الاتفاق مع أرض الصومال.. إثيوبيا تقتنص التوقيت المناسب لفك سجنها الجيوسياسي
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
سلط المحلل الجيوسياسي، رونان وردزورث، الضوء على الاتفاق المبرم بين إثيوبيا وإدارة إقليم "أرض الصومال" الانفصالي بهدف تأمين وصول بحري لإثيوبي عبر ميناء بربرة على البحر الأحمر، مشيرا إلى أن تغلب إثيوبيا على قيودها الجغرافية الأساسية يمكنها من تخفيف بعض الضغوط الداخلية، الناجمة عن النمو السكاني السريع، وتطوير قوة بحرية في توقيت يبدو مناسبا من الناحية الاستراتيجية.
وذكر وردزورث، في تقرير نشره موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الاتفاق أدى إلى اعتراف إثيوبيا الدبلوماسي بأرض الصومال، وهي مقاطعة انفصالية في الصومال، وقد يدفع دولا أخرى إلى أن تحذو الاتجاه ذاته، ولذا رفضت الصومال ودول أخرى في المنطقة هذا الاتفاق بشدة، الذي قد يشكل سبباً للحرب.
ومع ذلك، بدا توقيت الاتفاق مناسبا لإثيوبيا وأرض الصومال، إذ تستنزف السودان حربا أهلية ويتراجع الاهتمام الدبلوماسي الدولي بمنطقة القرن الأفريقي على وقع تصاعد التوتر بالبحر الأحمر عبر هجمات الحوثيين على سفن الشحن المتجهة إلى إسرائيل والرد عليها من القوات البحرية، الأمريكية والبريطانية.
ومن شأن استمرار هذه الصراعات أن تحد من قدرة الصومال على الاستجابة للمتغيرات الإقليمية، ولذا "اختارت إثيوبيا هذه اللحظة للقيام بخطوتها وإعادة تشكيل المنطقة"، حسبما يرى وردزورث.
تحد وجودي
وعبّر رئيس الوزراء الإثيوبي عن تصميمه على الوصول إلى البحر العام الماضي، واصفا ذلك بأنه "تحد وجودي" للبلاد، فإثيوبيا دولة غير ساحلية منذ عام 1993، عندما انفصلت عنها إريتريا بعد 30 عامًا من الصراع، وأخذت معها ساحلها البالغ طوله 1000 كيلومتر.
وعلى مدى السنوات الخمس التالية، تمكنت أديس أبابا من استخدام ميناء عصب الإريتري، الذي يتعامل مع ثلثي التجارة الإثيوبية، إلى أن استؤنف القتال بين البلدين، وأُغلقت هذه البوابة على إثيوبيا بشكل دائم.
واليوم، تدفع إثيوبيا أكثر من 1.5 مليار دولار سنويا لممارسة التجارة عبر موانئ جيبوتي، ولم يمنع هذا اقتصادها من النمو بسرعة، لكنه ساهم في إثارة المخاوف بشأن الديون.
ومع نمو اقتصاد إثيوبيا، نمت مصالحها التجارية ونقاط ضعفها، وأصبح النمو السكاني مصدر قلق أيضا، إذ من المتوقع أن يتجاوز 150 مليون نسمة بحلول عام 2030، ما يهدد البلاد بتفشي الفقر الذي يعيشه كثير من الإثيوبيين بالفعل، إذ يعتمد حوالي 20% منهم (أكثر من 20 مليون شخص) على المساعدات الغذائية.
وفي محاولة لتنويع طرقها التجارية، تواصلت إثيوبيا مع السودان وكينيا، ولكن لم يتم التوصل إلى حلول حتى الاتفاق مع أرض الصومال، الذ قال المسؤولون في أديس أبابا إنه يعزز الأمن القومي.
اقرأ أيضاً
رئيس أرض الصومال: الاتفاق مع إثيوبيا سيسمح لها ببناء قاعدة بحرية
ويشير وردزورث إلى أن محاولات أرض الصومال للانفصال كانت بمثابة شوكة في خاصرة الصومال بمعظم النصف الأخير من القرن العشرين، وفي عام 1991 أعلنت المنطقة استقلالها، لكن دون أن تعترف بها أي دولة عضو في الأمم المتحدة حتى اليوم.
لكن إذا تم تنفيذ الاتفاق مع إثيوبيا، فقد يتغير هذا الوضع، بحسب وردزورث، فإثيوبيا بتوقيعها على اتفاقية الوصول إلى ميناء بربرة اعترفت عمليا بسيادة أرض الصومال، وقد يتبع ذلك الاعتراف الرسمي بها كدولة مستقلة، ما يجعل اعتراف دول أخرى بأرض الصومال مسألة وقت.
وإضافة لذلك، فإن تحالف أرض الصومال المحتمل مع إثيوبيا من شأنه أن يجعلها منافساً هائلاً لاغتصاب دور الصومال في المنطقة، خاصة أن السلطات في أرض الصومال تمارس بالفعل سيطرة أكبر على أراضيها مقارنة بسيطرة مقديشو على بقية أنحاء الصومال.
وفي حين أن قوات الأمن الصومالية مقيدة بمحاربة حركة الشباب والقراصنة، فإن أرض الصومال لا تواجه مثل هذه المشاكل وتقع بالقرب من مضيق باب المندب.
لحظة مناسبة
ويعود اهتمام أديس أبابا باستعادة الوصول إلى البحر إلى عقود من الزمن، لكن هناك عاملين رئيسيين ساهما في قرارها بالتحرك الآن والمخاطرة بالصراع مع الصومال، حسبما يرى وردزورث، الأول هو أن ميزان القوى لصالح إثيوبيا، فعلى النقيض من إريتريا، فإن القوات المسلحة للصومال أصغر حجما وأقل تدريبا.
ورغم أن مصر وقفت بشكل قاطع إلى جانب الصومال ضد الاتفاقية، وهددت بالتدخل المسلح، إذ لا تريد القاهرة أن تطور أديس أبابا قوة بحرية قد تهدد ذات يوم أمن مصر في البحر الأحمر أو تزيد من تعطيل التجارة عبر قناة السويس، إلا أن مصداقية مصر تضررت بشدة بعد فشلها في التحرك لمنع إثيوبيا من استكمال سد النهضة الكبير، الذي أعطى إثيوبيا السيطرة على تدفق نهر النيل.
أما العامل الثاني الذي يصب في صالح إثيوبيا فهو الحروب الدائرة حاليا في المنطقة، ولا يوجد بلد في المنطقة يجسد هذا أفضل من مصر، بحسب وردزورث، فقد دخل مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب الأهلية إلى البلاد من الجنوب، في حين تعمل الحرب في غزة على زعزعة استقرار حدودها الشمالية.
اقرأ أيضاً
اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال.. مخاطر محدقة باستقرار القرن الأفريقي
ويلفت وردزورث إلى توقعات بأن تستفيد عديد الدول من الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال، على الرغم من صمتها الحالي، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا وأرض الصومال، إذ يستضيف ميناء بربرة قاعدة عسكرية إماراتية منذ عام 2017، كما تتنافس مع قوى شرق أوسطية أخرى لتوسيع نفوذها بشكل أعمق في أفريقيا.
ومن الدول المستفيدة من الاتفاق أيضا: إسرائيل، التي تزايد اهتمامها بالقرن الأفريقي منذ أن بدأت إريتريا في إقامة علاقات أفضل مع عدو إسرائيل اللدود: إيران.
كما يمكن أن تستفيد الولايات المتحدة من الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال، بحسب وردزورث، إذا ظهرت إثيوبيا كلاعب أمني أكثر قوة وطورت قدرة بحرية في البحر الأحمر.
ولذا، وعلى عكس الحكومات الأخرى، أصدرت واشنطن بيانًا غامضًا بشأن الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال، بصيغة يمكن أن تقرأها كل من الصومال وأرض الصومال على أنها دعم لسلامة أراضيهما.
بداية جديدة
ويخلص وردزورث إلى أن تصميم إثيوبيا على تأمين الوصول المستقل إلى البحر مدفوع بضرورتها للتوسع التجاري والنمو الاقتصادي والأمن القومي، ورغم المعارضة الصريحة لذلك من الصومال ومصر، يبدو أن أديس أبابا لا تتزعزع في التزامها بالاتفاق مع أرض الصومال.
ورغم أن التصريحات الصادرة من مقديشو تشير إلى تزايد خطر الصراع، إلا أن المواجهة الفعلية تظل غير محتملة ما لم تحصل الصومال على دعم كبير من حلفائها في جامعة الدول العربية.
وقد يؤدي اعتراف إثيوبيا المحتمل بأرض الصومال كدولة مستقلة إلى تأثير الدومينو، إذ لن تعمل أرض الصومال المعترف بها دولياً كحليف استراتيجي للدول الغربية فحسب، بل ستزيد من تعقيد العلاقات الاستراتيجية في القرن الأفريقي أيضا.
ولذا فإن "التوقيت الاستراتيجي" لهذا الاتفاق يبدو لصالح إثيوبيا وأرض الصومال، بحسب وردزورث، حيث تقلل التطورات الإقليمية والدولية من احتمال إجراء تدخل كبير من الجهات الفاعلة الأخرى.
وعليه فإن سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر الأحمر، كخطوة حاسمة في التحرر من "سجنها الجيوسياسي"، في طريقه للنجاح، وفي الوقت نفسه يمهد الطريق لرحلة أرض الصومال نحو إقامة الدولة الكاملة.
اقرأ أيضاً
رئيس الصومال يصل مصر في زيارة بتوقيت حساس.. ما علاقة إثيوبيا؟
المصدر | رونان وردزورث/جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إثيوبيا الصومال أرض الصومال ميناء بربرة البحر الأحمر مصر سد النهضة إثیوبیا وأرض الصومال القرن الأفریقی البحر الأحمر بین إثیوبیا أرض الصومال فی المنطقة أدیس أبابا الاتفاق مع إلى البحر إلى أن
إقرأ أيضاً:
اللاجئون السودانيون في إثيوبيا.. إنتهاكات متواصلة ومضايقات من حكومة أديس أبابا
فر أكثر من 1.6 مليون لاجئ سوداني من بلادهم منذ بداية الحرب في أبريل 2023. ولجأ 31,000 منهم إلى إثيوبيا. كثير منهم توجهوا مباشرة إلى أديس أبابا في محاولة للوصول إلى الشرق الأوسط. في العاصمة الأثيوبية يتقدمون بطلب للحصول على تأشيرة إلى أحد بلدان الشرق الأوسط. ولكن فترة انتظار الرد طويلة وتستمر أحيانا لشهور، ما يشعرهم بأنهم عالقون في هذه المدينة الضخمة التي لا يتحدثون لغتها.
التغيير _ وكالات
لاجئة سودانية تنظر من نافذة منزلها. نادرًا ما تغادر منزلها في أديس أبابا خوفًا من اعتقالها بسبب عدم تجديد تأشيرتها.
وقالت لاجئة سودانية طلبت عدم ذكر اسمها إنها نادرا ما تغادر منزلها في أديس أبابا خوفا من تعرضها للاعتقال بسبب عدم تجديد تأشيرتها.
أديس أباباويتعرض اللاجئون السودانيون المقيمون في المدن الإثيوبية لمزيد من الفقر بسبب رسوم التأشيرات التي تفرضها الحكومة والتي تتجاوز قدراتهم، وقد تم اعتقال بعضهم بسبب فشلهم في دفع الرسوم الشهرية والمتأخرات.
وتشترط إثيوبيا على السودانيين الراغبين في الحصول على وضع اللاجئ أن يعيشوا في مخيمات مخصصة – حيث لا يتعين عليهم دفع رسوم التأشيرة – لكنها كانت في السابق تقدم إعفاءات من التأشيرة لأولئك الذين قرروا العيش في المناطق الحضرية حيث يكون انعدام الأمن أقل.
لكن هذه الإعفاءات توقفت في أكتوبر الماضي، مما أجبر آلاف اللاجئين الذين يعيشون خارج المخيمات على البدء في دفع 100 دولار شهرياً لتجديد تأشيراتهم، بالإضافة إلى غرامات إضافية قدرها 10 دولارات يومياً في حالة تخلفهم عن الدفع.
دفع الرسوموقال أحد اللاجئين، الذي لم يتمكن من دفع الرسوم منذ دخوله إثيوبيا في يوليو الماضي، لصحيفة “ذا نيو هيومانيتاريان”: “تعتقل الشرطة السودانيين بانتظام وتلقي بهم في السجن لأنهم لم يدفعوا الرسوم الشهرية”.
وقالت اللاجئة، وهي معلمة في مدرسة ثانوية في السودان، إنها تعتمد على ابنها في فرنسا لدفع تكاليف غرفة الفندق المتواضعة التي تتقاسمها مع ابنتها. ومنذ سمعت عن الرسوم الشهرية، قالت إنها تتجنب الخروج.
اندلعت حرب السودان – التي تواجه فيها قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تحولت إلى متمردة ضد الجيش النظامي – في أبريل 2023، وتسببت في أكبر أزمة جوع ونزوح في العالم.
ووفقا للأمم المتحدة، نزح أكثر من 12.3 مليون شخص بسبب العنف، منهم 3.5 مليون عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة، وخاصة تشاد ومصر وجنوب السودان.
منذ بداية الحرب، وصل نحو 163 ألف شخص من السودان -بما في ذلك 85 ألف مواطن سوداني- إلى إثيوبيا، التي تعد موطنا لثاني أكبر عدد من اللاجئين في أفريقيا، حيث تستضيف أكثر من مليون شخص.
“ولن يتمكنوا من الحصول على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية أو التعليم أو فرص العمل، وقد يكونون عرضة للاستغلال.”
لقد حظيت إثيوبيا بإشادة واسعة النطاق لسماحها لأعداد كبيرة من اللاجئين بدخول البلاد، ومع ذلك فإنها لديها العديد من السياسات الضارة بسكان اللاجئين، كما أنها متورطة في عدد من الصراعات الداخلية المدمرة والمميتة.
ظروف قاسيةيواجه اللاجئون السودانيون في المخيمات ظروفاً إنسانية وأمنية مزرية ، وخاصة في منطقة أمهرة، حيث تعرضت حياتهم للهجوم والاختطاف والاغتصاب على يد الميليشيات المحلية. ونتيجة لذلك، أغلقت بعض مخيمات اللاجئين.
وفي الوقت نفسه، يفتقر العديد من اللاجئين السودانيين في المناطق الحضرية، الذين يقدر عددهم بنحو 15 ألف لاجئ، إلى الحماية التي كان من الممكن أن يحصلوا عليها لو حصلوا على وضع اللاجئ.
وقال طارق أرجاز، مسؤول الاتصالات في المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إثيوبيا: “قد يفتقر المواطنون السودانيون الذين لا يسجلون أنفسهم كلاجئين إلى الحماية القانونية ويواجهون الترحيل أو الاحتجاز. ولن يتمكنوا من الحصول على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية أو التعليم أو فرص العمل وقد يكونون عرضة للاستغلال”.
“أحاول أن أطعم نفسي، هذا هو همي الوحيد”من المفترض أن يقوم السودانيون الراغبون في التقدم بطلب اللجوء بالتسجيل لدى وصولهم إلى مدينتي ميتيما وأسوسا على الحدود الإثيوبية. وبمجرد التسجيل، يُطلب منهم الاستقرار في معسكرات تديرها الأمم المتحدة وتوزعها السلطات المحلية.
ويمكن للراغبين في العيش خارج المخيمات التقدم بطلب للحصول على تصريح من دائرة اللاجئين والعائدين التابعة للحكومة، إلا أن الحصول على هذه التصريحات قد يكون صعباً لأن المتقدمين يجب أن يكون لديهم كفيل محلي أو يثبتوا قدرتهم على إعالة أنفسهم.
وبالتالي فإن العديد من اللاجئين السودانيين في المناطق الحضرية لا يتمتعون بوضع اللاجئ ولا يحملون تصاريح الإقامة التي يصعب الحصول عليها. وهذا يعني أنهم مطالبون بتجديد تأشيراتهم باستمرار، حتى برغم أن قِلة منهم فقط يستطيعون تحمل تكاليفها.
قال لاجئ سوداني بلا مأوى يبلغ من العمر 25 عامًا ويعيش في أديس أبابا منذ أبريل الماضي إنه لا يستطيع التركيز إلا على بقائه اليومي في الشوارع وهو خائف من مواجهة أجهزة الأمن الإثيوبية.
وعندما وصل إلى إثيوبيا، كان يعمل لدى شركة تصميم كانت تريد نقله جواً إلى مكاتبها في موريتانيا. لكنه قال إنه سُرق منه هاتفه وجهاز الكمبيوتر المحمول العام الماضي، مما منعه من العمل وأدى إلى إنهاء عقده.
وقالت أم عزباء عبرت الحدود الإثيوبية مع أطفالها الأربعة في يونيو 2023 إنها غير قادرة أيضًا على دفع رسوم التأشيرة لأنها تركز على أشياء أكثر أهمية.
وقالت لصحيفة “ذا نيو هيومانيتاريان” “أحاول أن أطعم نفسي. هذا هو همي الوحيد. لم أدفع إيجاري منذ شهرين، لكن مالك المنزل يعرف أنني سأعيد له المال عندما أحصل عليه”.
وقالت المرأة، وهي خبيرة تجميل في السودان، إنها تقوم بأعمال صغيرة غير رسمية لإطعام أطفالها، من فن رسم الحناء على اليدين إلى تقديم الشاي والوجبات الخفيفة في ساحة مطعم يديره زوجان سودانيان إثيوبيان.
أوقاتاً عصيبةقال أستاذ سوداني للرياضيات لجأ إلى أديس أبابا، إنه مدين للحكومة الإثيوبية بمبالغ كبيرة لدرجة أنه لا يستطيع تحمل تكاليف السفر إلى بلد آخر، وهو ما يوقعه في حلقة مفرغة.
وقال الأستاذ إن العديد من اللاجئين السودانيين في العاصمة يواجهون أوقاتًا عصيبة، حتى أن بعض الشباب يلجأون إلى الجريمة لتوفير لقمة العيش. وأضاف: “إنهم على استعداد لفعل أي شيء مقابل وجبة أو مبلغ صغير من المال”.
اللاجئون المحتجزونويقول حسن توكل، الأكاديمي السوداني الذي يجمع الأموال في أديس أبابا لدفع كفالة المعتقلين، إن اعتقال السودانيين الذين لم يجددوا تأشيراتهم أمر شائع.
وأرسل توكل لصحيفة “ذا نيو هيومانيتيريان” قائمة بأسماء 12 لاجئا سودانيا قال إنهم معتقلون منذ بداية فبراير وجميعهم محتجزون في العاصمة.
وقال مصدر دبلوماسي في أديس أبابا، طلب عدم ذكر اسمه ليتحدث بحرية، إن مسؤولي السفارة السودانية طلبوا تمديد الإعفاء الأصلي من رسوم التأشيرة، وإن السلطات الإثيوبية وعدت بمنحه.
وقال المسؤول إنهم غير متأكدين مما إذا كانت الحكومة قد أوفت بتعهدها بسبب “الافتقار إلى الإرادة” أو لأسباب سياسية، والتي قد تكون مرتبطة بالعلاقات المتوترة الأخيرة بين إثيوبيا والسلطات السودانية.
وقال صحافي سوداني في أديس أبابا إن عناصر من أجهزة الأمن بملابس مدنية أوقفوه العام الماضي وسجنوه لمدة شهرين لأنه لم يراجع تأشيرته منذ أكثر من نصف عام.
وقال الصحفي إنه كان يتقاسم زنزانة مع نحو 40 معتقلا، بينهم سبعة لاجئين سودانيين، جميعهم مدينون لوكالة خدمات الهجرة والمواطنة التابعة للحكومة الإثيوبية.
وقال إنه تم إطلاق سراحه لكن عليه متأخرات تصل إلى 1200 دولار ويخشى أن يتم اعتقاله مرة أخرى. وأضاف “ليس من المنطقي أن نطلب منا دفع مثل هذه المبالغ عندما هربنا من الحرب. الحكومة الإثيوبية تبحث ببساطة عن المال”.
وقال صحفي سوداني لاجئ ثان إن رسوم التأشيرة من المفترض أن تُدفع بالدولار، وهو ما يزيد الأمور تعقيداً بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الدفع بالفعل.
وقال الصحافي “للحصول على الدولارات، يجب أن أذهب إلى السوق السوداء، وهو أمر غير قانوني بحكم التعريف. ويمكن للشرطة أن تعتقلني إذا عثرت على دولارات أو أي عملة صعبة أخرى في جيبي”.
مخاوف من العودةورغم الوضع الصعب الذي يواجهونه – والتقدم الأخير الذي أحرزه الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع – فإن اللاجئين الذين تحدثوا إلى صحيفة نيو هيومانيتاريان قالوا إنهم لا يفكرون في العودة إلى السودان في أي وقت قريب.
وتقول الأم العزباء التي تعيش في أديس أبابا مع ابنتها: “تركت منزلي في الخرطوم، ليس لدي مكان آخر أعيش فيه، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات في المدن التي تسيطر عليها القوات المسلحة”.
وقال الشاب الذي يعيش في الشوارع إن أفراد عائلته في السودان نازحون داخليا ويواجهون ظروفا صعبة لا يرغب في تجربتها.
وقال “لقد فقد والدي وظيفته كمدرس لأن المدارس مغلقة. لا يوجد عمل ولا خدمات ولا شبكة ولا كهرباء هناك. وكشاب، سيكون من الخطر جدًا بالنسبة لي أن أعود إلى السودان. قد أضطر إلى حمل السلاح”.
تم حجب أسماء جميع اللاجئين نظرًا للمخاطر التي يواجهونها.
تم تحريره بواسطة فيليب كلاينفيلد.
الوسومإثيوبيا السودانيون اللاجئون انتهاكات