لجريدة عمان:
2025-04-24@08:52:29 GMT

هل يتكرر في 2024 ما حدث في 1933؟

تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT

في الثلاثين من يناير من عام 1933، جرى تعيين أدولف هتلر مستشارا لألمانيا. من منظور مؤيديه، كان ذلك يوم «الثورة الوطنية» والميلاد الجديد. كانوا يعتقدون أن ألمانيا تحتاج إلى القوة التجديدية التي يتمتع بها رجل قوي متسلط بعد أربعة عشر عاما من «نظام» فايمار الديمقراطي الليبرالي. في تلك الليلة، سارت كتيبة قمصان هتلر البنية وحمل أفرادها الشعلات عبر شوارع مدينة برلين للاحتفال بفجر عصر جديد.

كانت أيضا لحظة انتصار في تاريخ التضليل الشعبي. فمنذ أيام جمهورية فايمار الأولى، كانت تحيط بسياساتها حملات التضليل، بما في ذلك الكذبة التي ادّعَت أن ديمقراطية فايمار كانت من عمل عصابة من اليهود والاشتراكيين الذين «طعنوا ألمانيا في الظهر» لضمان هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

اليوم، لا يُـماري سوى قِلة من الناس في أن وصول هتلر كان نقطة تحول في تاريخ العالم، أو بداية العملية السياسية التي انتهت إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية وواقعة المحرقة. لكن هتلر لم «يستول على السلطة»، بل إنه، كما أوضح كاتب سيرته الذاتية إيان كيرشو، «رُفِعَ إلى السلطة» بيد مجموعة صغيرة من الرجال النافذين. كان أحد هؤلاء الرجال فرانز فون بابن، الذي شغل منصب المستشار في عام 1932. كان بابن يتصور (على نحو مشين) أن هتلر والحزب النازي- وهو الحزب الأكبر على الإطلاق بعد انتخابات الرايخستاج في عام 1932- من الممكن استخدامهما لتعزيز أجندة مُـحافِـظة.

على نحو مماثل، أراد الرئيس الألماني، المشير السابق بول فون هيندنبورج، استخدام هتلر لاستعادة النظام الـمَـلَـكي. لكن خطط المحافظين سرعان ما اكتسحتها قيادة هتلر القاسية، والعنف النازي، واندفاع الشعب الألماني للانضمام إلى النظام والتحول إلى جزء من الصحوة الوطنية الموعودة. وأُخـضِـع الليبراليون والديمقراطيون الاجتماعيون الذين عارضوا هتلر بالعنف أو انزلقوا إلى فخ هروبهم المتفائل. لقد طمأنوا أنفسهم إلى أنه بقدر ما ساءت الأمور، فإن حكم هتلر سينهار في نهاية المطاف. ومن المؤكد أن الاقتتال النازي الداخلي سيضع نهاية للحكومة الجديدة. بعيدا عن الليبراليين والاشتراكيين، افترض قسم أعرض من المجتمع الألماني أن هيندنبورج، الذي وعد بأن يكون رئيسا لكل الألمان، سوف يبقي هتلر مقيدا، في حين توقع آخرون أن يفعل الجيش ذلك. لقد انخدع الجميع بقدرة هتلر على الظهور بمظهر محترم في السنوات الأخيرة من جمهورية فايمار.

في غضون 100 يوم من تولي هتلر منصب المستشار، كما أوضح المؤرخ بيتر فريتش، أصبح اندفاع النازيين الجامح إلى السلطة شديد الوضوح. وبحلول نهاية صيف عام 1933، كان المجتمع الألماني أُخـضِـع تماما. ولم يعد من الوارد وجود أي أحزاب سياسية مستقلة، أو نقابات عمالية، أو منظمات ثقافية. احتفظت الكنائس المسيحية فقط بدرجة ما من الاستقلال.

بعد مرور عام، في صيف 1934، أمر هتلر بقتل منافسيه داخل الحزب، وبعد وفاة هيندنبورج في الثاني من أغسطس، أعلن نفسه الفوهرر الألماني. واكتمل حُـكمه الدكتاتوري. بحلول ذلك الوقت، كانت أولى معسكرات الاعتقال أقيمت وبدأت العمل بالفعل، وبدأ وضع الاقتصاد على مسار الحرب. لا تزال هذه الفترة من التاريخ وثيقة الصلة بيومنا هذا. فسوف يُـدلي مئات الملايين من الناس بأصواتهم في انتخابات محورية هذا العام، وعلى الرغم من علامات التحذير، فإن قِلة من المعلقين على استعداد للتصريح بالتالي علنا: «قد يكون عام 2024 هو عام 1933 الجديد». ولكم أن تتخيلوا العالم بعد عام من الآن، حيث تتسبب المعلومات المضللة في إسقاط أغلبيات ديمقراطية في مختلف أنحاء العالم. ويُـنهي الرئيس دونالد ترامب دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا. ولا يظل الناتو يشكل قيدا يحول دون تمكين فلاديمير بوتين من تحقيق أحلامه ببناء إمبراطورية روسية جديدة عبر مختلف أرجاء أوروبا الشرقية. وحيث تعمل كتلة حرجة من أحزاب اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي على منع أي استجابة أوروبية موحدة. وتُـترَك بولندا، وإستونيا، وليتوانيا، ولاتفيا تتدبر أمورها بمفردها.

ومع توسع الحرب في غزة لتتحول إلى صراع إقليمي، يغتنم بوتن الفرصة لشن هجوم خاطف آخر، مصحوبا بصواريخ بعيدة المدى.

الواقع أن آفاق عام 2024 قاتمة للغاية، حتى أن كثيرين يرفضون مجرد التأمل فيها. وكما توقع الليبراليون في عام 1933 أن ينتهي هتلر بسرعة إلى الفشل، فإن التفكير والتخطيط استنادا إلى التمنيات اليوم يشوش قدرتنا على الحكم. إننا نسير نياما ــ إذا اقتبسنا الاستعارة التي استخدمها كريستوفر كلارك لوصف الحال عند بداية الحرب العالمية الأولى- نحو نظام دولي جديد.

في كتابها الـمُـتقَـن المؤلف من مجلدين حول تاريخ ما بين الحربين العالميتين، تشير زارا شتاينر إلى الفترة من 1929 إلى 1933 باعتبارها «سنوات مفصلية»، عندما استُـبـدِلَت المثالية في العلاقات الدولية بما يسمى «انتصار الظلام». ولكن في أواخر عام 1926، بدا الأمر وكأن الليبراليين يقتربون من النصر: فقد تقاسم وزير الخارجية الفرنسي أريستيد برياند ونظيره الألماني جوستاف ستريسمان جائزة نوبل للسلام لجهودهما في تحقيق المصالحة الفرنسية الألمانية، وانضمت ألمانيا إلى عصبة الأمم. وبدا الأمر وكأن القومية المتطرفة باتت معزولة في إيطاليا تحت حكم موسوليني.

في مواجهة الأزمات العالمية اليوم، لا يوجد مجال للتفاؤل. فمن المحتمل أن نكون في عام مفصلي آخر. وإذا تحرك الليبراليون الآن، فلا يزال بوسعهم أن يفوزوا. في إشارة واعدة، خرج مئات الآلاف من الألمان مؤخرا إلى الشوارع لدعم الديمقراطية والتنوع، وإدانة اليمين المتطرف. لكن المظاهرات في بلد واحد لا تكفي. بل يجب أن ينضم إلى الليبراليين الألمان غيرهم من الليبراليين في مختلف أنحاء القارة.

الواقع أن مظاهرة على مستوى القارة من شأنها أن تبعث برسالة قوية. يجب أن يمتد الشعور بإلحاح هذه القضية إلى مستويات عليا، وخاصة بين قادة الأعمال مثل جيمي ديمون، رئيس بنك جيه بي مورجان تشيس التنفيذي، والذي في محاولة لحماية رهاناته، بدأ بالفعل يتقرب من ترامب. قبل وقت ليس ببعيد، اجتمع زعماء أوروبا وبذلوا كل ما في وسعهم لإنقاذ اليورو، لأنهم أدركوا أن فشل العملة الموحدة من شأنه أن يؤدي إلى هدم الاتحاد الأوروبي ذاته. يتعين على الأوروبيين الآن أن يطالبوا بذات القدر من الإصرار في مواجهة التهديدات التي يحملها لنا عامنا هذا.

يحتاج الاتحاد الأوروبي الآن إلى خطة لعالم خال من حلف شمال الأطلسي. يحتاج إلى أدوات جديدة للتعامل مع قادة البلدان الأعضاء مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، وكل منهما يفضل تقبيل خاتم بوتن على الدفاع عن الديمقراطية. من غير المقبول ببساطة أن يظل أوربان يمارس حق النقض على عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي. في الولايات المتحدة، تمثل التعبئة السياسية المتغير الأكبر. ويتعين على معارضي ترامب أن ينحوا خلافاتهم جانبا. فنحن نعلم تمام الـعِـلم إلى أين قد يقودنا الانقسام والتفاؤل الساذج.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

المركزي الألماني يرصد: تفضيل واضح للدفع النقدي

لا يستطيع أغلب المواطنين في ألمانيا أن يتخيلوا مستقبلهم بدون نقود، حسبما أظهر استطلاع أجراه البنك المركزي الألماني حول سلوك الدفع.

وبحسب الاستطلاع، يرى 69 بالمئة من الألمان أنه من المهم بالنسبة لهم أن يتمكنوا من الدفع نقدا بأنفسهم، بينما لا يولي 9 بالمئة أي أهمية لذلك.

وذكر 72 بالمئة من الذين شملهم الاستطلاع أنهم يرون أن النقد مهم للغاية أو مهم إلى حد ما بالنسبة للمجتمع ككل.

وعلى الرغم من بعض العيوب مثل العمل بدون ترخيص أو التهرب الضريبي أو السرقات، فإن البنك المركزي الألماني يرى نفسه مسؤولا عن الحفاظ على النقد ودعمه كوسيلة للدفع. وعلى عكس الاعتقاد السائد بين السكان، فإن مستقبل الدفع نقدا ليس مضمونا، كما تظهر سيناريوهات البنك المركزي الألماني.

ويرى البنك أنه في حال حدوث تراجع في الطلب قد يتم تقليص أجهزة الصراف الآلي باهظة الثمن وأكشاك الدفع النقدي، وقد يميل تجار التجزئة إلى التوقف عن قبول النقود لأسباب تتعلق بالتكلفة. وبناء على هذا السيناريو، لن يكون من الممكن استخدام النقود إلا على نطاق محدود بحلول عام 2037، ولن تتمكن حينها من تحقيق وظائفها الاجتماعية الشاملة.

وبحسب البيانات، تتراجع أهمية المدفوعات النقدية في ألمانيا بسرعة بالفعل. فبينما قام المستهلكون بإجراء حوالي ثلاثة أرباع مدفوعاتهم اليومية نقدا في عام 2017، انخفضت هذه النسبة إلى أقل من النصف في عام 2023. وبالقياس بحجم المبيعات، يمثل النقد الآن 26 بالمئة فقط من المدفوعات الخاصة التي يرصدها البنك المركزي الألماني في المسوح الدورية.

وشارك في الاستطلاع الأخير 5 آلاف شخص في خريف عام 2023. واستخدم المشاركون بشكل متكرر بطاقات الائتمان والخصم، بالإضافة إلى طرق الدفع الحديثة عبر الهواتف المحمولة والإنترنت.

ويتوقع 48 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع أن النقود سوف تختفي من الحياة اليومية خلال 15 عاما. ويعتقد 39 بالمئة فقط أنه سيظل من الممكن استخدام النقود كما كان من قبل.

وهناك العديد من الحجج المؤيدة لاستخدام النقود، والتي تحظى بقبول واسع النطاق بين السكان؛ ومن أهمها التوافر حتى في حالة الأعطال الفنية، والقيمة التعليمية للأطفال، وحماية البيانات وإخفاء الهوية، والمشاركة المالية لجميع فئات السكان وإمكانية تخزين الأوراق النقدية.

ويسعى البنك المركزي الألماني، بالتعاون مع البنك المركزي الأوروبي، إلى الحفاظ على النقد في منطقة اليورو.

ويرى البنك المركزي الألماني أنه ما دام المواطنون يريدون استخدام النقود، فيجب أن تظل متاحة ومقبولة بصورة عامة، موضحا أنه لتحقيق هذه الغاية، سيُجرى تحديث شبكة فروع البنك المركزي، وتنظيم تبادل المعلومات بين مختلف مجموعات المصالح من خلال منتدى النقد الذي تأسس العام الماضي.

مقالات مشابهة

  • مصير طائرة طيران الهند التي بيعت العام الماضي بعد تلويحة الوداع.. فيديو
  • نجوم بايرن ميونخ يتطلعون لاستعادة لقب الدوري الألماني
  • هل انتحر هتلر أم فر إلى الأرجنتين؟ ضابط سابق في CIA يكشف عن أدلة صادمة
  • التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
  • المركزي الألماني يرصد: تفضيل واضح للدفع النقدي
  • مناظرة العيدروس للوليد مادبو التي ارجات احمد طه الى مقاعد المشاهدين
  • هدّاف الدوري الألماني.. مرموش الأسرع وصولاً إلى 15 هدفاً بتاريخ «آينتراخت»
  • لم ينتحر.. عميل سابق في "سي آي إيه" يكشف مفاجأة بشأن هتلر
  • أبرز أوجه الشبه بين سياسيين دمّروا العالم بطموحهم
  • انتصر للعدالة والبسطاء.. ماذا قال المستشار الألماني عن البابا فرنسيس