هل يكون 2024 عام الذكاء الاصطناعي المسؤول؟
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
يولاندا بوتي لودوفيكو ـ فيلاس دهار
اتسمت بداية عام 2024 بموجة من التكهنات بشأن مسار الذكاء الاصطناعي، التي تراوحت بين التفاؤل والـحَـذَر. من ناحية أخرى، نشأ إجماع واضح على حقيقة مفادها أن الذكاء الاصطناعي يعمل بالفعل على إعادة تشكيل التجربة الإنسانية. ولمواكبته، يجب أن تتطور البشرية.
من منظور أي شخص عايش صعود الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ربما تستجلب ثورة الذكاء الاصطناعي الشعور بأن أحداثها ليست جديدة عليه وأنه شهدها من قبل- وهي تستثير سؤالين جوهريين: هل من الممكن الحفاظ على الزخم الحالي من دون تكرار أخطاء الماضي؟ وهل يمكننا أن نخلق ذلك العالَـم حيث يتمكن الجميع، بما في ذلك 2.
يتطلب تسخير الذكاء الاصطناعي لتحقيق مستقبل عادل يتمحور حول الإنسان إيجاد أشكال جديدة وشاملة من الإبداع. لكن ثلاثة اتجاهات واعدة تزودنا بالأمل للعام المقبل.
أولا، يظل تنظيم الذكاء الاصطناعي يشكل أولوية عالمية قُـصـوى. فمن قانون الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي إلى الأمر التنفيذي الذي أصدره في أكتوبر 2023 الرئيس الأمريكي جو بايدن، استجاب أنصار الذكاء الاصطناعي المسؤول للالتزامات الطوعية من جانب شركات التكنولوجيا الكبرى باقتراحات سياسية تضرب بجذورها في مبادئ الإنصاف، والعدالة، والديمقراطية.
ويستعد المجتمع الدولي، بقيادة هيئة الأمم المتحدة الاستشارية الرفيعة المستوى المعنية بالذكاء الاصطناعي والتي أُنشِـئت حديثا (أحدنا، وهو دهار، عضو في هذه الهيئة) للدفع بعدد كبير من هذه المبادرات خلال العام المقبل، بدءا بتقريرها المؤقت حول إدارة الذكاء الاصطناعي لصالح البشرية.
علاوة على ذلك، قد يكون هذا هو العام المناسب لتفكيك غرف صدى الـنُـخَـب ورعاية كادر عالمي من المتخصصين الأخلاقيين في مجال الذكاء الاصطناعي. من خلال توسيع نطاق مبادرات مثل فرقة العمل الوطنية لموارد أبحاث الذكاء الاصطناعي- التي أنشأها قانون مبادرة الذكاء الاصطناعي لعام 2020 في الولايات المتحدة- وتوطين استراتيجيات التنفيذ بالاستعانة بأدوات مثل منهجية تقييم جاهزية اليونسكو، يصبح بوسع أطر الحوكمة الشاملة عالميا تشكيل الذكاء الاصطناعي في عام 2024.
على المستوى الوطني، من المتوقع أن ينصب التركيز على تنظيم المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي وتمكين صناع السياسات والمواطنين من مواجهة التهديدات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على المشاركة المدنية. وبينما تستعد مجموعة من البلدان تمثل أكثر من 40% من سكان العالم لإجراء انتخابات حاسمة هذا العام، تستلزم مكافحة الارتفاع الوشيك للمعلومات الخاطئة والمضللة اتخاذ تدابير استباقية. ويشمل هذا مبادرات لرفع مستوى الوعي العام، وتعزيز الثقافة الإعلامية الواسعة النطاق بين مختلف الفئات العمرية، ومعالجة الاستقطاب من خلال التأكيد على أهمية التعاطف والتعلم المتبادل.
وبينما تناقش الحكومات الدور الذي يضطلع به الذكاء الاصطناعي في المجال العام، من المرجح أن تؤدي التحولات التنظيمية إلى تجدد المناقشات حول استخدام تكنولوجيات ناشئة لتحقيق أهداف سياسية مهمة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك استخدام الهند للذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة خطوط السكك الحديدية ونظام الدفع الرقمي المعتمد على الذكاء الاصطناعي في البرازيل.
في عام 2024، من المتوقع أن تستكشف كيانات مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دمج تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في البنية الأساسية العامة الرقمية. ومن الممكن أن تعمل مبادرات وضع المعايير، مثل ميثاق الأمم المتحدة الرقمي العالمي المقبل، كأطر لأصحاب المصلحة المتعددين لتصميم البنية الأساسية العامة الرقمية. يجب أن تركز هذه الجهود على بناء الثقة، وإعطاء الأولوية لاحتياجات المجتمع والملكية قبل الأرباح، والالتزام «بالمبادئ المشتركة لمستقبل رقمي مفتوح وحر وآمن للجميع». وقد بدأت منظمات المجتمع المدني تبني بالفعل على هذا الزخم وتسخر قوة الذكاء الاصطناعي لجلب الخير.
على سبيل المثال، تعمل منظمة الخدمات السكانية الدولية غير الربحية وشركة بابيلون هيلث الناشئة ومقرها لندن على طرح أداة لفحص الأعراض وتحديد مواقع مقدمي الخدمات الصحية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، على النحو الذي يستعرض قدرة الذكاء الاصطناعي على مساعدة المستخدمين على إدارة صحتهم. على نحو مماثل، تسعى منظمات مثل Polaris وGirlEffect إلى التغلب على العوائق التي تحول دون التحول الرقمي داخل القطاع غير الربحي، والتصدي لقضايا مثل خصوصية البيانات وسلامة المستخدم.
ومن خلال تطوير آليات تمويل مركزية، وإنشاء شبكات خبراء دولية، وتبني التحالفات، يصبح بوسع المؤسسات الخيرية والمؤسسات العامة أن تساعد في توسيع نطاق هذه المبادرات. مع تحول المنظمات غير الربحية من دمج الذكاء الاصطناعي في عملها إلى بناء منتجات جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي، يجب أن يتطور أيضا فهمنا للقيادة والتمثيل في مجال التكنولوجيا. ومن خلال تحدي تصورات عتيقة يحملها لاعبون رئيسيون في النظام البيئي للذكاء الاصطناعي اليوم، تسنح لنا الفرصة للاحتفال بالوجه الحقيقي المتنوع للإبداع وتسليط الضوء على الرواد الذين ينتمون إلى مجموعة متنوعة من الأجناس والأعراق والثقافات والمناطق الجغرافية، مع الاعتراف بالتهميش المتعمد لأصوات الأقليات في قطاع الذكاء الاصطناعي. تعمل منظمات مثل Hidden Genius Project، وIndigenous in AI، وTechnovation بالفعل على بناء «دليل الأعلام» للمستقبل، مع التركيز بشكل خاص على النساء والأشخاص الملونين.
من خلال الدعم الجماعي لعملهم، يصبح بوسعنا ضمان اضطلاعهم بدور رائد في تشكيل ونشر تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي والإشراف عليها في عام 2024 وما بعده. سوف تعمل المناقشات حول معنى «التمحور حول الإنسان» والقيم التي ينبغي أن توجه مجتمعاتنا على تشكيل تفاعلنا مع الذكاء الاصطناعي. ومن الممكن أن توفر أطر أصحاب المصلحة المتعددين، مثل توصية اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، التوجيه الذي تشتد الحاجة إليه. ومن خلال التركيز على القيم المشتركة مثل التنوع والشمولية والسلام، يصبح بوسع صناع السياسات وخبراء التكنولوجيا تحديد مبادئ تصميم وتطوير ونشر أدوات الذكاء الاصطناعي الشاملة. على نحو مماثل، يتطلب دمج هذه القيم في استراتيجياتنا المشاركة مع المجتمعات والالتزام الثابت بالمساواة وحقوق الإنسان.
ولأن الذكاء الاصطناعي في طريقه إلى الانتشار في كل مكان كما حدث مع الإنترنت، فيتعين علينا أن نتعلم من نجاحات وإخفاقات الثورة الرقمية.
إن البقاء على مسارنا الحالي يهدد بإدامة ــ أو حتى تفاقم ــ فجوة الثروة العالمية وزيادة عزلة المجتمعات المستضعفة في مختلف أنحاء العالم. ولكن من خلال إعادة التأكيد على التزامنا بالإنصاف والعدالة والكرامة، يصبح بوسعنا أن نؤسس إطارا عالميا جديدا يعمل على تمكين الأفراد جميعا من جني ثمار الإبداع التكنولوجي. ويتعين علينا أن نستخدم العام المقبل لرعاية الشراكات بين أصحاب المصلحة المتعددين وتعزيز مستقبل حيث يعمل الذكاء الاصطناعي على توليد الرخاء للجميع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی من خلال عام 2024
إقرأ أيضاً:
ترامب متّهم باستخدام الذكاء الاصطناعي.. تعرّف على الأسباب
وجّه عدد من الخبراء القانونيون، جُملة اتّهامات إلى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، باستخدام الذكاء الاصطناعي في صياغة الأوامر التنفيذية، والتي تظهر بسبب، ما وصفوه بـ"اللغة غير المتقنة في القرارات".
وأبرز الخبير الاقتصادي، روبرت رايش، عبر منشور على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" أنّ: "16 أمرا تنفيذيا وقعها ترامب في اليوم الأول من ولايته كانت "مأخوذة مباشرة" من صفحات خطة مشروع 2025 التابع لمؤسسة هيريتيج اليمينية، والتي أعدت لإدارة ترامب".
وفيما نفى ترامب خلال حملته الانتخابية أي معرفة بمشروع 2025. أبرز المراقبون أن: "العديد من أوامر ترامب يصعب قراءتها وفهمها، حيث تتميز بأخطاء لغوية وأسلوب متكلف، ما قد يشكل مشكلة لترامب إذا تم الطعن فيها في المحكمة، وهو ما يرجح حدوثه للعديد منها".
وجاء في الأمر التنفيذي: "يعد الخليج أيضا موطنا لمصايد أمريكية نشطة تعج بأسماك النهاش، والروبيان، والقشر، وسرطان الحجر، وأنواع أخرى. ويعرف بأنه أحد أكثر المصايد إنتاجية في العالم، حيث يحتل المرتبة الثانية من حيث حجم الصيد التجاري على مستوى المناطق في الدولة، مما يساهم بملايين الدولارات في الاقتصادات المحلية الأمريكية".
وفي أحد أكثر الأوامر التنفيذية، المُلفتة للانتباه، أيضا، أعلن ترامب أنّ: "الذكور والإناث هما الجنسان الوحيدان الموجودان. كما أصر في الأمر على أن الجنس يحدد عند الإخصاب".
وفي السياق نفسه، لاحظ محامي الاستئناف المقيم في هيوستن، رافي ميلكونيان، ما قال إنه: "قسما من أحد أوامر ترامب التنفيذية بعنوان: استعادة الأسماء التي تكرّم عظمة أمريكا؛ والذي يعلن عن إعادة تسمية خليج المكسيك ليصبح: خليج أمريكا".
وأردف أن: "لغة القسم تشبه وصفا من كتاب مدرسي لطلاب المرحلة الابتدائية، مع لغة باهتة، تشبه تلك التي تنتجها روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي"، مشيرا إلى أن: "القسم كُتب بالتأكيد بواسطة الذكاء الاصطناعي".
وفي سياق متصل، اشتكى عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، مثل: "إنستغرام"، من أنّ: "حساباتهم قد تابعت تلقائيا حسابات دونالد ترامب، وجيه دي فانس، وميلانيا ترامب، مباشرة عقب تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد".
واعتبر المستخدمون أنفسهم، بكلمات غاضبة، أن: "هذه المتابعة المُفاجئة هي نتيجة تدخل من Meta، الشركة المالكة لهذه المنصات"، فيما تصاعدت المخاوف من التدخل السياسي بعد أن أبلغ بعض المستخدمين أن "إنستغرام" بدأ يحظر نتائج البحث المرتبطة بمصطلحات ديمقراطية، من قبيل: "#Democrat".