفح، وكذلك صوب المناطق الشرقية لبلدة عبسان الكبيرة والجديدة شرقي خان يونس.
وانتشلت طواقم الإسعاف جثمان شهيد تعرض لقصف من مسيرة صهيونية أمس، في بلدة جحر الديك وسط القطاع.
وفي سياق متصل قال الدفاع المدني أن طواقمه نقلت جثامين 17 شهيدًا فلسطينيا، ممن تم دفنهم داخل أسوار مجمع الشفاء الطبي بغزة خلال حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة، مشيرًا أن من ضمن الشهداء ثمانية مجهولي الهوية.
وأوضح الدفاع المدني في بيان، أن طواقمه انتشلت جثامين سبعة شهداء من تحت أنقاض منزل لعائلة المناعمة غربي مدينة غزة.
من جهتها أعلنت مصادر طبية فلسطينية، أمس الأحد، وصول إلى مستشفيات قطاع غزة نحو 29 شهيدا (15 شهيدا انتشلت جثامينهم، و14 شهيدا جديدا)، و51 إصابة خلال الساعات الـ24 الماضية.
كما أشارت إلى ارتفاع في حصيلة الشهداء الفلسطينيين في قطاع غزة إلى 48,572، وحصيلة الإصابات إلى 112,032، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء العدوان الصهيو أمريكي في السابع من أكتوبر 2023، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
من جانبه قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن 80% من سكان قطاع غزة، لا يملكون الغذاء بانتظام، مؤكدا أن القطاع يعيش إحدى مراحل المجاعة، بسبب استمرار جيش العدو الصهيوني إغلاق المعابر.
وأوضح الإعلامي الحكومي في بيان، أن قطاع غزة يفتقد كل شيء بعد 15 يوما من وقف دخول المساعدات. ودعا المكتب الوسطاء التحرك لوقف جريمة العدو الصهيوني، بحق أكثر من مليوني شخص.
وأغلق جيش العدو الصهيوني جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مطلع مارس الحالي، لمنع دخول المساعدات الإنسانية، بعد تنصل العدو من اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، وسط تجاهل أمريكي وصمت دولي.
في غضون ذلك حذّرت بلدية غزة من خطورة الأوضاع الإنسانية والصحية في المدينة نتيجة استمرار العدو الصهيوني في إغلاق المعابر ومنع دخول الوقود ومصادر الطاقة اللازمة لتشغيل المرافق والخدمات الأساسية، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات التعسفية تهدد بتفاقم الأوضاع وقطع سبل الحياة والمياه في المدينة.
وقالت البلدية، في بيان صحفي إن العدو يواصل سياساته التعسفية عبر وقف إمدادات الوقود والطاقة وتهديده بوقف ضخ المياه من خط «مكروت»، الذي يُعد شريانًا رئيسيًا لتزويد المدينة بالمياه، حيث يغطي حاليًا نحو 70% من احتياجاتها اليومية.
وأكدت البلدية أن وقف مصادر الطاقة سيؤدي إلى حالة شلل شبه كامل في تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي، إلى جانب توقف العديد من الخدمات الحيوية الأخرى، مما يزيد من حجم الكارثة الإنسانية والصحية التي تعاني منها المدينة في ظل العدوان المستمر.
وأشارت إلى أن توقف خط «مكروت» سيؤدي إلى أزمة عطش خانقة في المدينة ويُهدد الحياة الإنسانية فيها ويؤدي إلى تدهور الصحة العامة وانتشار الأمراض.
ودعت بلدية غزة المؤسسات والهيئات الأممية والدولية إلى التدخل العاجل لإنقاذ الأوضاع الإنسانية المتدهورة في المدينة، والضغط على العدو الصهيوني لإلزامه باحترام القوانين والمواثيق الدولية، وضمان توفير مصادر الطاقة والمياه دون أية عوائق. فيما أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، أن أسرى سجن النقب يتعرضون لأسوأ أنواع المعاملة من قبل السجانين، حيث تعرضوا للقمع والضرب والأعيرة المطاطية أكثر من مرة خلال الأسبوع الماضي.
وأوضحت الهيئة في بيان صدر عنها، أمس الأحد، أن إدارة السجن تتعمد خلط الأسرى المصابين بمرض «سكابيوس» مع غير المصابين لنقل العدوى لهم كنوع من العقاب، إضافة إلى استغلال شهر رمضان للتضييق على الأسرى بشكل أكبر، بتقليص كمية الطعام ورداءة جودته.
سياسيًا صرّح مسؤول إسرائيلي، أمس الأحد، بأن الفجوات بين العدو الإسرائيلي وحركة حماس «لا تزال كبيرة»، مما يجعل التوصل إلى اتفاق قريب أمرًا غير مؤكد، بحسب وسائل إعلام العدو.
ونقلت هيئة البث العام الإسرائيلية عن المسؤول أن «التقدير السائد هو أن الضغط سيؤدي في النهاية إلى قبول حماس بمقترح جسر الفجوات»، لكنه شدد على أن ذلك «ليس مضمونًا على الإطلاق».